«حزب الله» و«الحوثيون».. مختبرات فاشلة للصواريخ الإيرانية

أخبار

استخدم الحوثيون صواريخ بالستية أطلقوها من اليمن صوب الأراضي السعودية، لاستهداف مكة المكرمة ومطاري جدة والرياض، وذلك في أعقاب تهديد زعيم الجماعة الطائفية المتمردة عبدالملك الحوثي الموالي لإيران، باستهداف السعودية بسبب دورها الريادي والقيادي في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بيد أن الحوثيين الذين يخوضون حرباً بالوكالة لصالح إيران ضد السعودية، ليسوا إلا مجرد أدوات في المختبر الإيراني لتجربة الصواريخ البالستية التي تنتجها طهران، وهو الدور نفسه الذي يقوم به «حزب الله» في لبنان، والميليشيات الطائفية الموالية لإيران في العراق وسوريا.

تحاول إيران أن تحصل عبر برنامجها الصاروخي على قوة ردع كافية، ولكن الصواريخ الإيرانية التي هي محاولة لاستنساخ صواريخ كورية شمالية وسوفيتية قديمة، تفتقر إلى المميزات الفنية والتقنية الضرورية، ويعوض نظام الملالي في طهران عن ضعفه في مجال الطيران والمدرعات بالاستماتة في بناء صواريخ بالستية، ويعمل الحوثيون في اليمن و«حزب الله» في لبنان على اختبار هذه الصواريخ لصالح إيران، رغم أن الجوار الخليجي يتفوق على إيران في الأنظمة الدفاعية.

وقد نجحت الدفاعات الجوية السعودية في اعتراض كل الصواريخ الحوثية، واتهمت الرياض إيران بأنها مصدر هذه الصواريخ، التي هربتها إلى أشياعها في اليمن لممارسة حرب بالوكالة ضد المملكة، واعتبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن إمداد إيران الحوثيين بالصواريخ «يعد عدواناً عسكرياً ومباشراً من جانب النظام الإيراني وقد يرقى إلى اعتباره عملاً من أعمال الحرب ضد المملكة».

وزعم الحوثيون أن هذه الصواريخ صناعة محلية، فيما سارعت طهران على لسان أكثر من مسؤول إلى نفي المسؤولية عن تهريب هذه الصواريخ، وفي الوقت نفسه الابتهاج بإطلاقها على أراضي المملكة، على طريقة «يكاد المريب يقول خذوني».

وقد أكدت القيادة المركزية في القوات الجوية الأمريكية أن الصواريخ التي يطلقها الحوثي من اليمن إيرانية الصنع، وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إن الصاروخ الذي أطلق من الأراضي اليمنية لاستهداف الرياض مؤخراً هو من نوع «قيام» إيراني الصنع. وقالت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي إن الصاروخ الإيراني «قيام» «نوع من الأسلحة التي لم تكن موجودة في اليمن قبل الصراع».

وأكد الخبراء الاستراتيجيون في شؤون التسلح، أن اليمن لديه 300 صاروخ «سكود» حصل عليها في فترة التسعينات من القرن الماضي من كوريا الشمالية، وأن هذه الصواريخ مازالت في عهدة الحرس الجمهوري قوات النخبة الموالية للرئيس المخلوع علي صالح. وعلى ذلك فإن الصواريخ المستخدمة ضد السعودية ليست من المخزون القديم للجيش اليمني، ولا يملك الحوثيون «الحفاة الأقدام والعقول» قاعدة علمية أو صناعية للادّعاء بأنهم صنعوا الصواريخ البالستية محلياً، وكل الأدلة المادية بعد فحص حطام صاروخ الرياض تؤكد البصمة الإيرانية في التصنيع والتهريب.

وأكد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن إيران قدمت للحوثيين كثيرًا من الأنظمة الصاروخية، وأن الصواريخ التي تستخدمها الميليشيا الطائفية الموالية لطهران في الحرب ضد السعودية صنعت في إيران، لكنه شدد على أن الصواريخ البالستية الإيرانية قصيرة المدى لا تشكل خطرًا على المدن الكبرى والعمق في دول مجلس التعاون الخليجي، لأن مداها قصير.

