«كورونا».. والاحتيال

آراء

غير بعيدٍ عن حديثنا بالأمس عن الشركات التي تتفنّن في خداع صغار المستثمرين، وتزج بهم في محافظ لا يجنون منها سوى الندم والخيبات بعد تبخر أموالهم بين سطور العقود الغريبة والتي تُحجب تفاصيلها عند بدء التعاقد، نتحدث عن اشتداد حملات الترويج عبر الرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعي أو حتى الاتصالات الهاتفية للتداول مع هذه الشركة أو تلك أو شراء عقار في مشروع خارج البلاد، مكالمات ترد على مدار اليوم وفي أوقات مزعجة. البعض برر هذه الهجمة القوية مع تداعيات تفشي جائحة «كورونا» حول العالم، ووجود فئات وجدت نفسها أمام أوضاع جديدة سواء بسبب انخفاض مداخيلها أو فقدان وظائفها وأعمالها.

تركزت تلك الحملات على بلداننا الخليجية بسبب الازدهار الاقتصادي فيها وحيوية بيئة الأعمال فيها، ووجود شرائح واسعة من الشباب العاملين ترغب في استثمار مدخراتها وبدء مشروعاتها الخاصة. وهو طموح مشروع، شريطة عدم الاندفاع وراء بريق الإعلانات ووعود أصحاب الابتسامات الصفراء، بل تتطلب التوقف عند أدق التفاصيل والبنود الواردة في العقود وطلب المعلومات واستشارة أصحاب الاختصاص والخبرة.

في تقرير جرى نشره مطلع العام الجاري، ذكرت إحصاءات إدارة المباحث الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، أنها أطاحت 97 متهماً ضمن أخطر العصابات الدولية خلال العام الماضي، كانوا سيتسببون في خسائر تقدر بنحو 11 ملياراً و803 ملايين و728 ألفاً و300 درهم لأفراد المجتمع من خلال عمليات النصب والاحتيال الإلكتروني.

شركات بيع الوهم والوسطاء يمتلكون من الحيل الكثير للإيقاع بضحاياهم، ومن خلف تلك الشركات جيش من القانونيين والمحللين الذين حرروا العقود بصورة تكبل الحالم بالاستثمار لدرجة الشعور بالعجز عندما يصل إلى مرحلة لا يستطيع معها سحب المبلغ الذي استثمره إلا بعد عشرين عاماً!

حملات عديدة نظمتها دوائر القضاء والشرطة للتوعية والتحذير من باعة الوهم والثراء السريع، كما نظمت هيئة تنظيم الاتصالات حملة «احذر أن تكون التالي»؛ لتبصير أفراد الجمهور وتوعيتهم بحيل وأساليب الخداع التي يمارسها أولئك الذين يدعونهم للاستثمار في فرصٍ لا تُعوض أو التداول في العملات والذهب والأسهم العالمية، ومع هذا نجد البعض ينجر ويسقط سريعاً في الشباك، ولا يفيق من حلم الثراء الموعود إلا متأخراً وبعد أن يكتشف الحقيقة المرة وتبخر أمواله، الأمر الذي يتطلب منا مقاربة جديدة في حماية البعض من غفلته.

المصدر: الاتحاد