نهيان بن مبارك في مؤتمر الخليج الـ 17: فلسطين تاج العروبة تسمو بعطاءات أبنائها

أخبار

أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، أن فلسطين العزيزة في القلب والوجدان، وأن «دار الخليج» لا تزال تسير على النهج القومي لمؤسسيها الراحلين تريم وعبدالله عمران.

وقال إنهما، رحمهما الله، قدوة لنا جميعاً في الاهتمام بقضايا الأمة. وكان تأسيسهما ل«دار الخليج» حدثاً تاريخياً مهماً، وأشار في كلمته في مؤتمر «الخليج» السنوي في دورته السابعة عشرة، إلى أن إنجازات «الدار» تقف شاهداً على رؤية الأخوين المؤسسين وعطائهما.

وتالياً، نص كلمة الشيخ نهيان:

أحييكم أطيب تحية، ويسرني، أن أشترك معكم، في هذا المؤتمر الذي يتناول بالبحث والمناقشة هذا العام، مستقبل المشروع الفلسطيني، بما يؤكده ذلك، من أن فلسطين العزيزة، هي دائماً، في العقل والقلب والوجدان، بل وما يعبر عنه، من أن دار الخليج، تسير بصدق وإخلاص، وفق الرؤية القومية الرائدة لمؤسسيها، المرحومين، تريم وأخيه عبدالله عمران تريم. لقد كانا، عليهما رحمة الله ورضوانه، نموذجاً وقدوة لنا جميعاً، في الاهتمام بقضايا الأمة، وفلسطين في المقدمة والطليعة بينها؛ كانا حريصين كل الحرص، على إثارة همة هذه الأمة الخالدة، لتأخذ مكانتها اللائقة بها دائماً، بين جميع الأمم والشعوب؛ لقد كان تأسيسهما لدار الخليج، حدثاً تاريخياً مهماً، في عالم الصحافة والإعلام، في المنطقة كلها، كما أن إنجازات هذه الدار، خلال ما يقرب من خمسين عاماً، منذ أن تأسست، وحتى الآن، تقف اليوم شاهداً، على رؤية وعطاء الأخوين المؤسسين، ندعو الله لهما بالرحمة والمغفرة، وأن يجزيهما خير الجزاء، لما قدماه لوطنهما ولأمتهما، ولمجال الصحافة والإعلام، من إسهامات كبيرة، كانت مصدر ثراء، في حياتنا السياسية، والثقافية، والاجتماعية، وبشكل واضح.

إنني أعبر عن سروري، بأن القائمين، على تنظيم هذا المؤتمر، بتوجيه من الأخ خالد عبدالله عمران، ينشرون، اليوم، الصفحة الأولى، من العدد الأول، لجريدة الخليج، الذي صدر عام 1970، تعبيراً عن الولاء والعرفان، بل والاعتزاز، بمسيرة دار الخليج، وأن عملها عبر السنين، هو سلسلة متواصلة، من حب الوطن، والاعتزاز بالأمة، والدفاع عن كل المصالح الوطنية والقومية.

الإخوة والأخوات.. إن أهمية المؤتمر السنوي لدار الخليج، أنه يضم دائماً، نخبةً مرموقة، من قادة الثقافة والفكر، الذين يتناولون بالبحث والمناقشة في كل عام، واحدةً من القضايا والتحديات المهمة، في مسيرة الوطن والأمة.

ومن حسن الطالع، أن اختيار موضوع هذا العام، عن فلسطين الحبيبة، إنما يجيء انعكاساً صادقاً، لما نشعر به، في الإمارات، من ارتباط وثيق، تجاه أشقائنا في فلسطين، وحرصنا الكامل، على دعم قدراتهم، على تشكيل مستقبلهم الناجح، بإذن الله، ننطلق في ذلك، من مسؤوليتنا القومية، دولةً عربيةً؛ قوية بنظامها، عزيزة بقادتها، وبأبنائها وبناتها. دولة تقوم وبحمد الله، بدور مرموق، في دعم الأشقاء، ونصرة قضايا الأمة كافة؛ نحن بحمد الله، دولة، تحظى بقيادة حكيمة، تتسم بالفكر، والاتزان، والحكمة، وبعد النظر، تتمثل جميعها، في الوالد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، أصحاب السمو الشيوخ، حكام الإمارات، وهم جميعاً، يقودون الدولة، بحكمة واقتدار، حتى أصبحت الإمارات، ولله الحمد، مثالاً ونموذجاً، للدولة الناجحة، بكل المقاييس، ولأنها الدولة الناجحة، فإنها تعد قضية فلسطين، قضية العرب أجمعين، تقدم الدعم المستمر لأبناء فلسطين وبناتها، وتؤيد بكل قوة كفاحهم، ونضالهم، في سبيل أن تكون دائماً، وطناً حراً، أبياً، وشامخاً، بل وعزيزاً بأبنائه وبناته، وعلى الدوام.

