السبت ٠٦ مايو ٢٠٢٣
تحية عسكرية لقواتنا المسلحة في عيد توحيدها، تحية زهو وفخر، تحية كلها ضبط وانضباط للرجال البواسل الذين خاضوا التجربة والتأسيس وأسهموا بالعمل حين كانت الأمور مثل ثقل الصخر، وقساوة أرض الملح، ثم تقاعدوا، تحية ملؤها الفرح للأجيال الجديدة التي تواصل المسيرة، وتخطط بفكر جديد. سنوات طويلة هي تاريخ جميل ومعطر بخدمات جليلة، وإنسانية في المحيط المحلي والخليجي والعربي والدولي، ونياشين من تعب وعرق وعمل الخير، والمحافظة على استتباب السلام في ربوع من العالم مختلفة ومتوترة، وأوسمة من شرف لرد الجميل لهذا الوطن وأهله، كل عيد والقوات المسلحة ورجالاتها يسعون قُدماً، يحملون أملاً، ويحققون حلماً أن يكبروا بالوطن وللوطن. عيد توحيد القوات المسلحة.. عيد للوطن، به يشرق صباحه، ويتزين يومه، ويزيد بهاؤه وضياؤه، عيد القوات المسلحة هو عيد للجيل السابق من المحاربين الأولين، ورفاق السلاح القدامى، أولئك الذين ما نضب عطاؤهم، ولا خاب رجاؤهم، هم اليوم في أماكنهم الكثيرة والبعيدة، لكن حنينهم أبداً لأول منزل، حيث كبروا وعملوا وتفانوا وبنوا اللبنات الأولى في صرح هذا الجيش، مفخرة الوطن، وفخر القائد، بعضهم قد تكون الأيام غيبته، لكن زرعه من الأولاد، وفسائله من الأبناء قد احتلوا موقعه، وزادوا على بنائه، وكبّروا من حلمه، متبعين وصيته، أن كونوا درعاً للوطن، وكونوا حماته وأباته، وكونوا للشرف، حين يكون الشرف كلمة رجل، وصدق رجل، ونبل المواقف.…
الأربعاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٣
- يا أخي.. في أحد من الناس تقول: «قد سمعته يسعل، وإلا يشتكي من بلغم، وإلا شفته يعاني من وجع، وإلا طرأ لك أن عظامه متبريده» في ناس صحتهم تعتمد على نفسيتهم التي يرون بها الحياة، اللهم لا حسد، ولكنها تلك الغبطة الطيبة التي نتمنى من الجميع أن يحذوا حذوهم، «مب بعضهم تلقاه ناش الصبح، وتقول خارج من ماراثون، وإلا بايت يهيس»، هنيئاً للحياة بمثل أولئك البشر المتعافين، وعافاها من أولئك النفر المتمارضين! - سبحان الله يا أخي الصيني ما يتغير في كل مكان، «من يدخل بلاد» تلقاه فتح له دكاناً صغيراً، ولافتة كبيرة حمراء عليها كتابات صينية بالذهبي، وسمى محله «بيجين»، ويتم يرعى المحلات اللي حذاه، يشتري هذا، ويستأجر ذاك، واللافتات الحمراء أم خط ذهبي سميك تتكاثر، هذا اسمه «دراغون» وذاك اسمه «كريت وول»، وهو سائر، حتى يعشعش، ويبني «تشينا تاون»، هذه خريطة الطريق لأي صيني في أي مكان في العالم، لذا هم اليوم في كل شارع ومكان في كل الدنيا، و«ميدن إن شاينا» ما عادت شيئاً معيباً أو مضروباً في السوق، هي سيدة السوق في كل مكان! هنيئاً لكل المواظبين الذين لا يعرفهم ثقل الكسل، ويحبون أن يبكروا باتجاه العافية والأعمال المبتكرة. - «لصوص» إعلانات الهواتف كثروا، والكل يبيع بضاعته الوهمية، ولا زال هناك الكثير من الناس يصدقونهم،…
