علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

صناع المحتوى على كف الراحة

الإثنين ٢٢ يناير ٢٠٢٤

للإعلام كلمته التي تغدق على الحياة بثروة الوعي، وله صورته التي ترسم المعنى في طيات الفكر الإنساني. عندما يحلق الإعلام بأجنحة المسؤولية، والالتزام الأخلاقي تصبح المجتمعات فضاءات ملونة بسحابات الحقيقة، وتصبح الأحلام صافية كأنها عين الطير، وتصير العلاقة بين الإنسان وأهدافه، كما هي العلاقة بين الماء العشب، وكما هي العلاقة بين الدم والجسد، وكما هي العلاقة بين البوصلة وسفن السفر الطويل، وكما هي العلاقة بين الحب والإنسانية التي تذهب إلى حقول الحياة، بضمير الحاضر المؤدلج بالعفوية. الإمارات نهضت باكراً، قبل شروق شمس النهضة العمرانية، بأهمية أن يكون للإعلام أنامل من حرير، وعيون رموشها من أهداب الشمس، وأسماع معقودة بخيوط معجم الأبجدية. واليوم، والإمارات ترفع الصوت عالياً، وهي تسدد النشيد باتجاه الأفق، وترسم صورة الواقعية كهدف ومسار ومساق اجتماعي وسياسي واقتصادي، نجد القيادة الرشيدة تضع الإعلام على أريكة التأمل، وتخصيب الوعي الاجتماعي بأعراف لا تزل، ولا تخل، ولا تمل من البحث عن الحقيقة، والحقيقة تكمن فيما ترسمه القيادة من رؤى ضالعة في حلم الأبدية، راسخة في الضمير الحي، شامخة كأنها الجذور في قلب التراب، يانعة كأنها النخلة النبيلة، يافعة كأنها وعي الصبا بأهمية أن يكون للحلم رموش إثمدها من معدن الأصالة، ومرودها يحف الجفون بكحل الفرح. اليوم هناك في دولة الترياق والإكسير تسير السفن مسهبة في حب مشاغبة الموجة، كي لا…

حالة العالم العربي

الخميس ٠٤ يناير ٢٠٢٤

في الثالث من يناير، العالم العربي تحت الأشعة السياسية، والاقتصادية، بعناية الإمارات. في هذا المنتدى، المنتدى الاستراتيجي العربي، سوف تتم عملية الفحص، والتمحيص يجريها باحثون، ومفكرون، ودارسون، للحالة العربية، وسوف تقدم هذه النخبة من العقول العربية ما يشغل بال المواطن العربي، وقبله القيادات السياسية، والاقتصادية، من متغيرات في زمن التحولات الكبرى، ولا بد وأن يعرج هؤلاء الباحثون على أسباب ما يحدث في عالمنا العربي من هنات، وزلات، في مجالي الاقتصاد، والسياسة، ولا بد أن يضعوا وجهات نظرهم فيما يطرأ على الحياة السياسية، والاقتصادية من هزات تكسر العظم، وتبري اللحم. والإمارات لن تتأخر في تقديم خبراتها في المجالين السياسي، والاقتصادي، ولن تدخر وسعاً في تقديم العون للأشقاء العرب، ولكن لا بد أن يضع الدارسون أياديهم على أماكن الضعف، ومواقع الخلل، لأنه ما من داء إلا وله أسبابه الواقعية، والوطن العربي سلة غذاء عالمية، ولو استطاع القيمون على هذه الثروات استغلالها، واستثمارها، والحفاظ عليها، ورعايتها، والعناية بها، وحمايتها من الرياح السياسية المتربة، والأمطار الاقتصادية الحمضية، أو تعاون الجميع على صيانة ما تختزنه الأرض العربية، وما يملكه العقل العربي من إمكانيات مذهلة، لاستطاع الوطن العربي أن يزخر بخيرات تعود على الشعوب بالرفاهية وترف الحياة، وسوف يكون عائد هذا الترف في خدمة التعليم الذي يعاني ما يعانيه من علل وضعف، وكذلك الصحة، ففي الوطن…

