«فنون الطهي – أبوظبي».. موعد سنوي مع إبداعات الطهاة

منوعات

تتواصل مع عطلة نهاية الأسبوع فعاليات «فنون الطهي – أبوظبي» الذي يملأ فنادق الإمارة بإبداعات الطهاة الضيوف من حملة نجوم ميشلين وكبار الطهاة المقيمين ممن ينهضون بتعزيز قطاع الضيافة والارتقاء به، ومنذ اليوم الأول لافتتاح المهرجان المستمر حتى 19 من الجاري، واحتفالية المذاقات تتنقل بين مطاعم العاصمة تاركة خلفها رِضاً جماهيرياً منقطع النظير جذب حتى الآن مئات الذواقة.

نسرين درزي (أبوظبي) – «فنون الطهي – أبوظبي» موعد سنوي ينتظره ذواقة المجتمع لما يضمه من تشكيلة قيمة من الأطعمة التي يجتمع على إعدادها فريق من الخبراء في أشهر المطابخ على الإطلاق. ولعل حفل العشاء الأساسي، الذي أقيم ليلة الافتتاح كان أكبر دليل على الثقة العميقة التي يوليها جمهور العاصمة للمهرجان الأكثر شهرة والذي يغرق المنشآت السياحية كلها ببحر من الموائد الشهية. وكانت أولاها حديقة الصقر بفندق فيرمونت باب البحر التي استضافت عشاء «الجالا» الفاخر، حيث وزعت أجنحة العرض على امتداد الباحة الشاطئية المضاءة حتى منتصف الليل.

وتباهى فيها أكثر من 25 فندقاً ومنتجعاً في الإمارة على تقديم نماذج من أفضل الأصناف التي تتميز بها مطابخها، وذلك ضمن تعاون مشترك بين كبار الطهاة فيها وخبراء الطهي العالميين. والذين حضروا خصيصاً إلى أبوظبي للمساهمة في ترك بصماتهم، لمزيد من التألق في قطاع الضيافة والخدمات الآخذ في التطور عاماً بعد عام.

لذائذ الطعم

وعلى أنغام الموسيقى الحية والاستعراضات الفنية والترفيهية المحببة، كان مشهد الضيوف عامراً بالوجوه الباسمة والأيدي المنهمكة باختيار ما لذ وطاب. حيناً من الأصناف المالحة وحيناً من اللحوم وثمار البحر والمشاوي، وأخيراً من الحلويات التي ليست بالضرورة آخر المذاقات، إذ غالبا ما يتبعها فضول تناول فطيرة من هنا أو سندويش لحم البط من هناك. فالأجواء المفتوحة على الهواء وحجم التنظيم والسخاء في العرض والتقديم، أمور لا يمكن معها لضيوف المهرجان إلا أن يشعروا بدلال ما بعده دلال، ورغبة في استكشاف أكبر قدر من النكهات.

وبالمناسبة كانت جولة على عدد من واجهات التقديم التي حاولنا بصعوبة اختراق منصاتها للوصول إلى الطهاة الذين لم تهدأ حواسهم على مدى فترة العشاء. إذ إن معظمهم كانوا يقومون بأنفسهم بالتحضير والتقطيع والتقديم وانتظار ملاحظات كل متذوق على حدة.

مطابخ جديدة

ويذكر الشيف ساندرو جامبا من فندق قصر الإمارات أنه منبهر بهذه التظاهرة السياحية التي تعبر عن النجاح الكبير الذي يحظى به المهرجان. ويقول إنه مع تطور القطاع على مستوى دولي بات من الملح متابعة آخر خطوط متطلبات مهنة الطهي لتقديم الأفضل لرواد المطاعم. وبرأيه أنه لم يعد من الممكن البقاء عند الأمور التقليدية في تحضير الموائد، لأن الذواقة باتوا على اطلاع بكل ما يدور حولهم من تقنيات جدية ومثيرة. ويقول الشيف ساندرو جامبا إنه شخصياً فخور بمشاركته في «غورميه – أبوظبي»، للتعرف من كثب على ثقافات مطابخ غير مألوفة بالنسبة له. وهي فرصة للاستلهام والتفكير بزوايا أخرى قد لا تكون خطرت في باله من قبل.

