الإثنين ١٠ سبتمبر ٢٠١٢
يمكنك أن تقرأ بعض ملامح أي بلد من مطاره. فهو مفتاحك الأول لقراءة بعض تفاصيل المشهد في البلد الذي تزوره. فإن كان نظيفاً ومرتباً فالاحتمال الأكبر أنك تزور بلداً نظيفة ومرتبة، وإن كانت الفوضى سيدة المشهد في المطار ففي الغالب هي السائدة في البلد كله. وإن قابلك موظف في المطار يبحث عن “بخشيش” لتسهيل أمورك فثق أنما هو حلقة في سلسلة طويلة من الباحثين عن “بخشيش”. يمكن القول إن المطار هو عنوان المدينة التي تزورها. وإن عوملت باحترام في المطار فالاحتمال الأكبر أن المعاملة ذاتها ستكون هي عنوان رحلتك. وإن صرخ في وجهك موظف الجوازات وحاول تعقيد أمورك بلا أي مبرر فكان الله في عونك: تلك هي بداية العذاب خلال زيارتك. أعرف أن التعميم خطأ. وأن ثمة استثناءات. لكنني أكتب هنا عن تجربة طويلة في مطارات الدول المتحضرة ومطارات الدول المتخلفة. أكره السفر للبلدان التي أستنفر فيها فريقاً من الأصدقاء والمساعدين لتوفير وقتي وأنا أعبر مطاراتها قدوماً أو مغادرة. وما من مطار مررت به ووجدته في غاية النظام إلا وكان في بلاد يغلب عليها النظام. مرة عطلوا إجراءاتي وأنا أغادر مطار عاصمة عربية فلما فاتت رحلتي -لأن “أمن” المطار قرر أن يعاقبني لرفضي دفع “أتاوة” الخروج- طلبت أن أقابل مدير الأمن الأول في المطار. ولم أكن أفهم الابتسامات الساخرة على…
الأحد ٠٩ سبتمبر ٢٠١٢
مهما حاولت، لا يمكنك أن تفهم تماماً معاناة لم تعشها. ولن تقوى على حل مشكلة لا تعرف – تمام المعرفة – كافة تفاصيلها. أسوأ ما في المسؤول أن يقرأ المشكلة على الورق. فكيف له أن يفهم – مثلاً – ملل الناس وإحباطهم من صفوف الانتظار الطويلة في المطار وهو لا يسافر مثلما يسافر الناس؟ وكيف لمسؤول أن يفهم غضب الناس من تردي أوضاع مستشفى حكومي وهو لم يزر مستشفى حكوميا طيلة عمره؟ القصد هنا أن المسؤول عن قطاع تنفيذي مطالب أن ينزل إلى الميدان ويفهم عن قرب مشكلات الناس مع قطاعه. أكثر ما يغيظني حينما أجد مسؤولاً يستغرب من غضب الناس على قطاعه وهو يعيش في برجه العاجي. ولو كان لي من الأمر شيء لفرضت على كل مسؤول في أي قطاع يعنى بمصالح الناس أن يعيش تجربة الناس مع قطاعه بكل تفاصيلها. فإن كان مسؤولاً في قطاع الطيران فعليه أن يسافر كما يسافر الناس. وأن «يتمرمط» في طوابير الانتظار لأن مقعده «طارت» به الأقدار! لا يمكنك أن تفهم غضب الناس إلا بفهم أسباب غضبهم. مشكلة تنموية حقيقية أن تكون هناك فجوة مهولة بين صانع القرار في أي قطاع خدمي وبين معاناة الناس مع قطاعه. ومهما تكن النوايا طيبة، تبقى التجربة الميدانية خير وسيلة لفهم تفاصيل المشكلة وبالتالي التعاطي بمهنية مع…
السبت ٠٨ سبتمبر ٢٠١٢
يقال إن بشار الأسد يقضي ساعات طويلة في مشاهدة التلفزيون. يتنقل من قناة إخبارية لأخرى. قليلاً ما ينام. فأخباره في التلفزيون تشغله. و هذا هو طبع الاستبداد. يختزل المستبد قضية وطن في شخصه. و في مستقبله. أو أنه ينتشي أن العالم كله يراقبه و يتحدث عنه. لعله في قرارة نفسه مقتنع أنها «شدة و تزول». من أوهمه أن ملايين السوريين الذين خرجوا ضده و مات منهم وتشرد عشرات الآلاف سيقبلون بحل سياسي بقاؤه فيه مضمون؟ مخطئ من يظن أن الحل السياسي ممكن في سوريا. العامل الحاسم في المأساة السورية هو الشعب السوري نفسه. فمن غير الممكن أن يحقق الجيش السوري الحر هذا الانتشار الواسع والتأثير الكبير في مجريات الأحداث على الأرض لولا أن الشعب السوري قد حسم أمره و قرر طرد الرئيس! و لو كان «أصدقاء» بشار الأسد في طهران وموسكو مخلصون في صداقتهم لكانوا وفروا له مبكراً مكاناً آمناً يشاهد منه التلفزيون ويتفرج منه على آثار الدمار المهول الذي تركه خلفه. لكن أوان الهروب قد فات. ولم يعد من خيارات أمام المجتمع الدولي اليوم سوى دعم الجيش الحر لإنهاء المأساة السورية. يكفي استهتاراً بالدماء السورية. وبمعاناة السوريين. فنظام الأسد يرتكب يومياً جرائم حرب مرعبة. وعار على العالم أن يبقى الوضع في سورياً معلقاً في انتظار أن تغير روسيا أو…
الجمعة ٠٧ سبتمبر ٢٠١٢
استفتحت نهاري يوم أمس بمقال أخي عبدالرحيم الميرابي وقلت: يا فضيحتاه! هل كان لابد من ذكر أرقام السنوات وبمن سبق مَن في الجامعة؟ فضحتنا يا “والدنا” القدير! وإن كنت ستجادل: من يكبر سناً، فسأترك للقارئ الكريم أن يتمعن في “الصورة” ويحكم بنفسه. أما إن كانت الذاكرة هي معيار العمر فسأعترف لك أنك غلبتني بدليل أنني لا أذكر تلك القصة التي أوردتها عن رسالة الجامعة. أو لعلك فعلاً –بحكم السنين– قد “لخبطت” بيني وبين أستاذنا الدكتور ساعد العرابي الحارثي، رئيس تحرير “رسالة الجامعة” وقتها، فهو من كان يحق له إقرار الزوايا في الرسالة. أو لعل “أخاك”، صاحب هذه السطور، قد حاول جهده ولم يُفلح! المهم أن العمر يركض والذاكرة تشيخ لكن وفاء أمثالك لا يشيخ. ولئن كنا قد خسرنا “طول بالك” في ذلك الزمن الجميل فها نحن نحتفي بها ونتعلم منها اليوم. وفي إصرارك على كتابة هذه الزاوية منذ عقود درسٌ جميل. فما ماتت فكرة آمن بها صاحبها. وما من “حلم” جميل إلا وتحقق بالإصرار. ومنك –يا شيخنا الفاضل– نتعلم الدروس والحكمة. لكن لو كنت مكان رئيس تحرير “الشرق” لاشترطت قبل نشر زاويتك صورة أخرى يغلب فيها “السواد” على “البياض”، ملامح الشباب فيها ناصعة، فكيف لشاب في مقتبل الأربعين أن يوهم الناس بأنه أكبر سناً؟ أم أن “الشيب” ليس إلا حالة…
الخميس ٠٦ سبتمبر ٢٠١٢
أفهم جيداً أسباب الإحباط في رؤية دول الخليج لليمن خاصة في جانب الدعم الاقتصادي. ثمة تردد خليجي في الإنفاق على مشروعات التنمية في اليمن، لأن الجانب اليمني –في السابق– لم يلتزم بشروط التعاون. بل إن بعضهم في اليمن وخارجه تمنى أن تتوقف دول الخليج عن ضخ الأموال في اليمن لأن أكثرها ينتهي في حسابات تخص مسؤولين يمنيين في بنوك عالمية. وكثير من الاستثمارات الخليجية في اليمن تعرضت لمشكلات بسبب غياب الأمن في كثير من مناطق اليمن. كل هذا وغيره مفهوم. لكن هذا لا يفترض أن يعمينا عن الخطر الأكبر في اليمن: إيران. فمثلما زرعت إيران فتنة في شمال اليمن فإنها اليوم تزرع فتنة جديدة في جنوبه. القيادة في إيران تدرك اليوم أن أيامها في سوريا معدودة. ووجودها القديم في لبنان سيتحول وبالاً عليها بمجرد سقوط بشار الأسد القريب. لهذا وجدت في اليمن ضالتها. فاليمن اليوم في أضعف حالاته. طبيعي جداً أن تستغل إيران الفرصة بزرع فتن جديدة على حدود السعودية. قلنا كثيراً إن اليمن عمق أمني واستراتيجي مهم لدول مجلس التعاون الخليجي. ومازالت الفرصة مواتية للاستثمار في اليمن سياسياً وتنموياً. بل إن من المصلحة القومية لدول الخليج أن ينضم اليمن اليوم وليس غداً لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي. وإذا كانت لإيران فرصة واحدة في اليمن فإن لدول مجلس التعاون ألف…
الأربعاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٢
قرأت أمس الأول خبراً في (الشرق) فرحت به. كتبت الزميلة شعاع الفريح عن شابين من القصيم أصرا على أن تقص والدتهما “أم حمد” شريط الافتتاح لمكتبة أسساها حديثاً. وتمنيت لو أن الخبر تضمن اسم عائلة الشابين محمد وعبدالله فبأمثالهما نفتخر. نُشرت صورة الأم الكريمة إلى جانب ولديها البارين وهي تقص شريط الافتتاح. وتلك مبادرة نبيلة من صاحبيْ المشروع. كم نحن بحاجة لنماذج -”قدوة”- تحفز شبابنا على التفكير خارج الصندوق وتحث على البر بالوالدين والفخر بالأم وتقدير دورها العظيم. وحُق لأم حمد التهنئة على نجاحها في تربية أبنائها الكرام على البر بالأم والافتخار علناً بها. هذا الوفاء بالأم -حتى بصورته الرمزية- يستحق الإشادة عسى أن يصبح عادة مألوفة في المجتمع. لا نريد أن تغلب أخبار القطيعة والعقوق على أخبار الوفاء والبر بالوالدين. فمجتمعنا اليوم يمر بمراحل انتقالية مختلفة من المهم ألا تتأثر معها قيمه الأساسية والبر بالوالدين على رأسها. ولو استمعنا لبعض قصص الأولين في مجتمعنا لربما ذُهل بعضنا ببعض قصص النبل والوفاء والبر في قصص حقيقية لعلاقات إنسانية عظيمة بين الأبناء والآباء على الرغم من شدة الفقر وقلة الحيلة أيامها. ولهذا نتمنى لو تدون تلك الحكايات والقصص الحقيقية وتتاح لأجيالنا المقبلة كيلا -لا قدر الله– تصبح قصص البر بالوالدين المبهرة مجرد “حكايات” من أزمنة غابرة. من هنا يأتي الاحتفال بمبادرة…
الثلاثاء ٠٤ سبتمبر ٢٠١٢
من أطرف التعليقات التي أسمعها أو أقرأها بعد أي نقد موجه لشخصية أو مؤسسة عامة يأتي في التالي: قل موتوا بغيظكم! وفي فترة سابقة كان أي صاحب رأي ينتقد بعض الأوضاع السيئة أو يطالب بالإصلاح يواجه بتهمة من مثل «حاقد»! حاقد على من يا عزيزي؟ هل من يؤمن بأهمية النقد لتنمية مجتمعه يستحق أن يوصم بـ«حاقد»؟ وإن كان أي نقد يقود صاحبه لمثل هذه التهمة فأمرنا لله إذ يبدو أن نصف الشعب أو أكثره -يا لله العجب- حاقد! مهمة الناقد أن يمارس ما يستطيعه من نقد الأخطاء من حوله. وهو –الناقد– ليس منزهاً عن الخطأ. لكن النقد بذاته «مبدأ» حضاري مهم للمجتمعات.وهذا من أسباب نجاح الأمم وتفوقها. لا يحقد على الأوطان من يسعى لتبصير أهلها بالمخاطر ومواقع الخلل والقصور. والإنسان بطبيعته يحتاج –كثيراً– لمن يحثه على مراجعة نفسه. وكذلك الشعوب. فما أساء لوطن مثل غياب الرأي الناقد وندرة الأصوات التي تنبه الناس للمخاطر. ليس صحيحاً أن كل من ينتقد إنما يصفي حساباته، القديمة والجديدة، مع صناع القرار. وليس صحيحاً أن النقد الذي يباشر به مثقف مسؤول، يزن الكلمة ويعرف الموضوع الذي يخوض فيه، سيكون من معاول الهدم. بل هو عكس ذلك تماماً. فرحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي. وكم من مشكلة تنموية كان بالإمكان تلافيها لو أننا استمعنا للأصوات الناقدة…
الإثنين ٠٣ سبتمبر ٢٠١٢