حدائقنا جنات

الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠٢٣

حدائق أبوظبي تبدو اليوم، كتاباً موثوقاً يفتح صفحاته على ثقافة الجمال والوعي بأهمية أن نكون جزءاً من منمنمات النجوم في السماء، ولمعة اللجين بين شرايين الغيمة، وامتداد خيوط الشمس أهداباً رخية تزين عين الوجود. هذه هي الرؤية التي تنطلق منها بلدية أبوظبي، وهذه هي اللغة التي تتحدث بها سياستها العمرانية، وهذه هي الأبجدية التي تعانق بها عيون الناظرين، وتدفع بالقلوب كي تستثير الذائقة، وتنسجم مع جلال التنسيق، وجمال المنظر، وروعة المعطى، وبلاغة المنجز، ونبوغ الرجال الأوفياء الذين يتعاملون مع الوطن كما هو فلذة من فلذات الكبد. اليوم ونحن نجول في أرجاء العاصمة الحسناء، تبهرنا زهرة ترقص رقصتها السحرية عند رصيف مشاة، أو في حديقة تجاور بيت، أو في ساحة مترعة بأنفاس الزهور، وهي تعانق شذا الأجنحة الرهيفة، وهي تحلق بين زهرة وأخرى وكأن الوجود لوحة تشكيلية، عنوانها أبوظبي، ومسارها باتجاه عاصمة الجمال، والحسن والدلال اليوم عندما تفكر في السير على قدمين، وتتأمل المشهد في الشارع، تشعر وكأنك تجوب سماء رصعت بالورود، وتلمس في الهواء الطلق أنفاس بهجة، مصدرها شجرة ارتوت بالعذب من الماء، وتحس بأن طيراً بين الأغصان يهلل ويكبر، باسم ريعان عاصمة، وروعة أرض، تألقت بالجمال، وتأنقت بالسندس، والاستبرق، وبدت في صباحات مبكرة، تصافح كف الشمس، وتهدي إليها السلام، بوئام، وانسجام، وحلم الأوفياء الذين يدركون بأن الله جميل، ويحب…

النابغة واسيني الأعرج

الأربعاء ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٣

لا يمكن أن تذكر الرواية في الوطن العربي، من دون أن تعنون باسم واسيني الأعرج، فهذا الروائي العربي جاء من صلب الكتابة التجديدية، متحدثاً باسم التعبيرية الجديدة، وفي نظر واسيني الأعرج، أن اللغة هي اليقين، وهي لسان حال الورطة اللذيذة، لكل من دخل غرفة هذه (الجميلة) وعاشر أبجديتها، ولمس في مهجتها عنفوان الممارسة المنهجية، والسرد الممنهج، كونه رجلاً أكاديمياً، له في الخطاب الأدبي ما يستحث وجدان الكلمة، وما يحرض الجملة الروائية على بث لواعج الحلم البشري، في الوجود، كون الرواية في الأساس هي سؤال الوجود الأول، وهي كما قال الفيلسوف الأميركي وليم جيمس، ليست حقيقة موضوعية، بل هي طريقة تفكير، ولهذا السبب، أجاز هذا المبدع الاستثنائي لنفسه بأن يخرج من شرنقة الكسل اللغوي، إلى مدى الانفتاح على آخر حدود الكلمة، وعبر واسيني الأعرج عن هذا النموذج في روايته الملحمية، (الليلة السابعة بعد الألف) بجزأيها (رمل الماية، والمخطوطة الشرقية)، والتي لاقت جدلاً عميقاً لدى النقاد. وفي هذه الملحمة، الرواية، غذى واسيني الأعرج مخيلتنا، بترياق العودة إلى التاريخ ليس من باب الترسيخ، وإنما من وجهة نظر كاتب مبدع أراد أن يهز الشجرة، العملاقة، كي يسقط أوراقها الصفراء، ويستعيد لها رونقها التاريخي، ويمنحها لياقتها التاريخية، وكون (العربية) لغة المخيال، وهي كذلك لغة الصورة المنبثقة من رحم السؤال الوجودي الذاهب في أعماق السيرة الذاتية…

