آراء

عماد الدين أديب
عماد الدين أديب
إعلامي ورجل أعمال مصري

الخطر الأكبر على «حزب الله»

الثلاثاء ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤

لو كنت مكان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، هذه الأيام، لكانت قضيتي الأولى، هي منع وتأمين الحزب من الاختراقات الأمنية والسيبرانية الإسرائيلية. ليس تجنياً، أو القيام بادعاء ظالم ضد «حزب الله»، سواء كان المراقب للأحداث من أعدائه أو أنصاره، أو محايداً تجاهه، أن يصف أوضاع الحزب هذه الأيام، بأنها تعاني من اختراقات عميقة في أنظمته الداخلية، وشبكة اتصالاته الخاصة والعامة، ومراسلات النخبة من قادته، في مجالات القيادة والسيطرة العملياتية. كان الحزب يفاخر دائماً بأن لديه شبكة اتصالات خاصة به، غير قابلة للاختراق، وغير مرتبطة بأنظمة الاتصالات العامة التابعة للدولة اللبنانية. وكان الحزب يفاخر دائماً بأنه هو الذي يتفوق على خصومه في الداخل، وعلى أعدائه في الخارج، في مسألة جمع المعلومات الدقيقة، وأنه يعرف عنهم أضعاف أضعاف ما يعرفون عنه. كل ذلك كان محور «الصورة الذهنية والإعلامية»، التي رسمها الحزب عن نفسه، وذلك كان الانطباع القوي السائد، منذ انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب عام 2000، وانتصار الحزب في حرب…

سمير عطا الله
سمير عطا الله
كاتب لبناني

غزة تنتقل إلى لبنان

الثلاثاء ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤

كانت حرب الفيتنام أكبر كارثة حلّت بالولايات المتحدة منذ الحرب العالمية. ومع ذلك لم يتردد الرئيسان، ليندون جونسون وريتشارد نيكسون، في تعمّد تمديدها بسبب الحسابات الانتخابية، وعلى مرأى من العالم أجمع، كلاهما كان متورطاً في أزمات أخلاقية يريد تغطيتها بانتصار سياسي. يكرر نتنياهو الفعلة نفسها لكي يغطي فضائح الفساد التي تلاحقه، ويشرك معه، بكل علانية، مرشحي الرئاسة الأميركية. وبينما يتفق أو يتواطأ جميع الأفرقاء على هذا الموقف اللاأخلاقي، تدور المعارك السياسية في أميركا وإسرائيل وكأن العالم في موسم انتخابي عادي. يتجاهل الأطراف الثلاثة، في تحدٍ مخيف، نتائج الصراع المباشرة فيما بينهم: آلاف الضحايا والمعذبين المدنيين، ما بين غزة والضفة ولبنان، ولا نعرف متى غداً أو بعد ساعات. يوسع نتنياهو حربه فيشجعه دونالد ترمب بكلام لا يقوله العقلاء: إذا لم أنجح في انتخابات الرئاسة، هناك خطر حقيقي على وجود إسرائيل! أعلن مائة سياسي جمهوري بارز انضمامهم إلى الحزب الديمقراطي، وتأييد كامالا هاريس «لأن سلوك ترمب وكلامه لا يليقان بالرئاسة». هذا أعمق…

عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

إشكالية «الوطنية» السعودية

الثلاثاء ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤

كلُّ الدّولِ في العالم تَبني المواطنة، وتعزّزُ روحَ الانتماء، والسعوديةُ احتفلت أمس بعيدِ قيامِها السَّنوي الرابعِ والتسعين. ويكفي النَّظر إلى خريطتِها للاستنتاج بأنَّها دولةٌ واحدةٌ بحدودٍ طبيعيةٍ وتاريخيةٍ طويلة، وامتداداتٍ قبليةٍ وإثنيةٍ منسجمة، مع حكمٍ مستمرٍّ ومستقر. مفهومُ الدولةِ الحديث أكثرُ تعقيداً ممَّا كانتْ عليهِ الدويلاتُ القبليةُ والمناطقيةُ القديمة. فالأممُ والإقطاعياتُ بصورٍ مختلفة، دائماً كانت موجودةً على مرِّ التَّاريخ، أمَّا الدولةُ بصورتِها الحديثة بحدودٍ وسيادةٍ عُرفت منذُ اتفاقيةِ «ويستفاليا» في القرن السابع عشر (24 أكتوبر/ تشرين الأول 1648). وأرست هذه الاتفاقية مبادئ السيادةِ للدولة القومية، والقواعد التي نظَّمت العلاقاتِ الدولية، ولا تزال معظمُها فاعلةً إلى اليوم. مثلها مثل بقيةِ الأممِ الحيةِ، تواجهُ السعوديةُ تحدياتِ الهجرةِ غيرِ القانونية بأرقامٍ مليونية، والعولمة ذاتِ التدخلاتِ الخارجية، والاستهدافات السيبرانية، والحملاتِ الدعائية الممنهجة لضرب الوحدة الوطنية. وهذه جميعاً إشكالاتٌ مستمرةٌ وخطيرة تتطلَّبُ تعميقَ المواطنة. في العقودِ المنصرمة، تنازعتِ السعوديين آيديولوجياتٌ تنافسُ «الوطنيةَ» وتصادمُها. ولم يكنْ من قبيل المبالغة عندمَا كانَ الشيوعيون العربُ يُتَّهمون بولائِهم للأحزاب…

العيد الوطني… السعودية قبل مائة عامٍ

الإثنين ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٤

العيد الوطني السعودي الرابع والتسعون هو احتفالٌ سنوي بالإنجاز التاريخي الكبير بتوحيد البلاد واستقرار الدولة، فهو مناسبة لاستذكار الماضي والفرح بالحاضر لبناء المستقبل، والسعودية اليوم ترفل في ثياب الأمن والطموح الجامح للمستقبل والرفاه كغاية حكمٍ وهدف دولة في «رؤية 2030» التي أطلقها ولي العهد السعودي قبل سنواتٍ لتحشد خلفها كل أطياف الشعب السعودي، وتمثل نبراساً للآخرين. هذه الرؤية تحققت في غالب غاياتها وأهدافها قبل سنواتٍ من موعدها المعلن؛ ما يعني قوة الهمم التي شُحذت، والعزائم التي اتقدت، والجهود التي بُذلت، في مسيرة مستمرة تراكم المنجزات وتتسم بمرونة التعديل والتجديد، وفي العيد الوطني السعودي يجب استحضار التاريخ ليكون خير شاهدٍ على مراحل توحيد البلاد مع الملك المؤسس عبد العزيز ورجاله الأوفياء. أعمار الدول لا تُقاس بالسنين ولا توزن بالأعوام، بل بالمنجزات التي تحققت، وبالخبرات التي تراكمت، وبالطموحات التي تحدو لغدٍ أفضل ضمن خططٍ معلنة واستراتيجياتٍ متماسكة. وقبل مائة عامٍ من اليوم، وفي 1924، كانت السعودية تعيش مخاضاً كبيراً داخلياً وإقليمياً ودولياً…