أيها الإخوة والأخوات.. إنني أوجه في هذا المؤتمر، وباسمكم جميعاً، تحيةً خالصة، لإخواننا الأسرى والمعتقلين، المضربين عن الطعام، في سجون الاحتلال، نتضامن معهم، وندعم بكل قوة، مطالبهم الإنسانية العادلة في الحرية والكرامة وحقوق الإنسان.

إنني آمل في أن تسمحوا لي، بأن أضع أمامكم، من وجهة نظري المتواضعة، بعض الملاحظات السريعة، عن مستقبل المشروع الفلسطيني، ويبقى لكم بالطبع، أنتم الخبراء والمختصين، الكلمة الأخيرة في هذا الأمر، يجمعنا معاً، أمل وطموح، بأن يحقق شعب فلسطين، وأن يحقق كل بلد عربي، بل وأن تحقق الأمة العربية كلها، أفضل مستويات التقدم والنماء.

أبدأ حديثي، بالإشارة إلى أنني أقول دائماً، لإخوتي وأصدقائي من فلسطين، إن مرور مئة عام، على وعد بلفور المشؤوم، الذي يجسد أسوأ ما في حقبة الاستعمار، من شرور وآثام، يجب أن يكون مناسبة لمراجعة ما حدث، منذ بدايات القرن العشرين من نكبة ومؤامرات واستيطان شرس، ضد الشعب الفلسطيني، وأن نتخذ من ذلك أساساً، أو نقطة ارتكاز، للتطلع إلى المستقبل، وإلى كيفية صياغته وتشكيله، بما يحقق الحرية والاستقلال، والكرامة والعدل، لشعب فلسطين، صاحب الحق، الصبور والمناضل.

إنني أقول دائماً، لإخواني وأصدقائي من فلسطين الغالية: إن مستقبل فلسطين، يتحدد، بفضل صمود أبناء وبنات فلسطين أنفسهم وبطولات وإنجازاتهم، أقول لهم، إنه على الرغم، من الصعوبات والتحديات، التي يواجهونها كافةً، فإن شعب فلسطين، سيكون بعون الله، هو المنتصر في النهاية. أقول ذلك، وأؤكده، من خلال ملاحظتي للتاريخ الإنساني، حيث أجد هذا الشعب الفلسطيني الأعزل، وقد انتصر بالفعل، في تأكيد حقوقه: ومشروعية قضيته، وعدالة كفاحه الوطني.

قراءة التاريخ، أيها الإخوة والإخوات، تؤكد دائماً، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الشجاعة الأخلاقية، وتحقيق الشرعية، في الكفاح من أجل العدل والسلام، تؤدي دائماً، إلى الحصول على الحق المسلوب، وإلى تحقيق السلام العادل والشامل، مهما كانت القوة الغاشمة، التي تقف على الجانب الآخر.

إنه انطلاقاً من ثقتي الكاملة بمستقبل فلسطين، فإنني أقول دائماً لإخواني وأصدقائي في فلسطين، إن عليهم واجباً ومسؤولية في تحديد معالم هذا المستقبل، وبشكل واضح المشروع الفلسطيني، من وجهة نظري، يجب ألّا يقتصر على التخلص من الاحتلال فقط، على الرغم، من الأولوية المطلقة لهذا الكفاح المشروع والشريف، وإنما يجب أن يمتد كذلك، ليشمل كل الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والثقافية، تلك التي تكفل حيوية المجتمع الفلسطيني، وتؤدي في الوقت نفسه، إلى تأسيس نظام اقتصادي ومجتمعي يوفر الحياة الكريمة لجميع السكان، ويسهم في تمكين أبناء وبنات فلسطين، من المشاركة الكاملة في حياة مجتمعهم ووطنهم؛ لابد من وجهة نظري، أن يركز المشروع الفلسطيني، على تنمية الإنسان، وبث الروح الوثابة لفلسطين، لدى جميع أبنائها وبناتها على السواء، لابد للمشروع الفلسطيني، أن يرتكز على الوفاق، ونبذ الخلافات، وجعل مصلحة القضية والوطن، فوق كل اعتبار، لابد أن يتم ذلك، في إطار، من الوعي والإدراك، بأهمية علاقة مستقبل فلسطين، بأمتها العربية، وعلاقته أيضاً، بالمجتمع الدولي، بما في ذلك، دور مؤسسات المجتمع المدني، في العالم، ودور الدبلوماسية الشعبية كذلك، في تحقيق الأهداف اللازمة والمنشودة.