أما البيت الأبيض فقد رأى «أن هجمات الحوثيين الصاروخية على السعودية، والتي يتيح الحرس الثوري الإسلامي الإيراني تنفيذها، تهدد الأمن الإقليمي وتقوض مساعي الأمم المتحدة للتفاوض على نهاية للصراع». وأشار إلى أن النظام الإيراني يطيل أمد الحرب في اليمن من أجل المضي في طموحاته الإقليمية»، وفتح جبهة جديدة ضد السعودية لتخفيف ضغوط الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية على الميليشيات الانقلابية.

الهجمات الصاروخية المنطلقة من اليمن إلى الأراضي السعودية تكشف رغبة إيران الشريرة في تصدير الأذى إلى المملكة باستخدام ربائبها وصنائعها من الحوثيين لشن حرب بالوكالة، وبذلك تتجنب إيران المواجهة المباشرة مع السعودية التي لن تكون وحدها في مواجهة «العدو الفارسي» الذي أدمن الأنشطة المزعزعة لاستقرار المنطقة، والتآمر عليها.

إن إيران عندما تستخدم صواريخها البالستية ضد دول مجلس التعاون لن تكون الوحيدة التي تطلق الصواريخ في الخليج.

وقد أثبت الواقع أن نظام الدفاع الجوي السعودي استطاع بنجاح أن يعترض جميع الصواريخ المصنعة إيرانيًا (57 صاروخاً) التي تم إطلاقها من اليمن.

وكما أكد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية؛ فإن الصراعات في المنطقة سواء في سوريا أو في اليمن توفر مختبرًا لإيران لاختبار صواريخها في حروب حقيقية، ويقوم حزب الله والحوثيون سواء مباشرة أو غير مباشرة بمهمة تجريب الصواريخ الإيرانية.

تؤكد معاهد الدراسات الاستراتيجية أن إيران لا تستطيع استخدام نظامها الصاروخي بدقة عالية بسبب أن هذه الصواريخ تفتقر أصلاً للدقة، وهناك شكوك كثيفة حول فاعليتها العسكرية، ولا يخرج تأثيرها عن الحرب النفسية. فإيران أدركت منذ وقت طويل أنها عاجزة عن مواجهة القوّة العسكرية الأمريكية المتمركزة في مناطق الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط والمحيطين الهندي والهادي، وإزاء هذا العجز يحاول نظام الملالي في طهران الاستعاضة عنه بقوة عسكرية لشن حرب استنزاف أو خوض حرب بالوكالة ضد الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين. وليس أمام إيران خيار آخر، فهي عاجزة عن مجاراة التحديث المتلاحق للترسانة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط.

تعول إيران لتعويض الفرق العسكري ببناء قدرات صاروخية بالستية متوسطة وبعيدة المدى، وصواريخ مضادة للسفن. الجهود الإيرانية خلال ربع قرن سمحت لها بإنتاج محركات صاروخية بقياسات صغيرة تعمل بالوقود الصلب، وأن تستعمل هذه المحرّكات من أجل تطوير صواريخ قصيرة المدى، يمكن استعمالها كمدفعية بعيدة المدى. كما تصنع إيران الآن نماذج عديدة من الصواريخ قصيرة المدى والتي يتراوح مداها ما بين 30 و200 كلم. وتتصف هذه القذائف الصاروخية بعدم الدقة، ولكن كلفتها المتدنية تسمح باستعمالها بكثافة وخصوصًا في العمليات الدفاعية. وقد واجه الإيرانيون مشاكل فنية عديدة منعتهم من تطوير محركات كبيرة تستعمل في الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى. ويبدو أنّ إنتاج مكوّنات طويلة من الوقود الصلب ستتطلب المزيد من الوقت والمخصصات المالية.

