عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٠
بدا الرجل الطاعن في السن نافد الصبر وهو يقف في صف الانتظار، ضمن مجموعة من المسافرين المغادرين مطار (أسوان) الدولي إلى القاهرة في رحلة داخلية لن تستغرق أكثر من ساعة وربع الساعة، لكن الرجل كان ينوء بحمل خمس وثمانين عاماً ومهمات طبية جسيمة يسافر للقيام بها إلى أقصى بلدان صعيد مصر التزاماً منه بواجبه الإنساني تجاه فقراء وأطفال بلده، ومع ذلك فقد كان يقف في طوابير الجموع ينتظر الطائرة التي تأخرت كثيراً عن موعد إقلاعها! بعد ساعة وربع، حطت طائرة الخطوط المصرية في مطار القاهرة، ووقف ركابها ينتظرون حقائبهم التي تأخر وصولها كثيراً، ووقف الرجل الثمانيني، متململاً ونافد الصبر مجدداً ينظر إلى ساعته، ويتأمل رجل الأمن طالباً مساعدته، ذهبت امرأة إلى الشاب طالبة منه مساعدة الرجل، فهو ليس أي رجل، قالت له هذا إنسان مهم، يقدم خدمات جليلة، وقته من ذهب، ولا بد من تسهيل سفره وحركته فهذا رجل يتمنى العالم خدمته ومع ذلك، قالت له، انظر إليه إنه يقف…
السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٠
تعمل وزارة الثقافة بديناميكية سريعة، ويرافق ذلك إنجاز أسرع بقيادة الوزير الشاب الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وفريق عمل الوزارة المميز، النتائج التي وصلوا لها بسرعة الصاروخ في مدة زمنية تعتبر قصيرة بل وقصيرة جداً، وهذه القوة والسرعة التي يعملون بها لا شك هي تأتي متوافقة مع رؤية الوطن الطموحة 2030 وحسب توجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين - حفظهما الله -. نقرأ ونسمع ونرى كل يوم إنجازا جديدا عن وزارة الثقافة ولا نستطيع مجاراة أخبارها السعيدة إلا بالفرح والفخر بما يصلون له كل يوم، إنها أخبار تلبي احتياجات العطشى من الفنانين والمثقفين حول المملكة، ويخدم تحسين الصورة الذهنية عن السعودية التي يحاول الكارهون تشويهها، فجاءت جهود الوزارة من أجل نشر الصورة الصحيحة عن هذا الوطن الكبير والمتنوع في ثقافته وفنونه، وأيضاً من أجل خدمة الثقافة والمثقفين بشكل أكبر وأكثر. إن قرار إنشاء 11 هيئة ثقافية جديدة تابعة لوزارة الثقافة هي أحد هذه الإنجازات ومن أهمها، حيث…
السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٠
الشخص المستبد، مستمد قوته من ضعفه، ومن الزجاجة المهشمة في داخله. عندما تجد شخصاً يقتل آخر بدم بارد، ويفتح شدقيه بابتسامة واسعة، تقول إن هذا الشخص شجاع إلى حد الصرامة، قوي إلى حد الحزم، حازم إلى حد الجزم. ولكن عندما تتأمل وجه هذا القاتل، وتتقصى التجاعيد على جبينه، ثم تتعرف على تاريخه الشخصي، تكتشف أنه إنسان مكتنز بمشاعر أشبه بنثار الغبار، أشبه بحثالة قهوة باردة، أشبه بنخالة بذور تالفة. القاتل يعاني من تشوهات تربوية، ومن شروخ في الوجدان، ومن طفح في الذاكرة ومن نتوءات في الثقافة، ومن بثور في الأحلام. هذا الشخص مثبت عند مرحلة مأساوية في حياته، هذا الشخص يواجه مأزقاً أخلاقياً، وأزمة معتقد. لا يقدم على القتل إلا من واجه قتلاً في تطلعاته، وطموحاته، إنه شخص مكبوح، وقد غطست أجنحته في بقعة زيت هيضت قدرته على الطيران، ومسخت قدرته على التحليق. هذا الشخص واجه في مرحلة من مراحل العمر، كتلة صخرية، أصابته بالدوار، مما جعله يسير في العالم…
