الخميس ١٦ فبراير ٢٠٢٣
نتابع ما يحدث كما شعرنا بما قاساه أناس أقرب إلى القلب من شريانه إلى الوريد. تابعنا ونحن نمتلئ بالفخر، لبلد أنعم الله عليه بقيادة وجدت نفسها في قلب الحدث العالمي وكأنها النجم في أحشاء السماء، وكأنها الضوء في بطن الظلام، ما إن رفع الحدث الجلل رأسه وأطل على رؤوس البسطاء والناس الذين ما زالوا في بطن العراء، يسومهم البرد القارس سوء عذاب، واليوم وهم في لظى الكارثة الأفظع في تاريخ المنطقة يواجهون زلزالاً هز المنازل، وأخشاب الفقر، والقتر، ورفع من منسوب غضبه، على الذين ما صحوا من كارثة التشرد، حتى باغتتهم الأرض وهي ترج أديمها رجاً، وتهز أديمها هزاً، ورغم المأساة إلا أننا عندما نتأمل المشهد، نرى الإمارات وهي تحمل على عاتقها مسؤولية إنسانية جسيمة، ولكن بفرح الأفذاذ سارت القوافل محملة بود الأشقاء، مفعمة بنعيم العشاق الذين ما تنام أعينهم وفي العالم فقير يئن، ويتيم يشكو فقد الأبوين، وأرملة الضعف والهوان، وثكلى تصرخ يا ولدي أين تنام أنت هذه الليلة، وغضب الطبيعة، هدم السقف على الرؤوس، ولا يزال العالم يغط تحت لحاف تشققات الضمير، لا يزال العالم ينأى بنفسه، ولا يقترب إلا من تصريحات المواساة الشفوية، ثم ينكب على إدارة الحروب، وإشعال معارك الكراهية. نقولها من القلب شكراً أيتها الحبيبة الإمارات، فهذا تصرف النجباء، هذا سلوك النبلاء، هذه أخلاق عيال…
الخميس ٠٩ فبراير ٢٠٢٣
ما أن صرخ الحدث الجلل في أسماع الناس، حتى هب النجباء، لغوث الأشقاء في سوريا وتركيا. الحدث مدوٍ، والمصيبة مفجعة، والزلزال أخفى الآلاف عن الأنظار في لحظة مباغتة مذهلة، من هؤلاء أطفال ربما كانوا في ذلك الصباح يحلمون بلعبة تملأ صباحهم بالبهجة، وآخرون ربما كانوا ينظرون إلى أمهاتهم بعيون الشغف، في انتظار اللقمة الصباحية الدافئة التي تزيح عن أجسادهم برد الشتاء القارس في البلدين الشقيقين. كل تلك المشاهد الأقل من الممكن، محاها الزلزال، وأجهض أحلاماً، وطوق المشاعر التي لم تتخلص بعد من الجروح، والقروح، وكل ما آلت إليه الظروف من انكسارات وخيبات، في الزمن الرديء. في هذه المحنة الرهيبة لم ينتظر النبلاء النداء، بل هبت جيادهم، وخبت ركابهم، وامتطى فرسان الأمل صهوات الإرادة القوية، والعزيمة الرضية، تملأهم شهامة الأولين، ونبل السابقين، ونجابة الرجال المؤزرين بأخلاق الباني المؤسس، وكل ما اتشحت به معاطف القيادة الرشيدة، هبة تهز الوجدان رهبة، هبة تعبر عن دور الإمارات في العالم، كمحور أمان، وجوهر اطمئنان، وهذا هو الدور الذي ارتأته القيادة الرشيدة للوطن، وهذا هو المشهد الوجداني الذي يتسلح به ابن الإمارات على مدى العصور، ومراحل الزمن، لأن القيم الإنسانية راسخة في الوجدان، متجذرة في القلوب، مثل ما هي المشاعر الجميلة في ضمير عشاق الأعمال السامية من أجل عالم بلا تشققات، ومن أجل كرة أرضية، هي…
الخميس ٠٢ فبراير ٢٠٢٣