كما أن الجهود لصنع محرّكات تعمل بالوقود السائل واجهتها أيضاً مصاعب، لذلك عززت طهران تعاونها السري مع الدولة المارقة كوريا الشمالية لتلقي المساعدة لتجاوز الصعوبات. وفضلاً عن استيراد صواريخ سكود – سي، اشترت إيران من كوريا الشمالية مصنعاً لإنتاج صواريخ سكود، أسمتها»فجر-1«(أو 63- بي ام- 12 بمدى 8 كلم)، و»فلق-1«(مدى 10 كلم)، و»عقاب«-نموذج 83 (مدى 30 كلم)، و»فجر-3 «(مدى 43 كلم)، و»فجر-5«(مدى 80 كلم).

غير أن هذه الصواريخ قصيرة المدى ليست لها قيمة إضافية كعامل الردع الذي تريده إيران، ويستخدم نظام الملالي هذه الصواريخ بهدف زيادة قدراته النارية، حيث يمكن من خلالها مضاعفة كثافة نيران المدفعية التقليدية وزيادة مدى هذه النيران. ويمكن أن يعوّض حجم النيران التي توفّرها الصواريخ قصيرة المدى، ولو بصورة جزئية، النقص القائم في نيران المساندة الجوية، الناتج عن تقادم قدراتها الجوية وضعفها، وخصوصًا في مواجهة أي عملية غزو برّي.

وغالب الصواريخ التي زودت بها إيران ربيبها اللبناني (حزب الله) هي من هذا النوع من الصواريخ.

استغلت إيران امتلاكها للمصنع الذي اشترته من كوريا الشمالية لتطوير نسخ إيرانية من سكود- بي وأسمته شهاب (300 كلم) وشهاب 2 (يعرف في الدولة الشيوعية الستالينية باسم«هواسنغ 5» ويبلغ مداه 600 كلم)، ثم شهاب 3 وهو نسخة من الصاروخ الكوري الشمالي «نودونغ» ويبلغ مداه 1300 كلم، وتعديله لاحقاً ليبلغ مداه 2000 كلم. وإنتاج نموذج جديد منه بالاستفادة من مواصفات الصاروخين الروسيين SS21 وSS23 ليحمل اسم«قادر – 1»وهو يشبه الصاروخ الصيني DF25، أما شهاب -4 فهو نموذج آخر من الصاروخ الكوري الشمالي «نودونغ -2» والروسي SS-4،ويبلغ مدى هذا الصاروخ مابين 2000 إلى 3000 كلم.

وقالت مصادر «اسرائيلية» إن صاروخ «عاشوراء» الإيراني البالستي متعدد المراحل ويعمل بالوقود الصلب، يتراوح مداه ما بين 2000 إلى 2400 كلم. وتسعى إيران إلى إنتاج الصاروخ شهاب 5 ليصل مداه إلى 5000 كلم. كما كشفت أن إيران حصلت على 18 صاروخاً من طراز BM25،مع منصات متحركة للإطلاق.

وتسعى إيران أيضاً لإنتاج صواريخ جوالة(كروز)،وزعمت أنها تبني 14 نموذجاً من الصواريخ الجوالة ومن أسمائها ظفار ونصر وقادر وغدير..الخ.، وفي حقيقة الأمر هذه النماذج هي نسخ من صواريخ KH55 (اشترت 12 صاروخاً من اوكرانيا)، وAS115A،وSS-N-22 (وهي صواريخ تعود إلى الحقبة السوفيتية واشترت من النوع الأول من روسيا 8 صواريخ) ومدى هذه الصواريخ يتراوح بيم 35 -40 كلم. كما يدخل في النماذج المقلدة الصاروخ الصيني HY-4K-601-FL-4 المعروف ب «دودة الحرير» ويصل مداه إلى 150 كلم ويطير بسرعة 0.8 ماخ.

والمشكلة في حقيقة الصواريخ الإيرانية أن غالب مصدر المعلومات عنها إما من إيران نفسها التي تبالغ في تقدير قوتها العسكرية على غير الواقع، و«إسرائيل» التي تبالغ في تضخيم القوة العسكرية التي تمتلكها إيران لتبرير ضربها أو إقناع الدول الغربية باتخاذ خطوة للأمام لمجابهة الخطر الصاروخي الإيراني، والحصول أيضاً من هذه الدول على أسلحة ومعدات وتكنولوجيات متقدمة تضمن التفوق «الإسرائيلي» الجوي والعسكري والاستخباري.

