“عرائس الموت”.. جرح مؤلم بجسد اليمن

منوعات

ظاهرة زواج الصغيرات أو “عرائس الموت” باتت تترك غضبا كبيرا لدى العديد من الأوساط الاجتماعية والسياسية في اليمن، فهي، بحسب آرائهم، تنتهك حقوق الأطفال ولاسيما حق الفتيات في الحياة والتعلم والكرامة الإنسانية.

وأثار خبر وفاة طفلة عمرها 8 أعوام ليلة عرسها الأسبوع الماضي الكثير من الغضب، لاسيما وأنها تزوجت من رجل يبلغ من العمر 40 عاما، وتعرضت “روان” إلى عنف جنسي أدى إلى وفاتها بعد نقلها إلى المستشفى حسبما أفادت مصادر متطابقة “سكاي نيوز عربية”.

وتشير بيانات للأمم المتحدة والحكومة اليمنية أن نحو 14 بالمائة من الفتيات اليمنيات يتزوجن في سن أقل من 15 عاما وأن 52 بالمائة يتزوجن وعمرهن 18 عاما، وتوضح البيانات أن عددا كبيرا من الفتيات اليمنيات يحرمن من الذهاب إلى المدارس فور بلوغهن.

وتوضح تقارير رسمية يمنية أن 8 حالات وفاة تحدث يوميا في اليمن بسبب زواج الصغيرات والحمل المبكر والولادة في ظل غياب المتطلبات الصحية اللازمة.

مأساة تتكرر

وفاجعة روان لا تختلف عن فاجعة أخرى شهدتها البلاد في أبريل 2010، وكانت ضحيتها إلهام العشي ذات 12 عاما والتي توفيت بعد ثلاثة أيام من زواجها بسبب العنف الجنسي، وتزوجت إلهام على طريقة زواج البدل أو الشغار، إذ تزوج في الوقت ذاته، شقيقها بشقيقة زوجها.

وفي 2008، هربت “نجود” البالغة من العمر 8 سنوات من بيت زوجها، 42 عاما، في أحد أرياف اليمن وسافرت بمفردها إلى العاصمة صنعاء في سيارة أجرة، حيث ذهبت إلى المحكمة تطلب على الملأ، وبشجاعة غير معهودة، من القاضي تطليقها من زوجها.

وقالت نجود محمد ناصر عند تقدمها لدى قاضي محكمة غرب أمانة العاصمة أن والدها زوجها من شخص عمره 30 عاما دون رضاها، موضحة أنها “كانت تركض من غرفة إلى غرفة هربا من زوجها ولكنه كان يلاحقها ومن ثم يضربها، وطالبت نجود المحكمة بالطلاق منه للحصول على حياة كريمة وتواصل تعليمها.

وشجع حصول نجود على قرار من المحكمة بتطليقها العديد من الفتيات الصغيرات للذهاب إلى المحكمة لطلب الانفصال عن أزواجهن المسنين، مثل ريم النميري (12 عاما)، في 2009 وسالي الصباحي (12 عاما) في منتصف 2010.

عرائس الموت.. وطاولة الحوار

عرائس الموت، لقب تطلقه المنظمات الحقوقية في اليمن على الفتيات الصغيرات اللواتي يتم تزويجهن في أعمار مبكرة، وبفعل جهود بعض الناشطات في مجال حقوق الإنسان تم إدراج قضية زواج الصغيرات ضمن القضايا الرئيسية التي يتم حاليا مناقشتها في مؤتمر الحوار الوطني.

وقالت رئيسة فريق الحقوق والحريات في مؤتمر الحوار الوطني أروى عثمان لـ”سكاي نيوز عربية”: “إن ما حدث للطفلة روان هي جريمة بشعة ونحن في مؤتمر الحوار نضع هذه القضية على الطاولة وقد آن الأوان للقوى التقليدية أن تصوت لصالح تجريم هذا الزواج”.

وتابعت :”أثناء انعقاد جلسات الحوار أحضرنا إلى القاعة طفلة تزوجت وعمرها تسع سنوات من شخص يزيدها بأكثر من 40 عاماً حيث أخذها عنوة عن أهلها وأخفاها في عدن وكان يغتصبها يومياً تحت تهديد السلاح، وعندما حضرت إلى مؤتمر الحوار كانت مدمرة نفسياً وأبكت جميع الحاضرين عندما روت قصتها”.

من جانبها، دعت الناشطة الحقوقية وعضو مؤتمر الحوار الوطني أمل الباشا ممثلي حزب التجمع اليمني للإصلاح وحزب الرشاد السلفي في مؤتمر الحوار الوطني، إلى التراجع عن مواقفهم الرافضة لمقترح قرار فريق الحقوق والحريات بمؤتمر الحوار بتجريم زواج الطفلات.

وأضافت :” لا أفهم الإصرار على نكاح الطفلات، فلنسمِ الأشياء بأسمائها، عفواً هو ليس زواجاً، بل نكاح فقط، لأن الهدف من الزواج تكوين أسرة مستقرة وأطفال يحصلون على تربية من أمهات ناضجات، وهذا غير مضمون من أمهات طفلات.. عدد الفتيات في سن الزواج متوافر وبكثرة ولا مبرر لنكاح الطفلات ولا مصلحة مطلقاً لطفلة في وأدها”.

ظاهرة مستمرة

ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء د.عبدالباقي شمسان أن مسألة القبول المجتمعي لزواج الصغيرات ستبقى مستمرة، نظرا لارتفاع نسبة الأمية في أوساط المجتمع.

وأضاف في حديث لسكاي نيوز عربية: “تدني المستوى المعيشي لدى غالبية المجتمع يدفع بعض الأسر إلى القبول بهذا الزواج المبكر بفعل الإغراءات المادية أو التخلص من عبء المسؤولية العائلية”.

وبخصوص عدم نجاح جهود المناهضون لهذه الظاهرة قال شمسان :” أسباب الظاهرة مركبة ومعقدة ومتداخلة.. منها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ناهيك عن غياب التشريعات وضعف دور مؤسسات المجتمع المدني التي حاولت قبل نحو 3 سنوات العمل على اصدار قانون يحدد سن الزواج ما دون 18 عاما وعدم قدرتها على العمل دون أن تنجح في ذلك”.

المصدر: سكاي نيوز عربية