ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

السعادة في القناعة

آراء

– لو أن الإنسان ظل ينظر للوراء لما تقدم خطوة نحو الأمام، لو أنه بقي يعالج مشكلاته الصغيرة التي يرميها الناس في طريقه، فلن يتفرغ لمشكلته الكبيرة والأساسية، وهي تحقيق الأحلام، لو أنه أنصت للمعرقلين، وحراس الفشل، وكلامهم الخاوي فلن ينجح في الحياة، لو أنه ظل ينتظر أن يطرق الحظ بابه، ولَم يصنع حظوظه، فلن تفتح له أبواب الأمل، ولا طرق السعادة.

– لو أن الإنسان ركن في زاوية ضيقة يجتر ماضيه، ويغني على ليلاه، ويبكي الماء المسكوب منه في غفلة منه، فلن يبصر ربيع هذا العام، ولن ينعم بتلك الألوان التي تضيء الفضاء، فقط لو أنه ظل يحرك ذاك الحجر الذي يسد طريقه بصبر من وصايا الأولين، وعزم مستمد من ذات لا تلين، لكان اليوم خلفه طريق مبهم بالظلمة، وأمامه عشب على مدى البصر.

– لو أن الإنسان استسلم لهواجس الفشل، ولتلك الطاقة السلبية التي تحوم حوله، والتي يبثها البعض من حوله، ولَم يندفع بتعقل، ولَم تستهوه غواية المغامرة، وسبر جهة خامسة، لكانت يداه خاويتين إلا من قبض الريح.

– لو أن الإنسان بقي يناظر أيدي الناس وما ملكت، أحاديث الناس وما اغترفت، لو أنه بقي منساقاً يجرّون خطاه حيث يشتهون، وحيث يتسلون، ولَم يفق، ولَم تحدثه نفسه الأمّارة بالفعل والخير، فسيبقى رهن رسن، ولن تتعب إلا روحه التي حبسها برضاه، ورضي لها بذاك القيد، وذاك الوهن، وذاك الكفن.

– لو أن الإنسان لم يعقل الحياة، ولَم يتدبر صنعها، ولَم يلهمه الواقفون على حطام أنفسهم، ولا المجالدون من أجل سمو نفوسهم، ولا المتعالون على خيانات الجسد، المبصرون في العمى، المتعكزون على الأمل، المنشدون طهارة الروح، فلا خير في الرأس الذي حمل، ولا القلب الذي نبض، ولا تلك الجثة التي سكن.

– لو أن الإنسان لم يشرّع قلبه للحب، ولَم تزاغيه الريح بما تشتهي، وبما يهوى، ولَم يفرد جناحيه للمعرفة، وشغف السؤال، وبما يحرك الثابت، ويُثَبِّت المتحول، لو أنه بقي ظلاً يحاذي الجدران، ولَم يتدارك نفسه، فالآخرون هم من يعدّون أيامه، ولا يلوم إلا نفسه.

– لو أن الإنسان فقط حصّن نفسه بالوعي، وجعل القلب والعقل دليلاً إلى موضع المشي، ودرّب النفس على القناعة والغنى، فسيطمئن بالسكينة، وسيسكنه الرضا.

المصدر: الاتحاد