الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٢
كانت فعلاً (مغامرة) أن ألتزم بالكتابة اليومية. أعترف الآن بالإرهاق اليومي من مطاردة الفكرة الملائمة والساعة المناسبة لكتابتها ومراجعتها. أن تكتب وأنت تعي أن ثمة من يقرأك، ولو من حين لآخر، فتلك مسؤولية كبرى، أو هكذا أظنها. عسى أن أكون قد وفقت في هذه التجربة التي -صدقاً- أعتز بها. وما رسائل القراء الكرام وتواصلهم معي، على مدى العام، إلا شهادة محبة لن أنساها. لقد منحتني “الشرق” فرصة ثمينة عبر هذه (المغامرة) ليس فقط بإتاحة مساحة مهمة للتعبير اليومي عن رأيي إزاء أحداث اليوم وما يجول بالخاطر من أفكار، ولكنها أيضاً منحتني تجربة التعبير عن الفكرة بأقل عدد ممكن من الكلمات. تعلمت كثيراً على مر السنة الماضية وأنا أكتب هذه الزاوية. أكذب إن زعمت الدقة والكمال، على طول السنة، في الرأي والمعلومة. لكنني حاولت -قدر المتاح والمستطاع- أن أكون صادقاً مع نفسي ومع قارئي في الكتابة عما رأيته ملائماً للزاوية. لم أنجرف وراء دعوات مباشرة وغير مباشرة أن أكتب عن مواضيع…
الإثنين ٠٣ ديسمبر ٢٠١٢
تساءلت في مقالي "ملكي أكثر من الملكيين" على هذا النحو: - لماذا أجد أن المواطن سهل الانقياد تجره إشاعة وتصعد به كذبة كبرى وتغيره هجمة جماعية مضادة؟ ثم قلت: - لماذا أشعر في المقابل أن هذا المواطن سهل الارتداد والعودة إلى الرشد والانحياز إلى وطنه رغم كل شيء؟ وأعدت السبب إلى جمود إعلامنا الرسمي، وغموضه، ومحافظته، وعدم مواكبته للتغيرات والتحولات، التي جاءت مع وسائط الاتصال الحديثة، على نحو يجعل هذا المواطن العفوي الذي لا يحبذ الغموض ويميل للمكاشفة، ينحاز للوسيلة التي تبلغه الخبر وتمنحه المعلومة بشكل أسرع، ومن هنا فقد تمكن الأعداء والمتربصون لهذا الوطن من استمالة قطاع عريض من الناس الذين يرون أن المعلومة الرسمية لا تصلهم كاملة، وإن وصلت فلا تصل إلا متأخرة، وهكذا فإن إيقاع الوسيلة الإعلامية الرسمية يسير بخطى السلاحف وتعقيدات البيروقراطية، مما تسبب في انصراف المواطن للبحث عن مصادر إخبارية بديلة، وهو ما أتاح للطائفيين والحاسدين الكارهين لهذا الوطن نشْر الإشاعة وإشاعة الفتنة وبث الأكذوبة…
الإثنين ٠٣ ديسمبر ٢٠١٢
تعاقب على وزارة العمل ونظام السعودة وزراء من الذين لديهم قسط عالٍ من التعليم والمعرفة، لكن إصرارهم على تطبيق نظام السعودة بعوراته وسيئاته يظل هاجسهم ومطلبهم. لكي نعرف الخطأ الفادح في نظام السعودة علينا التعرف على الأسباب الحقيقية وراء ظاهرة البطالة. ظهرت البطالة بين الشباب السعودي الباحث عن العمل لأسباب أهمها: 1 – ضعف المستوى الجيد من التعليم الذي لم يكسب الطالب الجامعي مستويات علمية جيدة ومهارات فنية ولغوية تمنحه فرصة عالية للحصول على وظيفة في سوق العمل السعودي. 2 – عدم إكمال الطالب دراسته وخروجه إلى سوق العمل وهو في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية. هذان العاملان الرئيسيان اللذان يتعلق أولهما بنظام التعليم والثاني بالظروف الاقتصادية والاجتماعية لطبقة كبيرة من المجتمع لابد أن يشكلا منطقياً وعملياً المنطلقات الأساسية لأي نظام هدفه تمكين المواطن السعودي من الحصول على عمل، هذا التمكين لا يكون بقرارات من وزارة العمل وإنما بقدرة وكفاءة المواطن على المنافسة في سوق العمل السعودي والحصول على…