علمتني الإمارات

الأحد ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٤

في الرابع من أكتوبر، أكمل عامان على إنتقالي للإمارات وعاصمتها أبوظبي، لم أنتقل بالعمل والمسكن والأبعاد الجغرافية فقط بل أخترت أن أنخرط في حياتها وثقافتها وأسلوب عيشها الذي لا يشبه سواها.. في الإمارات طبيعي أن تسمع كلمة "فنان" عدة مرات باليوم من الإماراتيين، وصفهم للأشياء الجميلة والمتقنة فاتن جدا ويسبغون على الأماكن والتجارب وحتى على الناس كلمة فنان.. أي كرم يا قوم حتى في "رمستكم " انتم تُعلون الفن عاليا كوصف أعلى للجمال !؟ صراحة الإمارات رفعت مستوى التهذيب لدي، كل شيء له مقدار وطريقة وأسلوب، لا أعتقد أن هناك شعب بالعالم أكثر تهذيبًا منهم، الثقافة المجتمعية أصلا هناك تقوم على "السنع" أي صنع الأشياء بطريقة متزنة ومهذبة وأنيقة ! الإماراتي أنيق في كل المحافل، له طرازهُ وأسلوبهُ وله تهذيبهِ ورفعة أخلاقهُ، صعب جدا أن تُخرج الإماراتي عن طورهِ لأنه تربى في مدرسة زايد -طيب الله ثراه- تلك المدرسة الأخلاقية الثقافية التي تقوم على حب الخير للغير، والمحافظة على رفعة…

مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

القطب التيجاني… وحماية المستهلك الروحي!

السبت ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤

رجلٌ في مصر، شهرته، صلاح الدين التيجاني، يزعم أنه مؤسس طريقة صوفية جديدة، متفرّعة من الطريقة الأصلية وهي التيجانية، لكن ما جعل اسمه متداولاً هذه الأيام، ليس علومه الروحانية ولا كشوفه الصوفية، ولا فيوضه النورانية، بل بسبب رفع بعض النساء عليه دعاوى تحرّش واستغلال. هذه القضية، قادت لما هو أهمّ، ما هي أسرار التصوف وأتباعه، في مصر، وغير مصر، كالمغرب وأفريقيا المسلمة، وما أوجه الشبه بالتصوف الشيعي؟ في البداية، يجب التأكيد على أن حرية الاعتقاد والتمذهب، أمر مفروغ منه، وهو شأن سيادي قانوني لكل دولة، لذلك نقاشنا هنا مجرد لمحة علمية تاريخية... للتأمل، مع الاحترام للجميع، ومؤكد أن صلاح التيجاني هذا لا يمثّل كل التيجانية، ولا كل رجال الطرق الصوفية، وقد أعلنت مشيخة التيجانية في مصر براءتها من الرجل. نقلت الصحافة المصرية عن الفتاة المصرية التي دشّنت القضية ضد هذا الشخص، أنه كان «يدّعي أنه القطب مما يعني أعلى رتبة للشيخ أو الإنسان بعد النبي محمد... يجب إطاعة أوامره، وليس…

الحرب في اللاوعي.. وليدة الخوف

السبت ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤

الإنسان بكل جبروته وعنجهيته وعبقريته أيضاً التي تفتقت من خوفه الفطري، هو من أجبن المخلوقات على الأرض، وتحت السماء. منذ فجر التاريخ والإنسان يخوض حروباً شعواء ضد بني جنسه، كما يخوضها ضد الطبيعة بشكل عام، لأنه خائف من عدوان وهمي يصوره له عقله، وهو العقل الذي قاد الإنسان لصناعة الأسلحة الفتاكة، بدءاً من المسدس بحجم كف اليد، وانتهاءً بالأسلحة النووية. خاف الإنسان في البدء من الزلازل والبراكين والسيول، ولجأ إلى الأشباح والجن والشياطين كي يحمي نفسه من بطش الطبيعة كما تصور وتوهم، ولكن بعد الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، وبعد أن بلغ الإنسان مبلغاً يجعله يعي أنه تجاوز الخوف من طوفان الطبيعة، بدأ يصطنع أعداءه من بني جنسه، وصار يتحزم بالسلاح الأعظم كي يتقي شر الآخر كما يدعي ويتخيل ويرسم من صور قاتمة ومحزنة ومؤلمة. فهذا الخيال البشري الذي انبثق من العقل الجبار، لم يحرر الإنسان من الخوف بعد أن انتصر على الكثير من محدثات الطبيعة، بل على العكس…