الخميس ٠٦ أبريل ٢٠٢٣
قبل البدء كانت الفكرة: لا أدري لِمَ لا نرى في رمضان مسلسلات من شمال أفريقيا أو المغرب العربي؟ خاصة وأن لدى تونس والجزائر والمغرب أعمالاً درامية وإمكانات فنية مذهلة، لكننا لا نلتفت لها، واللغة أو اللهجة ليست بمعضلة أبداً في هذا الخصوص، وليست مانعاً يجعلنا متباعدين عن مغربنا الجميل، المشكلة من يمشي في ذاك الطريق الخطوة الأولى والمبادرة الشجاعة، من طرفنا أو من طرفهم، أعرف أن هناك بيروقراطية كبيرة في ذاك الشمال الأفريقي، تحتاج لحرق مراحل لنستطيع الالتقاء في نقطة مشتركة من حيث التبادل الفني والإداري والمالي، لكن ليس هناك الآن شيء مستحيل في وقت كل الأمور مسخرّة لخدمة الجميع. خبروا الزمان فقالوا: - لا تعلم اليتيم البكاء. - ما كل ناظم مجيد، ولا كل منظوم يناط بالجِيد. - من سعادة المرء أن يكون خصمه عجولاً. - على الديك الصياح، وعلى الله الصباح. أمثال وأقوال: العنكبوت، من بين الحشرات التي ذكرت في القرآن «كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت»، ولها سورة، وبيت العنكبوت مصنوع من أقوى الخيوط ولكنه من أضعف البيوت، اجتماعياً، فالأنثى تدعو الذكر للسفاد، بعده تفتك به وتقتله، والأولاد فيما بعد وقد كبروا قتلوا أمهم، وقصة بناء العنكبوت بيتها على مدخل غار حراء ليلة الهجرة الشريفة موجودة في كتب الأثر، والعنكب ذكر العنكبوت، جميع أصناف…
الأحد ١٢ مارس ٢٠٢٣
تدركون كم كانت معاناة الناس قديماً في الحصول على المعلومة السريعة والجاهزة ومسبقة الصنع، لا كما هو الحال الآن مع العم «غوغل» أو صديقتنا «الإنترنت»، كان الناس قديماً يرسلون أسئلتهم إلى بعض البرامج التلفزيونية المتخصصة، فالذي يرغب بسماع أغنية أو يرغب في إهدائها لحبيبته، يرسل رسالة للإذاعة أو التلفزيون لبرنامج «ما يطلبه المستمعون» أو «ما يطلبه المشاهدون»، ويظل ينتظر أسبوعاً وشهراً لكي يلبى طلبه، ويسمع تلك الأغنية ويفرّح حبيبته التي في خياله، والتي ربما ليست حقيقية أو هي بنت الجيران التي ولا على بالها، ولا تسأل عنه أو تعرف معاناة الحبيب، والناس الذين تهمهم الفتاوى في دنياهم ولأجل آخرتهم يكاتبون أحد الدعاة الذي حظي ببرنامج ديني أسبوعي في الإذاعة أو التلفزيون، ويظل يفتي لهم حتى في حكم إعراب حتى، بالمقابل كانت هناك برامج ثقافية ومسابقات في المعرفة والمعلومات العامة، مثل برنامج «سين جيم» لشريف العلمي، والذي كان يقدمه تلفزيون الكويت، وبعدها قدمه تلفزيون أبوظبي بالمقدم نفسه، لكنه كان نسخة من الأصل، وبرنامج «سئلوا فأجابوا»، وبرنامج «من هو القائل» وبرنامج ليلى رستم «بين الحقيقة والخيال»، وغيرها من التمثيليات والمسلسلات التي تعالج القضايا الثقافية والمعرفية والفنية، مثل الفوازير ومسابقات رمضان، وفي الصحف كان بريد القراء أو لكل سؤال جواب، وغيرها من الأبواب التي كانت تفيد، ولكن بمعلومات متباطئة، كان الإعلام التقليدي بوسائله…