محمد خميسمحمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"
الإثنين ٠٣ ديسمبر ٢٠١٢
ذكرت غولدا مائير رئيس وزراء حكومة إسرائيل 1969 الى 1974 مرة " إن العرب لا يحسب لهم حساباً حتى يتعلموا كيف يصطفون في الدور عند انتظار الحافلة" ونحن بدورنا نبشرها، بأنه لا داعي لشعبها ان يحسب لنا حساباً، فنحن ما زلنا لم نتعلم كيف نصطف في الدور، بل نكره النظام، ونعشق الفوضى. مازلنا بعدين جداً من الإنتظام في أي أمر، ما ان ننتهى من مسببات الفوضى لدينا، حتى نخترع علل اخرى لإحيائها، طمئني شعبك يا بنت مائير، وشجعيهم ان يمضوا فيما هم ماضون فيه، فنحن بعيدين جداً من ان تحسبوا لنا حساب، نحن للأن لم نستوعب ان لنا عدو واحد مشترك علينا مواجهته متحدين، فاخترنا الإنقسام، لتضيع جهودنا ما بين الضفة والقطاع. نحن بتنا علماء في الفوضى، نتفنن في إختراع معاني جديدة لها ، وكل انواع الفوضى جربناها بلا استثناء، وان كنتي تعتقدين ان الفوضى في طوابير الحافلات وامام افران الخبز، هي علتنا، فأنت مخطئة، نحن فوضيون في علاقتنا بأسرنا،…
الإثنين ٠٣ ديسمبر ٢٠١٢
تعيش الإمارات هذه الأيام احتفالاتها الوطنية بمناسبة “عيد الاتحاد” الواحد والأربعين. الإماراتيون وطنيون -إلى العظم- في حبهم لوطنهم وفي تعبيرهم عن هذا الحب. نادراً ما تسمع إماراتياً يتذمر عن أحوال وطنه. لكنك لو تأملت في الفرص (على كل المستويات) المتاحة أمام المواطن الإماراتي لأدركت أن أسباب التذمر معدومة. كثيراً ما تبهرني تلك العلاقة التلقائية بين رموز المجتمع والناس في الإمارات. المسؤول الإماراتي، شيخاً أو وزيراً أو تاجراً، مشهود له بالتواضع والقرب من الناس في محيطه. الشاب الإماراتي يحقق “أحلام العمر”، من وظيفة وبيت وتأسيس عائلة، في سن مبكرة. مؤسسات رسمية وأهلية تدعم مشاريع الشباب وتحفزهم على الإبداع والابتكار. مستوى الخدمات في الدولة شكّل رقماً صعب المنافسة حتى في المقارنة بين الإمارات ودول عالمية سبقتها في التنمية بعقود. أعيش في الإمارات منذ ثماني سنوات، مثلي مثل آلاف من شباب المنطقة، وأسأل: ما الذي أغراني بالعيش والعمل في الإمارات؟ إنها “الفرصة” التي وجدتها في الإمارات ولم أجدها في غيرها! أعرف عرباً هاجروا…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
حين تأخر جواز سفري مع ضابط الجوازات في الكويت مدة تجاوزت الساعة بدأ عقلي يسرّب قلقه على طريقته، سائلاً إياي «بدرية هل تنتمين إلى تنظيم سري؟ قلت له: لا والله، فعاد يقول لي: اعترفي هل تحملين معك مخدرات؟ فقلت له أقسم بالله لا». فعرفت أنني بعد هذين الجوابين يجب ألا أقلق، لكن هذا لم يمنعني من أن أتعجب بعد سماع قرار أن وزارة الداخلية تمنع مواطنة خليجية من دخول أراضيها بدلاً من أن تتيح لها الدخول من دون جواز سفر أو هوية، بل وكاتبة تكتب في صحف الكويت وفي الصحف السعودية وتباع كتبها في الخليج. وعلى رغم هذا فقد أعجبت بطريقة الأمن الذي يسرق طمأنينتك من جهة ويعيدها لك من جهة أخرى، فهم يتركونك مع قلقك الذي يهوّل المسائل حتى تهون عليك مصيبتهم، فبعد التنظيم السري والمخدرات، لا يعود منعك من الدخول إلا مما قدر الله ولطف. ليس من عادتي أن أتجاوب كثيراً مع منطق المؤامرات وأفتش عن الأبطال الخفيين…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
