شفافية ومعايير عالمية

آراء

خلال الأيام القليلة الماضية، أصدرت إحدى محاكم دبي حكماً يُعد الأكبر ضد شركة عالمية كبرى عاملة في مجال التدقيق، وكانت له أصداؤه محلياً وعالمياً، باعتباره يرسخ المكانة العالمية للإمارات وجهة مفضلة للاستثمارات والأعمال، بما تتمتع به من سمعة عالمية معززة وما تتمتع به من تنافسية وتشريعات متطورة وشفافية وبيئة مثالية تستند لبنية تحتية من طراز رفيع.

يُعد حكم «محاكم دبي» على شركة «كيه بي إم جي لوار غلف» دفع 231 مليون دولار (848 مليون درهم) لصالح مجموعة من المستثمرين خسروا أموالهم، كما جاء في دعواهم بسبب ضعف «تدقيق الجودة» الذي أجرته الشركة على صندوق استثمروا فيه.

جاء في الحكم الذي تناولته وسائل إعلام وصحف عالمية أن «شركة التدقيق التي تعد إحدى أكبر 4 شركات تدقيق في العالم – انتهكت معايير التدقيق الدولية بالموافقة على البيانات المالية لصندوق البنية التحتية الذي تديره شركة الأسهم الخاصة المنهارة «مجموعة أبراج».

ويُعد الحكم الأكبر على الإطلاق ضد شركة محاسبة ذات عائدات تتجاوز 210 ملايين دولار (770 مليون درهم) في آخر سنة مالية لها بحسب تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز». وجاء في حكم المحكمة «أنها استنتجت من أوراق ووثائق وتقرير لجنة الخبراء المعيّنة أنها واثقة من أن شركة التدقيق قد ارتكبت العديد من المخالفات عند تدقيقها للقوائم المالية لصندوق الاستثمار.

الحكم جاء في وقت شهد فيه عدد من عواصم المال والأعمال دعاوى وأحكاماً مماثلة بغرامات بملايين الدولارات ضد شركات عالمية للتدقيق، لتؤكد ما ذكرناه بالأمس من ضرورة وضع هذه الشركات سواء العاملة في مجال التدقيق أو الاستشارات الاقتصادية تحت المجهر، وعدم ترك «الخيط والمخيط» لها لترسم سياسات وتحدد مسارات ومصائر تتعلق بمستقبل وحياة البشر، لتتسبب بعد ذلك في انهيارات تهز الأسواق والمجتمعات، وتتطلب سنوات عديدة لتجاوز آثارها.

تداول الحكم الصادر وما حظي به من اهتمام داخلياً وخارجياً ينبغي أن يكون درساً لأولئك القابعين في دوائر «الاتصال المؤسسي» ممن يتحفظون على بث مثل هذه الأخبار من دون إدراك بأهميتها وما تمثله لإبراز صورة الدولة ومستوى الشفافية الذي تحرص عليه لضمان خلو بيئة الأعمال من أي شوائب وممارسات، وقد اجتهدت جهات عديدة لإبراز جاذبيتها كواحدة من أكثر مناطق العالم جذباً للاستثمارات والأعمال، فمثل هذه الأحكام تمثل إضافة لرصيد دولة القانون والمؤسسات.

المصدر: الاتحاد