حب العطاء

آراء

حب العطاء قيمة ومنهاج حياة لا يعرفه إلا من آمن به وذاق لذة ذلك الشعور الذي يتملك صاحبه بعد أن يكون قد أسعد غيره بخدمة يسديها له أو مبلغ من المال يسعده بها، حب لا يعرف جنسية أو عرقاً أو حدوداً، ولا يقاس بسقف أو حدود، فلربما كان أمراً بسيطاً وضئيلاً في نظر صاحبه ولكنه عظيم الأثر عند الطرف الآخر.

توقفت أمام تلك المعاني، بينما كنت أتابع تقريراً صحفياً عن الملياردير الأميركي الشاب سام بانكمان فرايد(30 عاماً) والذي يعد أغنى أثرياء ومليارديرات العملات المشفرة في العالم ومؤسس «في تي أكس» العاملة في ذلك المجال بعد أن قرر التبرع بـ20 مليار دولار، وهي ثروته بالكامل وبالمعنى الشعبي «تحويشة العمر».

نقل التقرير عن مقربين من فرايد «الذي أسس بورصة العملات المشفرة الخاصة في العام 2019 بأنه لا يهتم بثروته، وأنه من أتباع فلسفة «شغف الإيثار» التي تدعو إلى استخدام الأدلة والعقل للوصول إلى أفضل السبل لخدمة الآخرين». كما ذكر التقرير أن فرايد قرر الاحتفاظ بـ1% فقط من أرباح الشركة وتقدر بنحو مائة ألف دولار في السنة؛ حتى «يتمكن من الاستمتاع بالحد الأدنى من المال». ونقل التقرير عنه قوله إن «أجمل الطرق التي تجعلك تشعر بالسعادة بشكل كبير هو إنفاق المال على المحتاجين، ولا أريد يختاً يشعرني بالسعادة».

تضمن التقرير حديثاً عن مات ناس صديق طفولة فرايد بأن الأخير «يعتبر كل دقيقة يقضيها في النوم تكلف آلاف الدولارات، لذلك يحرص على أن يكون نشيطاً، وهو ما يجعله يشعر أن بإمكانه إنقاذ وإسعاد أعداد كثيرة من الناس من خلال العمل الجاد والتبرع لهم بالأموال».

وقدّرت مجلة «فوربس الثروة الشخصية لفرايد، بحوالي 25 مليار دولار، ووضعته على قائمة أغنى 70 شخصاً في العالم. وقالت عنه إنه «نباتي ينام أربع ساعات في الليلة وأصبح وجهاً معروفاً في مجال العملات الرقمية».

ننبهر في عالمنا العربي والإسلامي لأن أمثال فرايد عندنا لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، بينما ينضم الرجل لقائمة طويلة من أصحاب المليارات في الولايات المتحدة وأوروبا وجنوب شرق آسيا الذين تخلوا عن ثرواتهم لصالح الأعمال الخيرية وإسعاد الفقراء. في مجتمعاتنا للأسف، بدلاً من الإشادة بمثل هذه المبادرات، نجد من يشكك فيها وفي أصحابها بعد أن سيطرت عليه وتملكته للأسف هواجس «نظرية المؤامرة»!

المصدر: الاتحاد