السبت ٢٢ فبراير ٢٠٢٠
المعضلة هي في التفريق بين الخراف والذئاب، هذا ما يحاول الرئيس إيمانويل ماكرون أن يفعله، المواطنون المسلمون في فرنسا ليسوا المشكلة إنما المتطرفون. والأمر ينطبق على عموم الفرنسيين. هناك جماعات عنصرية معادية وهناك جماعات إسلامية متطرفة، أما الغالبية من الناس فليست محل الشك والملاحقة. زار ماكرون أحد المساجد، وخاطب الجالية المسلمة، وقال - ما لم يعجب البعض - إنه لن يسمح بوجود حركات انفصالية، هذه جمهورية واحدة وعلى الجميع أن يتعايشوا فيها، ويقبلوا بالاحتكام إلى قوانينها. استنكر الرئيس على من يرفضون مصافحة النساء، ومن يمتنعون عن التطبيب الحديث، أو الدراسة في مدارس الحكومة، فهذا انفصال ثقافي. الحقيقة أن بعض الممارسات خيارات شخصية، فلا تستطيع الدولة أن تجبر أي رجل على مصافحة النساء، لكن من حقها ملاحقة ذوي التلاميذ عندما يُقصرون تعليم أبنائهم على التدريس في المسجد أو البقاء في بيوتهم. هذا الانفصال الثقافي تتدخل فيه السلطات بقوة القانون وتعاقب عليه الوالدين. ماكرون، مثل العديد من السياسيين الأوروبيين، مع احترام الأديان…
الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٠
يقول فولتير: «من يجعلك تؤمن بالسخافات والخرافات، يستطيع أن يجبرك على ارتكاب الفظائع». فلا نستغرب أبداً عندما نرى كائناً بشرياً يقوم بتفجير نفسه، وسط حشد من الناس الأبرياء في سوق أو مركز تجاري. لا نستغرب في أن يقدم وحش بشري على طعن امرأة مسنة، لا ذنب لها إلا أنها مرّت في الطريق الذي يكمن فيه هذا الوحش. الخرافة تجعلك مثل الجهاز المسيّر بالريموت كونترول، تجعلك تمضي في الحياة مثل عربة بلا فرامل، تجعلك الخرافة في اليقين الأعمى، فتقتل لأن المقتول لم يرق إلى مزاجك، أو أنه يخالف فكرتك، أو أنه جلس إلى جوارك من دون أن يحييك بابتسامة تريحك، أو أنه نسي أن يفسح لك مكاناً في الحافلة! الخرافة كاميرا قديمة، تصور الوجوه، والأشياء على غير طبيعتها، فتبدو هذه شائهة، لا تروق للخرافي. الخرافة ترسلك إلى العالم مثل طائرة ورقية، توهم الناس بأنها طائرة، ولكنها ليست بطائرة. الخرافة تبرز في الوجود عندما يختفي المنطق في جلباب قديم، مرقع بالأفكار الشائهة.…
الخميس ٢٠ فبراير ٢٠٢٠
كثيرون يعتقدون أن «الثروة السمكية» هي مجرد مصطلح دارج وسائد ومتعارف عليه، وأن الثروة هنا لا تعني المال بقدر ما تعني الغذاء، لكن الحقيقة مختلفة تماماً، لأن الأسماك هي ثروة حقيقية بالمعنيين معاً، المال والغذاء، ويمكن الاعتماد عليها في رفع مستوى الدخل لفئات كثيرة في المجتمع، بل بإمكانها أن تكون فرصة حقيقية للدخول إلى عالم المال والأعمال لعدد كبير من شباب الوطن. دعونا نمرّ مروراً سريعاً على مخرجات سوق الأسماك في دبي وحدها، الأرقام تشير إلى أنه يستقبل يومياً 150 طناً من الأسماك، وإذا بسطنا الحسبة فإنها تعني 150 ألف كيلوغرام من السمك يومياً، وهذا يعني أن السوق يستقبل كل عام 54 مليوناً و750 ألف كيلوغرام من مختلف أنواع الأسماك. دعونا الآن نحول هذا الرقم إلى دراهم، وسنأخذ معدلاً ضئيلاً جداً، وهو 20 درهماً للكيلوغرام، مع العلم أن الأسعار أعلى من ذلك بكثير وتصل إلى 70 درهماً لبعض الأنواع، وبعضها 50 و60، عموماً فلنفترض أن المعدل 20 درهماً، فهذا يعني…
