مهرة سعيد المهيري
مهرة سعيد المهيري
كاتبة إماراتية

من أجل حماية الأمن العربى

آراء

يقع على عاتق أبناء الأمة العربية دور كبير ومهم وفعال فى حفظ الأمن الذى يعتبر الركيزة الأساسية لسلامة وطنهم، ويجب عليهم أن يحذروا من أية محاولات مغرضة تستهدف أمن وسلامة الوطن. وعلينا جميعا النهوض والمشاركة فى الحفاظ على أمن واستقرار وطننا العربى الكبير، من خلال دعم ومساندة جهود رجال الأمن وعونهم فى آداء مهامهم وواجباتهم.

إن تنوير مجتمعاتنا العربية بشكل عام، ومحاولة النهوض بها ورفع الوعى فيها، والمحافظة على تماسك جبهاتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية، والالتفاف حول ولاة أمورنا، يفوت الفرصة على كل حاسد ومخرب ودخيل.

أنعم الله على الإنسان بالأمن، الذى لا يقدر بثمن ولا يعرف قيمته الحقيقية إلا من يفقده، فنحن ننظر إلى كثير من المواقع فى العالم التى فقد أهلها الأمن والأمان، ونجد أن حالهم يرثى لها، لذا فالأمن والمحافظة عليه واجب الجميع، والأمن يشمل كل أشكال الحياة التى يمارسها المواطن، فلا يمكن لعاقل أن يعيش دون الأمن، ومن لديه نعمة الأمن يجب عليه أن يحافظ عليها، وألا يكون مساهما فى الإضرار بها بأى حال من الأحوال. وأن يكون المواطن العربى عونا لمن أوكلت له مهمة الحفاظ على أمن وطنه، فالأمن لا يمكن أن يقارن بأى شيء آخر، وأنه بالأمن تحيا وتتقدم الشعوب.

ما أريد قوله أن نجعل من كل فردٍ منا مشروع نهضة، بفكر جديد مجرد من الانتقامية، ومن قيود الماضى المثقل بالجراح التى لا تجدى سوى لذلك الزمن. نريد دماء جديدة بأفكار جديدة تنهض بخيرُ أمةٍ أخرجت للناس، بدلا من التغنى بتاريخنا وأمجاد الأجداد.. لنكن نحن وحسب، فمن نام على ماضيه نام ماضيه عليه، لا تبك على الماضى .. فيكفى أنه مضى .. أنظر للغد .. استعد .. شمّر عن سواعد الخير.

الأمة التى لا تحظى بالأمن سوف تنشغل بالخراب والدمار بدلا من الإعمار والازدهار، فالأمن هو المطلب الأول والأخير لكل الأمم، لعل الظروف المحيطة تحتم علينا جميعا ادراك عظم المسئولية الملقاة على عاتقنا فى التصدي، ومحاربة أى فكر متطرف يستهدف أمننا الوطنى ونشر الوعى والمعرفة بماهية مثل هذه الأفكار وتحصين مجتمعاتنا بكل فئاتها من السقوط فى مزالقه.

الأمن يشمل الأمن الفكرى والأدبى والإعلامى والاقتصادى والصحى والوقائي. كما أن الايمان بالله وحده هو طريق السعادة فى الدنيا والآخرة، وسبيل الأمن والحياة الطيبة، فعمران الأرض والحياة لايكون إلا بالأمن، وهو ما يتطلب من كل عربى أن يكون العين الساهرة على تحقيق الأمن لنفسه ومجتمعه وأمته.

المسئولية تكبر على الجميع فى المحافظة على منظومة الأمن وحسن ادارته فى الظروف الصعبة والتحديات والتهديدات المحيطة التى تتطلب اليقظة والحذر، خصوصا عندما يلبس أصحاب الفكر المتطرف عباءة الدين.

الحاصل أن أعداءنا يُحاوِلون جادِّين زعزعة استِقرار الأوطان العربية، مستغلِّين فى ذلك بعضًا من أبناء الوطن، بتلويث أفكارهم وتحريضهم على ما يضرهم ولا ينفعهم، فيجب علينا أنْ نعرف قدرَ هذه النِّعمة جيدًا، وأنْ نحافظ عليها بشتى أنواع الوسائل حتى نأمنَ فى دِيننا ودِيارنا، إذا عَمَّ الأمنُ البلادَ، وألقى بظلِّه على الناس، أَمِنَ الناس على دينهم، وأَمِنَ الناس على أنفسهم، وأَمِنَ الناس على عقولهم، وأمِنهم على أموالهم وأعراضهم ومحارمهم.

فتصوَّر كيف يكون حالُك لو خرَج ابنك إلى الشارع لا تأمن عليه، لو ذهبتْ ابنتك إلى المدرسة وخشيت ألاَّ تعود إليك، لو ذهبتَ أنت إلى العمل جلست على مِقعَد العمل قَلِقًا على نسائك ومَحارِمك فى المنزل، إضافةً إلى سرقات البيوت وسرقة السيارات وقُطَّاع الطُّرُق فى السفر وغيرها كثير، كم من البلاد الآن انتزع الأمن من بلادهم، فعاشَ أهلها فى خوفٍ وذُعر، فى قلقٍ واضطراب، ليل نهار، لا يهنَأون بطعام، ولايتلذَّذون بشراب، ولا يرتاحون بمنامٍ، كل ينتظر حَتفَه بين لحظةٍ وأخري، عَمَّ بلادَهم الفوضي، وانتشر الإجرامُ، لا ضبْط ولا أمن.

أعداؤنا يريدون النيل منا بمخالبهم القذرة مستهدفين أمننا واستقرارنا، وهم دعاة الفتنة ودعاة الضلالة ودعاة الشر الذين يقدحون فيما أنعم الله به علينا، فلن تطيب لهم نفس إلا إذا رأوا الوطن العربى كافة منتظماً مع الأوطان الأخرى التى أصابها ما أصابها من الفتن والشر العظيم التى أريقت فيها الدماء وأزهقت فيها الأرواح والتى شتت فيها الأسر.

يجب أن نعرف أعداءنا ونبتعد عنهم ونوجه أبناءنا بعدم السماع منهم، لقد تسببوا فى قتل كثير من الشباب وسجن أمثالهم، وهم يعيشون فى ترف من العيش ورخاء، ويقومون بالتنزه فى المنتجعات وفى جميع الأماكن التى تطيب فيها أنفسهم، وأما أبناء الناس فرخيصون عندهم ويجعلونهم وقوداً لإثارة الفتن أو بإشعال الفتن فى مواطن أخري، فإن ما نراه الآن فى الفئات الضالة الخبيثة، والتى خرجت من عباءة الإخوان المسلمين، هذه الفئات الضالة الخبيثة التى تحارب الله ورسوله والمؤمنين كالقاعدة وداعش والنصرة وغيرها من الأحزاب الخبيثة التى خرجت على مجتمعنا، والتى لم تخرج من مجتمعنا ولم نكن نعلم عنها فى السابق، إلا بعد أن جاءنا دعاة الفتنة الذين يدعون الناس إلى جهنم فغرروا بالناشئة وشتتوا شمل الأمة. إنها الأوطان إن انحرفت بوصلتها ماذا سيتبقى منها سوى الخراب ونعيق الغربان؟

المصدر: صحيفة الأهرام