سلام العالم في فلسطين

آراء

رغم العقود الستة التي مرت على الأزمة الكورية، لم نر امتدادات دولية لها، لم تحرق العواصم المحيطة، ولم يتوسع كيم أيل سونغ جد الرئيس الحالي، ولم يشكل والده، وهو ثاني رؤساء البلاد، منظمات إرهابية، ولم يرسل فرق اغتيالات حول العالم، ولم يطلب من كل كوري شمالي يقيم في الخارج أن يتحول إلى قنبلة موقوتة، ولم يهاجم سفارات أميركا وكوريا الجنوبية.

قاومت كوريا الشمالية التجويع الناتج عن الحصار، وذهب قادتها نحو استفزاز الآخرين، ولم يجدوا غير النووي لعبة يلعبون بها، وذلك بعد أن تنصلت الولايات المتحدة ودول الغرب من وعودها واستمرت في منع الغذاء عنها وحشرها في زاوية ضيقة، وتاجرت في السلاح، وهربته للدول والجماعات المناهضة للغرب في حالات قليلة، وأيضاً كان الهدف الاستفزاز ولفت الأنظار.

وعلى العكس كانت أزمة العالم في فلسطين، فهذه الأزمة أكملت مائة عام، منذ ذلك الوعد المشؤوم الذي أعطاه وزير خارجية بريطانيا لليهود، وقد تم ذلك وتحولت فلسطين إلى إسرائيل، ومرت سبعة عقود على الدولة الموعودة، ولم تستقر إسرائيل.

ولم ييأس شعب فلسطين، ومازال العالم منقسماً على نفسه، والأحداث تتكرر وكأننا في ثلاثينيات القرن الماضي، أيام عصابات القتل والتشريد تحت حماية جيش الاحتلال البريطاني، سلاح يقابل الصدور العارية، وموت يزيد من رواسب الكراهية.

وتأييد مطلق من كبار العالم، وحقوق تداس تحت أقدام أصحاب «الفيتو» في مجلس الأمن، وتبرير لكل الذين يدعون الإنسانية، وحماية دولية لعبث إسرائيل وتجاوزاتها، وموافقات على لعب دور ممنوع على غيرها، فطالت أياديها، ونقلت أزمتها إلى عواصم محيطة، اجتاحت بعضها، واستباحت أجواء بعضها الآخر، وطاردت الأفراد حول العالم، تغتال عالماً أو ناشطاً في أوروبا أو ماليزيا، ولا يستفز العالم.

بل لا يستنكر، ولا يوقف التطرف والتشدد، فإذا بتشدد آخر يولد، وتطرف أكثر قسوة ينتشر، وساد الإرهاب العالم كله، وكان اسم فلسطين هو الغطاء الذي يتدثرون تحته، وتقطعت أوصال أمة كاملة، ومزقت دول، وانهارت أنظمة، وسادت الفوضى، وأصبح الكل معنياً بما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، والكل طرفاً بشكل من الأشكال.

قد تنتهي أزمة كوريا الشمالية، ولكن السلام لن يسود العالم، فتلك وإن كانت أزمة نووية تبقى محدودة في شرق آسيا، أما فلسطين فهي قلب العالم، وهي مفتاح إنهاء كل الأزمات، فالكل يتبع فلسطين.
المصدر: البيان