الإثنين ١٧ فبراير ٢٠٢٠
يخطئ الذين يظنون أن صندوق النقد الدولي مؤسسة اقتصادية ومالية صرفة لا علاقة لها بالسياسة، فهذا الصندوق الذي نشأ مع نهاية الحرب العالمية الثانية بزعم بناء نظام اقتصادي دولي جديد أكثر استقراراً وتفادياً للأزمات بإرشاد الدول لتطبيق سياسات اقتصادية سليمة، ما هو إلا الوجه الآخر للنظام السياسي الدولي الذي ابتدعته الدول الكبرى، وأمريكا على وجه الخصوص، وبدأت تطبيقه بعد تلك الحرب لتمرير استراتيجياتها ومخططاتها بعيدة المدى في بقية دول العالم لتحقيق النفوذ والهيمنة والسيطرة والتحكم. هذا الصندوق القائم في واشنطن وتتحكم فيه الآن أمريكا بشكل رئيسي، تعرض لكثير من الانتقادات من اقتصاديين مرموقين غير مسيسين التزموا الحياد والتجرد في آرائهم، فمن واقع التجارب والأمثلة لنصائح وتوصيات الصندوق اتضح في كثير من الحالات أن تطبيقها قد خلق مشاكل وأزمات في كثير من الدول، فقد زادت بعضها فقراً على فقر، مع مديونيات ضخمة تثقل كاهلها وتكون نتيجتها الاقتصادية والاجتماعية كارثية، تؤدي إلى الاضطرابات وتحويل تلك البلدان إلى دول فاشلة. إنه القاتل الاقتصادي…
الإثنين ١٧ فبراير ٢٠٢٠
للمرة الثانية، تستضيف الإمارات «منتدى المرأة العالمي» الذي يلتئم اليوم في دبي، وتشارك فيه شخصيات سياسية وفكرية ومؤثرون وناشطون من أكثر من 80 دولة، بعدما حققت بلادنا إنجازات لافتة، خلال السنوات الماضية، من أجل تعزيز حضور النساء ومشاركتهن في الحياة العامة، وتمكينهن من الأدوار القيادية، والتوجه نحو تأكيد التوازن بين الجنسين، في إطار التنمية البشرية الشاملة. المنتدى تنظمه «مؤسسة دبي للمرأة»، وهو محصلة جهود طويلة ومضنية، للمراكمة على المبادرات والأفكار والرؤى التي بلورتها النسخة الأولى العام 2016، وقد قطعنا منذ ذلك الوقت أشواطاً طويلة، من أجل تهيئة الفرص أمام المرأة للتأثير في مجتمعها المحلي، وعبرنا محطات بارزة في هذا الطريق، ليس أقلها نضوج العمل المؤسسي في «مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين»، ورفع نسبة تمثيل النساء في المجلس الوطني الاتحادي إلى النصف، فضلاً عن تصدُّر المرأة أبرز المواقع القيادية في الدولة. يرفع المنتدى «قوة التأثير» شعاراً له، بما يشير إلى الفرص الهائلة التي يمكن للنساء استثمارها نحو حضور فاعل في مجتمعاتهن،…
الإثنين ١٧ فبراير ٢٠٢٠
لعل الفزع الذي عمّ العالم خوفاً من وباء كورونا المستجد درس للحكومات في التفريق بين السياسة والصحة، وأن سلامة البشر سلسلة مترابطة تتطلب التعاون والشفافية وثقافة حماية البيئة وصحة المجتمع. حيث لا يمكن لكل دولة مكافحته بذاتها، وأن محاولات التكتم قد تتسبب في انتشاره. الفشل في مواجهة الخطر الآن ستلام عليه الحكومات مع أنه وباء جديد. ويزيد الغضب عودة روايات المؤامرة التي تدعي أن الفيروس أفلت من مختبر عسكري في مستشفى للأسلحة البيولوجية، أقوال تتردد منذ عقود، مع كل مرة يظهر خطر فيروسي. فالأوبئة صاحبت البشر منذ قديم الزمن، ومع وسائل الانتقال والاتصال والعبث البيئي والتزايد البشري من المتوقع أن تعاود الهجمات الفيروسية البشر، دون أن تكون هناك حاجة إلى أن نصدق يقيناً أنها عمل عسكري مدبر، أو منتج مختبري هارب مثل أفلام الخيال العلمي. يمكن أن تلام الحكومات عندما تتساهل أو تقدم سمعتها السياسية على سلامة مواطنيها، ويقال إن الشرطة الصينية استدعت الطبيب لي وين ليانغ أول من نبّه…