طبعا لم يكن من قبيل صيانة أو خلل فني عندما عُطلت شبكة الهاتف والإنترنت، ثم أوقفت حركة المطار وأغلقت الطرق المؤدية له، فكلها جزء من الحرب في دمشق. لقد دخلنا الأيام الصعبة والخطرة جدا في حرب إسقاط بشار الأسد، فمنذ أمس بدأت حملة توعية موجهة للشعب السوري في حال استخدمت قوات الأسد الأسلحة الفتاكة، كيماوية وبيولوجية. نحن هنا نتحدث عن احتمالات ارتكاب مذابح مروعة بعد أن بلغ الثوار مراحل متقدمة في هجومهم، وهم الآن يدقون أبواب دمشق. هذه ليست حربا نفسية، ولا مجرد خواطر قلقة، نحن نعرف أن النظام مجرم وأحمق معا، لكن عسى ألا يرتكب أعظم حماقة في نهاياته. الأسلحة الفتاكة من دلالات النهاية مع تقهقر قوات النظام، حيث صار انهياره وشيكا. إنها سلاحه الأخير الذي يريد به الانتقام وإلحاق أكبر أذى ممكن بخصومه، ويعتقد أنه قد يوقفهم ويضطر العالم إلى التدخل وعقد صفقة سياسية تنقذه! سيمارس الادعاءات والأكاذيب نفسها التي ادعاها مع المجازر التي ارتكبتها قواته خلال الأشهر…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
كنت، وما زلت، على ثقة أن قراءة تفاصيل وجه الرئيس المصري، محمد مرسي، وكذا كيميائه الشخصية تقول إنه وجه ودود أبوي لطيف وطيب، مثلما أنا مؤمن أنه نزيه نظيف اللسان واليد. معضلة (التنظيم الإخواني) في كل مكان ليست في الرأس ولا في القلب: مشكلة التنظيم دائما، وكما لاحظت، هي في بعض النهايات الطرفية، مشكلة القائد (الإخواني) ليست من مناوئيه قدر ما تكون من أخيه. مرسي، في الأنموذج، لم يكن ضحية المرشد، بديع، ولا نائبه خيرت الشاطر. مشكلته بالضبط هي مع (أخيه) الأصغر الذي يظهر في كل مكان، يدفعه إلى الشكوك في الجميع، يصور كل شيء له على أنه مؤامرة. قصة محمد مرسي بالضبط هي مع العريان ومحمد البلتاجي وهما بالتحديد مثال لحفرة (الإخواني) بيدي أخيه. لم يشوه صورة مرسي وصورة (الإخوان) شيء مثل محمد البلتاجي كنهاية طرفية لقلب التنظيم. ظهور كثيف، وفي كل مكان، لا يبرهن على الاستحواذ فحسب، بل على الرتابة حد الملل. وحيثما بحثت عن (مصر) تجد البلتاجي…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
مساكين أهل القلم، مفكرين وكتاباً وصحفيين تحاربهم كل الأنظمة بأشكالها ويهاجمهم المحافظون. يُقدمون، أحياناً، على أنهم خونة متآمرون، وأخرى على أن أفكارهم ملوثة وخطر على المجتمع، وثالثة على أنهم منحرفون وفاسدون. هم محل شبهة في العالم العربي، يجري التفتيش في ثنايا سطورهم، وتمحيص كل عبارة مهما كانت عابرة، ومراقبة سلوكهم في كل حال لأنهم يختلفون عن البشر ففي كل شيء لهم غاية ونية خفية. تمتلئ سلتهم بكل الأوصاف المنبوذة والاتهامات الشائنة. المثقف ليس مجرد شخص يكتب الشعر والقصة بل كيان معرفي سواء في الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع وهو الذي يرسم الملامح التنموية بأفكاره وطروحاته وتطبيقاته إن وجد متنفساً. وهو المحرك الداخلي لبنية المجتمع ليكتسب وعياً فعلياً يستطيع، من خلاله، بناء وجوده وفاعليته ونموه الحقيقي والصلب. المشكلة ليست في المثقف بل في عجز مجتمع عن امتصاص الثقافة ولايفعل مجتمع ذلك إلا وجب أن يلحق بعصور الانحطاط فهي لم تصنف كذلك إلا بتراجع حضورها المعرفي وضياع هيبتها العملية وحين تحارب بلد…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٢
