الإثنين ٠٣ ديسمبر ٢٠١٢
تعيش الإمارات هذه الأيام احتفالاتها الوطنية بمناسبة “عيد الاتحاد” الواحد والأربعين. الإماراتيون وطنيون -إلى العظم- في حبهم لوطنهم وفي تعبيرهم عن هذا الحب. نادراً ما تسمع إماراتياً يتذمر عن أحوال وطنه. لكنك لو تأملت في الفرص (على كل المستويات) المتاحة أمام المواطن الإماراتي لأدركت أن أسباب التذمر معدومة. كثيراً ما تبهرني تلك العلاقة التلقائية بين رموز المجتمع والناس في الإمارات. المسؤول الإماراتي، شيخاً أو وزيراً أو تاجراً، مشهود له بالتواضع والقرب من الناس في محيطه. الشاب الإماراتي يحقق “أحلام العمر”، من وظيفة وبيت وتأسيس عائلة، في سن مبكرة. مؤسسات رسمية وأهلية تدعم مشاريع الشباب وتحفزهم على الإبداع والابتكار. مستوى الخدمات في الدولة شكّل رقماً صعب المنافسة حتى في المقارنة بين الإمارات ودول عالمية سبقتها في التنمية بعقود. أعيش في الإمارات منذ ثماني سنوات، مثلي مثل آلاف من شباب المنطقة، وأسأل: ما الذي أغراني بالعيش والعمل في الإمارات؟ إنها “الفرصة” التي وجدتها في الإمارات ولم أجدها في غيرها! أعرف عرباً هاجروا من بلدانهم الجديدة، من أمريكا وكندا وأوروبا، وقرروا العيش في الإمارات. الإماراتي يستثمر بوطنية وبذكاء في هذا المناخ الجاذب للاستثمارات والأفكار والإبداع. وهو يفاخر أن بلاده أسست لبيئة منفتحة بوعي على الآخر حتى استقطبت مزيداً من رؤوس الأموال ومن العقول والأفكار الخلاقة. وحينما تبنَّى الشيخ عبدالله بن زايد مبادرة “فوق…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
قرر صاحبنا أن يشتري سيارة وحدد لها ميزانية بحدود المائة وعشرين ألفاً، جزء كبير من المبلغ قرض من البنك. ثم توافدت عليه الاستشارات من كل جهة وكلها تصب في خانة واحدة: يا رجل: زد عليها ستين ألفاً واشتر سيارة أفضل. نصحه آخر: ما دمت ستدفع مائة وعشرين ألفاً، زدها قليلاً واشتر سيارة أفضل. خضع لنصائح الأصدقاء والأقارب وأم الأولاد، وراجع البنك حتى تحقق المراد فقرر تغيير نوع السيارة لأخرى أكثر «وجاهة» في مجتمع يحكم عليك من خلال سيارتك أكثر من فكرك. وما إن أوشك على شراء السيارة الجديدة حتى انهالت عليه من جديد نصائح الأصدقاء والأقارب وأم العيال: ما دمت ستدفع مائة وثمانين ألفاً، زد عليها قليلاً واشتر سيارة «ألمانية» أرقى وأكثر وجاهة. ميزانية المائة وعشرين ألفاً صارت مائة وثمانين ألفاً، والمائة وثمانين ألفاً صارت مائتين وأربعين، وكان بالإمكان أن تواصل الارتفاع -بنصائح ذات الأصدقاء والأقارب وأم العيال- إلى ما فوق الثلاثمائة ألف. وهنا فتش عن المنظر لا عن الجوهر. الناس تلبس وتشتري وتبني للناس لا لأنفسها. وأحياناً لا ألوم من «يراعي» المجتمع فيلغي ذوقه وقناعته ويركض خلف «الموجة». بطل مغوار من يستطيع السير عكس التيار! قرر صاحبنا أعلاه، وقد ضاقت به الحيلة، أن يعود لميزانية المائة وعشرين ألفاً و«لا يكلف الله نفساً إلا وسعها». قال: لو تورطت في قرض…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