منذ القرن السابع والعالم يغط في موجات عارمة، من أجل الخروج من سطوة الرومانسية العقلانية، والوصول بالعقل إلى ضفاف الحرية المبتغاة، ولكن هذه الحرية المبنية على العقل المستنير هي نفسها وقعت في بئر الانحطاط الفكري، ورسمت للإنسانية الناهضة صورة تشاؤمية عن التنوير، وعلاقته بالحرية. يقول أيمانويل كانط: «التنوير هو خروج الإنسان من قصوره الذي اقترفه بحق نفسه». فالإنسانية التي استبشرت خيراً بحدوث الثورة الفرنسية في السنة 1789م وجدت نفسها في خضم سطوة التوسع الاستعماري، وكذلك انفجار حربين عالميتين راح ضحيتها الملايين من البشر، لمجرد طغيان العقل المادي المتغطرس، والساعي إلى بسط السيطرة على الطبيعة، ومواردها، وبشرها. وهذا يقودنا إلى نفس السؤال الذي طرحه ميشيل فوكو الفيلسوف الفرنسي «ما التنوير؟» على الرغم من أن هذا الفيلسوف غاص في مصطلحات أبعدته كثيراً عن الوقوع على تلك الثمرة التي بحث عنها، وهي ثمرة التنوير. ولذا لا نجد اليوم إجابة عن السؤال التاريخي حول ما هو التنوير، لأن معظم الفلاسفة الذين جروا خلف المعنى الحقيقي للتنوير، كانوا يصطدمون بالأعراض، ومن ثم يتوقفون دون الولوج في مكمن الأسباب. وربما نجد الإجابة حول سؤال ما التنوير في رؤية سيجموند فرويد التحليلية، والتي دارت حول قانونية العقل الباطن في تحديد السلوك البشري برمته، وعلى الرغم من أن هذا العالم النفسي العبقري لم يتطرق إلى مدلول التنوير بحد…
الأحد ٢٩ يناير ٢٠٢٣
تمشي في الليل، وبعد أن تخفف الساريات على الأسفلت من وطئها، وتعيش حالة متفردة وأنت تقرأ قصيدة النهار على وجنات مدينة، أصبحت الوجود، مثل عين في طرفها حور، مثل أنف عازل الظل، مثل روح لها في الشفافية رونق أحلام الطفولة. تسير في الليل تصحبك ابتسامتك مثل ظلك، وما إن تصطدم بعقبة، أو فخ نصبه عدو لدود للجمال حتى تشعر بالخذلان، وتحس أنك وقعت في مصيدة من لا يعرف في الحياة شيئاً اسمه الجمال. ماذا تفعل؟ كيف تتصرف، ومن تلوم، فالجاني مجهول، أو هو هكذا ارتكب جريمته، وتوارى خلف الجدران، ولم يبن له أثر. إذن كيف تعالج معضلة كهذه، يرتكبها أشخاص، جمدوا الضمير في صقيع الجاهلية الأولى، وحشدوا جل قوى عقد النقص، وجندوها، لكي تتفشى في المكان مثل الجائحة. هؤلاء أشخاص تبنوا منذ نعومة أظفارهم فكرة أنه أنا ومن بعدي الطوفان، فلا يهمهم ما يسببونه من أضرار فادحة في حق الغير، وما يرتكبونه ضد جمال المكان الذي يعيشون فيه، لأنهم لا ينتمون إلا لأنفسهم، وما عدا ذلك فلا علاقة لهم به، الأمر الذي يجعلهم في كل مكان يحلون فيه يجعلونه مكباً لنفاياتهم، وأما المدينة التي بذلت من أجلها الحكومة المبالغ الطائلة، فهي لا تعنيهم لا من قريب، ولا من بعيد، ولهذا نجد على الأرصفة التي تجاور بعض البيوت، تجمعات لحيوانات ضالة،…
الخميس ٢٦ يناير ٢٠٢٣
