عبده خال
عبده خال
كاتب و روائي سعودي

اليوم المنتظر في مصر

آراء

يدخل الشعب المصري اليوم حلقة جديدة من حلقات الشد والجذب حول الاستفتاء على الدستور، في ظل انقسام واضح بين أطياف المجتمع والمناداة الحثيثة من قبل الحكومة لدفع المواطنين لإتمام التصويت، في حين تقف جبهات المعارضة موقفا متخوفا من إجراءات العملية التصويتية، وقد أعلنت عن تلك المخاوف إزاء ظروف الاستفتاء، مؤكدة أنها لن تعترف بنتيجة الاستفتاء إذا لم تتوافر «شروط النزاهة» التامة.

وشروط النزاهة التي تطالب بها المعارضة مهتزة لأسباب عديدة، قد يأتي في مقدمتها مقاطعة نادي القضاة (وثلة من القضاة موزعين على خارطة مصر)، ما يعني غياب الإشراف القضائي الكامل على عملية التصويت، هذا النقص الإشرافي من القضاة استعاضت الحكومة باستكماله من خلال السماح لفئات أخرى بالإشراف على التصويت، وكان هذا مصدر تخوف المعارضة من حدوث تزوير للتصويت.

ويبدو أن هذا النقص أدى إلى لجوء الحكومة لإجراء الاستفتاء على الدستور على مرحلتين (تفصل بينهما سبعة أيام)، ما دفع ببعض المحامين للتقدم بدعوى قضائية، كون قرار (المرحلتين) غير قانوني، ويؤدي بعملية التصويت بأكملها إلى البطلان.
ولا تزال المعارضة تناضل من خلال الوقفات الاحتجاجية (في التحرير ومحيط قصر الاتحادية وفي بقية ميادين المحافظات) منذ عدة أيام، وبصورة متواصلة، حاملة أسبابا مختلفة لرفض الدستور، يأتي في مقدمتها غياب التوافق الوطني والظروف السياسية والأمنية المتدهورة.

ويقابل اعتراضات المعارضة سعي حثيث من الحكومة لإتمام التصويت كفرصة لتمريره إذا أحجمت قوى المعارضة عن النزول للصناديق، فتم سن قبول النتيجة بعدد المصوتين وبنسبة 51%، هذه النسبة نبهت قوى المعارضة على خطورة ترك الصناديق، فقرر بعضها المشاركة مع دعوة الشعب للذهاب للتصويت وإسقاط الدستور من خلال التصويت بـ«لا».

ولو افترضنا أنه تم تمرير الدستور من خلال الصندوق، فإن مصر لن تهدأ، كون المعارضة سوف تستمر في وقفاتها واعتصاماتها، مطالبة بإسقاط الدستور، وهذا يعني مواصلة شلل الاقتصاد المصري، خصوصا لو حدث العصيان المدني (وهي الصورة الأكثر قتامة).
وفي حالة إسقاط الدستور من خلال التصويت، فهذا يعني مواصلة المرحلة الانتقالية، وهو الأمر الذي يعني إعادة كل الخطوات السابقة (وفي ذلك العودة من أول السطر).

ولو بدأت العجلة في السير من جديد، فسوف تتحرك في ظل انتهاء فترة تحصين قرارات الرئيس وسقوط الدستور وانتفاء وجود مجلس الشعب واحتمالية صدور حكم قضائي بعدم قانونية مجلس الشورى مع بطلان الدستورية ووضع اقتصادي ضاغط يرافقه انتظار قرض الصندوق الدولي المشروط بتطبيق عدة خطوات إصلاحية قبل استلام القرض، ما يعني ضرورة إصدار حزمة قوانين يأتي في مقدمتها القوانين الضريبية، ما سيسهم في اشتعال المواجهات، كون الثورة قامت على (خبز ــ عدالة ــ حرية)، بينما واقع الحال ينفي تحقيق أي عنصر من العناصر الثلاثة، ووفق هذه المعطيات يكون الحال هو تجسيدا للفوضى في كل شيء.

إذا، الصورة مرتبكة في الحالتين: حالة تمرير الدستور أو إسقاطه!.

المصدر: عكاظ