مصارحة منصور بن زايد

آراء

لكل مدينة أبوابها، ليس فقط من طرقات وجسور، وإنما كذلك الأبواب الفكرية والأدبية، وتلك السياحية والحضارية. لأبوظبي المئات من تلك الأبواب التي لا يتسع المجال لها في هذه العجالة. فلا يمكنك القدوم إلى العاصمة من دون الولوج إلى الكورنيش المفعم بالحيوية، يأخذك باتجاه قصر الإمارات البهي والأبراج الأيقونية المحيطة به، وصولاً إلى قصر الوطن الذي تقف أمام مبانيه مبهوراً بما يحمله في تصميماته الخلابة من روايات تُكتب بأحرف من نور، والآسر فيه ذلك السكون الذي يفتح لك آفاقاً من الأفكار المرتبطة بمنجزات وطن، وحاضر منير ومستقبل مشرق.

أما أبواب الفكر والرؤى، فالوقوف عندها تحدٍ أكبر، لما في أبوظبي والإمارات من قامات وقامات سطّرت وتسطّر في كل يوم قصّة نجاح تدخل في أبواب الأساطير.

وعندما تلتقي قامة بحجم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، فمن المؤكد أن اللقاء لن يكون عادياً، ليس بسبب الملفات التي يديرها سموه بنجاح على الصعيد الاتحادي أو المحلي – وهي كثيرة – ولكن بسبب عمقه واطلاعه الشامل في تحليل الأمور وتوضيح المفاهيم والقضايا التي تشغل بال المجتمع والإعلام على حد سواء.

تتسم اللقاءات الإعلامية مع الشيخ منصور بن زايد بالشفافية والمصارحة في الاتجاهين، فسموه مستمع جيّد وحاضر في مناقشة المواضيع التفصيلية التي تهم الإعلام، ورسائله تكون دائماً واقعية تعالج القضايا المختلفة، وعنوانها الرئيسي منجز الإمارات الذي يجب أن نبني عليه لتحقيق رؤية القيادة وتطلعات المواطنين والمقيمين والزوار الذين يتوافدون لرؤية هذا المنجز.

حظينا يوم أمس كفريق إعلام وطني بفرصة لقاء الشيخ منصور بن زايد، وكان لقاء مثمراً تناول الواقع والمستقبل، الذي يرى فيه سموه أنه سيكون مثمراً مليئاً بالتحديات التي تتطلب من الإعلام مهام جديدة، أبرزها أن يكون استباقياً – لا مواكباً فقط – في معالجة ومتابعة القضايا المختلفة، وأن يكون شريكاً فعالاً في التنمية الشاملة أساس بناء الدول وتقدّم الحضارات.

وإذا كانت الإمارات تسير بسرعة كبيرة في تحقيق إنجازاتها وبناء مستقبلها، فإن الإعلام بحاجة لأن تكون سرعته ضعف سرعة تلك الإنجازات – كما يقول سموه – وذلك باستخدام أدوات جديدة أتاحتها تطورات التقنية للوصول إلى شرائح المجتمع كافة داخل الإمارات وخارجها على حد سواء.

الأولوية أيضاً يجب أن تكون للتنمية والاقتصاد، فهذه كما يقول الشيخ منصور بن زايد هي معركتنا الحقيقية للحفاظ على قوة دولة الإمارات، وكل ما عداها تفاصيل، وعند الحديث عن التنمية فهذا يعني الصحة والتعليم والخدمات والابتكار والتقنية والعدالة والأمن والأمان، أما الاقتصاد فهو العمود الفقري الذي يحصن الإمارات ويجعلها لاعباً عالمياً له قدره واحترامه وتنافسيته المتقدّمة.

الإمارات التي استطاعت على مدار الخمسين عاماً بناء نموذج عالمي يتمنى الجميع تحقيقه في بلدانهم، كان إعلامها على قدر المسؤولية، حاضراً ومواكباً وناقداً إيجابياً وبنّاءً ومواكباً لهذا المنجز، أي إنه نجح في أن ينال شرف المساهمة في هذا الإنجاز، وأن يكون في الصفوف الأولى مدافعاً عن مكتسبات الوطن.

وفي مرحلة الخمسين عاماً القادمة، سيكون الإعلام كذلك، على العهد، مواكباً لقفزات تاريخية تستعد الإمارات لبلوغها على مختلف الصعد، مستخدماً كل الأدوات الجديدة التي تتيحها التكنولوجيا للولوج إلى مختلف شرائح المجتمع، فقاعدته لن تكون كما السابق مقتصرة على الإمارات والمحيط، بل سبعة أو ثمانية مليارات نسمة هم سكان المعمورة، ينقل لهم بكل اجتهاد ومثابرة وشفافية قصص النجاح والرفاهية والإنسانية، وأخلاق وإنجازات هذه الأرض الطيبة.

أمام إعلام الإمارات الكثير من العمل، والعديد من المهمات الملقاة على عاتقه الذي تعهد بحملها، لنقل ما تحقق وسيتحقق مستقبلاً، رغم إدراكه أن المهمة ليست سهلة، حيث الطامعون، وحيث للنجاح أعداؤه دائماً ، وللمنجزين حاسدون، هكذا علمنا التاريخ، وهكذا سيحدثنا المستقبل.

الإمارات ستبقى بفضل قيادتها وحكومتها وشعبها والمقيمين على أرضها شعلة نور تضيء للعرب دربهم نحو التقدم والازدهار، وتفعل وتقول للعالم إنها بلد سلام وتسامح وتنمية، خدمة للإنسانية التي تجمع شعوب العالم، وإنها قادرة على المساهمة بالحضارة والعلوم بفعالية ومرونة قل نظيرها.

من المؤكد أن المستقبل للإمارات، لأنها تصنع مستقبلها بنفسها وسيكون القادم أفضل وأجمل.

المصدر: الخليج