تثير إيران ضجة ضخمة حول برامجها الصاروخية، وتنتهز الفرصة ما بين الحين والآخر للإعلان عن نجاح تجربة إطلاق صاروخ بالستي، والتبجح بقدراته التدميرية ودقته..الخ، وهي بالطبع ادعاءات لا يسندها دليل، فالهدف من الإعلانات المتكررة عن نجاح التجارب الصاروخية بأمداء عالية هو توجيه رسالة تطمين للداخل، ورسالة تهديد إلى الخارج مضمونها أن إيران تملك قوة ردع كفيلة بجعل من يفكر في مهاجمتها إعادة النظر في نواياه.

في التقييم الواقعي للصواريخ الإيرانية، وهي كما أسلفنا نسخ مقلدة من «سكود»، فإن الصواريخ قصيرة المدى وإن تعددت مسمياتها (زلزال -1،زلزال -2، وزلزال -3،و فاتح -110)، فإن هناك شكوكاً حول القدرات الفنية والتدميرية لهذه الصواريخ، فهي محدودة التأثير لعدة عوامل أولها صغر حجم الرؤوس التدميرية التي تحملها، وافتقارها إلى أنظمة التوجيه الدقيق. وفي التجربة العملية استعمل ربائب إيران في لبنان واليمن(حزب الله والحوثيون) هذه الصواريخ في قصف عشوائي عوضاً عن توجيهها لإصابة هدف عسكري مهم أو ذي أهمية لوجستية مثل الموانئ والمطارات.

وهذا هو ما يدفع الخبراء الاستراتيجيين إلى القول إن افتقار الصواريخ الإيرانية إلى الدقة والقوة التدميرية، يجعل منها في نهاية الأمر مجرد سلاح سياسي أو سلاح لإثارة الرعب بين المدنيين. وهذا يرتبط فقط باستخدام هذه الصواريخ في حروب ومعارك غير تقليدية، يخوضها بالوكالة عن إيران ربائبها وصنائعها من الجماعات والميليشيات المسلّحة الموالية لها مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.

الحرس الثوري الإيراني الجيش العقائدي لنظام الملالي، يتبجح ويدعي على الدوام أن أجرى تجارب ناجحة لصواريخ بالستية ويتحدث عن أمداءها العالية، بيد أن هناك شكوكاً حول حقيقة هذه التجارب للتثبت من دقة الصواريخ وقدراتها التدميرية، لأن هذه التجارب أجريت في أحوال ميدانية غير مشابهة لأجواء حرب حقيقية، بل تشبه تمارين إطلاق النار في ميدان الرماية، من دون وضع اعتبار إلى ما يملكه الطرف الآخر من أنظمة دفاعية فعالة ومجربة.

تؤكد مراكز الدراسات الاستراتيجية والدفاعية أن الصواريخ الإيرانية تفتقر إلى الدقة، وغير مزودة بأنظمة توجيه في أثناء طيرانها أو بأجهزة ذاتية للتعرف إلى أهدافها، وهذه النواقص الفنية والتقنية تجرد القوّة الصاروخية من الموثوقية بها كسلاح ردع، أو ضمان إصابة الأهداف وتدميرها، وعليه الفشل في تحقيق الهدف منها.

إيران تثير ضجة إعلامية حول قدراتها الصاروخية، بالحديث عن إجراء التجارب الناجحة، أو فرد عضلاتها خلال الاستعراضات العسكرية في مختلف المناسبات، في محاولة لخلق تأثير سياسي ونفسي في الخارج، ورفع الروح المعنوية لشعبها وقواتها المسلحة وربائبها وصنائعها في المنطقة العربية، وهي في نهاية الأمر تصب في الحرب الدعائية والنفسية.

المصدر: الخليج