رسوم.. رسوم.. رسوم

آراء

بعض الجهات وبالأخص شركات الخدمات التي أنيط بها إدارة بعض المرافق العامة والخاصة لا تنظر لما أسند إليها من تعهيد إلا من منظور واحد، تحقيق أقصى ربحية باستحداث وابتكار رسوم «غريبة»، من دون إدراك أبعاد المبالغة في فرض وتحصيل تلك الرسوم التي تمثل عبئاً يثقل كواهل المتعاملين معهم، وتترتب عليه تداعيات تمسهم وتؤثر عليهم.

قبل أيام، تابعت ما تعرض له أحد الإخوة المواطنين من جانب شركة خدمية مسؤولة عن تكييف المبنى الذي يقطنه في العاصمة، فخلال فترة العمل عن بُعد، كان في مدينة أخرى لبعض الوقت، وعندما عاد لمسكنه فوجئ بقطع خدمات التكييف عنه، ذهب مستفسراً قيل له إن قطع الخدمة بسبب تأخره في سداد فاتورة بقيمة 400 درهم، ولاستعادتها خلال 48 ساعة عليه دفع المبلغ المستحق مضافاً إليه غرامة تأخير قدرها 1050 درهماً، أما إذا أراد استعادة الخدمة بصورة فورية، فمطلوب منه إضافة 500 درهم لتلك المبالغ، ليجد نفسه مطالباً بدفع 1950 درهماً عداً ونقداً لتسوية فاتورة بقيمة 400 درهم!!

بصراحة، استغلال مثل هذه الجهات حاجة الناس لخدماتها بفرض رسوم إضافية مبالغ فيها، بحاجة لمن يردعها، لا أحد يعترض على حقها في تنمية مواردها والمحافظة والحرص على إيراداتها بعيداً عن المبالغة، فبأي مسوغ قانوني استندت عليه في فرض غرامة تفوق ضعفي المبلغ المستحق، وأكثر منه إذا ما أراد المستهلك الاستفادة من الخدمة على الفور.

هناك أيضاً بعض الجهات الحكومية والخاصة أيضاً وللأسف تبالغ في رسومها، وتجد واضع رسومها من عشاق «النوط الأزرق» حيث لا تقل أي غرامة أو مخالفة في قائمتهم عن الخمسمائة درهم. وقد انضمت لهم أيضاً طائفة من المستشفيات الخاصة والبنوك، حيث طباعة أي ورقة رسمية من سجلاتهم تكلف 100 درهم. وكل ما أخشاه أن تمتد هذه الحمى لبقية المؤسسات، فتجد نفسك كموظف مطالب بسداد رسم مقابل كل شهادة «لمن يهمه الأمر» تطلبها لتقديمها هنا أو هناك، خطوة غير مستبعدة مع كثرة «مستشاري الغفلة» في بعض المؤسسات ممن يريدون إثبات وجودهم وأهميتهم بمثل هذه الاقتراحات «الحلمنتيشية».

أقول إن حمى الرسوم التي ضربت بعض المؤسسات تجيء في وقت استشعرت فيه دوائر اقتصادية عدة طبيعة الظروف، فخفضت أو ألغت الكثير من رسومها لزيادة جاذبية بيئة الأعمال، بينما يواصل أولئك اللاهون عن ظروف الناس إرهاقهم برسومهم المبالغ فيها، وكان الله في عون الجميع.

المصدر: الاتحاد