قرر صاحبنا أن يشتري سيارة وحدد لها ميزانية بحدود المائة وعشرين ألفاً، جزء كبير من المبلغ قرض من البنك. ثم توافدت عليه الاستشارات من كل جهة وكلها تصب في خانة واحدة: يا رجل: زد عليها ستين ألفاً واشتر سيارة أفضل. نصحه آخر: ما دمت ستدفع مائة وعشرين ألفاً، زدها قليلاً واشتر سيارة أفضل. خضع لنصائح الأصدقاء والأقارب وأم الأولاد، وراجع البنك حتى تحقق المراد فقرر تغيير نوع السيارة لأخرى أكثر «وجاهة» في مجتمع يحكم عليك من خلال سيارتك أكثر من فكرك. وما إن أوشك على شراء السيارة الجديدة حتى انهالت عليه من جديد نصائح الأصدقاء والأقارب وأم العيال: ما دمت ستدفع مائة وثمانين ألفاً، زد عليها قليلاً واشتر سيارة «ألمانية» أرقى وأكثر وجاهة. ميزانية المائة وعشرين ألفاً صارت مائة وثمانين ألفاً، والمائة وثمانين ألفاً صارت مائتين وأربعين، وكان بالإمكان أن تواصل الارتفاع -بنصائح ذات الأصدقاء والأقارب وأم العيال- إلى ما فوق الثلاثمائة ألف. وهنا فتش عن المنظر لا عن الجوهر.…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
للمؤلف سلطة على العقل، وهو المسؤول، إلى حد بعيد، عن خلق الأنساق الفكرية التي تشكل في مجموعها الثقافة العامة في أي مجتمع. ولكن يبدو أن فكرة (المؤلف) هذه قد سقطت؛ حيث لم يعد هو المرجع الذي يلجأ الناس إليه للإجابة على تساؤلاتهم الكبرى والمحيرة؟ أي أنه لم يعد مصدر الفكرة، ولا حتى الشرارة الأولى للإلهام. فالثورات العربية الحديثة، على سبيل المثال، لم تقم على أفكار مؤلفين أو مدارس فكرية، كما حدث في الثورتين الأمريكية والفرنسية. بل كان مصدر إلهامها هم الشباب الذين منحوها حيوية وديناميكية. وعلى رغم أن ذلك أدخلها في شتات وفوضى لأنها لا ترتكز على مبادئ فلسفية ونهضوية مشتركة، إلا أنه أمر طبيعي وستتجاوزه في السنوات المقبلة دون شك. ولكن ماذا سيكون دور المؤلف في عملية التجاوز المرجوة تلك؟ وهل سيكون للكُتاب دور في إعادة تشكيل هذه "الأنساق الثورية" المشتتة؟ ما نراه اليوم هو رجوع القارئ إلى نصوص قديمة محاولا استلهام رؤية مناسبة لما يدور حوله. وقد يكون…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٢
إن أردنا تحديد القوى التي أنجزت ثورة 25 يناير وأسقطت نظام مبارك نجد أنها كانت تتكون من كل من الإسلاميين والقوى المدنية على السواء. أحداث تلك الأيام تبين أن القوى المدنية، لا أحزاب المعارضة ولا الإسلاميين، هم من أشعل فتيل تلك الثورة و حدد مطالبها الراديكالية المتمثلة بإسقاط الرئيس وتغيير النظام. وتأتي حركات «6 إبريل» و«كفاية» و«كلنا خالد سعيد» على رأس التنظيمات السياسية الجديدة التي انبنى كل وجودها على أساس تغيير النظام السياسي الذي كان قائماً. كما يحل محمد البرادعي على رأس الشخصيات التي كان لها رأي راديكالي متصلب حيال النظام السابق قام على أساس الرفض القاطع للتشارك معه في اللعبة السياسية التي كان يديرها (مثل آخر انتخابات برلمانية في عهد مبارك في أكتوبر 2010) ورفض الاعتزام للترشح للانتخابات الرئاسية (التي كان مزمعا إقامتها في صيف 2011) مالم تتغير قواعد اللعبة السياسية بشكل يبعد النظام السابق عن إدارتها أو التحكم بنتائجها. و يذكر في هذا السياق الدور الرمزي الكبير الذي…