ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

أشياء تبرّد الجوف

آراء

– بعض من الأفراد يوازون حجماً، حجم المؤسسات التي يديرونها، لا تضيف تلك المؤسسات على حجم الأفراد شيئاً من سطوتها ولا مزيداً من هيبتها، بل هم من يضيفون على حجم المؤسسات شيئاً من التقدير والرفعة، وتلك المهابة التي لا يتمتع بها إلا القليل من البشر، مثل هؤلاء يأتون ثقالاً بما يحملون من أحلام وأمنيات نجاح، ويذهبون خفافاً بعد أن ينجزوا الوعد ويوفوا بالعهد.

– مسألة المستخدم الهندي أو الفلبيني أو العربي البسيط الذي يغش سائحاً أوروبياً بعشرة دراهم، ويقوم الأوروبي ويكتب مقالاً أو ينشر ذاك الخبر صوتاً وصورة في شبكة التواصل الاجتماعي، أو يتقدم بشكوى لشركة السياحة الأوروبية المنظمة للرحلة، ترى المستخدم البسيط يضيع بفعله ذلك، وبمربحه غير المقنن للعشرة دراهم، ملايين الدراهم نصرفها على السياحة الوطنية، وصنع صورة جميلة للخدمات، وذلك الفندق ذي الخمس نجوم.. هناك أشياء صغيرة تخرب أشياء كبيرة، دون أن ندري، علينا أن نحكم الأمور، ولا نتهاون.. لو وزارة السياحة الألمانية سمعت أن تركياً غش سائحاً أو باع خارج التسعيرة المفروضة أو حاول أن يستغل فوجاً سياحياً أميركياً أو باع شيئاً مغشوشاً لسياح أوروبيين، هل ستسمح أو تتسامح معه البلديات الألمانية أو وزارة السياحة أو هيئة التسويق أو أي جهة رقابية؟ فقط نريد أن نلون المناطق الرمادية، لتكون واضحة!

– دائماً ما يرد على الذهن تساؤل عن مشروعية الضحكة، هل نحن من نصنعها، ونسبغها على مفردات يومنا؟ وهل هناك من يحاول أن يكتم الضحكة، طابعاً نهارنا بسواد قلبه؟ قادرون نحن أن نخلق عالمنا المهادن، والمتسامح مع النفس، ونضفي على وجودنا كثيراً من البسمة، وشيئاً من الضحك، ونسمة بألوان قوس قزح، كم هو قاتل ذلك اللون الرمادي المحايد، حد الملل، كم هو مفرح الأزرق الملكي، حد ترقيص القلب، وجعله يطفر من محله، بقدر ما نبعد نافثي الرماد في وجوهنا، بقدر ما تدخل الضحكة من أبوابنا، ولو كانت مواربة على بعض حزنها، ليس مثل الضحكة فعل يجعل منا بخفة الطير، ورذاذ أول المطر، أقفلوا نوافذكم عن خفق أجنحة الأغربة الكلحاء، تلك التي تقبض القلب، وتجعل مسرى الدم خالياً من العافية، ونبض الحياة، أقبضوا على الضحكة، ولا تجعلوها تغادر ظل خطواتكم، تسعدوا.. وتسموا بالحياة الملونة التي تستحقون.

– «هناك دراسة تدعي أن النساء أكثر تعباً وإرهاقاً من الرجال في تولي المسؤوليات، وإدارة شؤون المنزل وتربية الأولاد، وأنهن أكثر عرضة للإجهاد، ونقص الحديد، والشيخوخة المبكرة، والإصابة بالخرف والزهايمر، وأرى من وجهة نظر أنها دراسة فيها شيء من الحقيقة، ولكنها ليست كل الحقيقة، لأن الرجال أقل شكوى، ولأن دموعهم مثل الحجر، وليست مثل دمعة المرأة «زاهبة وتتريا أي دعوة للبكاء»، الرجال مساكين مثل العتّالين يحملون أشياء كثيرة على ظهورهم، وجلها ليست لهم، وقليل من يشكرهم لا من الحرمة، ولا من عيالها، و«لو مزّروا ثبان بعض الناس، ايّحِدّوه، وقالوا طشونه»، وبعدين.. القائمين على هذه الدراسة، أخاف معتقدين أن الرجال عيال بشكارة، ترا.. كل شيء على رؤوسهم، ويدعون عليهم باليهد والمرض العضال، وعساهم ما يثورون من مكانهم.. الرجال يكفيهم هَمّ وغَمّ الشيب وحده!

المصدر: الاتحاد