أمن الإمارات.. قيادة عالمية «1»

آراء

إن الجهود النوعية والحثيثة لحماية واستدامة الأمن والأمان، أحد أهم المكتسبات الوطنية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق.

بدأت هذه الجهود قبل ولادة الاتحاد، وتطورت محققة قفزات نوعية على مدار الـ50 عاماً الماضية، ولم تقتصر على العمل الشرطي التقليدي من تحقيق، ومقابلات للضحايا، والمشبوهين، بل تطورت إلى عمل مؤسسي دؤوب حقق تميزاً عالمياً في مستويات الخدمة والسعادة والنتائج.

إن بدايات العمل الأمني بتأسيس المؤسسات الشرطية منذ الخمسينيات ببضع رجال شرطة، لتتطور عبر مراحل انتقلت من التأسيس إلى البناء، تلتها مرحلة التحديث والتطوير النوعي والاستراتيجي، لنصل اليوم ونحن نحتفل بالعام الخمسين ليوم الوطن، ونخطط للخمسين المقبلة، لمرحلة الريادة العالمية.

إن هذه الجهود بقيادة سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية، بمعية أبناء الوطن المخلصين الذين لم يألوا جهداً للحفاظ على المكتسبات، بل أثروها بتخطيط استراتيجي وبتطوير وابتكار ومقارنات معيارية، مكنت وزارة الداخلية من حصة الأسد في جوائز التميز المحلية والاتحادية، والتنافسية الإقليمية والعالمية، لتصبح نموذجاً مؤسسياً يدعم باقي الجهات المبتدئة في مسيرة التميز، ويوفر لها ممكّنات الرعاية والتدريب، وحتى التمكين لتتطور، في نموذج تنافسي إيجابي يهدف إلى تطوير العمل المؤسسي.

وبينما نلاحظ أن البعض يتعمد عدم المشاركة في عمليات التقييم لأسباب متنوعة، تتصدر «الداخلية» مهما كانت المتغيرات أو تحديثات المعايير، فالهدف الأسمى أن تبقى الدولة الرقم (1)، وهذا ديدن قيادة الداخلية وأبطالها.

لم تقتصر الجهود الحثيثة على التطور الاستراتيجي والتميز المؤسسي، بل أسهمت في تطوير منظومة العدالة الشاملة، وشاركت «الداخلية» في مبادرات محلية وعالمية، وعمل تشريعي مشترك لمواجهة الجرائم المستحدثة مثل الجرائم التقنية المتطورة، وقوانين الجرائم الإلكترونية وتحديثاتها، والاتجار في البشر وغيرها.

إن عملي سابقاً مع اللواء أحمد ناصر الريسي عن قرب، ولمدة جاوزت الـ11 عاماً، تدفعني لتأكيد أن فوزه المستحق بتمثيل الإمارات والمؤسسة الشرطية رئيساً لمنظمة الإنتربول الدولية، ثمار عمل دؤوب، ونتاج جهد وسنوات طوال وخبرات استثنائية، فهو الملهم والموجه والأخ الأكبر والقائد المثابر شديد العزم على تحقيق النتائج، فخبراته لم تقتصر على بدايات عمله في المختبر الجنائي، أو تأسيسه تقنية المعلومات، أو قيادة مشروعات شبكات الاتصال الأمنية «التترا»، والربط مع الشريان، أو حتى تطوير غرف العمليات الشرطية التقليدية، لتتحول إلى غرف القيادة والسيطرة «C4I Computer Communication Command & Control and Intelligence»، مع التخطيط لمبادرات نوعية سبقت المنطقة، وحازت جوائز عالمية مثل منظومة الـ«GIS»، ومشروعات «مركز البيانات» الأحدث والأعلى جاهزية وفق معايير UpTime بنسب غير مسبوقة محلياً (99.999%)، وأمن المعلومات، واستخدام تقنيات الاتصال عن بعد في الإجراءات الجزائية والتي تضمنت جهود تمكين المشروع، تشكيل لجنتين «فنية» وأخرى «تشريعية»، أثمرت القانون الخاص، الذي احتوى مادتين تتيحان حماية الطفل الضحية، والاستغناء عن الحضور الفعلي للمحاكم والنيابات، وكذلك نواة للعمل القضائي والنيابات والشرطة عن بعد قبل جائحة «كوفيدـ19» بأعوام طوال، في نموذج وتطبيق عملي لاستشراف المستقبل وجاهزيته.

وكذلك إنشاء وتطوير خدمات الإسعاف الوطني، وفريق البحث والإنقاذ الإماراتي أول فريق إقليمي للبحث والإنقاذ، ليتحول إلى نموذج إقليمي وأكاديمية لدعم تشكيل وتأهيل وتدريب الفرق الإقليمية في الدول الشقيقة والصديقة، معززاً بتأسيس أكاديمية الدفاع المدني بأبوظبي، وليصبح لاحقاً أول فريق إقليمي معتمد للبحث والإنقاذ الثقيل.

إن هذه الجهود لم تكن نتاج ممارسات تقليدية في العمل الأمني، ولقد أكدت مسيرة الانتخابات الأخيرة لرئاسة «الإنتربول»، أن كل الإنجازات العظيمة تتطلب وقتاً، لذا، فهي تستحق أن نهبها الوقت والجهد والتفاني في سبيل تحقيقها…

وللحديث بقية.

المصدر: الامارات اليوم