شكراً للذي وهب

آراء

الآن عندما تسير في الشارع أو المحال التجارية أو في أي مكان من الإمارات تشعر بالفخر وأنت ترى شباباً يرفلون بهامات الرجال وقامات الأبطال، يذكرونك بالأفذاذ السالفين الذين مضوا والذين مخروا عباب البحار وحفروا هضاب القفار باحثين عن لقمة العيش الشريفة، ونعمة الخير المنيفة.. الآن تجد شبابا من الإمارات أدوا الخدمة الوطنية يضربون الأرض بأقدام جسوره وينظرون إلى العلا بعيون فخورة يشع منها بريق الرجولة ويفاعة الرجال الجهابذة، لماذا؟ لأنهم تعلموا من العسكرية الضبط والربط والنظام واحترام القيم الإماراتية الأصيلة.. لأنهم تعلموا من العسكرية كيف يكون الإنسان إنساناً عندما يحافظ على أديم الأرض ويحفظ الود مع الشارع والناس في ملبسه ومشيته وسلوكه وحديثه مع الآخرين.

نقول شكراً لمن وهب جيل شبابنا هذه النعمة، وشكراً له لأنه وضع حداً للامبالاة وقطع دابر الأفكار الهامشية، اليوم كل شبابنا الذين انخرطوا في مضمار الصدق والإخلاص يجدون أنفسهم أمام مسؤولية وطنية كبرى، وأمام التزام أخلاقي لا مناص منه، وأمام حقوق اجتماعية يجب مراعاتها والانتباه لها والاهتمام بها، لأنها واجبات يفرضها الواجب الوطني، وترسخها القيم الإماراتية، وتضع لبناتها الأساسية موائد الإرث العريق.. في الخدمة الوطنية تعلم الشباب كيف تكون الحياة، وكيف يطرح الإنسان نفسه أمام الآخرين من دون تزييف أو تحريف ومن دون مساحيق تجميل لا تزين وإنما تحيل الإنسان إلى مسخ.

قانون الخدمة الوطنية ساهم بالشيء الكثير في توجيه البوصلة باتجاه ثوابت أخلاقية لا مجال لتجاوزها مهما بلغنا من تغير اجتماعي وتطور سيكولوجي، ما جعل الانتماء إلى الأرض، مثل تجذر الشجر في أتون التراب النبيل، مثل تمدد الجبال على سجادة السفح الأصيل، ومثل انشراح البحر عند سواحل الآمال العريضة.

شكراً للذي وهب، لأنه فتح الأبواب فسيحة للذين يعشقون الوطن كما يعشقون الحياة، وللذين يكتبون قصائد الأحلام الوردية، والذين يرسمون لوحات الوجه البهي لوطن أصبح قامة الدنيا ومقامة الحياة وأيقونة يتغنى بها الطير وتنشد الأغصان، حياك يا وطن الاستثناءات والتميز.. شكراً للذي وهب، لأنه قرأ الواقع قراءة صحيحة، وجاء بمصل المناعة ليبقى الوطن دوماً في حله وحلله رائعاً ناصعاً رافعاً راية الظفر في مختلف الميادين والصعد.

وإذ نفخر بهذا الجيل فإن الوطن يعلق آمالاً كباراً يضعها على عاتق كل من يمشي على تراب هذا الوطن، ويطالبه بالمزيد من العطاء والمزيد من إثراء الوطن بإنجازات رجولية بطولية تبيِّض الوجوه، وتسر القلوب، وتبهج النفوس، وتسعد من تعبوا لأجل أن يصل الوطن إلى هذه المراتب المتقدمة من التطور، وإنجاز مشروعاته، والحفاظ على مكتسباته.

المصدر: الإتحاد