حجر الرحى.. حكاية الحب الكبير

آراء

الصديق العزيز المبدع دائماً، ناصر الظاهري بعين الفنان، بفكر يمضي بالصورة مثل خيال الطير، في حلم التحليق، مثل نخلة العين تسمق في الأفئدة، وتجدل خصلات الألق الوجودي لتبدو في الحياة رحى الباسقات، الوارفات، ظلا، الرافلات جمالاً.

في حكاية حب المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لمدينة العين شاهدنا الحكاية وسمعناها بتفاصيلها، وفواصلها ومفاصلها، على لسان من عاصروا الباني المؤسس، وهي حكاية جسدت الحلم، والرواية التي رسمت في الأذهان كيف نما زغب القطا على هامة سحرية، وكيف تطور الزغب ليصير مع الطموحات مدينة عامرة بأجنحة التحليق عالياً، وكيف استطاع المغفور له بإذن الله أن ينطق الحجر، وأن يحرك في الشجر أشجان القصيدة، وأن يجعل من الإنسان زهرة برية تفوح جوانحها بعطر الرفاهية، ونبوغ العطاء، ومهارة الانتماء، ورونق التناغم مع رفيف السعفات في عالي القمم.

في هذه الملحمة التاريخية التي سطرها ناصر الظاهري إخراجاً بديعاً، ووثق أعطافها لتكون في التاريخ أيقونة، وفي ضمير الأجيال قيثارة، تحرك اللواعج كلما مر في الوجدان طارف، وكلما دار في الخلد هوى.

حجر الرحى، هي ربابة ناصر الظاهري، عزف عليها سيمفونية هواه الأول، وعشق الأفلاج التي مرت من ناصية القلب، والتي بدلت عروق النخل، كما روت الحنين الصيروري، في قلب له مع الكلمة وشاية النجب الشامخات، وله مع الصورة جزالة الشوق، والتوق، إلى مرايا تجسد الحياة، كما هي ذاكرة العشاق، والذين حفت أقدامهم وهم ينحتون على صفحات التراب النبيل، شغفهم إلى سحابة تظلل قبعة السماء، ونبقة تبلل ريق المكلوفين، وقطرة تغسل قميص الزمان من غبار، وسعار.

الله كم هي الصورة رخية، وفية، نقية وهي تلامس نياط القلوب، وكم هي نبيلة، وجزيلة، وفضيلة، وهي تسجل للتاريخ كيف كان العاشق يرسم صورة العين في متن القصيدة، ويقرض القصيدة عند روابي مدينته، وكأنه يسأل المحارة عن سبب لمعة الدر، في الأعماق، ويفشي سر العشق، لنخلة في العين كأنها الرمش مكحول بإثمد الفرح.

الله كم أنت جميل يا ناصر وأنت تحدق في الصورة، لتخط على جبينها لمحة نجلاء لزعيم مر من هنا، وترك في القلوب وشم العز، وفي العقول رسم الشموخ كم أنت رائع يا ناصر وأنت تؤرخ لشخصية أصابت العالم بالرخاء، وهيضت اليباب ليصبح سبيلاً لبناء دولة عصرية يشار إليها بالبنان، وتصفق لها الدنيا عرفاناً، ويهنيها العالم بقائد رصع رمالها بالأخضر كما قلد أعناق أهلها بقلائد الفخر، والشموخ.

حجر الرحى، يحتاج إلى رعاية حقيقية، من ذوي المعرفة بشؤون، وشجون تلك المدينة الغافية على تلة حمراء، الطافية على رمال الزمن الذهبي، حجر الرحى دارت في ليلة الخميس، وكانت القمحة هي ملكة ناصر الظاهري التي على مائدة الرؤى ملاذ العشاق الذين جاؤوا كي يروا، وما رأوه كان حلم زايد الذي تحول إلى لغة ببلاغة النجوم، وصورة بنبوغ السحابات الممطرة.

لك التحية سيدي ناصر، ولك الشكر، ولكل من أسهموا في إبراز هذا العمل التاريخي، الذي يوثق لوطن، كما أنه يرسم خطوات زعيم بنى الشيء من اللا شيء، حتى أصبح هذا الشيء وطناً تؤمه الطيور من كل حدب وصوب، وتتمناه القلوب كي يكون لها موئلاً، وتكون نخلته ظلاً، ورماله فصوص الذهب على الصدور.

أعجبتني الرحى، كما لفت نظري الحجر، وهو يدير دفة الزمن إلى حيث تكون الحياة المزهرة ويكون الوطن مزدهرا، زاهيا، مزهرا بالعشاق.

المصدر: الاتحاد