الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٨
لأن المناسبات هي فرصة للمراجعة وأخذ العبر، فإن وفاة الرئيس الأميركي جورج بوش الأب تستحق أن تذكر بما لها وما عليها. والتاريخ من صنع الرجال، وبوش واحد من صنّاعه المهمين، مع أن رئاسته لم تتجاوز أربع سنوات فقط (1989-1993). فقد صادفت فصولاً مهمة، حينها تهاوى الاتحاد السوفييتي لتعلن الولايات المتحدة انتصارها في الحرب الباردة دامت نحو نصف قرن، وما تلاها من زلازل في العالم ومنطقتنا من ضمنه وحتى هذا اليوم. قرأ صدام حسين، حاكم العراق حينها، تطورات التاريخ بشكل خاطئ وقرأها بوش بشكل صحيح. ولا شك أن للتحالف السعودي الأميركي دوراً أساسياً في إنهاء أحلام صدام المصاب بهوس السلطة وجنون العظمة. لقد أوقفت تلك العملية حركة التاريخ الخاطئة. كان معظم الشعب الكويتي خارج بلاده، وكانت الحكومة شرعية على الورق. كان صدام حاكماً للكويت على أرض الواقع. وربما لو كان حاكماً آخر في واشنطن لبقيت الكويت محافظة عراقية كما أرادها صدام، وكان صدام سيفاً مسلطاً على السعودية ودول الخليج الأخرى. لا…
الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٨
تتواصل في بلادنا مشاهد الفرح باليوم الوطني الـ47، وقد عشنا عيداً وطنياً استثنائياً هذا العام، بكامل مظاهره وتقاليده في كل جزء من الإمارات، وأظهرنا مجدداً كم نحن متحدون تحت علمنا، وملتفون حول قيادتنا، ومصممون على الوثبة تلو الوثبة إلى المستقبل. في يومنا الوطني، ثمة ما نحب أن نراه دائماً، من احتفالات الدار، إلى مشاعر المقيم شقيقاً وصديقاً، من زينة الشوارع والميادين والمباني العامة، إلى رايتنا المرفوعة على البيوت، وفي إطار ذلك، اجتماعات قادتنا، وقد كان مبهجاً لنا رؤية استقبال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكذلك اجتماع المجلس الأعلى للاتحاد برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وحضور أصحاب السمو الحكام، وأولياء العهود. احتفلنا بـ 47 عاماً على تأسيس اتحادنا، ولمسنا في وسائل الإعلام جميعها أثر الإمارات في الذين…
الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٨
حقن دماء الشباب هو بالضبط ما قام به صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حفظه الله، في منطقتي البداير والفايه تحديداً، فما كان يحدث هناك شيء أشبه بالفوضى التي تسببت في إزهاق أرواح شباب في مقتبل العمر، خسرتهم الدولة، وخسرهم أهاليهم، لأسباب تافهة، استعراضات، وتسابق، وصعود تلال رملية، أعقبتها فواجع ومآسٍ، ونزيف مستمر من ثروة الوطن الحقيقية.. شباباً وصغاراً. لقد بلغ السيل الزبى، وتوالت الحوادث بشكل شبه يومي، وأصبح الموت وتناثر الجثث مجرد مقاطع لمادة فيلمية تتناقلها الهواتف النقالة، دون أن يرتدع منها بقية الشباب، أو تحرك ساكناً، ولا شعرة في رأس أهاليهم، فهم يرونهم أمامهم في سياراتهم المزودة، ويسمعون ضجيجها وإزعاجها، ويشاهدون الحوادث المميتة بشكل دائم، ومع ذلك، وكأن على رؤوسهم الطير، لا يمنعون أبناءهم، ولا يستطيعون التأثير فيهم، وكأن الأمر لا يعنيهم أبداً، لذلك تحرك الشيخ سلطان بن محمد القاسمي وبادر باتخاذ إجراءات صارمة، وتدابير كفيلة بحماية الأرواح والممتلكات، والمحافظة على سلامة مرتادي المناطق البرية، وتعزيز…
الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٨