حزين أنا على لبنان، حيث تشققت قماشته السياسية، وآلا إلى موئل الأسى والضيم والضنك. لبنان الذي كان بنو العرب يطلقون عليها عروس الشرق، وباريس، على الرغم من أن باريس اليوم تعاني فتقاً في السياسة، وحلماً مزعجاً في الاقتصاد، ربما العدوى جاءت من مكان آخر، أو من ضيق في التنفس جراء سطوة الخارج، ورهاب الداخل. لبنان الذي عشقنا ترابه وناسه وطبيعته وأنهاره وشجرة الأرز العريقة، تؤذينا فيه هذه التداولات لأحلام ما قبل النوم، وخيالات أكثر إيلاماً من غيمة داكنة تحجب أشعة الشمس، فتصيب العين بالرمد. أحزن كثيراً على لبنان خليل جبران وفيروز، وغيرهما ممن لونوا حياتنا بالجمال، ونسجوا على مشاعرنا خيوط الحرير. خليل جبران الذي قال في يوم ما «تقدم ولا تتوقف، في التقدم يحدث الكمال»، ولكن ربما البعض فضل أن يتوقف، لأن في توقفه يوقف عجلة الزمن، ويجعله في الحياة صخرة سيزيف التي تأبى أن تصعد، رغم إرادة الناس في هذا البلد الجميل، بلد تغنت به فيروز حتى وصل صوتها المخملي إلى جارة الوادي وعند ضفاف النيل الحبيب. اليوم لا صدى لصوت، ولا ترتيلة تعجب في لبنان، ولا حلم يرفع عن كاهل الإنسان في هذا البلد، ويجعله يتنفس من هواء لا تغشيه غاشية طائفية، ولا تعشيه نبرة منفرة، لا تصلح أن تدوزنها قيثارة العصر، والذي رمى خلفه كل الزبد، وكل…
الأحد ١٥ يناير ٢٠٢٣
يستيقظ طفلك صباحاً بعد محاولات عصيبة، وفي عينيه صور لوجوه أصدقاء سهر معهم ساعات طوالاً، مع اللعب بالأجهزة الإلكترونية الساحرة، تحاول أنت المبتلى بزمن غير زمنك أن ترسم الابتسامة على وجه الشقي، المعني، ولكن دون جدوى، لأن صغيرك كبر فجأة وهو في سن الطفولة، ومعه كبرت همومه، وتجاوزت حد عمره، حيث الطفولة المنشودة توارت خلف ركام من رماد الأيام، وحيث الفرحة بدت مثل وردة ذابلة على وجنتي هذا الصغير- الكبير، وأحياناً تعتقد أنه أكبر منك سناً، وأنه تجاوز الثمانين من العمر، وتحاول أن تجد الوسيلة، وتعثر على الحيلة، التي تمكنك من التواصل مع هذا الكائن المريب، الغريب العجيب، والذي لا يستجيب لكل محاولاتك، بل ويخضع لفكرة تدور في رأسه، وهي أن ينتهي الدوام المدرسي بسرعة فائقة، ليعود إلى ممارسة وظيفته الرسمية، وهي متابعة شؤون وشجون الأصدقاء على الشاشة الخرافية. وعندما تقف خلف هذا المنهمك في مهنة ضياع الزمن، وانفلات العمر مثل مياه عذبة تتسرب من أنبوب ماء عطب. تشعر أنك جاهل، وأنك مخلوق قادم من غابة الجهالة، وأنك يجب أن تقطع تذكرة وتذهب إلى عالم آخر قد يتفهم وضعك، ويضمك إلى فريقه، وإن أبى، فعليك أن تدفن رأسك في الرمال، وتنهي هذه المأساة الأليمة التي وضعك في لجتها كائن لا يتجاوز عمره سبع سنوات. تشعر بعقدة نقص، لأن كائنك الذي…
الخميس ٠٥ يناير ٢٠٢٣
