حدّ الفقر أو الرفاه

آراء

توجد العديد من شرائح المجتمع من الذين تعلو عفتهم وكرامتهم وبعض الكبرياء المحمود، على حاجتهم، لدرجة قد يبدون للآخرين أغنياء، فهم مؤمنون بأن غنى المال إلى زوال، وأن الغنى الحقيقي هو غنى النفس. ولقد جعلت الشريعة الغراء الذين لا يسألون الناس إلحافاً، ولا يستجدون الآخرين، من خير البشر، قال تعالى: «يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا» (البقرة 273).

ومن قائمتهم: فئة من صغار الموظفين، لم تسمع بترقية منذ سنوات، وإن سعى أحدهم إلى تغيير وظيفته واجه تعنت مسؤوليه، لدرجة قد تتجاوز أحياناً شعور وحس المسؤولية، وتزداد المعاناة عند البعض بعد التقاعد.

إن مكرمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الأخيرة، لم تقتصر على زيادة رواتب متقاعدي وزارة الداخلية من مواطني الشارقة بميزانية 40 مليوناً سنوياً، وبأثر رجعي يعود إلى ثلاث سنوات وحسب، بل إن الزيادة جاءت بعد دراسة ما يعرف بـ«حد الرفاه» أو «خط الفقر» في الإمارة، وهو مؤشر عالمي يقدر أدنى مستوى من الدخل تحتاجه الأسرة لتوفير مستوى معيشة ملائم، والقدرة على توفير تكاليف المتطلبات الضرورية كالمأكل والملبس.

ولأهمية تحقيق السعادة، بحث صاحب السمو حاكم الإمارة الباسمة، عن حلول مركبة، إذ تم حصر كل المتقاعدين من كل الجهات من غير محلية الشارقة، وبلغ عددهم من الرجال والنساء 4000 شخص، وقدرت ميزانية تعديل أوضاعهم على مستوى الإمارة بـ250 مليون درهم سنوياً، ولهذا تم التركيز على توظيف أبناء هذه الفئة، لكي يدعموا ذويهم، فالأمر به أمن اجتماعي واستقرار أسري ومادي، والقرارات مدعمة بإحصاءات، وفيها مستويات المتقاعدين كافة. ويجري بحث دفع الفارق بين الراتب التقاعدي الاتحادي والراتب التقاعدي لحكومة الشارقة، وكذلك الموظفون من إمارة الشارقة العاملون في الحكومة الاتحادية، لتتساوى رواتبهم برواتب الحكومة المحلية للإمارة.

إن استخدام البيانات الذكية والضخمة، وتغيير قواعد التوظيف ولوائح صرف علاوات الأبناء وغلاء المعيشة وغيرها، وتعديلها لتصبح أكثر مرونة، لتشمل خيارات العودة من التقاعد لمن هم في سن وصحة تسمح لهم بذلك، مع ضم خدمتهم، مطلب حيوي، حتى لو كان ذلك للقطاع الخاص، كما أن النظر في احتياجات المتقاعدين أصبح ضرورة ملحة، تتطلب دراسة عاجلة لرواتب المتقاعدين والتزاماتهم، وتحديث مستويات خطوط الرفاه محلياً واتحادياً، ووضع توصيات ورفعها للقيادة، فالإمارات وطن السعادة، وقيادتها لا تألو جهداً في ذلك، والباقي يقع على عاتق مسؤولي الجهات المعنية، أن يبينوا تحديات الوضع الحالي، ووضع الحلول وفق توجهات الدولة للـ50 عاماً المقبلة.

المصدر: الامارات اليوم