تقرير دولي: الإمارات تقود السوق العالمية الناشئة للهيدروجين

أخبار

أكد تقرير دولي تحت عنوان “دور الإمارات العربية المتحدة في الاقتصاد العالمي للهيدروجين” أن دولة الإمارات لديها الأسس والمزايا التنافسية التي تُمكّنها من أن تصبح واحدة من أكبر الدول المنتجة للهيدروجين منخفض الكربون والأقل تكلفة على مستوى العالم.

وأوضح التقرير الذي نشر مؤخرا ومن إعداد الدكتور جوليو فريدمان باحث أول في مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا SIPA، وروبن ميلز الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة وزميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن العاصمة -أهمية الهيدروجين كوقود مستقبلي والانطلاقة القوية لدولة الإمارات للاستفادة من أصولها الحالية في أن تتصدر دوراً ريادياً في هذه السوق.

ويُتوقع أن يكون للهيدروجين دور مهم في تمكين الاستراتيجيات الدولية التي تهدف للحد من الانبعاثات الكربونية وتحقيق التنمية المستدامة، وتمكين التحول العالمي إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون.

ومن المتوقع أيضاً أن يمثل الهيدروجين ما يصل إلى 18% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2050، حيث أصدرت أكثر من 30 دولة خططها الخاصة بالهيدروجين، إضافة إلى التخطيط لتنفيذ أكثر من 228 مشروع واسع النطاق عبر سلسلة قيمة الهيدروجين.

ووفقاً لمجلس الهيدروجين تُعد الاستفادة من هذا الطلب الناشئ فرصة مهمة للجهات العالمية في مجال الطاقة.

وتؤكد شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” أن هناك تقدماً فعلياً في هذا المجال وذلك من خلال إعلانها عن عدد من المبادرات المتعلقة بالهيدروجين ووقود الناقلات ..كما أعلنت الشركة مؤخراً عن بيع ثلاث شحنات من الأمونيا الزرقاء لعملائها في اليابان وعن خططها لتطوير مصنع جديد للأمونيا الزرقاء بقدرة إنتاجية تبلغ مليون طن سنوياً وذلك في “تعزيز” بالرويس.

وتنتهج دولة الإمارات استراتيجية متوازنة تشمل الهيدروجين الأزرق والأخضر حيث يعتبر التوسع في إنتاج الهيدروجين الأزرق أكثر سهولة وبالتالي فهو عنصر مهم لدعم نمو السوق العالمية الناشئة.

والهيدروجين الأزرق هو الهيدروجين المنتج من الغاز الطبيعي حيث يتم التقاط الكربون المصاحب وتخزينه تحت الأرض بينما الهيدروجين الأخضر هو عبارة عن الهيدروجين الناتج عن عملية التحليل الكهربائي للماء باستخدام مصادر متجددة للكهرباء مع أدنى حد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ويعتبر الهيدروجين الأزرق حاليا أقل تكلفة وخطوة مهمة نحو تطوير اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون ومع ذلك يُتوقّع أن تنخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بمرور الوقت.

كما يشير التقرير أنّ دولة الإمارات تتميز بإمكانيات طبيعية كبيرة بالإضافة إلى بنيتها التحتية الحالية وقدراتها الإنتاجية العالية لكلا النوعين حيث يتم تمكين إنتاج الهيدروجين الأزرق التنافسي في دولة الإمارات من خلال كميات الهيدروكربونات الوفيرة والتنافسية، والمنشآت الحالية لإنتاج الهيدروجين والأمونيا واسعة النطاق والقدرات الكبيرة لالتقاط وتخزين الكربون على نطاق واسع، والتي تمتلكها أدنوك بالفعل وتطوّرها باستمرار.

وتُنتج “أدنوك” أكثر من 300 ألف طن سنوياً من الهيدروجين في منشآت التكرير التابعة لها، والذي يستخدم في الغالب للأغراض الصناعية وتخطط الشركة لزيادة إنتاجها من الهيدروجين إلى 500 ألف طن سنوياً، كما حققت تقدماً في عدد من فرص النمو الجديدة، لاسيما في مجال الأمونيا الزرقاء ..ويشمل ذلك إنشاء مصنع جديد للأمونيا الزرقاء على مستوى عالمي في منطقة “تعزيز” في الرويس، وفي بيع أولى الشحنات التجريبية من الأمونيا الزرقاء لعملائها في اليابان.

