عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤
لبنان بلد عربي شقيق، مر خلال تاريخه المعاصر بالكثير من الأزمات والحروب، قدر هذا البلد في مميزاته، في جماله وتحضره منذ القدم، وقدره لاحقاً في ديمقراطيته التي غايرت، حدّ النقيض، الأنظمة الإقليمية التي تحيط به، وقدره في أنه جاور نظاماً استعمارياً عنصرياً، يقوم وجوده على محو الآخر واجتثاثه، فكان المكان الذي تجمّع فيه الفرقاء كلهم، المتحاربون والمتنافسون والأعداء والأصدقاء، فدفع ثمن صراع أصبح لا محالة جزءاً منه، ثم كانت الطائفية القدر البائس الذي كان رأس كل البلاءات! خاض حرباً أهلية، لم تبقِ ولم تذر، وما كاد ينهض كطائر الفينيق من رمادها، بمعاهدة الطائف عام 1990، وما كاد ينتعش وتجلجل في سمائه مجدداً أصوات البناء والعمران، و(راجع يتعمر راجع لبنان)، حتى كانت قاصمة الظهر، باغتيال رفيق الحريري عام 2004، وما تلاه من اغتيالات، طالت كتاباً وسياسيين وبرلمانيين ورموزاً وطنية، لينكسر المشروع من جديد، ممهداً لحرب جائرة، شنتها إسرائيل عليه في صيف 2006. في كل هذه المراحل، كانت الإمارات على ضفة الخليج،…
الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤
بعض الشخصيات تلتقيها قليلاً ولكنها تترك أثراً مهماً. من أولئك الراحل الدكتور يوسف الصمعان؛ الذي التقيته للمرة الأولى في دارة الأستاذ عبد الله بن بجاد العتيبي، ثم التقيته مراتٍ قليلة بعد ذلك. ورغم تخصصه في الطب النفسي غير أن علمه واسع، وطبيعة طرحه موسوعية، وشخصيته فريدة، ولديه أسلوب سخريةٍ نادر. دعم شريحة كبيرة من الشباب. أسَّسَ «دار جداول» مع شريكه الأستاذ محمد السيف وهي دار تنويرية أساسية في المشهد. ثم أسس «مجلة حكمة» الفلسفية التي يمرّن فيها الشباب على الترجمة، ومن ذكائه أن أي شاب أو شابةٍ تترجم ثم يطلبون منه رأيه حول اللغة ومستوى الترجمة يرفض إعطاء رأيه بل ينشره كما هو واضعاً المترجم أمام القارئ، وهو داعم للمعرفة ومتحمس لها، حيث قام بجهد يصعب على المؤسسات، حيث ترجمت مجلة «حكمة» موسوعة «ستانفورد». كان يحب المعلومة الجديدة، ويتواضع للمعرفة ويتنفّس على النقاش سواء مباشرةً أو عبر الاتصال... همّه الأساسي دعم مسار الفلسفة والعلم في المنطقة، وحدث أن استفسرت منه…
الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠٢٤
بالأمس أشرنا إلى الفرق بين المسار العربي «المسؤول» والمسارات الأخرى في المنطقة من القوى غير العربية، وعلى رأس هذه القوى إيران وقلاقلها، وإسرائيل وحروبها اللامحدودة بسقف سياسي حقيقي. العرب، هم «جل» سكان ودول الشرق الأوسط، هذه ديارهم وتلك مرابعهم، ومراقد أجدادهم، ومراتع أحفادهم، يقف على رأس الهرم العربي الرياض والقاهرة، هنا مخزن العرب الاستراتيجي، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، وعدة وعديداً، والأهم: سعياً نحو مستقبل مزهر للعرب، وكما وعد ولي العهد السعودي قائد الأمل الأمير محمد بن سلمان بصناعة شرق عربي، ومن يريد ذلك من الغرب، يحفل بالتنمية والحياة الكريمة ومعانقة المستقبل بكل فرصه المثيرة. هذا رهاننا وهذا هو مسار الأمل، لكننا لسنا وحدنا في الشرق الأوسط، صحيح أننا «أغلب» أهله، لكن معنا جيران مثل إيران وتركيا وإسرائيل، وقوى دولية عظمى لها أثرها الذي لا يمكن إنكاره علينا، وعلى رأس هذه القوى الآتية من خارج الشرق الأوسط: أميركا وروسيا والصين وغيرها. لكن في النهاية، نحن «أهل الدار» لذلك كان ضرورياً لقاء السعودية…
الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤
في حين وجد البعض التغيرات التكنولوجية الأخيرة في «النظارات الذكية» قفزة فارقة ومثيرة في التطور التقني، وجدته تراجعاً أخلاقياً واختراقاً أمنياً يعد الأشد خطورة على السلامة الشخصية من أي اختراع سابق، وتبدو الكلمات السابقة أفضل الصيغ التي يمكنني بها وصف ما ستؤول به الحال مع انتشار استخدام هذه النظارات، التي تقوم بالتعرف على الوجوه وتحديد هوية أصحابها ومن ثم استجلاب بياناتهم بسهولة واستغلالها، وهذا كله من دون استخدام اليد وفي لحظات، يحدث هذا فقط عند مطابقة صورة -وللأسف- قد تكون أنت من منحتهم إياها!!، لم أجد غضاضة -على الرغم من امتعاض البعض- من نشر صور رحلاتي على موقع فيس بوك مذ عرفته منذ سنوات بعيدة، وكنت أجد في الأمر منفعة تشبه الاحتفاظ بألبوم ذكريات رقمي، لا تهترئ صوره مع الزمن ولا يشغل مساحة في خزانتي، ويسهل استرجاعه في أي مكان ووقت. كان الأمر ممتعاً جداً، من صورة مختارة في كاميرا الجوال إلى الموقع، ومع عبارة بسيطة ورابط للمكان يتم توثيق…
الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤
ليس من شيء أثقل على صدر الإنسان، ومدعاة لحريق ماء العين مثل رؤية شخص ودعته الأضواء، وتناسل عنه الأصدقاء، وتنكر له المعارف، ونسيه من كان يقصده في عزه ومركز عمله، وهو اليوم وحيدٌ في تقاعده يحاول أن يتعثر في أي شيء ليعمله، ويمضي وقته بطيئاً ودون فائدة يعدها، يحاول أن يتصالح مع الأمراض التي خلفها القعود وخريف العمر، تماماً مثل مشاهدة شخص كان في يوم ما فارساً وخيّالاً من خيالي القبيلة، ينتخي إذا ما حزّت الحزّة، وسمع الصائح، وهو اليوم في الزمن الجديد يعمل حارساً لمدرسة ابتدائية تضيق به أسوارها وتصرفات العود الأخضر من الجيل الجديد، أو أن ترى عجوزاً كانت في صباها تزاحي الحجر، تعمل كل نهارها في البيت والنخل، وفي المساء تحمل على رأسها «قلالتين جت» مضحى لدبشها، وطفلاً على خاصرتها، تمشي من مطلع الهملة حتى المعترض، تُرَوّي من الفلج، وتصل إلى بيتها لتعد عشاءها، تتذكرها اليوم وهي في وحدتها وقد تناثر أبناؤها، ولم يتبق لها إلا خادمة…
الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤
ربّما جاز وصف الخلاف بين مدرستين فكريّتين رائجتين بأنّه نابع من تعيين الأسباب وطرق تأويلها. فهناك مدرسة ترى أنّ الأسباب تلك إنّما هي أحداثٌ ووقائع بعينها، من غير نفي خلفيّات نفسيّة أو اقتصاديّة أو غير ذلك. فاليابان مثلاً كانت لديها طموحات توسّعيّة وعسكريّة في أربعينات القرن الماضي، إلاّ أنّ عمليّة بيرل هاربر هي التي تفسّر الحرب بينها وبين الولايات المتّحدة. أمّا المدرسة الأخرى فتستعين، في عرضها الأسباب، بماهيّات جوهريّة لا مفرّ منها. فبما أنّ اليابان توسّعيّة، تبعاً للمدرسة هذه، كان لا بدّ من اندلاع الحرب، أكان ببيرل هاربر أو من دونها. ولو لم تكن بيرل هاربر، لكان هناك حدث آخر يؤدّي إلى النتيجة ذاتها. والحال أنّ المدرسة الثانية، حتّى لو صيغت أفكارها صياغة علمانيّة أو حتّى إلحاديّة، تبقى أسيرة تأويل مصدرُه الأبعد هو الدين. ذاك أنّ أحداث العالم نتاج إرادات لا رادّ لها، أكانت خيّرةً يقف وراءها الخالق، أو شرّيرةً يقف وراءها الشيطان. وهذا في مقابل تعويل المدرسة الأولى على…
الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤
أخصب تاريخ هو الذي لا نزال نعيش فيه. ومن عادة الكتّاب أن يعودوا إلى المراحل التي مرت بهم يتأملونها، ومن ثم يمضون في تقييمها عن بعد. بعضهم يشعر بالحنين إلى ما سبق، وبعضهم الآخر ينهار نقداً، والبعض الثالث يغرق في الندم. يعيش الزملاء المصريون مثل هذه الحالة أكثر من سواهم، بسبب حجم بلدهم وكثرة تاريخه وألق زعاماته، سواء أحبوا الزعيم، أو عارضوه، أو عاشوا الحالتين معاً. كانت المرحلة الناصرية أشد المراحل التاريخية حماسةً وولاءً، ثم جاءت المرحلة الساداتيّة، وكان الرئيس السّادات الأقل شعبية والأكثر تعرضاً للنقد، وأحياناً للسّخرية الحادة، وبعد مرور عقود على العهدين انقلبت الآراء، ونسي كثيرون عبد الناصر، بينما اعتذر كثيرون من السّادات بطريقة عاطفية وندمٍ شديدٍ. أكثر ما يؤخذ على الناصريّة، بالطبع، كان ما عرف بمرحلة أحمد سعيد، وما رافق تعامله المؤسف مع النكسة. شارك صاحب «صوت العرب» في العصر الخطابي صحافيُّون وسياسيُّون كثيرون، ولا شك أنهم، وخصوصاً أحمد سعيد، كانوا صادقين في مشاعرهم وقناعاتهم. وكانت مسؤوليتهم…
الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤
ينبهر بعض الناس من بريق شريحة معينة من الأفراد الذين قد يكونون لافتين ومميزين، إما بسبب حضورهم الاستثنائي أو وجودهم وأثرهم الفريد من نوعه، سواء في العالم الواقعي، أو حتى الإعلام الاجتماعي، أو كليهما، فيشعرون تلقائياً بالدونية لأنهم لا يشبهونهم في الكثير من الخصال ودرجة التميز وتقبل الناس. لذلك يلعبون دوراً مزيفاً معهم حتى ينالوا رضا الناس وإعجابهم، وبالتالي ينسلخون تلقائياً من شخصيتهم الحقيقية الجاذبة، ويصبحون نسخاً مكررة من أشخاص آخرين، حتى ولو كان ذلك التشابه لا يمثلهم إطلاقاً ولا يليق بهم. النجاح في أمور الحياة لن يأتيك على طبق من ذهب، ولا من خلال التقليد الأعمى لإنجازات وتميز الآخرين، ولا بالتواكل دون عمل جاد، فذلك كمن يحاول أن يحصد من دون أن يزرع، وإنما ببذل أقصى الجهود والإصرار والعزيمة والعمل الدؤوب الذي سيساعد بشكل كبير على تحقيق الهدف المرجو. في هذه الحياة تيقن تماماً أنك ستعيش مرة واحدة فقط ولن تتكرر، فيجب عليك استغلال جميع الفرص المتاحة بأفضل شكل…
الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤
«إعلامي»، أصبح من أسهل الألقاب التي تسبق اسم كل من لديه حساب على منصات التواصل الاجتماعي، ويرغب في إضافة لقب يضفي عليه بريقاً ولمعة، دون الحاجة لأن يكون خريج إعلام، أو عمل في مؤسسة إعلامية، أو على الأقل يمتلك أي خبرة في الإعلام. ربما لم يكن له أي علاقة بهذا العالم، الذي أصبح اليوم فضفاضاً، يدخله الجميع، دون علم أو استئذان، أو حتى التحفظ في إضافة هذا اللقب إلى اسمه، بعد أن كان الإعلام منصة خاصة لنخبة من الناس، ممن درسوا وتعلموا ومارسوا الإعلام، بكل فنونه وعناصره، وتمرسوا فيه، وتمكنوا من التعامل معه باقتدار وجدارة، بما أوتوا في هذا الصدد من علم وخبرة ودراية، لا تتاح لأيٍ كان، خاصة في هذا المجال، الذي يحتاج إلى مقومات خاصة، قد لا تكون مهمة ومطلوبة في غيرها من المهن والتخصصات. مبعث اعتراض الإعلاميين على هذا الأمر، هو أنه ليس من حق كل من كان بيده هاتف ينقل منه يومياته، أو الإعلانات التجارية عن…
الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤
في غمرة الحرب الإسرائيلية ضد تكوينات «المحور» في لبنان وسوريا، فاجأ الجيشُ الأميركيُّ العمومَ بالإعلان عن شنّه سلسلة من الهجمات الجوية ضد معسكرات تابعة لتنظيم «داعش» في سوريا. البيان العسكري الأميركي قال ما خلاصته إن الهدف من هذه الغارات هو شّل قدرات «داعش» في المنطقة. والسؤال: لماذا الآن؟ أم هي عملية تقليدية ضمن أعمال «التحالف الدولي» ضد «داعش»، تعمل بمعزلٍ عن السياقات الأخرى؟ ينتشر نحو 900 جندي أميركي في سوريا، إلى جانب عدد غير معلن من المتعاقدين، كما أن تقديرات الأمم المتحدة تذكر أن «داعش» في سوريا والعراق ما زال لديه ما بين 3 آلاف و5 آلاف مقاتل، وفق تقرير لها في يناير (كانون الثاني) الماضي. على ذكر «التحالف الدولي» ضد «داعش»، فإن ألان ماتني، منسّق وزارة الدفاع الأميركية لهذا «التحالف»، كشف عن وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها «التحالف» لمواجهة تهديدات التنظيم الإرهابي الأشهر في العالم. وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)»، الخميس الماضي، إن «داعش»…
الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤
منذ أن انتقلت حرب غزة إلى لبنان، لم يمضِ يوم من دون أن تقصف إسرائيل، أو تفجّر شقة، أو مبنى، أو ساحة في قرية، أو مجمّعَ مبانٍ. بعض هذه الأهداف صغيرة، أو مجهولة، لدرجة أنها غير مسجَّلة على الخريطة الرسمية. لكنها مسجلة عند رسام الخرائط الإسرائيلي، وكأنها تفاصيل عقار للإيجار، أو للبيع. كل ذلك مذهل طبعاً. وفي دقة مثل هذه الدقة، ما بين الأقمار الاصطناعية وبين جواسيس الأرض وخونتها، للبناني أن يخاف وأن يقلق وأن يشعر بالقرف. لكن هذه القدرة على رصد بيت صغير في قرية مجهولة، أو قصف الطابق الأوسط خلال اجتماع أمني أو عائلي، تطرح سؤالاً يعيد القضية كلها إلى السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كيف لدولة تملك كل هذه المكونات، الخارقة والمخترقة، ألا تعرف شيئاً عن الهجوم الذي سوف يقتل أكبر عدد من اليهود في يوم واحد، منذ الهولوكوست؟ قدمت الدوائر الإسرائيلية روايات كثيرة عن فشل 7 أكتوبر، الأكثر مرارة في تاريخها، لكن ما من واحدة…
الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤
شهدت حملة «الإمارات معك يا لبنان»، التي انطلقت بتوجيهات قائد المسيرة المباركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وإشراف سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، تفاعلاً رسمياً وشعبياً واسعاً. نجحت الحملة خلال اليومين الأولين من انطلاقها في تجهيز مئتي طن من المساعدات، بمشاركة أربعة آلاف متطوع من مختلف الجنسيات، حيث جهزوا وأعدوا عشرة آلاف طرد إغاثي. ومنذ الرابع من أكتوبر، أقامت الإمارات جسراً جوياً شاركت فيه عشر رحلات طيران نقلت مواد إغاثية ومساعدات للأشقاء في لبنان، بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين. يعد هذا التفاعل الشعبي الواسع من صور التضامن الإنساني وحب عمل الخير وتقديم العون للشقيق والصديق، وهو نهج أصيل لدولة الإمارات وشعبها الذين جُبلوا على عمل الخير، سائرين…