من عاصفة الحزم.. شكراً أوباما

آراء

قد تبتهج أسارير المغرضين والمرجفين في المدينة فعنوان المقال شهادة بأن عملية عاصفة الحزم كما يدعي البعض قامت بها المملكة العربية السعودية بأوامر من الولايات المتحدة ولتنفيذ أجنداتها والأجندة الإسرائيلية، متغافلاً عن وجود تحالف واضح المعالم مكون من دول خليجية وعربية وإسلامية ذي شرعية عربية ودولية. المرجفون لا زالوا ينظرون لعنوان هذا المقال ويؤولونه وفق أهوائهم.

نسير مع القارئ لنرى ما إذا كان الأمر كذلك أم أن هناك أبعاداً أخرى؟

إنه يناير 2009 عيون العالم متجهة إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حدث مغاير عما سبقه. ما الذي حدث، إنه تنصيب أول أميركي أسود رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. إنه باراك أوباما الذي ورث تركة من سلفه مليئة بالحروب والتخبط والفشل في عدد من الملفات الخارجية ولاسيما الشرق الأوسط وتحديداً الغزو الأميركي للعراق. العبء ثقيل والأزمة الاقتصادية تقصم ظهر الجميع.

ينبري الرئيس الجديد قاطعاً عهداً على نفسه بأن يأتي بسياسات مغايرة عن سلفه. ولكن في الوقت ذاته ومهما اختلف عن سلفه لا يمكن أن يتغافل عن الدور الدولي للولايات المتحدة وقيادتها.

إنها القاهرة المحطة الخارجية الأولى لباراك أوباما. خطبته التي هلل لها العرب، فمفرداتها توحي بعصر جديد يتجلى فيه حل لأهم القضايا الإسلامية وهي القضية الفلسطينية.

الحماسة تنتهي مع الأمتار الأولى لطريق طويل يزاحم تطلعات أوباما، تعنت إسرائيلي ولوبي أميركي ضاغط.

الصورة السابقة لهذه الإدارة والثقة بها في حل القضايا وغيرها أصبحت محط شك وتمحيص.

الإرهاب يتفشى وهناك من يهمس في أذن الرئيس الأميركي عليك بتبني جماعات الإسلام السياسي فهي تمثل الإسلام الوسطي ويمكن عن طريقها إضعاف ظاهرة الإرهاب الديني. فكرة يبدو أنها أطربت مسامع الرئيس الأميركي وتناسى أن يعطي للأذن الأخرى مجالاً لتسمع أن الواقع يقول: لا يمكن بأي حال من الأحوال تبني سياسة واحدة لتطبيقها على الشرق الأوسط، ويكفي ما حل بالعراق نتيجة تلك الشعارات المزيفة. تناسى أن الواقع يقول إن الوسطية هي جوهر الإسلام وهو أمر غالب في المجتمعات الإسلامية ولا تحتاج هذه المجتمعات لمن يوظف الإسلام لغايات سياسية.

تنتهي تلك المغامرة في دعم حركات الإسلام السياسي لتدرك الإدارة الأميركية كم هي مخطئة في ذلك الطرح وتبنيه وتثبت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وغيرها من الدول كم كان موقفها صحيحاً حين وقفت مع الشعب المصري في ثورته في 30 يونيو ضد من كان يريد أن يخطف قلب الأمة العربية ويُقزم دورها خدمة لمصالحه الأيديولوجية الفئوية.

الصورة السابقة لهذه الإدارة والثقة بها في صورة اهتزاز وبداية شك وريبة.

الخطوط الحمراء ترسم الواحدة تلو الأخرى. ما هي هذه الخطوط؟ إنها خطوط أوباما لوقف تجاوزات نظام الأسد في سوريا. ما الذي يحدث؟ يقول الأخضر الإبراهيمي كانت الطائرات جاهزة لضرب نظام الأسد ولكن الرئيس الأميركي رفض.

الصورة السابقة لهذه الإدارة والثقة بها وصلت إلى أعلى درجات التشكك من قبل مجلس التعاون الخليجي.

التجاوزات الإيرانية في المنطقة مستمرة وتستمر التصريحات الإيرانية بأن دول الخليج أضعف من أن تحرك ساكناً وليست سوى منقادة من قبل الولايات المتحدة. إذن تمضي إيران في توسعاتها وهذه المرة في خاصرة الخليج العربي. إنها اليمن والتمدد الحوثي. لمَ لا فالرئيس الأميركي يمتدح النظام الإيراني ويصفه بأنه ذو نظرة استراتيجية ويعي ما يريد.

الخطر محدق فصنعاء أصبحت كما قال أحد نواب البرلمان الإيراني العاصمة الرابعة التي تسقط في يد إيران التي تبارك التحركات الحوثية ورئيس تحرير صحيفة «كيهان» شريعتمداري والمقرب من المرشد الإيراني يتبجح بأن الجيش السعودي غير قادر على مواجهة الحوثيين. وما هي إلا ساعات معدودة حتى انطلقت عاصفة الحزم فلم نسمع لرئيس تحرير صحيفة «كيهان» ركزاً.

من عاصفة الحزم شكراً أوباما فذلك التردد وعدم الرغبة في الانغماس في قضايا الشرق الأوسط والالتفاف نحو شرق آسيا قد فتح المجال وساهم بشكل كبير في إبراز ما لدى دول الخليج من قدرات تستطيع بموجبها مواجهة التحديات والوقوف في وجه الأطماع القادمة سواء من إيران أو غيرها. والأهم هنا استثمار عاصفة الحزم والانطلاق منها بوصفها نواة لعمل عربي مشترك يعزز من الأمن الإقليمي العربي.

«فرب ضارة نافعة».

المصدر: جريدة الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=84162