في ظل الحركة الاقتصادية والاجتماعية الناهضة التي تشهدها الإمارات، يقف مجلس تنافسية الكوادر الإماراتية «نافس» ضوءاً ناصعاً يعبر عن جدية المشهد الإماراتي في دعم الكوادر المواطنة للعمل بجدية ونشاط ووعي بأهمية المشاركة في النهضة الحضارية التي تشهدها البلاد، وبالاعتماد على القدرات، والمواهب الواعدة التي يتمتع بها أبناء الإمارات، والذين أثبتوا مهاراتهم المتميزة، وإبداعاتهم الفريدة في صناعة مستقبل زاهر، وغد باهر يضيف إلى مجد الإمارات مصابيح جديدة تضيء الطريق أمام المسيرة المظفرة، ويحقق الأمنيات لشعب ما توانى يوماً في الذهاب بعيداً في فتح نوافذ الإنجاز، وتحقيق الطموحات التي تجعل من الإمارات دوماً في الدفء، بعيداً عن اللظى، بعيداً عن برودة المواقف تجاه ما يحدث في العالم من مساع من أجل حياة أجمل، من أجل لقمة أهنأ، من أجل بيوت تعم فيها السعادة، وينعم أهلها بالطمأنينة والاستقرار. نافس مشروع إماراتي مزدهر بأفكار قيادة تعمم الفائدة للناس جميعاً، وتعد لمظاهر حياتية مفعمة بحب العمل، واستثمار الطاقات لبناء أسر باذخة في حياتها، مترفة في علاقتها مع الصباح البهي. نافس هو الإنجاز الأهم في عصر تتحدى فيه الشعوب نفسها من أجل أن تدحض أفكار اليأس التي يطلقها المحبطون، والذين ينامون خلف جدران بؤسهم ويأسهم، ولا يريدون رؤية الحياة كما هي، بل يريدون النظر إليها كما تصورها لهم خيالاتهم المريضة. في الإمارات، الفرص تشرع أبوابها، والشركات…
السبت ٣١ ديسمبر ٢٠٢٢
أفغانستان بلد الثلج والبياض الطبيعي، تطفو نساؤها اليوم بقرار كلماته من مداد الفكرة السوداء، على موجة عارمة، مغسولة برغوة المكيدة التاريخية، وبؤس الحلم، ورجس العلم، وبلاهة التدبير، والتجاوز نحو الذروة القصوى للجهل، وعوز الوعي، وضحالة الفهم لدور المرأة والتي كرمها الله، وأعز مقدارها، وجعلها الشجرة التي تسقى بماء المكرمات. اليوم، ونحن في القرن الحادي والعشرين، تعم أفكار فئة من البشر، غشاوة تعمي البصر وتغشي الفكر، وتحرم من ولوا أنفسهم على رقاب البشر من السير في الطريق السالك لينعطفوا إلى جادة طريق وعر، تحفه أخطار الحفر، والمنعرجات المميتة. كيف يمكن لوطن دخل في كهف الجاهلية الأولى أن يصنع من الحياة وردة تفوح بعطر الجمال وتزهو بلون أبهى الخصال، كيف لوطن تقوده عربات تحطمت عجلاتها في الطريق إلى المستقبل، وباتت تتعثر على صخور كأداء، وتلتطم بجبال من العقبات التي تمنع المرأة من أن تخرج من بطش سجانيها، وتظل تئن تحت بؤسها، وحلمها مبتور الأجنحة، وطموحها مكسور الكؤوس، مثلوم الصحون، كيف يمكن لهذه المرأة التي فتحت عينيها صباحاً فاصطدمت بجدران أسمك من عقول قادة نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين قضاة لمجتمع نوى ووجه عينيه نحو قبلة المشرقين، فإذا بهؤلاء النصب والأزلام يحرقون الدفاتر والصحائف والكتب، ويخترعون ديانة جديدة طموحها أن تبقى المرأة خلف الجدران، حبيسة البصر والبصيرة، ولا طريق أمامها سوى الولوج في…
الثلاثاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٢