ولتكن خيبة أمل كبيرة في نتائج الربيع العربي إلى الآن، لكنها تشكل درساً مهماً لمجتمعاتنا التي ظلت رهينة لخطاب ومواعظ وشعارات الإسلام السياسي لعقود. ها هم اليوم وقد وصلوا لسدة الحكم في مصر يناقضون أنفسهم ويمارسون ذات الممارسات السابقة التي عابوها على النظام السابق. كل المؤشرات تقول ذلك. وتلك تجربة مهمة للشعوب العربية لعلها تتعلم أن تتجاوز عواطفها التي استغلها الطامحون في السلطة منذ زمن بعيد. نشأت أجيال وماتت أجيال وهي تستمع لشعارات مؤثرة تخون الغير وتزعم أنها وحدها الحل! ولعبت جماعات الإسلام السياسي على عواطف الناس ومشاعرها الدينية مستغلة القمع الذي مورس ضدها كي تقنع الجماهير أنها مالكة مفاتيح الحل لكل مشكلات الأمة. وها قد ملكوا الفرصة وها هم يهدرونها حينما غلبت نزعة «الحكم» على حكمة «الإدارة». المرحلة تتطلب من يدير لا من يحكم. وإن لم تكن إدارة التنمية -بمفهومها الشامل- أولوية ومسؤولية أساسية فكل الشعارات مجرد كلام سياسي فارغ لا يرصف شارعا ولا يفتح مدرسة. مصر اليوم، وهي لاعب مهم في تحولات المنطقة، تمر بمرحلة حرجة ومهمة نجاحها وفشلها سيسهمان في تشكيل الرؤى والمواقف في العالم العربي في المستقبل القريب. من هنا تأتي أهمية مراقبة ونقد أخطاء المرحلة الراهنة في مصر. أما أولئك الأسرى لأيديولوجياتهم وشعاراتهم الماضية فإنما يتعاطون مع الحاضر بعقلية الماضي. وهم عملياً يحبسون عقولهم في…
الجمعة ٣٠ نوفمبر ٢٠١٢
أربعون سنة سيطر فيها القذافي على ليبيا دون أن يبني مستشفى أو جامعة أو طريقاً. من زار ليبيا أيام حكمه يقسم أن أصغر مستوصف في أي دولة خليجية يفوق أي “مستشفى” في ليبيا. وحينما ثار التونسيون ضد الرئيس السابق، خطب فيهم القذافي، عبر التليفزيون، معنفاً إياهم على الثورة ضد بن علي قائلاً: ماذا تريدون؟ لديكم كل شيء. ثم شهد بنفسه كاشفاً خيبته وفشله حينما اعترف بحماقة: الليبيون يذهبون للعلاج في تونس! لماذا اضطر الليبيون للعلاج في تونس؟ وكل هذه الثروات النفطية المهولة في ليبيا لم تبن مستشفى لائقاً لليبيين في ليبيا؟ الاستبداد يعمي الأبصار. والمستبد عادة تسوقه حماقته إلى نهايته، هذا ما حدث بالضبط مع القذافي، وهذا غالباً ما سيحدث لبشار الأسد. الأسد في رهانه على الروس والإيرانيين وأتباع نصر الله يظن أنه في مأمن من تلك النهاية التي قد لا تختلف كثيراً عن نهاية القذافي. الاستبداد واحد حتى وإن تنوعت أشكاله وممارساته، فسوريا بثرواتها وطاقاتها البشرية المبهرة سُخرت من أجل سيطرة آل الأسد ومن في دائرتهم من أولاد العم وأولاد الخال والخالة. حينما تجد بلداً طاردة لخيرة عقولها، من أطباء وتجار ومهندسين وأصحاب رأي، فتأكد أن شكلاً ما من أشكال الاستبداد يحكمها، لا شيء أسوأ من الاستبداد يقود الأوطان إلى الفقر والخوف والتراجع. إن وطناً تهرب منه خيرة عقوله…