لا توجد أمة على مر العصور نهضت وتقدمت إلا بالعمل، ومن الأمثلة الحديثة على ذلك اليابان وألمانيا اللتان نهضتا من قلب ركام الحرب العالمية الثانية، ثم الصين والهند وسنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، وكلها جعلت العمل قيمة كبرى في السلوك الاجتماعي والإنتاجي. لكن المثال الأسطع في عصرنا هو الإمارات التي جعلت العمل قيمة عظمى، حتى نجحت في أن تتحول بسرعة مذهلة إلى دولة مزدهرة تتمتع برخاء هائل، فأثارت عن جدارة إعجاب العالم، ودخلت نوادي الكبار في الاقتصاد والتكنولوجيا والفضاء وغيرها. والسؤال هل تكفي الأموال والموارد لتحقيق النهضة؟ وهل يكفي التخطيط؟ بالتأكيد لا، إن لم يقترن ذلك بوجود نهج قيادي ينشر قيم العطاء والتفوق ويستنهض الشباب من أجل سيادة قيم العمل والإنتاجية في المجتمع، ضمن معادلة تنظم الطاقات والموارد وتبدع في توجيهها، ليكون الناتج الإجمالي حصاداً ينفع الناس ويحدث فرقاً إيجابياً في حياتهم. بالأمس أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على تلك القيمة من جديد في تدوين عبر…
الأحد ٠٢ ديسمبر ٢٠١٨
عندما يستحضرُ الإماراتي الثاني من ديسمبر، فإنه في الحقيقة يستدعي حُلُماً عظيماً راود أجداده في وقت كانت حتى الأحلامُ شحيحة فيه. فكيف لرجالٍ من عمق الصحراء، وآخرين قضوا حياتهم في البحر، يعيشون في زمن انهارت حولهم محاولات للوحدة، أن يحلموا بتوحيد إمارات مترامية على شاطئ الخليج؟ لكن الأحلام وحدها لا تكفي، فرغم أنها وقود الحياة، إلا أننا نحتاج أحياناً إلى تقديم تضحيات كثيرة حتى تتحقق؛ فلا شيء أكثر صلابة من حلم يتبعه عَمَل، ولا شيء أجمل من رؤية حُلمٍ يتجسد على أرض الواقع. في هذا العام، نستحضرُ باني الوطن وحُلمه العظيم الذي صار واقعاً جميلاً. فلقد مرّت مئة عام على ولادة الشيخ زايد - رحمه الله -، مئة عام تبدو لمن يدوّن التاريخ أطول من ذلك بكثير. عاش والدي في زمن مليء بالحروب والقلاقل، فمن الحرب العالمية الأولى والثانية، إلى الأزمات الاقتصادية والتحديات الصحية والبيئية التي اجتاحت العالم، فكان من المفترض أن يفقد رجال ذلك الجيل كل أمل في عيش…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٨
ترى من كان يتوقع أن إرهابيا ينتمي لمليشيا مسلحة يمكن أن يمنح مساحة للكتابة في صحيفة عريقة كالواشنطن بوست؟ لكن ذلك حدث بالفعل؛ محمد علي الحوثي يكتب مقالة في تلك الصحيفة ضمن حربها الإعلامية الشعواء التي شنتها على المملكة منذ بداية أزمة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حيث أعلنت الصحيفة بكل وضوح أنها طرف في الأزمة وأنها ستواصل الهجوم على السعودية وهو ما يحدث يوميا. لم يكن ذلك موقفا فرديا من الصحيفة بل تضافرت معه كل القوى التي يمكن وصفها بالقوى الموجهة والقوى التي أسهمت السعودية بشكل رئيسي في إفشال أبرز مشاريعهم في المنطقة. يعتنق اليسار الليبرالي النظريات ويتعلق بها على حساب الواقع، لديه معاييره للخير والشر والعدل والمساواة والحقوق ويتعامل معها كعناوين مطلقة يسعى لتطويع الواقع واعتسافه لتحقيقها من وجهة نظر مثالية وغير واقعية. ويمكن اعتبار فترة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أبرز سنوات تجلت فيها أفكار اليسار الليبرالي ومشاريعه في المنطقة. صحف وشخصيات ومنظمات دولية استغلت الحادثة أبشع استغلال،…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٨