السلام هو النقيض المباشر للحروب، والاضطرابات، والخلافات السياسية، والتي تودي فوراً إلى معارك تطحن رغيف العمر، وتبذر قمحة الحياة، وتطيح بآمال الشعوب في حياة مستقرة وآمنة، ومستقبل يزدهر بالتطور، والنجاح، وبناء المشروعات التي تخدم الجميع. دعوة الإمارات لمنع نشوب الصراعات، نابعة من ضمير يعي معنى ما تشعله الحروب من نيران تحرق أكباد المفجوعين، وكراهية تبيد الحلم البشري نحو إشراقات تضيء دروب الأجيال نحو أيام لا تغشيها غاشية، ولا تعقبها فاشية. اليوم الإمارات تقود النبلاء من بني البشر لإطفاء الحرائق التي تكوي أعشاب الحياة، وتدمر الابتسامة في عيون الأبرياء، وتغرق العفوية في بحار من الحقد، وتجعل من الحياة آنية رثة لا تقبض إلا على فساد الأفكار، وسواد الرؤى، وحصاد لا يقدم سوى أبخس الأثمار. ما تقوم به الإمارات، وبالذات وزارة الخارجية والتعاون الدولي، مدعومة من القيادة الرشيدة، لهو المثال والنموذج للعمل السياسي الفطين بأهمية أن نسير معاً نحو المستقبل، وبقلوب نقية من شوائب مخلفات البدائية الأولى، وأن تتكاتف الجهود الإنسانية، من أجل التخلص من تخرصات الانتهازيين، وخرائب الوصوليين، وأنانية متسولي المصالح الذاتية، هذا التكاتف، وهذا التضامن العالمي، كفيل بآن ينقي المياه الضحلة، وأن يصلح العربة المعطوبة، وأن يجعل العالم أكثر عافية، وأكثر وعياً بأهمية التسامح، ونشر ترياق الحب، كبديل قوي لمشاعر الشيفونية، والفوقية التي تسيطر على الكثيرين في هذا العالم. الإمارات…
السبت ١٧ ديسمبر ٢٠٢٢
الصديق العزيز المبدع دائماً، ناصر الظاهري بعين الفنان، بفكر يمضي بالصورة مثل خيال الطير، في حلم التحليق، مثل نخلة العين تسمق في الأفئدة، وتجدل خصلات الألق الوجودي لتبدو في الحياة رحى الباسقات، الوارفات، ظلا، الرافلات جمالاً. في حكاية حب المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لمدينة العين شاهدنا الحكاية وسمعناها بتفاصيلها، وفواصلها ومفاصلها، على لسان من عاصروا الباني المؤسس، وهي حكاية جسدت الحلم، والرواية التي رسمت في الأذهان كيف نما زغب القطا على هامة سحرية، وكيف تطور الزغب ليصير مع الطموحات مدينة عامرة بأجنحة التحليق عالياً، وكيف استطاع المغفور له بإذن الله أن ينطق الحجر، وأن يحرك في الشجر أشجان القصيدة، وأن يجعل من الإنسان زهرة برية تفوح جوانحها بعطر الرفاهية، ونبوغ العطاء، ومهارة الانتماء، ورونق التناغم مع رفيف السعفات في عالي القمم. في هذه الملحمة التاريخية التي سطرها ناصر الظاهري إخراجاً بديعاً، ووثق أعطافها لتكون في التاريخ أيقونة، وفي ضمير الأجيال قيثارة، تحرك اللواعج كلما مر في الوجدان طارف، وكلما دار في الخلد هوى. حجر الرحى، هي ربابة ناصر الظاهري، عزف عليها سيمفونية هواه الأول، وعشق الأفلاج التي مرت من ناصية القلب، والتي بدلت عروق النخل، كما روت الحنين الصيروري، في قلب له مع الكلمة وشاية النجب الشامخات، وله مع الصورة جزالة الشوق، والتوق، إلى مرايا تجسد الحياة،…