الأحد ١٦ فبراير ٢٠٢٠
إذا كان ثمة ما نحتاج إليه حين نقرأ أي خطاب من الخطابات المتشددة، وعلى رأسها خطاب الصحوة، فهو ألا نقع فيما وقع فيه منظروها حين مارسوا دور المحقق في محاكم التفتيش.. تساءل برنارد جارده ذات ندوة عما إذا كان «برناردو قي» زميلا له، ولرفاقه الذين كان يتحدث إليهم في المهنة، ثم لم يلبث أن اتخذ من هذا التساؤل عنوانا لورقته التي دون فيها مداخلته في ذلك الحوار. وإذا كنا نعرف أن «برناردو قي» الذي ورد ذكره في مداخلة جارده، التي ترجمها الدكتور عبدالله الخطيب إلى العربية، كان كبير المحققين وإمامهم في محاكم التفتيش التي كانت تأخذ بخناق من يتهمون بالهرطقة يكون بإمكاننا التحقق من أحد طرفي المعادلة، بينما يبقى الطرف الآخر متواريا وراء ما يمكن أن يحيل إليه الضمير «نا» في سؤال جارده: «هل برناردو قي زميل لنا»، ولا سبيل لنا إلى ذلك إلا إذا عرفنا المهنة التي يحيل إليها جارده، وإذا كان ثمة ضرب من الزمالة في تلك المهنة…
الخميس ١٣ فبراير ٢٠٢٠
فرحة أبناء الإمارات بإنجاز مشروع مدينة محمد بن زايد السكنية في الفجيرة، حمل كل الشكر والامتنان لنهج راسخ وضع قواعده منذ أكثر من خمسين عاماً المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بأن المواطن الأساس والعماد لإعمار ونهضة الوطن، وتتمحور كل الرؤى والخطط والبرامج لإسعاده وتحقيق الحياة الكريمة له. وهو ما أكده أمس الأول قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بأن المواطن ثروة الإمارات ومحور مستقبلها، معلناً المزيد من البشارات على طريق إسعاده والارتقاء به من خلال «استراتيجية متكاملة لتطوير البنية التحتية وقطاع الإسكان» ومواصلة تنفيذ المشروعات لضمان جودة الحياة والعيش الكريم للمواطن. كما أكده القائد الملهم الذي تتشرف المدينة الجديدة بحمل اسمه، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بأن «الدولة وضعت منذ نشأتها، إمكانات وموارد كبيرة لضمان تمتع كل أبناء الوطن بعوائد مسيرة الخير». وأن «رؤية الإمارات…
الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٠
تناولت وسائل الإعلام العالمية خبر قيام الصين بناء وتجهيز مستشفى بألف سرير خلال بضعة أيام للتعامل مع ضحايا فايروس كورونا الذي اجتاحها كخبر مثير في سياق الإنجازات الاستثنائية التي تحرص الصين على مفاجأة العالم بها لتأكيد مكانتها وقوتها وقدرتها على إدهاش الآخرين، خصوصاً المنافسين الكبار، بينما تعاملت وسائل الإعلام ومواقع التواصل العربية مع الخبر على أنه معجزة خارقة، إلى حد تشكيك البعض في حقيقتها، وبالتأكيد لدى المشككين والمصدومين العرب ألف سبب وجيه لذلك. إن أي عربي لا يفكر أبداً ولا حتى يتخيل أن يأتي يوم يُنجز فيه مشروع في وطنه خلال أيام، هذا ضرب من المستحيل المؤكد. إن غاية ما يتمناه أن تكتمل المشاريع التي تبدأ في مواعيدها المعلنة رسمياً، بل إنه ومن خبرته الطويلة مستعد للتسامح مع الجهات المنفذة وانتظارها حتى ضعف المدة المحددة، وسوف يعتبر الأمر طبيعيا جداً، ولا مانع لديه من التعايش مع بعض التشوهات والعلل التي سينتهي بها المشروع، فذلك طبيعي جداً أيضاً بالمعايير العربية، إذ…