من ساروق الحديد إلى عالم يبتهج

آراء

من منطقة المرموم في مشغل ساروق الحديد، هنا بدأت الحكاية، وهنا ناخت ركاب الحلم كي تعقص جدائل الطموحات بكل لباقة، مستفتية مآثر السائرين على دروب النور، مستنيرين بذهب العقول التي وهبت، والتي بذلت، والتي أعطت، وبذخت، وأترفت، وسبكت قلائد الرؤية مستفيضة بملكات الفطرة الصحراوية، طافحة بعفوية الذكاء، ناهلة من تراث عريق، مسددة عمالقة تبرأ على هذه الأرض كنها أشجار الغاف، كما هي أمواج بحر الخليج العربي، كما هي الجبال على تراب الوطن.

اليوم في إكسبو يخرج الشعار معطراً ببخور أيام زهت، وترعرعت، وأينعت، ويفعت، وسبرت أغوار عوالم امتدت من سند الهند، إلى دلمون البحرين، إلى بلاد الرافدين، إلى مصر الفرعونية.

اليوم وبعد أيام ينطلق سباق الوثبات الوسيعة، ويطل علينا عالم جديد اسمه عالم الإمارات في دبي، يسرج خيوله، ويسرد قصة الواقفين على جبال النهوض، الساردين رواية التألق من خلال التدفق سعياً إلى مناطق العشب القشيب، ووثباً نحو غايات توسع الحدقة، وتكحل الرموش، وتملأ وعاء القلب بالعذوبة، وتلبس الروح معطف الرخاء، وتجعل القلب يرتع في مرابع الخلود، والعقل تواقاً إلى منصات التطور، وفي جلبابه يكمن القلق، وما القلق إلا وعي بالحرية، وهو ما ترنو إليه المشاعر، وما تصبو نحوه أفئدة الذين وجدوا في العمل مناطقهم المزروعة بأشجار التوت، والتين والرمان.

هذه هي سجية عشاق الأحلام البهية، وهذه هي فطرة محبي الحياة، والذين لا يدعون لليأس مكاناً، ولا للقنوط محطة، هؤلاء هم أحفاد تلك الحضارة التي نبعت منذ أربع آلاف سنة في ربوع هذه الأرض، واليوم هم ينسجون نفس القماشة، ويلونونها بأنفاس أشف من ماء المطر، وأعذب من نث الغيمة.

اليوم الأشياء تعيد كتابة القصة على صفحات من ذهب الساروق، وبأقلام رجال عاهدوا الله بأن يكون الوطن، الحضن، والحصن لكل من لديه قلم الأسطورة، كي يكتب اسمه مخلداً على هذه الأرض، معطوفاً على تراكم مهارات وقدرات، وإمكانيات، وومضات تراكم من نور الحياة في عالم يحتاج إلى المصابيح المضاءة، ويحتاج إلى العقول المتفائلة.

الإمارات بلد الحلم، والعلم، بلد فيها تنمو أشجار الحياة، مرتشفة من عرق الذين يكدون ولا يسأمون، ويعملون ولا يسألون.

المصدر: الاتحاد