هدى ابراهيم الخميس
هدى ابراهيم الخميس
مؤسّس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون

هكذا علمتني «أم الإمارات»

آراء

إن الاستثمار في تمكين المرأة هو استثمار في نشر ثقافة أُمّة؛ ثقافة مبنية على الانفتاح والتسامح وتشجيع الإبداع في التفكير والتعبير.

ولأن المرأة قادرة على حمل رسائل وطنها وإيصالها إلى الأجيال القادمة، بل والتأثير في وعيهم وإدراكهم للقضايا المهمّة في حياتهم ومجتمعاتهم، أصبحت شريكاً حقيقياً فاعلاً في إنجاز برامج وخطط التنمية المستدامة، وتحقيق تقدم وازدهار الوطن وإعلاء شأنه.

تصدّرت المرأة الإماراتية مراكز عدة، وتصدّرت العديد من العناوين بسبب مشاركاتها الفعّالة في مختلف الميادين؛ من التعليم والثقافة والفنون وحتى الصفوف الأولى في الدفاع عن الوطن.

ما تحقّقه المرأة الإماراتية اليوم هو نتاج لعمل بدأ منذ بضعة عقود، حين قامت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك بتأسيس جمعيات هدفت إلى تمكين الفتاة الإماراتية في المجتمع عن طريق تشجيع التعليم؛ لقد آمنت سموّها منذ البداية بأن التعليم هو مفتاح التنوير، وأن نهضة أي مجتمع مرتبطة بتفعيل دور المرأة الذي يختصر أدواراً عدة.

أشرفت سموها على استراتيجية طموحة لمحو الأمية وتعليم المرأة في الدولة، وإلحاقها بمؤسسات التعليم العالي.

وانعكس نجاح هذه الاستراتيجية في تفوّق أعداد الخريجات الجامعيات على عدد الخريجين؛ فيشير بيان للمركز الوطني للإحصاء في مارس الماضي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، إلى أن نسبة الطالبات إلى الطلّاب في التعليم الجامعي في الدولة قد وصلت إلى 136.6%.

وتشير إحصاءات القوة العاملة في الدولة إلى زيادة عدد النساء المواطنات في الوزارات الاتحادية والدوائر المحلية في الدولة، عن عدد الرجال، وكذلك تنوع المجالات الوظيفية التي تشغلها المرأة في تلك المؤسسات.

فالمرأة أصبحت وزيرة، وسفيرة، وقاضية، وطبيبة، وعضوة في المجلس الوطني الاتحادي، ومهندسة، وضابطاً وطياراً في الدفاع الجوي، ومستثمرة وصاحبة أعمال، وغيرها من المواقع والمناصب التي أثبتت فيها جدارتها.

أنارت أم الامارات الطريق للآخرين، خصوصاً المؤسّسات التعليمية والثقافية، وألهمتهم للعمل على تمكين المرأة والشباب الإماراتيين ليكونوا شريكاً رئيساً في أي حراك نهضوي. ومن أبرز القطاعات التي تأثّرت إيجاباً بتمكين المرأة والشباب، قطاع الثقافة.

يقول سقراط: «عندما تثقف رجلاً تكون قد ثقفت فرداً واحدا، وعندما تثقف امرأه فإنما تثقف عائلة بأكملها»! وما حققته المؤسسات الثقافية في الإمارات من خلال دعم وتمكين المرأة ومخاطبة جيل الشباب وإدماجهم في الأنشطة الثقافية، هو تأسيس لحراك ثقافي يعرّف العالم بأصالة المجتمع الإماراتي.

وتطلعه نحو المعرفة بانفتاح إيجابي على ثقافات العالم، وتطلع للمستقبل وآفاقه الواسعة. أوافق جبران خليل جبران حين قال «من قلب المرأة تنبثق سعادة البشر».

لذا، لا بدّ من إيصال الفنون إلى قلبها لتنتشر من خلاله الطاقة الإيجابية التي يحملها الفن وتعم المجتمعات، ممّا يعبّد الطريق إلى انفتاح ثقافات الشعوب على بعضها، من خلال انتشار فنون لامست قلوبا مؤثّرة وقوية.

باتت تجربة الإمارات في مجال تمكين المرأة نموذجاً لكثير من دول المنطقة والعالم، إذ جاءت الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً في مجال احترام المرأة، ضمن تقرير شمل 132 دولة.

كما حلت الدولة في المركز الأول على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في تحقيق المساواة بين الجنسين في جودة التعليم وغيرها من المعايير، ضمن دراسة أصدرها المنتدى الاقتصادي العالمي حول المساواة بين الجنسين، وغيرها من المؤشرات التي تظهر بجلاء المدى المتقدم الذي وصلت إليه دولتنا في مجال تمكين المرأة

. لقد نجحت «أم الإمارات» في الوصول للهدف الذي وضعه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان يتطلع إلى اليوم الذي يرى فيه بين فتيات الإمارات الطبيبة والمهندسة والسفيرة، وأعلن، رحمه الله، مع قيام الاتحاد: «لا شيء يسعدني أكثر من رؤية المرأة الإماراتية تأخذ دورها في المجتمع وتحقق المكان اللائق بها.. يجب ألا يقف شيء في وجه مسيرة تقدمها، للنساء الحق مثل الرجال في أن يتبوأن أعلى المراكز، بما يتناسب مع قدراتهن ومؤهلاتهن».

سيسطر التاريخ بحروف من نور جهود «أم الإمارات» في تمكين المرأة الإماراتية، والتي بدورها ستغرس القيم النبيلة ومعاني الحب والوفاء في نفوس أبنائها وبناتها، لتظهر ثمارها في أجيال كاملة من أبناء الإمارات الذين يدينون بالفضل لهذه الأم العظيمة، وستقول كل أم لأبنائها وبناتها: «هكذا علمتني أم الإمارات».

المصدر: البيان
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2014-12-02-1.2257517