الخميس ٢٩ نوفمبر ٢٠١٢
يا سبحان الله! نفس الشعارات التي حملها ورددها شباب ميدان التحرير ضد الرئيس مبارك تتكرر اليوم في نفس المكان ولكن ضد الرئيس مرسي. عبارات مثل «ارحل» و«الشعب يريد إسقاط النظام» يتردد صداها اليوم في ميدان التحرير. بل لن أستغرب لو حمل بعض المتظاهرين ذات اللوحات التي حملوها قبل أشهر في ميدان التحرير ضد مبارك. لوحات ربما لم يجف حبرها بعد منذ أيام المظاهرات الشهيرة ضد النظام السابق. وفي هذا تأكيد أن شباب مصر قد عرفوا سر قوتهم حينما اكتشفوا -عبر وسائل التواصل الاجتماعي- قدرتهم على تنظيم أنفسهم وترتيب صفوفهم. لكنها مفارقة أن يتحول ميدان التحرير اليوم إلى منبر للتعبير عن صدمة قطاع واسع من شباب مصر في رغبة «الإخوان» الجامحة للهيمنة على مفاصل الدولة. أيام المظاهرات الكبرى ضد مبارك تعامل «الإخوان» فيما يبدو مع الموقف بفكرة «تمسكن حتى تتمكن». ركضوا للتفاوض مع عمر سليمان. ولو أن فصيلاً سياسياً سبقهم لمقابلة عمر سليمان لفضحوه وكالوا ضده تهم العمالة والخيانة. أمر محزن أن تأخذهم اليوم العزة بالإثم في إصرارهم على الهيمنة الكاملة على مفاصل الدولة في مصر. ليتهم قرأوا جيداً تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا وفق «واقعية» سياسية لا «انتهازية» مؤدلجة تسعى لتثبيت أقدامهم في السلطة نقيض كل وعودهم و تعهداتهم. إسلاميو تركيا أقنعوا غالبية قطاعات المجتمع التركي، بمن فيهم غلاة…
الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٢
الزيارة التي قام بها لبغداد مؤخراً السفير السعودي لدى الأردن فهد عبدالمحسن الزيد خطوة مهمة من الضروري أن تتبعها خطوات أهم. فملف السعوديين المعتقلين في العراق مسألة وطنية من المخجل التقصير في التعاطي معها. أعرف أنه ملف شديد التعقيد إذ إن جماعات دينية متطرفة وأخرى سياسية في المنطقة قد وجدت في شبابنا خامة جاهزة لاستغلالهم في ألاعيب سياسية انتهت بهم إلى الموت العبثي أو إلى سجون المالكي. طريقة التعامل مع كثير من شبابنا في المعتقلات العراقية ليست بريئة من العنصرية الطائفية البغيضة. وهم -بلا استثناء- قد أضاعوا سنوات عزيزة من أعمارهم في البحث عن الوهم في العراق. ويا ليتنا نحاسب من ضلل شبابنا وقادهم إلى ميادين الموت العبثي، من أفغانستان إلى بغداد. الرقم المعلن لعدد المعتقلين السعوديين في العراق بلغ 62. لكن المتداول أن مئات من شبابنا ما زالوا يبحثون عن مخرج من ورطتهم في اليمن وباكستان وأفغانستان وخارج سجون العراق. مأساة أن يُستغل الشاب السعودي في لعبة سياسية أكبر منه قبل اعتقاله ثم يُستغل سياسياً خلال اعتقاله كما تفعل حكومة المالكي اليوم! هؤلاء الذين يضللون شبابنا، باسم الجهاد، ويحرضونهم على الانخراط في جحيم الموت العبثي يتحملون المسؤولية الكبرى تجاه موت شبابنا وضياعهم وعذابات أهلهم. إنهم يرسلون أبناء الناس للموت العبثي في كل بقاع الدنيا لكنهم قليلاً ما يشجعون فلذات…
الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٢
حسب وكالة الأنباء الإماراتية (وام) ، فقد أشاد الأمير خالد الفيصل، أثناء زيارته للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قبل أمس، ، بما رآه في دبي من تطور و نهضة "منوهاً بما وصلت إليه مدينة دبي من مستويات عالمية في مجال بناء البنى التحتية و التكنلوجيا و الإعلام و الثقافة"، مؤكداً أن "الإرادة القوية مع الإدارة الحكيمة و الجيدة تثمران إنجازات عظيمة كما في دبي". هذه شهادة مهمة ليس فقط لدبي و لكن لمن يبحث عن "سر" تفوق دبي و تألقها. فحينما تجتمع "الإرادة القوية" مع "الإدارة الحكيمة" تُصنع أكبر الإنجازات. و هذا ما تحقق فعلاً في دبي. و لعل الأمير خالد الفيصل قد سئم من أولئك اللذين يرددون تلك المقولة الباهتة: "بناء الإنسان قبل بناء الأبراج". الكارثة أن نهمل الإنسان و لا نبني الأبراج! و لك أن تسأل:. من بنى الأبراج في دبي؟ أليس هو الإنسان نفسه؟ بل إسأل: من خطط للأبراج و الشوارع و الحدائق و الأسواق و خط القطار؟ أليست كل هذه المشاريع العملاقة مرتبطة بمنظومة متكاملة و شديدة التعقيد، يكمل بعضها بعضاً، من الإدارة و الرقابة و التشغيل و المحاسبة و المتابعة؟ و على المستوى الثقافي، قرر خالد الفيصل أن يعقد مؤتمر "فكر" للسنة الثانية على التوالي في دبي. و لو وجد منظمي "فكر" مدينة عربية…
الإثنين ٢٦ نوفمبر ٢٠١٢
تسألني الإعلامية مهيرة عبدالعزيز إن كانت الثقافة «تؤكل عيشاً» وأجيبها أن الثقافة في العالم العربي تخرجك أحياناً من الملة وتدخلك السجن. وفي زمن «الإعلام الجديد» لم تعد أجهزة الرقابة والتجسس في حاجة لإرسال المراقبين السريين لمراقبة ومتابعة المثقف. فهم اليوم يستطيعون معرفة كل حركاته وبماذا يفكر وهم جالسون تحت المكيفات في مكاتبهم. فهذا المثقف المسكين لايقوى على أن يخبئ شيئاً. فما إن تطرق الفكرة رأسه حتى يكتبها على تويتر أو قناة تواصل أخرى. كثيراً ما نصحت -عبر الكتابة الصحفية- مسؤولي الأمن بأن يوفروا جهدهم في تتبع ومراقبة المثقف ويستثمروا الميزانيات الضخمة والكفاءات البشرية الأمنية العالية في رصد تجار المخدرات والحرامية وقطاع الطرق. أما المثقف فهو يكتب وينشر فكرته بمجرد أن ترد على باله. ويرصد بنفسه كل حركاته ومقابلاته: أنا مع الأصدقاء الآن في شارع التحلية. أو: أقرأ الآن «لوعة الغاوية» لعبده خال. أو: أغادر إلى الرياض بعد ساعة. وهكذا تحول بعض المثقفين إلى مراقبين على حركتهم وفكرهم.إذن يا كلَّ أجهزة الرقابة الموقرة، دعوا المثقف «يفضفض» كيفما شاء وركزوا جهدكم على المخاطر التي تهدد المجتمع من عنف ضد النساء والأطفال وسرقات السيارات وكثرة حوادث الانتحار. وأنت يا مثقف واصل الثرثرة فلا أحد من إياهم يأبه بما تكتب أو بدعواتك للتغيير والتطوير. أنت منشغل بكتاباتك وعقلك والقوم منشغلون بغنائم المنصب و «مخططات» المدن…