الأربعاء ١٥ فبراير ٢٠٢٣
خلال اليومين المنصرمين كانت الإمارات تحتفي بأهم اللقاءات السياسية والاقتصادية وعلوم المستقبل والعلوم البيئية، ومستقبل علوم الإدارة واستغلال الوقت وتقانة الذكاء الاصطناعي، وغيرها من الأمور التي من شأنها الارتقاء بالإنسان والإسهام في تطوره الحضاري، من خلال القمة العالمية للحكومات التي استضافتها دبي، ودبي حين تتصدى لأي فعالية عالمية، لابد وأن تضفي عليها من روحها، ومن رؤى ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وتبلغ بها أعلى مراتب التنظيم ورفيع الخدمات. الإمارات تحلم، وتعمل، وتصبر حتى تصبح الرؤى رؤية، وحتى يبلغ الحلم مدى الأفق، ويتجسد واقعاً تبصره العين، حيناً تعمل بخطى متراكمة، حيناً بصمت وبخطط مدروسة، لا نجاهر إلا إذا اكتملت المعادلة، وبلغ النجاح غايته، مثلما هي عادتنا الجميلة دائماً أن لا نجهر بعمل خير عملناه أو قدمناه، ميزة الإمارات ومسؤوليها أنهم يفعلون ولا يمنون، وشعار الإمارات أن لا تلتفت للوراء، ولا تسمع نباح من يتبع القافلة، ولا يضرها ضيق عقول البعض، ولا جهل من حقد واعتمى عن رؤية الشمس في ضحاها، لذا كل صباح في الإمارات يكون يوماً من عمل مختلف ومتميز، ويبقى راسخاً في ذاكرة الوطن، لأن الانتصارات في الحياة كثيرة، وتحديات الوقت عديدة، ونحن اليوم في الإمارات نعمل كمنظومة متكاملة، متناغمة لتحقيق هدف غال وسام، وهو بلوغ الإمارات مصاف ومحاذاة الدول التي تريد أن تبني نفسها، وتعد إنسانها،…
الإثنين ٣٠ يناير ٢٠٢٣
- حين تتعطل الأسئلة في المدرسة، وتغيب عن الطالب، ويتجاهلها المعلم، ويتهرب منها الأهل، تتعطل النفوس المتعطشة للعلم والمعرفة ومحاولة الفهم، وتشغيل العقل، فيتخرّج لدينا جيل بعد جيل من الحفظة والنقّال، ومتّبعي العنعنة. - من الأمور التي لا تشجع على فعل الخير أن يلتقيك شخص، وفجأة يتحول من السلام الحار، والشد على اليد إلى مد اليد، ويسأل حسنة قليلة تدفع بلاوي كثيرة، لأنه منقطع به السبيل هنا، ومحفظته سرقت، ولم يذق الطعام منذ يومين، فتنظر له فإذا هو «أمتن عنك» ويصعب أن تصدق أنه يتيم سمين، فتعطيه ما كتب الله له، لكنه لا يرضى بذلك النصيب، ويتحول تدريجياً إلى النصب، وأول ضحاياه والداه - الله يسترهما- واللذان لا تعرف عنهما شيئاً، لكنه يضحي بأحدهما، ويقعده على كرسي متحرك، ويمرّض الآخر بحيث يشعرك أنه لن يقدر على القوم والنهوض من جديد، فتكافئه بخجلك، وارتباكك نتيجة كذبه المعلوم عليك، فتزيد أوراقه التي تتساقط من محفظتك إلى جيبه، لكنه لا يشبع، فتبدو عيناه وهما تبرّقان في ثنايا محفظتك، وتكادان تعدان ما فيها، وتقولان زدني، وتلاحظ أصابع يديه وهو يفركها، ويكاد أن ينوي الشر ويسرق منك الخير وفعله! - من كان يصدق أن السندويتش يصبح عندنا بأربعين درهماً وفوق، طبعاً مش لحم «واغيو أو كوبي»، كله دجاج خيبر «شيش طاووق» يعني، هذا الأول الواحد…
