عبدالله الشويخ
عبدالله الشويخ
كاتب إماراتي

الإرهاب باللون البمبي!

آراء

جذب نظري كثيراً المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجماعة الإسلامية المسلحة، أو سمها «السلفية الجهادية» أو ماشئت من الأسماء، حيث كان لون «البراندينج» الخاص بالمؤتمر هو اللون البمبي (الوردي)، وكان يظهر بوضوح في كل شيء وخلف قيادات الجماعة الشهيرين الذين دوخوا العالم في فترة ما.. الصورة استوقفتني بشدة.. بمبي مرة وحدة! يا خسارة الدورات التدريبية في أنغوشيا ومعسكرات الإعداد في بيشاور ودورات التخرج في تورا بورا!

كل شيء تغير في هذا الزمن حتى الإرهاب لم يعد هو الإرهاب! حتى الإرهاب نفسه أصبح «مائعاً» وماسخاً وبلا طعم مثل أي شيء آخر في هذه الحياة البلاستيكية المملة.. أين أولئك الإرهابيون من الجيل القديم الذين كان يملأ أحدهم الشاشة وخلفه كلاشنكوف «معشق»، وهو يهدد دولاً تملك (حق العضوية الكامل) في الأمم المتحدة، أي أنهم بشر «ونصف» وليسوا بشراً «إلا ربع»، ورغم ذلك كنت ترى ذلك الإرهابي يقف ليعلن أن عليهم «الجنوح» إلى السلم وإلا.. وسوف.. وويل.. اليوم يرتدي الإرهابيون اللون الوردي ولا يرددون سوى عبارات.. لعل.. وربما.. وممكن.. لن أستغرب تعيين ناطقة باسم الجماعة في الأيام المقبلة، وربما ستحمل اسم «الأخت انجي»!

حتى الأناشيد الإرهابية لم تعد كما كانت، فقبل عقدين كانت أناشيد الإرهاب تبدأ بكاليشات معروفة: «لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما.. سلما.. سلما». أو «صمتاً.. فقد نطق الرصاص وحسبنا.. أن الرصاص إلى الجهاد ينادي».. ولا ننسى بالطبع «زلزلي زلزلي يا رياح الغضب.. واهتفي آن أن يستفيق العرب».. أما اليوم فقد تغيرت الحال كثيراً.. فأصبحت الأدبيات الإرهابية تعتمد على منشد مائع أخنف الصوت.. وكلمات سطحية باعثة على الملل: «من يا ترى يضمني يمدني بنشبي» وأبوي عليك! أو خذ هذه «أنا أحلى سهرة بتعجبني.. تحت غصون الزيتوني»، دع عنك «يا بابا اسناني واوا» وشلة الأناشيد المرسومة بعناية على الـ«درامز الإلكتروني»!

كانوا يعتمدون على الغنائم.. وأصبحوا كما يقال – والذمة على ناقل الأخبار – يعتمدون على زراعة الحشيش.. كانت كلماتهم مطرزة بمقولات وخطب المجاهدين الأوائل.. وأصبحت كلماتهم مشوهة بعبارات الخوارج والباطنية.. وأصبح ولاؤهم لشبكات معقدة.. والأهم من هذا كله.. كانت أسلحتهم موجهة إلى صدور الآخرين.. وأصبحت أسلحتهم موجهة لصدورنا نحن.. نحن من دفعنا عمراً من أجلهم.. وخذلونا!

فرق كبير بين أيام «أحمد الطعان» وأيام «الملا ضعيف».. وللأسماء معانيها!

المصدر: الامارات اليوم