الأحد ٢٥ نوفمبر ٢٠١٢
إذا انتقدت الرئيس المصري محمد مرسي أو جماعة الإخوان التي تقف خلف قراراته لقيل لك: هذا شأن مصري؛ ما دخلك أنت؟ أو: تكلم عن أوضاع بلادك ودع مصر لحكومتها وشعبها. أما حينما يطبل بعضهم بيننا لكل موقف أو قرار يتخذه الرئيس المصري فإن التبرير جاهز: مصر هي قلب العالم العربي ونهضتها نهضة للأمة، حلال عليهم مدح مرسي حرام علينا نقده. أليس ما يحدث في مصر، من خير أو شر، سيؤثر على المنطقة كلها؟ إذن كيف يكون التطبيل لكل قرار يتخذه مرسي في مصلحة الأمة بينما نقد مواقفه التي ترسخ ديكتاتورية الحزب الواحد وتهيج أتباعه خارج مصر هي تدخل في شأن مصري داخلي؟ هؤلاء الذين يرفضون نقد الرئيس مرسي ويهللون له ويكبرون على كل حركة يقوم بها إنما يجهلون أنهم اليوم جزء من مشروع صناعة الديكتاتور. وحينما يتحول القائد إلى ديكتاتور فإنه ينقلب أولاً على من حوله. اقرأ في سيرة “الديكتاتوريات” العربية وغير العربية وتأمل في بداياتها. قيل إن القذافي بدأ شاباً ثورياً بأهداف نبيلة ثم ما لبث أن تحول إلى ديكتاتور اختزل ليبيا كلها في نفسه وأولاده. وكذلك كانت السنوات الأولى من حكم مبارك. حينما يغيب النقد وتضعف الرقابة والمحاسبة ثم يهيمن خطاب التطبيل والتمجيد تتهيأ البيئة لإنتاج الديكتاتورية وإعادة إنتاج الديكتاتور. في مصر، تعاد اليوم صناعة الحاكم بأمره. ومثلما…
السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٢
مبروك! خرجت من المستشفى حياً؟ لا يكاد يمر يوم بلا أخبار -فضائح- عن أخطاء طبية في مستشفياتنا. بعضها عائد للفقر الإداري في إدارة المستشفيات وبعضها نتيجة لضعف الكوادر الطبية وأسباب أخرى تتعلق بفضائح تزوير الشهادات الطبية. في النهاية، تدفع الناس أغلى الأثمان لأخطاء لو وقع أحدها في أي من مستشفيات «العالم المتحضر» لقامت الدنيا ولم تقعد. من حولنا أصدقاء ومعارف يتحدثون عن قصص أقرب للمأساة في تجاربهم مع مستشفياتنا، الحكومي منها والخاص. وأقلها أن تذهب لأربعة مستشفيات مختلفة فتعود بأربعة تقارير طبية مختلفة. هذا يقول عملية عاجلة. وذلك يقول حبة بندول. وثالث يقول مرض خبيث. ورابع يرى بتر القدم اليمنى كي يطيب جرح في اليد اليسرى. ضع يدك على قلبك وأنت تغامر بالذهاب لرؤية طبيب لعله يعطيك دواء للكحة أو الزكمة. وإن أجبرتك الظروف على النوم في المستشفى لأيام وعدت بعدها سالماً لمنزلك فعليك بالذهاب مباشرة للعمرة وشكر المولى على السلامة فقد كُتبت لك حياة جديدة. نعود للمرة المائة (أو الخامسة والتسعين) ونقول: فتش عن الإدارة! أزماتنا مردها واحد: غياب الإدارة! ولهذا نكتب -من منطق الحب للوطن- أن غياب الإدارة الفاعلة، على كل المستويات، قد يضاعف من تذمر الناس من كل شيء حولها. وتلك -وربي- أخطر من كل الأخطار التي نظن أنها أكبر المهددات. الناس عندنا تتذمر دوماً لأوضاع الطرق…