حينما تراجع دائرة حكومية وتجد أن إجراءات المراجعة لا تستغرق سوى دقائق أو – في أسوأ الأحوال- ساعات قصيرة، فأنت لن تفكر أصلاً في البحث عن واسطة تسهل لك معاملتك. وحينما تعرف أن النظام يسري عليك مثلما يسري على الآخرين فأنت لن تفكر في البحث عمن يحميك من تعقيدات المراجعة. تنتشر “الواسطة” عندما يختل النظام وحينما يستهتر الموظف بأوقات الناس ومشاغلها لأنه “من أمن العقوبة أساء الأدب”. والمؤسسات التي تسعى لتنمية أفرادها لابد أن تشدد الرقابة على الأداء وتتيح برامج نوعية للتدريب والتطوير. ثمة فرق بين إدارة لا تذهب لها إلا وأنت “مسلح” بالواسطة وأخرى لا تحتاج أن تجري أي اتصال قبل الوصول إليها. حينما تذهب لإدارة حكومية تعرف أن موظفيها ملتزمون بأوقات الدوام ويبحثون عن أفضل الطرق لإنجاز معاملات الناس، وفقاً للنظام والعدالة المتاحة للجميع، فأنت لا تحتاج لشفيع أو صديق “يفزع” عند المدير. مشكلة أن نبحث عن واسطة في كل صغيرة وكبيرة. ثم تصبح “الواسطة” ثقافة سائدة في المجتمع. فمن توسط لك اليوم لإنجاز معاملة قد يطرق بابك غداً لمساعدته بواسطة تنجز له معاملة. والأهم أن نرسخ ثقافة الالتزام الوظيفي وحب خدمة الناس لدى موظفينا خصوصاً في الإدارات الخدمية. كم مرة رأيت مسناً يدعو لموظف شاب بالتوفيق لأنه أعانه على إنجاز معاملته. وفي ثقافتنا ما يحثنا على خدمة الناس…
الأحد ٠٢ سبتمبر ٢٠١٢
ما زلت أتذكرها جيداً، تلك الأيام التي كنا نعود فيها إلى المدرسة بعد كل إجازة. ولأن إجازة أبناء القرى من المدرسة، على أيامنا، كانت تعني العمل في المزرعة أو في رعي الأغنام، ومساعدة أهل القرية في أعمال القرية، فلعل المدرسة وقتها كانت أرحم. كنا منذ الصفوف الأولى نتطلع لذلك اليوم الذي نغادر فيه القرية للالتحاق بكلية عسكرية أو بالجامعة أو – اختصاراً للطريق – بدء الوظيفة. الحق أن المدرسة أعطتنا مفاتيح أولية في الحياة كالقراءة والكتابة، لكن القرية صنعت داخلنا، منذ سن مبكرة، هاجس الاغتراب، وشعور المسؤولية. والقبيلة زرعت في داخلنا عيون الرقيب وسلطته، فأنت لا تمثل نفسك لأنك – في ثقافة القبيلة – تمثل القبيلة كلها. وبعيداً عن جدال المثقفين حول القبيلة ودورها، فإن الحق يقال إن القبيلة زرعت فينا – جيلي والأجيال التي سبقتنا – قيماً مهمة في العمل والمسؤولية والإنجاز. غير أن لكل مرحلة ظروفها. ولا يمكن القول إن جيلنا كان أكثر جدية من الأجيال اللاحقة. كانت أمامنا فُرصٌ متنوعة ربما ليست متاحة لمن جاء بعدنا. وهنا أسأل ذات السؤال الكبير الذي يسأله اليوم الآلاف من السعوديين: أي سوق عمل ستستوعب الملايين من شبابنا؟ عاد للمدارس السعودية ما يقارب الخمسة ملايين طالب وطالبة. أي مستقبل وظيفي ينتظرهم؟ وفي هذا السؤال تبرز التحديات بكل أشكالها. لم يعد من…
الجمعة ٣١ أغسطس ٢٠١٢
قمة دول عدم الانحياز جدير بها أن تطرح سؤالاً أساسياً: الإنحياز بين من؟ ألم ينتهِ الغرض الذي من أجله تأسست الفكرة؟ إن كانت البلدان المتمسكة بها تبحث فقط عن فرصة «علاقات عامة» بعنوان «قمة» فإن هذا قد يكون العذر الخفي والوحيد لاستمرارها. الإيرانيون وجدوها فرصة للاستعراض السياسي والدعائي عبر قمة أمس. لكن عملياً لم يعد لهذه الفكرة أي وجود على الأرض. الحقيقة أن تجمع قيادات دول ما يسمى بعدم الانحياز في طهران إنما يدعم دولياً شرعية مؤسسة الحكم في إيران –كما أشار لذلك توماس فريدمان في مقالته الأخيرة في النيويورك تايمز- وهي من يقمع أي صوت ينشد التغيير في إيران مثلما تسهم في ذبح آلاف الأبرياء في سوريا. إنها صانعة الفتنة في أكثر من بلد عربي. وهي اليوم تصنع فتنة جديدة في جنوب اليمن مثلما صنعتها في شماله. كانت قمة أمس فرصة ذهبية لطهران للاستعراض الإعلامي. وأكدت انحياز القيادة الإيرانية للبطش الأسدي ضد الشعب السوري الثائر على الظلم والاستبداد. وإلا كيف يتجاهل علي خامنئي وأحمدي نجاد، في كلمتيهما أمس، الحدث الأبرز في المنطقة وهو ثورة السوريين؟ ليت القيادة الإيرانية على الأقل التزمت بآداب «عدم الانحياز» للظلم في سوريا إن كانت غير قادرة على الانحياز للحق في ثورة السوريين ضد حكم آل الأسد. لم تكتفِ طهران بالدعم السياسي لنظام بات قاب…