وتعتمد جهود دولة الإمارات في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر على التوفر الهائل للطاقة الشمسية في الدولة والتكلفة المنخفضة للكهرباء التي يتم إنتاجها بالطاقة الشمسية.

وأطلقت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” العديد من مبادرات الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك تطوير مصنع تجريبي للهيدروجين الأخضر في مدينة مصدر بالشراكة مع سيمنز إنرجي ماروبيني، الاتحاد للطيران، مجموعة لوفتهانزا، جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، ودائرة الطاقة في أبوظبي.

وأوضح التقرير أن عدة عوامل تساهم في تسهيل إنتاج كلا النوعين من الهيدروجين النظيف منخفض الكربون من أهمها توفر البنية التحتية القوية ومنشآت التصدير في دولة الإمارات، بالإضافة لموقع الدولة الجغرافي الوسط بين الأسواق الرئيسية، والبيئة المستقرة والصديقة للأعمال، وفقاً لما أشار إليه الدكتور فريدمان وميلز في التقرير.

وأشار التقرير إلى أن الهيدروجين يُعد قطاعا ناشئا لا يزال يتعين عليه مواجهة العديد من التحديات الكبيرة فيما يخص التكنولوجيا والاقتصاد والسياسة. ولتأسيس اقتصاد الهيدروجين بشكل مستدام، يجب تطوير سوق ناشئة تقدّم ضمانات للمنتجين والمستهلكين ..ويجب تخفيض التكاليف مع تزايد أحجام المشاريع ومتطلبات التمويل المرتبطة بها ..وهذا يتطلب شراكات على مستوى الحكومات، وبين الشركات ومؤسسات الأبحاث، ومع الشركات والمستخدمين النهائيين.

وتتمتع دولة الإمارات بسجل حافل من الشراكات بين القطاعين العام والخاص مع العديد من الجهات المحلية والدولية عبر قطاعات الطاقة والبنية التحتية والصناعات الثقيلة ..وكان تشكيل ائتلاف أبوظبي للهيدروجين بين كل من أدنوك، وشركة مبادلة للاستثمار “مبادلة” و”القابضة” /ADQ/، ووزارة الطاقة والبنية التحتية خطوة مهمة أثمرت عن منظومة متكاملة ومتناغمة لبناء اقتصاد الهيدروجين في الدولة.

وفي وقت سابق من هذا العام خلال جلسة وزارية رفيعة المستوى حول الهيدروجين عُقدت افتراضياً أعرب معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبو ظبي الوطنية “أدنوك” ومجموعة شركاتها عن تفاؤله بالنسبة لما تتمتع به أدنوك حالياً من بنية تحتية وقدرات في مجال التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه على نطاق تجاري، مما يجعها تلعب دوراً رئيسياً في تطوير سوق الهيدروجين الأزرق.

وكشف معاليه أن أدنوك تعمل على تطوير خريطة طريق لإنشاء منظومة للهيدروجين لخدمة الإمارات العربية المتحدة والسوق العالمية. وعلّق قائلاً: “نحن نعمل بجد مع شركائنا وعملائنا والأطراف الأخرى ذات الصلة لإنشاء سلاسل القيمة اللازمة لبدء سوق عالمية ناشئة للهيدروجين”.

ومن جانبه أكد معالي خلدون خليفة المبارك، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة مبادلة للاستثمارعلى جهود مبادلة في دفع عجلة تحوّل قطاع الطاقة في دولة الإمارات.

وقال: “بصفتنا مستثمراً يتسم بالمسؤولية فنحن نحرص على المشاركة الفعالة في مجموعة جديدة من استثمارات الطاقة التي من شأنها أن تساهم في تقديم المزيد من حلول الطاقة الفعالة ومنخفضة الانبعاثات ..ويوفر الهيدروجين إمكانات كبيرة في هذا الصدد ومع خبرة “مصدر” الثرية في مصادر الطاقة المتجددة نحن في وضع مميز يتيح لنا الريادة في سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر”.

وفي ختام التقرير سلط الدكتور فريدمان وميلز الضوء على أن الهيدروجين أصبح بسرعة بالغة جزءاً أساسياً من كل الشركات الكبرى المنتجة والمستهلكة للطاقة، كما أكدا أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد حققت بداية قوية في ترسيخ مكانتها كدولة رائدة في قيادة السوق العالمية الناشئة للهيدروجين.