إن أول ما علّمنا إياه زايد هو الإيمان بالاتحاد باعتباره الخيار الأنجح الذي يستحق الرهان عليه، لذلك سعى إليه منذ سنوات بعيدة سعي حالم بحلمه الأكبر حتى تبلور الحلم؛ إنساناً وتنمية ودولة تشق درب الأيام بقوة وتسابق الجميع نحو المستقبل، لقد أثبتت الأيام والواقع والتاريخ صدق إيمانه ودقة رهانه الذي أطلقه في مرحلة شديدة الدقة من تاريخ المنطقة والعالم. وبكل الجد والدأب وبكل حمولة الحلم والأمل بغد آخر وواقع مغاير، كحرارة الصحراء كان إيمانه صادقاً وحاراً بدولة متحدة سترتكز دوماً على التغيير والتعليم والمرأة والشباب وبكل إنسان متطلع للحق وللأفضل، فقفز بهذا كله على التحديات ليتجاوز واقع الكفاف إلى آفاق لم يسبقه إليها أحد وفي ظرف زمني اعتبر قياسياً بكل المعايير. زايد بن سلطان الذي قاد الإمارات بدءاً من سنوات السبعينيات البعيدة والصعبة بكل تحدياتها، حتى وفاته في لحظة تاريخية فاصلة من عمر المنطقة العربية عام 2004، ما يزال باقياً في وجدان الجميع، في وجدان الجيل الذي شهد إعلان قيام…
السبت ٠١ ديسمبر ٢٠١٨
كلما تجددت المناسبات الوطنية العظيمة تجددت آمال عظيمة في الأمة الإماراتية رئيساً وحكومة وشعباً في أن تستمر هذه المناسبات ليتجدد معها العطاء والرخاء والتقدم الحضاري في مختلف الميادين، وهي الآمال التي ينشدها شيوخنا الأكارم، فقد آلَوا على نفوسهم ألا يكونوا وشعبهم أقل من الرقم 1. ويأتي هذا العام الـ47 من عمر الدولة مليئاً بإنجازات عظيمة ليس أكبرها الوصول إلى المريخ، بل من أكبرها هذا الحب المتبادل بين الشعب الوفي وقيادته الحكيمة الحميمة، ما أتاح للتقدم الحضاري والإنساني أن يسابق الزمن، فإذا كانت الإنجازات تحتاج عادةً عشرات العقود من الزمن؛ فإنها في الإمارات تطوي العقود بفضل الله تعالى وفضل الهمة العالية التي لا تعرف المستحيل ولا تتوقف عند الممكن، فتحقق التقدم التكنولوجي صناعة وتقنية، والسياسي تأثيراً، والإنساني عطاءً، والمعرفي تمكيناً، والأمني ثباتاً، والعدلي انضباطاً ومساواة.. وغير ذلك مما تفاخر الأمم الراقية ببعضه فضلاً عن كله. إن الاحتفال السابع والأربعين لدولة الإمارات لم يعد فلكلورياً تستعرض فيه القوة العسكرية والفنون الشعبية -…
الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨
في إجابته عن سؤال في إحدى الندوات عن دور الثروات وصغر الكتلة البشرية في تقدم الدول الحديثة النشأة، مقارنة مع دول قديمة في المنطقة ذات كثافة سكانية، ذهب الشيخ محمد بن راشد في إجابته إلى عمق المسألة، ضارباً مثلاً بالصين واليابان وكوريا الجنوبية، وهي دول ذات كثافة سكانية هائلة، ومحدودة الموارد والثروات، في رسالة ذات مغزى تلامس كبد الحقيقة. كان سموه في ذلك يشير إلى أن الثروة والعامل البشري، مهما كبرا أو صغرا، لا يشكّلان بالضرورة أساس النهضة وبناء دولة حديثة، ولكن الأمر يحتاج بالضرورة إلى حسن الإرادة والإدارة والتخطيط، فسنغافورة مثلاً لم يكن بها ثروات ولا كثافة سكانية، لكن حسن التخطيط أنتج المدينة الدولة التي تنافس بحداثتها واقتصادها المتطور دولاً عملاقة، فحققت المعجزة ونهضت حين توافرت الإرادة والتخطيط القصير والطويل المدى والتشريعات اللازمة التي توفر البيئة الصالحة للتقدم والبناء والتعايش، على عكس ليبيا التي تتمتع بثروة هائلة وكتلة بشرية محدودة على مساحة أرض شاسعة، لكنها حصدت ما نراه اليوم…
الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨
عندما تستثمر الإمارات 1.6 تريليون درهم لضمان جودة الحياة، وتستخدم الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض، وتحافظ على مكانتها بين أفضل خمس دول في العالم، في الرعاية الصحية، فهذا يعني أننا نستعد للمستقبل، ونتوقعه أيضاً، لنذهب إلى مئوية تأسيس دولتنا، بعد 53 عاماً، بذهنية مَن يعرف حجم التحدي، ويتهيأ له، ولا يراه بعيداً. الدورة الثانية من «الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات» التي بدأت أمس في أبوظبي، لخّصها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بأنها «محطة أساسية في الطريق نحو مئوية الإمارات 2071، وتجسيد لروح الفريق الواحد في الدولة التي أرساها زايد..»، وتمثل قراءة سنوية دقيقة لمسار الإنجاز، واستراتيجيات التنمية الشاملة، بالتكامل بين الحكومات المحلية والاتحادية. الدولة بذلك تضع أكثر من حجر أساس في كل قواعد النهضة الوطنية التي يقوم عليها معمار الإمارات، وقد أصبحت رؤية 2021 واقعاً محفزاً لمزيد من الإنجازات والتخطيط للقادم، ذلك أن النتائج المبهرة التي حققناها في مؤشرات…
الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨
في الإمارات لا تسير الأمور بشكل عشوائي، ولا يعمل المسؤولون وفق أمزجتهم، ولا أحد فوق المتابعة، والتخطيط الاستراتيجي بعيد الأمد هو أحد أهم أسباب تفوّق الإمارات في هذا الجزء من العالم، حيث يفتقد كثيرون مهارة هذا التخطيط لسنوات طويلة. ربما لا يعلم كثيرون أن وزراء الإمارات يعيشون التحدي والمتابعة بشكل يومي، وعند كل وزير جهاز «آي باد» يعطيه بشكل لحظي موقع وزارته بين الوزارات الأخرى، ويحدد له أداءه في تنفيذ الخطط والاستراتيجيات، ومدى وصوله للمؤشرات المطلوبة مقارنة بجميع الوزراء الآخرين، لذلك فمجرد التراجع يوماً واحداً يعد كابوساً حقيقياً لأي وزير، فهذا البرنامج مرتبط وموصول بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، ويتابعه بشكل دقيق رئيس مجلس الوزراء ونوابه، لذلك فلا فرصة للتراجع، ولا مكان لمن لا يستطيع التفوق ومواكبة توجهات القيادة، ولا مكان أيضاً لمن يجيد فن الكلام فقط من غير عمل حقيقي. الإمارات وضعت خطة استراتيجية لتكون أفضل دولة في العالم بعد خمسين سنة، قد يعتبر البعض ذلك مجرد حلم، وقد يكون…
الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٨
فكرة تعريب العلوم وتعليمها باللغة العربية تنطوي على كثير من الجوانب الإشكالية. وقد اطلعت الأسبوع الماضي على مداخلات حول الفكرة، تستدعي تفصيح النقاش. وأبدأ هنا بتحديد جوهر الموضوع، أي حاجتنا لتوطين العلم وما يترتب عليه من تقنيات، من أجل تطوير اقتصادنا الوطني والارتقاء بمستوى المعيشة وتوفير الوظائف. يتفق المختصون على أن المعرفة (أي النظريات والتقنيات التي تبنى على أساسها المنتجات المادية وغير المادية) تُسهم بحصة مؤثرة في تشكيل تكلفة وارداتنا. في عام 2015 بلغت واردات المملكة من السلع والخدمات، المصنفة تحت عنوان «تقنية المعلومات» نحو 43 مليار ريال. والمقدر أنها زادت خلال العامين التاليين بنسبة 15 في المائة. ونعلم أن المعرفة البحتة (غير المادية) تشكل 60 - 75 في المائة من هذه القيمة. هذا مجال واحد فقط. وثمة مجالات كثيرة أخرى، تسهم المعرفة بنصيب مماثل في تكوين تكلفتها النهائية. خذ مثلاً تكاليف التعليم والتدريب في الخارج، وكذلك الخدمات الاستشارية. فهذه وأمثالها تأخذ قدراً معتبراً من ثروة البلد. عشرات المليارات التي…