الخميس ٠٨ ديسمبر ٢٠٢٢
مساء الثلاثاء الماضي، كان مساءً مغربياً بامتياز. في ذلك المساء تسمر الرجال والنساء، الصغار والكبار، أمام شاشات التلفزيون في انتظار إشراقة شمس عربية جديدة، تغسل وجه الكآبة العربية التي تربعت منذ عقود على وجدان عربي لم يعرف معنى الظفر، ولم يذق طعم النصر، في مجالات مختلفة. الرياضة بما لها من سحر، استطاعت أن تزهر في صدور الملايين من بني قحطان وعدنان، وتمكنت من حصد نجاح بأقدام «أبناء الأطلس»، والذين أكدوا أن العزيمة عندما تزهر في القلوب تكون شجرتها عملاقة تواقة لإفشاء الظل على وجدان عربي كم تصهد، وكم تبدد، وكم تكبد من المعاناة وهو يرى الآخرين يقطفون ثمار النجاحات، والإنسان العربي يختبئ خلف انكساراته. إنها الرياضة، وهي ملعب الفن، والشحن، هي كرة الثلج، إن مالت مع الإرادة، صارت ندفاً باردة تملأ الأفئدة برونق البياض في السريرة، والنصوع في الطموحات. يوم الثلاثاء كان يوماً عربياً بلا ريب، كان شوقاً إلى حلم يعيد التوازن للذين اشتاقوا إلى أحلام كم شقت قميص الوجد من دبر، وها هي اليوم، تبدي تطلعاً مغربياً عربياً، يضاء بمصابيح أحلام أزهى من شروق الشمس، وأبهى من وجه اللجين، الثلاثاء كان يوماً مباركاً على الأمة، كان مساء يفتح صفحات جديدة لتاريخ ربما توارى، ولكنه لم ينسَ واجبه في حل واجبات الدروس العربية، كان في ذلك الثلاثاء، التاريخ يعكف على…
الخميس ٠١ ديسمبر ٢٠٢٢
هنا على هذه الأرض تبدو الحياة كأنها الرونق في ضمير الوردة، تبدو الحياة كأنها الرشاقة في وجدان النسمة، تبدو الحياة كأنها اللباقة في ثنايا السحابة، تبدو الحياة كأنها الأناقة في طيات الموجة. ففي الثقافة تتباهى القرائح بما جادت به الطبيعة من شفافية الحلم، وحيوية الفكرة، ونقاء السطر من الأعشاب الشوكية. هكذا هي الأسطورة التاريخية تنعم بشهية الذائقة، وملذات الإبداع، عندما يصبح الكلام دلالة، ومعنى، وحيزاً واسعاً في المسافة ما بين السماء والأرض، وما بين الرمش والعين، وما بين الشفة وقبلة الحياة. اليوم الإمارات في السعي والرعاية تبدو في المرحلة راهنة في العطاء، سخية في المبتدأ والخبر، تسير في الحياة، كأنها الوعي في عقل الطفولة، وكأنها الإدراك في ذهنية الوجود، ونحن، نحن العشاق يبهرنا هذا التدفق، يسلبنا هذا الانعطاف جهة الأحلام الزاهية، ويخلق لنا هذا الجدول المائي في عروق الإبداع، يأتي من أعماق القناعات الراسخة، بأنه لا تطور ولا رقي من دون ثقافة تتجلى بعطاء النخلة، وتنبري بتوهج البرق، هكذا أصبح العالم بين دفات دفتر، وطويات كتاب، مسهب في الإضاءة، مسترسل في توسع الوعي، لأن القيادة الرشيدة أرادت ذلك ليصبح أيقونة في حياة الناس، وسيمفونية في نغمة الاقتصاد، وأبجدية في حلم الصعود إلى مجد القارات، والحضارات، وحدث ما ارتأته، وصرنا اليوم مشرقين في كل بقعة من بقاع بلادنا المنيرة، صرنا جائلين…