مصر تدخل دائرة العنف قبل مظاهرات 30 يونيو.. والإخوان يعلنون الاعتصام

أخبار

تفجر الوضع الميداني في مصر قبل يوم واحد من مظاهرات دعت لها قوى المعارضة المصرية، لإجبار الرئيس محمد مرسي على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وبينما حافظت الكتلة الرئيسة من المظاهرات المؤيدة والمعارضة على تجنب الاشتباك في العاصمة القاهرة، تحول الصراع السياسي في مدن الدلتا والإسكندرية إلى حرب شوارع بين مؤيدي مرسي ومعارضيه سقط خلالها قتيل وعشرات الجرحى، بينما أعلنت جماعة الإخوان الاعتصام في محيط مسجد رابعة العدوية القريب من القصر الرئاسي (شرق القاهرة).

وظل المراقبون يتحدثون عن خشيتهم من انزلاق البلاد إلى احتراب أهلي خلال مظاهرات 30 يونيو (حزيران)، لكن تلك المخاوف باتت على ما يبدو واقعا مع بدء الاشتباكات على نطاق واسع في عدة مدن في محافظات الدلتا، وأعلنت وزارة الصحة مقتل خمسة مواطنين وإصابة المئات خلال الاشتباكات التي وقعت الأسبوع الماضي.

واستمرت المواجهات بين المؤيدين والمعارضين في الإسكندرية ومدينة المنصورة (شمال القاهرة)، وكفر الشيخ (شمال غربي القاهرة)، والشرقية (شرق القاهرة)، والبحيرة (شمال القاهرة).. ففي الإسكندرية، شهدت منطقة سيدي جابر اشتباكات عنيفة بين مسيرة لمتظاهرين معارضين وأنصار جماعة الإخوان المسلمين. واقتحم مئات المتظاهرين المقر الرئيس لجماعة الإخوان المسلمين في الإسكندرية بمنطقة سيدي جابر وأحرقوا الكثير من محتوياته. وتدخلت قوات الأمن المركزي لفض الاشتباكات بالقرب من مقر الجماعة، بعد أن تبادل الطرفان إطلاق الخرطوش، والزجاجات الحارقة والحجارة.

وأعلنت وزارة الداخلية في وقت سابق حيادها، وقالت إنها لن تحمي مقار جماعة الإخوان المسلمين أو أيا من مقار الأحزاب الأخرى، وأنها ستتدخل مع اندلاع أعمال العنف للتفريق بين المتظاهرين.

وأكدت مصادر طبية بمديرية الصحة بالإسكندرية سقوط قتيل في اشتباكات أمس، وجرح 36 شخصا بينهم خمسة أصيبوا بطلق ناري، بينما حلقت طائرات عسكرية فوق مناطق الاشتباكات وسط هتافات مؤيدة من المتظاهرين.

وفي مدينة المنصورة أحرق متظاهرون مقرا لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وأعلنت وزارة الصحة عن وفاة مواطن متأثرا بإصابته في اشتباكات جرت بالمدينة قبل ثلاثة أيام، كما أحرق متظاهرون غاضبون مقر حزب الإخوان في بلطيم بمحافظة كفر الشيخ.

وقالت مصادر أمنية إن قواتها ألقت القبض على 56 من أنصار جماعة الإخوان كانوا يستقلون ثلاث حافلات في طريقهم إلى القاهرة وبحوزتهم أجولة من الحجارة، وكميات من العصي.

وقام مئات المتظاهرين بمركز شبراخيت بالبحيرة باقتحام مقر الحرية والعدالة بوسط المدينة، مرددين الهتافات المناهضة للرئيس مرسي، ورشق المئات من أهالي مدينة بسيون بمحافظة الغربية مقر حزب الحرية والعدالة بالحجارة، ونددوا بسياسة الإخوان المسلمين وطالبوا بإسقاط النظام.

من جهته، حذر الأزهر مما سماه مخاطر «حرب أهلية»، ودعا أمس للهدوء بعد مقتل عضو في جماعة الإخوان المسلمين في هجوم على المقر الرئيس للجماعة بمدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية. وقال الدكتور حسن الشافعي كبير مستشاري شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في بيان له أمس: «يجب اليقظة حتى لا ننزلق إلى حرب أهلية لا تفرق بين موالاة ومعارضة ولا ينفعنا الندم حين ذلك».

وواصل الجيش انتشاره في المدن الرئيسة، وحلقت طائراته في سماء البلاد لتفقد الوضع الميداني. وأدى الرئيس مرسي صلاة الجمعة وسط حراسة مشددة في دار الحرس الجمهوري القريب من مقر الحكم (شرق القاهرة).

وحمل حزب الحرية والعدالة مسؤولية مقتل شبابه لقوى المعارضة. وقال الحزب في بيان له أمس إن دماء هؤلاء الشباب «ستكون لعنة على كل الظالمين والمعتدين، وإن الحزب لن يفرط في حق شهداء الوطن وشهداء الشرعية».

وطالب حزب الإخوان الأجهزة الأمنية بسرعة القبض على المعتدين والمجرمين وتقديمهم للعدالة الناجزة، محذرا من استمرار «هذه الأوضاع المشينة التي تنذر بعواقب وخيمة تجر البلاد إلى دوامة من العنف والفوضى».

وحافظ المعارضون والمؤيدون في القاهرة على تجنب الاحتكاك، وسط مخاوف من تكرار المواجهات التي وقعت أمام قصر الاتحادية الرئاسي نهاية العام الماضي وسقط خلالها 10 قتلى ومئات الجرحى.

ونظمت قوى المعارضة مسيرات جابت شوارع محافظتي القاهرة والجيزة المتاخمة لها، واتجهت إلى ميدان التحرير، الذي شهد تزايدا ملحوظا في أعداد خيام الاعتصام استعدادا لمظاهرات يوم الأحد. ورفعت المظاهرات المعارضة هتافات ضد الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وبعض رموزها.

واحتشد عشرات الألوف من أنصار الرئيس مرسي في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) في محيط مسجد رابعة العدوية، معلنين الاعتصام لـ«حماية الشرعية». وأقاموا منصة رفعت شعارات معادية لإعلاميين وسياسيين.

ورفع المتظاهرون رايات قوى إسلامية مشاركة في التظاهر، كما حملوا صورا لأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين سقطوا خلال مواجهات في مدن مصرية خلال الأسبوع الماضي، ورددوا هتافات: «قادم قادم يا إسلام»، و«الإسلام هو الحل»، و«الشرعية متتهددش (لا تهدد)»، و«مصر قوية ليوم الدين»، و«يا دي (هذا) الذل ويا دي العار.. الفلول عاملين ثوار».

وأعلن ياسر محرز المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، اعتصام أفراد الجماعة بالتعاون مع الجماعات والأحزاب والقوى الإسلامية الأخرى، في محيط مسجد رابعة العدوية، عقب الانتهاء من المظاهرة.

ونعت قيادات معارضة قتلى جماعة الإخوان المسلمين، وقال المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي في حسابه الرسمي على موقع «تويتر»: «كل الدم المصري حرام. اللهم تقبل عبد الحميد العناني وحسام شوقي شهيدي المنصورة والزقازيق، وأنزل قصاصك العادل على كل من يسفك الدم المصري البريء»، بينما أدان الدكتور محمد البرادعي العنف الذي تشهده البلاد قائلا: «أدين بكل قوة العنف بكافة أشكاله وصوره ضد كل إنسان أيا كانت عقيدته أو انتماؤه».

المصدر: صحيفة الشرق الأوسط