تكامل التعليم والإعلام تحصين للهوية الوطنية

الجمعة ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤

يعد التعليم والإعلام من أهم العوامل التي أسهمت في بناء وتشييد دولة الاتحاد، فمن خلال التعليم تأسس جيل مثقف ومتعلم مستشرف للمستقبل ملتفّ حول وطنه، ومارس أدواراً محورية أسهمت في تعزيز سمعة دولة الإمارات وقوتها الناعمة، وتطوير عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة خلال العقود الخمسة الماضية. ومن خلال الإعلام تم بناء ثقافة إماراتية ترسخ الهوية الوطنية الواحدة ، وتعكس رؤية الحكومة الرشيدة، حيث بادر أبناء الوطن والمقيمون من المتعلمين والمختصين والمهتمين والموهوبين بدخول المجال الإعلامي، وأصبح الاهتمام ينصبّ على متابعة ورصد أخبار الوطن وإنجازاته، والتعلق بقيادات الوطن ورجاله المخلصين الذين أسهموا في نهضة الوطن والمواطن، والاحتفاء بأبناء الإمارات المتميزين والمبدعين، وتشجيع البقية للّحاق بركب التميز من خلال القراءة لصحفيين وكتّاب ورواد تركوا بصماتهم المضيئة في مجالات مختلفة، بهدف تغذية فكر أفراد المجتمع. هكذا كان دور التعليم والإعلام إيجابياً وأساسياً في تكوين وصقل الهوية الوطنية لدولة الإمارات، وتأسيس أسر واعية بمتطلبات المرحلة المقبلة، وهنا لابد من أن نستذكر مقولة الوالد المؤسس المغفور…

في خيمة العوير

الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤

تسنى لي زيارة الخيمة أو المركز الذي أقامته الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي في منطقة العوير لتصحيح أوضاع المخالفين لقانون الإقامة بموجب المهلة الممنوحة لهم بقرار من مجلس الوزراء الموقر، والتي تقترب من شهرها الثاني وتمتد لنهاية شهر أكتوبر المقبل. عندما يسمع بعضهم كلمة خيمة يعتقد أنها -كما في الصور النمطية- تقليدية منصوبة في العراء، ولكن خيمة العوير قلبت المعنى بكل ما يعنيه الوصف. خيمة مكيفة بالكامل مقامة على مساحة كبيرة ومقسمة لأقسام عدة تتوافر فيها كافة الخدمات التي يحتاج إليها المراجع، وتنتشر بين جنباتها الثلاجات التي توفر المياه والعصائر والفواكه المبردة مجاناً. لست هنا بصدد الحديث عن أرقام من استقبلهم المركز، فذلك تتناوله الإحصائيات والبيانات الصحفية للإدارة بين فترة وأخرى، وإنما أتوقف أمام التعامل الإنساني لموظفيها بإشراف ومتابعة الفريق محمد أحمد المري، مدير عام الإدارة. فبين جنبات تلك الخيمة أو المركز قصص تحمل أحلاماً بغدٍ أفضل لم يحالفها الحظ. وجدوا هناك تعاملاً إنسانياً راقياً لتسهيل أمورهم، وهناك من…