الخميس ٣٠ أغسطس ٢٠١٢
وأخيراً قالها الرئيس المصري محمد مرسي: على بشار أن يرحل! وأهمية الإعلان صراحة عن الموقف الرسمي لمصر من بشار الأسد ليست فقط في أهمية الدور المصري المنتظر تجاه قضايا المنطقة، ولكن أيضاً لأن ثمة شيئاً من الغموض في موقف إخوان مصر تجاه ما يحدث في سوريا. كنا توقعناهم أقوى من يناصر ثورة السوريين لأسباب كثيرة، ما بين الإنساني والسياسي. فالتوقعات تشير إلى احتمال أن يكون لإخوان سوريا دور مؤثر في المشهد السياسي السوري المقبل. المهم أن تتوقف المذابح المخيفة في سوريا، وأن يرحل الطاغية. وأغلب المؤشرات تشير إلى قرب رحيله. فما يحققه الجيش الحر على الأرض يعدّ انتصارات ستكون أكبر العوامل المؤثرة في المشهد. فالأمريكان، كعادتهم، ينتظرون «وضوح الرؤية» على الأرض قبل الاصطفاف مع من غلب. والروس حينما يدركون أن الجيش الحر قد صار قاب قوسين أو أدنى من النصر سيبيعون بشار بأبخس الأثمان، وكذلك الصينيون. أما إيران وأتباعها في المنطقة فسيبدأون في «مناحة» جديدة ومشروعات جديدة للعبث من داخل سوريا وفي محيطها. الموقف المصري الرسمي مهم جداً –ولو معنوياً– لثوار سوريا. لكن عسى أن تتبعه خطوات سياسية قوية للضغط على القوى الإقليمية لدعم الثوار. فما القتل والدمار اليومي في قرى ومدن سوريا إلا «فضيحة عالمية» على رؤوس الأشهاد. كيف يتواطأ العالم بسكوته إزاء جرائم حرب علنية لم يعد نظام الأسد يكترث…
الأربعاء ٢٩ أغسطس ٢٠١٢
أخبرني أحدهم أن مساعده، من سيريلانكا، لا يتجاوز راتبه خمسة آلاف ريال. قال إن مساعده استطاع بناء بيت العمر من تحويلاته لبلاده. راتب صاحبنا خمسة أضعاف راتب مساعده. ومع ذلك مازال يقيم في منزل بالإيجار. يولد المرء منا ويموت وعيناه معلقة على الحلم الكبير: البيت! كم أغتاظ من شركة سعودية أرباحها السنوية، وربع السنوية، بمئات الملايين. ثم لا تراعي الفوارق في أنماط الحياة بين موظفها السعودي والآخر الأجنبي. فما تشتريه بألف في بعض البلدان الآسيوية قد تشتريه بعشرة آلاف في المملكة. لكنه خطأ أن ننتظر القطاع الخاص أن يبادر بنفسه بزيادة رواتب موظفيه السعوديين. فما لم تكن ثمة قوانين تنظم عملية الأجور في شركات القطاع الخاص فسيبقى هذا القطاع يبحث عن العمالة الرخيصة. وسيتمادى في رفع رواتب أهل “العيون الزرق”. وبين هذا وذاك ضاع الشاب السعودي الذي يحمل همّ امتلاك البيت منذ الولادة حتى الممات! فكرة “المسؤولية الاجتماعية” لدى القطاع الخاص ليست فكرة نبيلة تتبناها الشركات الخاصة من طوع ذاتها، لا، إنها مشروع وطني لابد أن تكون له أنظمته وضوابطه حتى تدرك شركات القطاع الخاص أنها شريك في الأزمة وشريك في الحل. من حق المجتمع أن يطالب بالشفافية في أرباح شركات القطاع الخاص وفي أوجه إنفاقها. ومن المصلحة الوطنية الكبرى أن يشارك هذا القطاع الحيوي-وهو ملزم بذلك وليس تكرماً أو…