ويتحدث الشيف بول ويسر من فندق سوفيتل – أبوظبي عن إعجابه بالتنظيم الذي يتمتع به «فنون الطهي»، والذي يجده الأفضل من بين المهرجانات المماثلة التي سبق وشارك فيها. ويذكر أن متابعة أدق التفاصيل هي أهم ما يميز قطاع الضيافة في أي دولة سياحية. وهذا ما تنبهت له عاصمة الإمارات من خلال المثابرة واستقدامها لأفضل الخبرات في هذا المجال. إذ لا يكفي بناء الفنادق الآسرة وتزيينها بأجمل الديكورات، وإنما لابد أولاً من تأهيل طاقم المطابخ بشكل جيد لتقديم قوائم طعام ترضي النزلاء والزوار. وذلك بقصد جذبهم للعودة مجدداً ووصف ما شعروا به للآخرين، وهكذا دواليك، من مطعم لآخر ومن منشأة سياحية إلى أخرى. ويقول الشيف بول ويسر إن التحضير لعشاء الافتتاح استغرق الكثير من الوقت، ليس في إعداد الطعام وحسب وإنما في التنبه إلى الأسلوب اللافت في تقديم النماذج الصغيرة، مما يلفت الضيف ويدفعه للتذوق مراراً.

ذوبان اللقمة

أما الشيف لي كوك هوا من مطعم هاكاسان بفندق قصر الإمارات فيعرب عن سعادته لكون الأصناف التي يقدمها استثنائية وتحظى باستقطاب لافت. إذ يقدم لحم الحمل المحلي ولفائف البط الصغيرة بخلطة لا يكشف عن أسرارها. ويقول إن التميز يفرضه أمران، الأول التركيز على الطعم غير المبتكر والمتناسق، والثاني دراسة حجم وحدة الطعام المقدمة لكل ضيف والتي تحدد الشكل المغري. وهذا ما يعتمده دائماً الشيف لي كوك في تحضير أطباقه التي باتت علامة فارقة في مطبخه القائم على المزج بين المكونات الطازجة التي تعتمد في الغالب على اللحوم المتبلة الكفيلة بذوبان اللقمة من لحظة المضغ الأولى.

ويقول الشيف بول دويلي من فندق شانغريلا – قرية البري إن النجاح الباهر الذي حققه «فنون الطهي – أبوظبي» على مدى السنوات الفائتة يجعل المسؤولية كبيرة. وهذا ما يدعو برأيه إلى الالتزام دائما بخط التقدم والسعي إلى ابتكار الأفكار المثيرة وتقديم الإبداعات في عالم الطعام. وهو معجب إلى حد كبير بالباقة المتنوعة من المأكولات التي تحفز التنافس البناء بين الفنادق المشاركة. ويرى أنها تفتح أبواب تبادل الخبرات، ليس فقط بين جمهور الذواقة من عشاق الطهي، وإنما بين الطهاة أنفسهم والعاملين في مجال المطابخ. ويذكر الشيف بول دويلي أن الطاهي الذي وصل إلى العالمية، من واجبه الاطلاع دائما على تجارب الآخرين لأنه من دونهم لا يمكنه الحفاظ على المكانة التي وصل إليها.

جذب الرواد

أوضح الشيف أزتاج أدوكاني من فندق إسترن مانغروف أنه ليس من السهل نيل رضا الجمهور عندما يتعلق الأمر بمذاقات الطعام. والسبب أن الأذواق تختلف في كل شيء، وتحديداً في الاتفاق على طعم طبق بعينه. وما يعجب مجموعة قد يسيء أخرى أو قد لا يجد موقفا محددا من آخرين. لذلك فإن الطاهي الناجح هو برأيه من يتمكن من الجمع بين مختلف الآراء، بحيث يحشد تأييدا عاما حول نكهة معينة لطعام معين. ويشير الشيف أزتاج أدوكاني إلى أنه شخصيا يمضي معظم وقته في إعداد الدراسات والتجارب حول مذاقات جديدة للخروج من مسألة الروتين التي تشكل عائقا إضافيا أمام جذب الرواد إلى المطاعم. وهذا برأيه من ميزات مهرجان الطهي التي تتألق فيها العاصمة أبوظبي، فاسحة المجال أمام الطهاة العالميين والمحليين لاستفادة بعضهم من بعض في تبادل الأفكار.

خلطات جديدة

علق الشيف سونيل دات راي من مطعم أوشنا في قرية البري عن التميز في تحضير أصناف المشاوي، التي لم تعد مرغوبة في صيغتها التقليدية، ويقول إنه يبتكر من وقت لآخر خلطات جديدة ويختبر قابلية الذواقة، وعندما يلقى تجاوبا مرضيا يعمل على إدراجها ضمن قوائمه. ويعرب عن إعجابه بمهرجان الطهي في أبوظبي لما يضمه من كوكبة في عالم المطابخ العالمية، بحيث يغني حركة الضيافة في مطاعم العاصمة. ويرى أنه من الضروري إيجاد هذا الحافز الداعم للاطلاع دائماً على إبداعات الطهاة، من حملة نجوم ميشلين لأنهم يشكلون عالما قائما من الخبرات المتنقلة.

المصدر: الاتحاد