إنني أضع أمامكم هذا الأمر، الذي آمل في أن يكون موضع اهتمامكم، لا بد أن يسير الكفاح ويستمر، لإنشاء دولة فلسطين المستقبلة، وعاصمتها القدس الشريف، جنباً إلى جنب مع جهود البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الناجحة؛ إنها منظومة لا تنفك، وهي باختصار، دعم الجهود السياسية، والاستمرارية في جهود مكافحة الاحتلال، والإبقاء على تماسك المجتمع، بوصفه مصدر الطاقة والقوة في النضال حتى النصر، بإذن الله. هذه المنظومة المتكاملة، هي في نهاية الأمر، الأداة الأكيدة، لتحقيق التوازن المطلوب، والنجاح المنشود، في الكفاح الفلسطيني، على كل الجبهات.

فلسطين تاج العروبة ورمزها وقدوتها

في ختام كلمته، قال الشيخ نهيان بن مبارك، أود أن أؤكد مرةً أخرى أنه على الرغم من كل التحديات والصعوبات التي تواجه شعب فلسطين فإن نجاحه في تحقيق اعتراف العالم كله، بمشروعية قضيته وعدالة كفاحه الوطني، يؤكد لنا نجاح هذا الشعب الصامد والشجاع، في تحقيق ما يرجوه من مستقبل، يتحقق فيه النصر، وكافة الأهداف الوطنية، بإذن الله.

أدعو الله سبحانه وتعالى، أن ينصر فلسطين وأن تبقى دائماً، وهي تاج العروبة، بل وهي الرمز والقدوة، بلداً للحضارة، والتاريخ، والمعتقدات، ووطناً حر يسمو باستمرار بعطاءات وإنجازات جميع أبنائه وبناته. مرةً أخرى، أرحب بكم جميعاً، وأهنئ الفائزين بجائزة تريم وعبدالله عمران الصحفية، وأدعو الله سبحانه وتعالى، لهما بالرحمة والمغفرة، وأن نكون بإذن الله، على الوفاء، لسيرتهم العطرة، وعلى الدوام.

أشكركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

النجاح في تحقيق الدولة المستقلة يتطلب تنميةً ناجحة

قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أؤكد لكم أمراً في غاية الأهمية أن الاحتلال البغيض، يبقى التحدي الأكبر الذي يواجه شعب فلسطين، ويؤثر سلباً في نسيج المجتمع الفلسطيني ذاته، وقال إن النجاح في مواجهة الاحتلال، يتطلب أولاً، وقبل أي شيء، تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، ونبذ الخلافات القائمة، بين المنظمات والفصائل المختلفة مع التذكير الدائم بأن النجاح في تحقيق الدولة المستقلة يتطلب تنميةً اقتصاديةً ومجتمعيةً ناجحة، تدعم قدرة المجتمع، على الصمود والثبات. مواجهة الاحتلال، تتطلب الدعم القوي، من الدول العربية كافة، بل وأن يكون هذا الدعم، تجسيداً لحقيقة واضحة، هي أن السلام في فلسطين، هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ومن السلام والاستقرار، في المنطقة كلها. مواجهة الاحتلال، تتطلب كسب تأييد القوى المؤثرة في العالم، ودعم مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين ذاتها.

الراحلان تريم وعبدالله رمزان للعمل

أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أن المؤتمر تعبير صادق عن الاعتزاز بدار الخليج ومؤسسيها، وقال إن وجودنا معاً، اليوم، في هذا المؤتمر السنوي المتجدد، هو تعبير صادق وحقيقي، عن اعتزازنا جميعاً، بدار الخليج، وبمؤسسيها، عليهما رحمة الله ورضوانه، وكذلك، اعتزازنا، بالجيل الجديد، من آل تريم، الذين يحملون، اليوم، الرسالة بكل كفاءة والتزام. إنه احتفاء بالصحافة العربية، أيضاً، من خلال الفائزين، بجائزة تريم وعبدالله عمران، وهي الجائزة، التي تسهم بشكل ملموس، في تشجيع أصحاب المواهب الصحفية، وفي أن يكون العمل الصحفي، مجالاً للتميز، والابتكار والإبداع، وفي أن يبقى اسم الراحلين الكريمين، عنواناً ورمزاً، للعمل المتقن، والإنجاز المتواصل، أهنئ الفائزين والفائزات، متمنياً لهم جميعاً، دوام النجاح والتوفيق، وأن يكون عملهم في المستقبل، بإذن الله، جديراً تماماً، بما كان يتوقعه الأخوان الراحلان، من فكر ناضج، وجهد فائق، للعاملين في مجالات الصحافة والإعلام.

المصدر: الخليج