سمير عطا الله
سمير عطا الله
كاتب لبناني

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤

التقنية مثيرة. التآمر متقَن. والعملية برمّتها غير مسبوقة في هذا النوع من الحروب، لكن الأهم من كل ذلك هو الرجل (أو المجموعة) الذي اتخذ القرار باغتيال 5 آلاف شخص. فرداً فرداً. الحقيقة أن غير المسبوق هو القرار بمجزرة جماعية، ليست أقل حجماً من المجازر الجماعية، أو الكيماوية، لكنها أكثر لؤماً. لا يزال صاحب قرار المجازر واحداً: في مستشفيات غزة، أو في مخيماتها، وصولاً إلى فن الاغتيال الجماعي بـ«البيجر»، المصنوع في تايوان، والمفخخ على الطريق. بدأ نتنياهو عام الحرب هذا في أقصى درجات العنف. دمّر غزة، وشردها داخل حدودها الصغيرة، وأمر الغزيين بأن يدوروا حول أنفسهم محمَّلين بفقرهم وركامهم وأكفانهم. ومَن رفض من رجاله سلوك الفظاعة والعنف والقسوة، أقاله، أو أزاحه. بدأ حربه في جنوب لبنان في المواقع والمواضع، لكنه ما لبث أن مدَّها من الجنوب إلى البقاع، وتمدد بها يوم الثلاثاء إلى كل لبنان، وفي محاولة قتل جماعي أعمى، كما في غزة، ولكن أكثر تنكيلاً وتعميماً وتجاهلاً لما تُبقي عليه…

عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤

عندما ُسئل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لماذا هُزم في حرب 1967، قال: «تفوُّق إسرائيل الجوي علينا»، ولهذا كانت تحاربنا، (مصر وسوريا والأردن)، في الوقت نفسه. وعندما رد عليه الصحافي، وكذلك مصر لديها أسطول كبير من الطائرات الحربية؟ حينها كان لديها 420 مقاتلة منها الميغ 21 المتفوقة. أجاب، لديهم طيارون أكثر من مصر، ثلاثة طيارين إسرائيليين لكل مقاتلة، أي يمكنهم القتال بالطائرة الواحدة مرات عدة في اليوم. تبريره صحيح لكن التفوق الإسرائيلي لم يكن قائماً على جلب طائرات متقدمة بل تطوير كل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والمؤسسات التي تساندها والتي تقوم على برامج متقدمة بمراحل. أكثر من أربعة آلاف قتلوا وجرحوا في عمليتي تقنية نوعية نفذتها إسرائيل ضد «حزب الله»، باستخدام أجهزة النداء للاستقبال، وأجهزة اللاسلكي للإرسال. نحن في حروب التقنية لا الشجاعة، ومفهوم الصراع «حضاري» وليس تاريخياً. الهواتف، وأجهزة الاتصالات الأخرى، والكومبيوترات، والتلفزيونات، والسيارات الكهربائية، والدرونز كلها أسلحة محتملة. سيارة مثل تيسلا مسلحة بثماني كاميرات يمكن لمخترقها أن يرصد…

الخليج العربي.. والمصالح المشتركة

الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤

تعبر سفينة الخليج العربي من عُمان مروراً بدولة الإمارات ثم قطر فالسعودية والبحرين حتى تحط رحالها في الكويت. وبحر الخليج يحرس شراعها، وأمواجه بيضاء من غير سوء، وفي الأعماق تكمن لؤلؤة الفيض الإلهي، هناك تسكن مهجة الغواص، وهناك تداعب أنامله محارة العمر، «والسيب» ينتظر شد الحبل حتى تصبح قفة النور على سطح سفينة الخير. عندما تشرق الشمس ويصحو الخليج على نهمة البحار، تصبح أمواج الخليج جبالاً شماً تحرس مشاعر المغادرين إلى هناك، حيث اللجة الزرقاء والأشواق ووله القابضين على نجمة الليل، تناجيهم بروح الكائنات العفوية، وترفع النشيد عالياً، هيا نسكن أجنحة الريح، هيا نسكب الأغنيات فرحاً بعودة ميمونة إلى أحضان اليافعات اليانعات الرابضات خلف الأفق في انتظار مجيء الغيث السماوي، وحضور الغيمة النبيلة، واستتباب الأفئدة بعد شغف ولهف، هنا في هذا الخليج الأنعم، هذا الأنعم الأعم، هذا الأعم الأدهم، سكنت مهج وارتاحت ركاب على صهوات الفكرة الأزلية، وسارت جياد تبحث عن أمل، عن نبقة في خضم السدرة العملاقة، هنا سواعد…