الثلاثاء ٢٤ يناير ٢٠٢٣
هناك في الحياة أشياء لا تؤذي أحداً، لكنها لا تجعلنا في حالنا، ولو لم تكن في تفاصيل أيامنا لنقص منها شيء جميل غائب، مثل وردة حمراء لا تبالي إلا بتلك الرقصة الدائمة مع نسمة الريح، وهي تتمايل طرباً، تنادي الأرواح، وتسرق الضحكة من القلب، حجر صافٍ مستلق تحت الماء، ولا يرتوي، كل يومه وغايته نشيد الماء، آلة موسيقية يشجيها ما يشجيها، فتنزل دمعها لترطب النفوس، وتنزع شجنها، آه.. لو تركوا تلك الأشياء تتحدث، لقد وددت دوماً لو أني تحدثت على انفراد مع تلك الأشياء التي لا تؤذي، خاصة بعض الآلات الموسيقية، ما أجمل تلك الرغبة الطفولية الدفينة، ثمة حوار بعضه طويل، وبعضه جميل، وبعضه الآخر سابح في عمق أشياء الحياة، لا يمكن أن أرى آلة موسيقية في الشارع تناديني، ولا أتوقف محباً لا مجبراً، لا يمكنني إلا أن أتعاطف مع أولئك العازفين البائسين، ساكني أرصفة المدن، وعلى حواف طرقات جسورها، منهم بنصف موهبة، لكن الفقر يدقّ عظمه، بعضهم ضائع مع موهبته الجميلة بين الحياة والحظ الذي قد يتأخر طويلاً، وقد لا يأتي، وبعضهم الآخر، يمارس الأسفار في المدن متأبطاً موسيقاه التي تعينه على الحياة، وعدم السقوط جوعاً على الأرصفة الكثيرة، بعضهم عشاق مهزومون، والبعض تفتت أكبادهم في طَرْق مسافات النهار، وخيوط الليل، لا صديق يؤنس، ولا رفيق درب يمكنه أن…
الإثنين ٠٢ يناير ٢٠٢٣
أخذت الأولاد بجولة في إرجاء الإمارات السبع أو قررنا أن نعمل لهم سياحة في الوطن، خاصة أن الجيل الجديد لا يميز الجغرافيا بمفهومها الصحيح والمبسط في مناهجهم التعليمية والتربوية، فكل الأمور لديهم في تعليمهم الجديد تسمى موادّ اجتماعية، فيخلطون بين جغرافية الإمارات، والتربية الوطنية، والمادة الاجتماعية، وهذا أمر له حديث آخر، لأنه لا يعقل أن يعرف طالب الصف الخامس عندنا «أوتاوا» وموقعها البعيد، ولا يعرف كلباء وخور فكان في وطنه. كانت أياماً جميلة تنقلنا فيها بالمبيت بين جنبات صحراء، وأعالي جبال، وعلى عتبات ماء البحر، كانت الرحلة مذهلة، وغير متوقعة، ومدهشة في كثير من الجوانب، وأسئلة كانت تطرح، أعمقها عندهم: «هل كل هذا عندنا»؟ أما السؤال المؤلم عندي فكان: لِمَ لا نعرف»؟ أعتقد أن بعض دوائر السياحة أو أياً كان مسماها لا تعرف من السياحة إلا المعارض والمشاركة فيها، وتلك الجوائز الإعلانية لا الإعلامية المتفرقة التي تحصل عليها دون دراسات من الجهات المانحة، ودون تقص حقيقي عن الجهات المانحة نفسها، ولكيلا أعمم، قد استثني جهة واحدة هي التي لديها خطط استراتيجية في هذا القبيل، ولديها نتائج تراكمية كل عام من حيث مؤشر النجاح والمردود ورجع الصدى، لذا دائماً ما نجد ثغرات يعرفها الصادقون والواعون والوطنيون، ويتغاضى عنها المستفيدون، وغير المهتمين بالشأن الوطني، وغير المتخصصين في الترويج السياحي والثقافي الرابضين في…
الأربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٢
- تمشيان مترافقين، يتبعك ظلك، تطول المسافة ولا تتباعد الخطوات، مثل صديق يشبهك، غير أنك تخشى عليه من منعطفات الطرق، لكي لا يهرب منك أو يغيبه الحب في مسالك الدروب. - تهيف وتسقط الورقة اليابسة من غصن الشجرة، تبكي السقوط، وتتذكر الاخضرار، تتذكر تلك الأم، وتتذكر شيئاً جميلاً اسمه الحب. - تأتي الموجة تسابق الموجة، وحين تلامسان اليابسة، تتذكران أنه ما جاء بهما إلى هنا إلا الحب، وما جلب الارتواء لعطش الرمل إلا من أجل الحب. - يهمس القرط للأذن دائماً بأن هناك شيئاً جميلاً اسمه الحب. - أن تودع كلمات باردة في صدور الآخرين، وتغيب دون التفاتة، لا معنى لها غير الحب الناطق الذي يسعد بلا مقابل. - يأتي المطر، ويبشر الجميع بتلك المساحة الرعوية، وطُهر الماء، وما يمكن أن تحمله نفّاته من شيء جميل اسمه الحب. - يكفي أن يمر أحدهم، ويضحك مع الصباح، ويقول: صباح الخير، فتسمعه، وكأنه يقول صباح الشيء الجميل، صباح الحب. - تدخل الصغيرة صفها، كأنه صف زهور وورود، تركض نحو مقعدها فرحة، تناظرك من بعيد، فيشع ذلك الشيء في صدرك، فلا يمكن أن تصفه إلا بأنه الحب. - تمر نسمة حاملة عطراً، فيسافر بك، محلقاً نحو تلك التي همس عطر شعرها لأول مرة، قائلاً شيئاً جميلاً، يمكن أن يكون هو الحب. - تقلقك…
الأحد ١١ ديسمبر ٢٠٢٢
هناك أشخاص يرافقهم الخير منذ صباحهم وحتى المساء، قد تكون أشياء صغيرة تلك التي يفعلونها، ولكنها كبيرة في نفوس الآخرين، لي صديق برلماني أردني، حالته مثل حالة أولئك الأشخاص المنذورين لفعل الخير، طلبت منه مرة أن أرافقه طوال يوم من أيامه، كمراقب، وليس كضيف، لأعرف كيف يمضي ساعات يومه، خاصة وأنها تبدأ منذ الصباح الباكر عنده، ولا تنتهي إلا حين يخيم الليل، فقلت له من باب الفضول: أريد صحبة ماجد، فانتخى وهو البدوي العربي، وقال لعيونك، لكنني أشفق عليك، لأنك لن تطيق معي صبراً، وكان محقاً، لأن نقاله لم يتوقف عن الرنين، هذا يطلب حاجة في وزارة معينة، وآخر يريد توظيف ابنه في الشرطة، وأرملة تطلب تدخله ليعجّل لها في صرف معاش زوجها، فقلت له: لماذا لا تجعل لك سكرتيرة تنظم وقتك، وتزيد من ساعات عملك، وتكفيك الرد المباشر ولحظات الإحراج، وحذف ساعات من كلمات المجاملة بينك وبين المتصلين، وتجعلك تركز في أعمالك الكثيرة، فرد: تعرف لو اتصل أبو محمد، وردت عليه السكرتيرة، فسيعتقد أنني لا أقدره، وأنني متكبر عليه، وإن اتصل واحد من «أخويانا العربان» على هاتفي وردت عليه السكرتيرة فسيغضب ويعتبر أنها معيبة في حقه، خاصة وأنها لن تعزم عليه أن يقلط إلى المنزل أو تحلف عليه أن يأكل ذبيحته المقصوبة له قبل أن يخرج من شق داره…
الأربعاء ٠٧ ديسمبر ٢٠٢٢
