هي هويتنا

آراء

يقال إن اللغة الحية لا تموت، فما بالكم بلغة القرآن، خاتم الرسالات السماوية إلى البشر؟!

هي محفوظة بين دفتي كتابنا المنزل من رب العالمين، هي لغة تسري كما يسري الدم في العروق، لغة ينطق بها كل من آمن بالإسلام ديناً ومحمد رسولاً، عليه أفضل الصلاة والسلام، من ينطقون بها، ومن لا ينطقون، حفرت في قلوبهم، ويرددونها في صلواتهم، وأول ما يتذكرون في فرحهم وحزنهم، «بسم الله» تسبق كل فعل من أفعالهم، و«السلام عليكم» إشارة الأمان منهم إلى كل من يصادفهم.

هي العربية، لغتنا، ولغة مليار ونصف المليار من البشر، تسمعها إذا ذهبت إلى مدينة أو قرية، في سفح جبل أو على شاطئ، وسط أرياف أوروبا وأستراليا وفي غابات الأمازون، وفي شوارع باريس ولندن ونيويورك، وتراها بكلماتها العذبة تردد في أقصى الشرق، في جاكرتا وكوالالمبور وبانكوك ومانيلا، وفي وسط آسيا، وفي كل تلك المنطقة حتى موسكو وبكين، وتسمع كلماتها وعباراتها في سواحل إفريقيا الشرقية والغربية، وفي أعماقها، في أوغندا والكونغو والسنغال ونيجيريا حتى جنوب إفريقيا.

هي اللغة العربية الحية التي كرمها رب العزة وجعلها لغة كتابه الكريم، لا نخاف عليها، لأنها محفوظة بمداد من نور، في الكتاب المكنون، المحفوظ من رب العزة، لا نخاف عليها، فهي باقية إلى «يوم يبعثون»، ونعلم بأن هناك من يخشون تأثيرها، ترعبهم قوة حروفها وكلماتها، ويتمنون أن يروها ضعيفة، مشتتة، ومتناثرة بين القلة من الناس، وستخيب أمانيهم، وهذه قناعة راسخة بداخلنا، وأقصد هنا من ينتمون إلى أرضها، الأرض العربية، التي استطاعت في أحلك الظروف أن تحافظ على هويتها وتواجه المستعمر والغازي بالقرآن ولغته العربية.

لا نخاف على لغتنا العربية، فهي لغة حية لا تموت، ولكننا نخشى عليها من صروف الدهر، ومن الغفلة، خاصة ونحن نعايش الهجمة الشرسة التي تتعرض لها في هذا الزمان، سواء أراد أصحابها إضعاف اللغة أو حصرها في زاوية ضيقة لتهمش.

المصدر: البيان