الجمعة ٢٣ نوفمبر ٢٠١٢
تظن أن أصدقاءك كثر؟ وتتباهى أحياناً بعلاقاتك وكثرة معارفك؟ مسكين! ستكتشف كم أنت تخدع نفسك حينما تمر بظرف طارئ عاجل مزعج من ذلك الذي يستدعي “الاتصال بصديق”! وعندها ستتذكر ذلك المقطع الشهير: ولكنهم في النائبات قليل! أحياناً يخدعنا “معسول الكلام”، وكثيراً ما تتهاوى علينا الوعود من كل الاتجاهات، ويتبرع أحدهم كل مرة تراه بعرض سخي: أي خدمة؟ لا يردك إلا لسانك؟ في خاطرك شيء؟ ثم يُضاف لها تلك الجملة الساحرة: تُراك أخ عزيز. ثم تأتي تلك اللحظة الحرجة التي حينها -فقط- تكتشف كم أنت طيب وساذج و”على نياتك”! تتصل بهم واحداً تلو الآخر فلا تقوى على “الإمساك” بأيهم كما لو كنت تركض خلف سراب. ومع ذلك أنصحك بعنوان الكتاب الشهير: “لا تحزن”! فمن سنة لأخرى نحتاج للحظة -صدمة- يقظة تعيدنا إلى قواعدنا سالمين فلا نصدق كل الوعود ولا نطير في العجّة حينما نستمع لمعسول اللسان يعرض الفزعة والخدمات و”لا يردك إلا لسانك”. إنهم يتطايرون في اللحظة التي تفكر فيها بالاتصال بأحدهم، ويختفون في الوقت الذي تتمنى ولو رؤيتهم، ويصعب عليك أن تجد أذناً واحدة على الأقل تستمع لفضفضتك وتخفف -بالكلام- من حيرتك. أحياناً كل الذي تبحث عنه نصيحة صادقة، لا شيء أكثر من ذلك، لا سلفة أو فزعة عند مسؤول أو واسطة خير بين صديق وصديق. ثم تأتيك المفاجأة السارة…
الخميس ٢٢ نوفمبر ٢٠١٢
تروي السيدة صباح خليل المؤيد، مدير عام بنك الإسكان في البحرين، قصة مؤلمة حدثت في مقر عملها بالبنك حينما كانت نائبة للمدير العام. تعرضت موظفة في البنك لتحرش واستفزازات من قبل موظف في ذات البنك. تولت المؤيد التحقيق وبعد أن تأكدت، بكل الدلائل، من صدق الموظفة وإدانة المتحرش، صدر الأمر، وفقاً للقانون، بفصل الموظف الذي تحرش بزميلته في العمل. المشكلة -تروي صباح المؤيد- أن “كبار القوم” في محيطها سارعوا بالتوسط للموظف طالبين عدم فصله. آخرون برروا فعلته لأنه كان يأخذ بعض “الأدوية”! المؤيد روت هذه القصة خلال منتدى القيادات النسائية العربية الذي نظمته قبل يومين مؤسسة دبي للمرأة. وكان الحوار على أشده في محاولة لرصد مشكلات تعيق حضور المرأة “المؤهلة” في مجالس إدارة الشركات الكبرى. ومن ضمن طرق الاستفادة القصوى من طاقات وقدرات نسائية مبهرة في دول الخليج، ولحاجة سوق العمل لتلك الخبرات، لابد من تشجيع المرأة المؤهلة على العمل الجاد حتى تصل بجدارتها وتأهيلها إلى مجلس الإدارة. هذا يتطلب -من ضمن قائمة طويلة من الإصلاحات- قوانين صارمة وحازمة تعاقب كل من يتحرش أو يعاكس المرأة. هذه مسألة لاتقبل “المزح”. مجتمعاتنا مقبلة على تحولات ثقافية واقتصادية كبيرة. لابد أن يكون للمرأة حضورها في حراك المجتمع. شئنا أم أبينا، المرأة في الخليج ستكون حاضرة بقوة في كل حراكات المجتمع. ولهذا تكون…