«منال» و«لولوة» الصحافيتان «الكفيفتان» … نسخة عربية من « هيلين» و«براغنهليد»

أخبار

قادت «الأصابع» عقل السيدة الأميركية هيلين كيلر والتي يطلق عليها «معجزة الإنسانية» بعد إصابتها وهي تبلغ من العمر نحو عام ونصف العام بالعمى والصمم في آن واحد بسبب مرض التهاب السحايا وحمى قرمزية، إلى تحديها إعاقتها من خلال تعلمها النطق والتحاقها بكلية «رادكيلف» وحصولها على شهادة الدكتوراه في الفلسفة وكذلك في العلوم وممارستها الكتابة الأدبية، وبعد أكثر من اربعة عقود وعلى بعد آلاف الأميال، ظهرت في جدة منال الجعيد، ولولوة العبدالله، وهما تعانيان من إعاقة بصرية، إلا أن أصابعهما أيضاً كانت تقود عقولهما ببلوغ يفوق العيون المبصرة، بتحقيقهما عند تخرجهما في قسم الإعلام بجامعة الملك عبدالعزيزالترتيب الخامس من العشرة الأوائل 2012.

تفاصيل قصة منال الجعيد وإصابتها بإعاقة بصرية في المرحلة الثانوية بسبب التهاب صبغي وراثي في شبكية العين منعتها من الإبصار، تشبه كثيراً ما خاضته هيلين كيلر في بداية إصابتها 1881، إذ إن هيلين تعرفت بعد مضي عدد من السنوات على إصابتها بالسيدة راغنهليد كاتا وهي فتاة نرويجية تعاني من الصمم إلى جانب الإعاقة السمعية، لكنها تعلمت النطق واستطاعت التعايش مع حالتها، لتكون محفزاً كبيراً للسيدة معجزة الإنسانية.

لولوة العبدالله التي تعاني أيضاً من إعاقة بصرية وتمتلك صوتاً إذاعياً مميزاً كانت لمنال بمثابة راغنهليد لهيلين، إذ التقتا في قسم الإعلام أثناء تنفيذ إحدى المسرحيات، بعد انقطاع منال عن التعليم لمدة بلغت خمسة أعوام، لكنها رأت في لولوة دافعاً قوياً لإكمال دراستهما سوياً.

منال الجعيد التي تمتلك موهبة في الكتابة الأدبية أوضحت أن مرض الالتهاب الصبغي الوراثي في شبكية العين الذي تعاني منه، ليس له علاج بحسب ما أفادها الأطباء، وبدأ بصرها يتدهور في المرحلة الثانوية، حتى فقدته عند تخرجها في التعليم العام والتحاقها بقسم العلوم في جامعة الملك عبدالعزيز، إلا أن مع حلول السنة الجامعية الأولى لم تعد ترى.

انقطعت منال عن التعليم لمدة بلغت خمسة أعوام، إذ إنها أصيبت بحالة نفسية سيئة، حتى بدأت تتكيف مع حالتها وعملت على البحث عن سبل تخولها التعايش مع إعاقتها، لتلتحق بجمعية إبصار الخيرية، وتنخرط في برامج التأهيل، ليعود إليها دافع الرغبة في مواصلة تعليمها الجامعي.

صعوبات عدة واجهت منال حين التحاقها بجامعة الملك عبدالعزيز من خلال برنامج الانتساب، تكمن في عدم وجود مناهج وأدوات تتكيف مع طبيعة إعاقتها، إلا أن رغبتها الجادة مكنتها من تحصيل معدل مرتفع وانضمامها إلى برنامج التعليم المنتظم، مضيفة «رغبت في الالتحاق بقسم الإعلام لكن إحدى الأكاديميات أخبرتني بأنه لا يمكن قبولي في قسم الإعلام بسبب وجود مواد يعتمد اجتيازها على حاسة البصر»، جدل طويل دار بين منال والأكاديمية التي رفضت قبولها في القسم، لكن تدخل إحدى المسؤولات ووعدها للجعيد بقبولها في القسم جعل طريق مستقبلها يبتسم.

46 كتاباً كان يعمل مرافق منال على نقلها إلى جهاز الكومبيوتر خلال «الترم» الواحد، لتستطيع المذاكرة عبر قارئ الشاشة، إذ إنها صعوبة أخرى لم تكن في الحسبان «لم توفر لنا الجامعة كتباً دراسية تناسب حاجاتنا الخاصة».

تطورت علاقة منال كثيراً بزميلتها لولوة العبدالله لتعملا على المذاكرة سوياً واجتياز المراحل الجامعية بدرجات مميزة، خولتهما تخرجهما في جامعة الملك عبدالعزيز بتحقيق المرتبة الخامسة على دفعتهما كاملة.

وقت طويل عاشته الفتاتان الصحفيتان الكفيفتان في صراخ مع الإعاقة لتظهر بوادر نجاحاتها وانتصاراتهما التي حققتاها، إذ إن جمعية إبصار الخيرية قررت أخيراً إسناد إدارة العلاقات العامة لفرع الجمعية في جدة إليهما، إضافة إلى برنامج التوظيف والتدريب.

المصدر:عبدالله الجريدان – صحيفة الحياة