- على كرسي في صالة المطار أو قاعة الانتظار أو في التسكع في السوق الحرة، يمر عليك مسافرون.. ومسافرات: - شخص وجهه لامع من الحلاقة المزدوجة، ومن الكولونيا الرخيصة، ومن الاستعداد الزائد عن الحاجة قبل السفر، تشعر أنه مخلص كثيراً لأشيائه القديمة، البدلة، الموديل، وربطة العنق المشجرة، الحقيبة الجلدية، وجريدة صدرت قبل يومين، وأوراق كثيرة وقصاصات لا تعني شيئاً، وأمور ليس بحاجة لها في سفره! - شخص مشمئز، يبدو أنه يشكو من حموضة منذ الفجر الباكر، المطار يزيد من غثيانه، والقهوة التي طلبها مرتين، والخوف من المجهول، وتأخر الطائرة، وبكاء الزوجة الذي جاء في غير وقته، والصراف الذي غمطه بـ7 دولارات! - امرأة أفريقية، ومعناها أنها سمينة، وتحمل حقائب زائدة في يدها وعلى ظهرها، ورابطة رأسها بعمامة مزركشة وثقيلة، وجوازها وتذكرتها في يدها، وأكياس لا تسعها يدها، ومتجهة إلى بوابة مغادرة بطريق الخطأ، كل هذا ولا تشكو من مشكلة مطلقاً! - شخص واضح أنه غير واثق من نفسه، يشعرك أنه مشروع مؤجل للضياع، وأنه معرض للسرقة في أي لحظة، دائم التحسس لجيبه، يفتح حقيبته المربوطة، يطل برأسه داخلها ليطمئن على الجواز والتذكرة والأوراق النقدية المرصوصة بعناية فائقة، عيناه لا تفارق وجوه المسافرين، عله يستمد منها بعض الراحة والألفة، في ساعة لم يبق له ظفر مكتمل! - فتاتان مثل القطتين، ملابس…
الثلاثاء ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٢
من مفردات الحياة وقيمها تواجد الأضداد فيها، وقديماً قيل: «والضد يظهر حُسنه الضد»، فالأسود يتجوهر في وجود الأبيض، والعكس صحيح، ولطالما كان الصراع والتصادم بين الأضداد في الحياة، فالخير يتجلى حين نعرف الشر، والعدل يعلو حين نضيق بالظلم، وهكذا الجمال والقبح، الحديد والنار، الماء والعطش، الخضرة واليباس أو التصحر، الحرية والعبودية، ولقد فاضت الآراء والمدارس الفلسفية عبر التاريخ الطويل في التصدي وتفنيد مثل هذه الحالات. ومؤخراً شهدت أيام وفعاليات المؤتمر الدولي للفلسفة الذي نظمه بيت الفلسفة في الفجيرة، وضم نخبة من أرباب الفلسفة ودارسيها ومدرسيها، كانت أياماً ممتعة ومحفزة للرأس، وفرصة للتجاذب والتحادث مع النفس، ومع الآخر، لكن في يومها الأول حدثت تلك المفارقة، وهي مقارنة لم نكن نطلبها، ولكنها جاءت هكذا محض صدفة، وبعد انتهاء فصول وفعاليات اليوم الأول، انطلقنا إلى الغداء في ذلك المطعم البحري الكبير، وجميع الرؤوس المشاركة كانت إما ممن تخطوا الستين حولاً أو ممن هم ضعاف البنية، وكل واحد منهم، لابد وقد قرأ آلاف الكتب، فنظرية الفلاسفة معروفة: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، وكانوا بعد أحاديث المنطق والعقلانية، والراهن، والمرتهن والمُعاش، وهم يتمنطقون ببذل أمهات القطع الثلاث لشدة برودة ذلك المطعم وتكييفه المركزي، وتحلقوا على مائدة الطعام، وما تزال أحاديثهم تُشرّق وتُغَرّب بين مفهوم الخطاب الماضوي، وأبستمولوجيا المعرفة، ومدى التباس واقتباس السيرورة والصيرورة، ومن ذلك…