العين وروابط التاريخ

الخميس ٢١ ديسمبر ٢٠٢٣

الاكتشافات الحديثة في العين، تشير بالبنان إلى أن هذه البلاد كانت ملتقى حضارات، وكانت مرفأ لأحلام عالم فتح عيونه على الجغرافيا، فوجدها شاسعة مثل السماء، فانطلق العنان للفكرة، وأسس حاملات الطموح، لكي يصل، فكانت الإمارات هي نقطة الالتقاء، كانت الإمارات هي حلقة الوصل بين الشرق والغرب، وما اكتشاف القطع الأثرية والتي تتضمن أدوات زينة، وأوعية زجاجية، ومجموعة كبيرة من أواني الشرب ذات الطراز الروماني، إلا دليل على هذه الروابط الوثيقة التي ربطت الإمارات بالعالم الخارجي، وبخاصة الحضارة الرومانية في أوجها وفي خضم انتشارها وتوسعها، كما أن الدور الذي تقوم به دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي هو الدور الوطني الأهم، والذي يكشف عن بصمات، وعن سمات، وعن أثر حضاري تبوأته الإمارات في عصور ماضية، وهذا يتطلب من الجميع أفراداً، ومؤسسات، الانتباه إلى أمر مهم، وهو التطلع إلى بناء علاقة وطيدة مع التاريخ، وصياغة واقع مضاء بتلك الإنارات التي تقدمها دائرة الثقافة، فعلى الباحثين من أبناء هذا الوطن، أن يبنوا على هذه القطرات، ويشدوا من العزم، ويبحثوا ويدرسوا، ويضيفوا، لتصبح القطرات أنهاراً تروي ظمأ عشاق القراءة للتفاصيل، وكل ما يختبئ بين السطور والاكتشافات الحديثة، هي جزء من غزارة وعمق، وهي جزء من كل ولا بد للفنان، والكاتب، والشاعر، والرسام، والنحات، من دور يسجل، ويرسخ، ويثبت ويؤرشف، ويحفظ حق الوطن في الفرح بما…

الفرح العظيم

الأربعاء ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٣

عندما تنظر إلى وجوه الأطفال، وقد تمشت ابتسامة الفرح الهوينى، وطوت أيامك بحرير لفك وضمك، واحتضن كل ما مر بك من كبوات وحسرات وفجوات، وحتى الانهيارات الأرضية التي حفرت في قلبك آثار دمار وخراب، تتلاشى وتتعافى أنت من ألم الضلوع، وأوجاع ما تحت القفص الصدري. لأن الأطفال مجسات عافية، في ابتساماتهم تخفق أجنحة التفاؤل، وترفرف أوراق الربيع من جديد، وكأنك تولد من بدء، وفي الولادة ميلاد أمنيات وآمال، في الولادة تنمو أعشاب القلب من جديد وتتفرع، وتملأ الدنيا أغنيات ترقص لها النجوم، وتردد الغيمة لحن الفرح. في هذه الأيام، ونحن نطل على نافذة الفرح العظيم، وبهجة الأفئدة، والإمارات تلامس عيدها الوطني المجيد، وهي تدلف غرفة عام 2024 بجرأة النوابغ، وشجاعة المبدعين الذين يحولون الأوطان إلى قصائد شعر موزونة ببحور التألق، مقفاة بأحلام عشاق الجمال، وكل من في قلبه وردة تطالع النجوم، فتغزل شالها من أهداب الحرير، وتخيط معطفها من شعاع الأنوار المبهرة، والتي تشق المدى بأقلام من فضة البريق على وجوه صغار فتحوا أعينهم على ميلاد فرح بحجم التضاريس التي تضم وجدان كل إنسان يعيش على هذه الأرض، أرض الإمارات، وترابها السخي يزخر بأعلام لونت الحياة ببهجة الفوز بصباحات تداخلت فيها أجنحة الطير، وأعلام الوطن، جميعها تهتف باسم الإمارات، وتدوزن أغنيات الأمل، عبر حناجر غضة تصدح في الصباحات، وترفع النشيد…

مدينتنا نظيفة

الأحد ١٢ نوفمبر ٢٠٢٣

«مدينتا نظيفة» عنوان طرحته بلدية أبوظبي ممثلة بفرعها بلدية مصفح، وهو العنوان الذي يثير في النفس الشجون، حيث للأخضر مع الإنسان عبر التاريخ علاقة موسومة بالفرح، مرسومة على صفحات الوجدان بورق من لحاء المشاعر المرهفة، وحبر من جداول النبوع المترعة بالعذوبة. مدينتنا نظيفة، عنوان يأتي من أقاصي وجدان الشجرة، ومن عميق تراب الأرض ومن روح الإنسان الذي عشق الشجرة، فأهداها من عرقه ماء الحياة، وعلمها كيف ترفع الأغصان، وكيف ترتب الثمرات، وكيف تعانق الغيمة. الإنسان عاشق الشجرة، تلاحم مع الطبيعة وانسجم مع مخلوقات الله، لإيمانه بأن الوجود واحد، وحماية هذه الكائنات، هي درء الخطر عن نفسه، وتسوير حياضه، بحزام أخضر، يغذي روحه، ويمنحه نعومة الحياة، ونعيمها. عندما نعلم أبناءنا كيف يمسكون بطرف الجذور، ويضعونها في أديم الأرض، ويسقونها بالماء الزلال، فنحن ندربهم على عناق الحياة بلطف، نعلمهم على حب الجمال، والجمال هو دين الحكماء، الجمال هو قصيدة النابغين، الجمال هو مملكة النابهين، الجمال هو الطريق إلى نبذ الكراهية لأن ما يكمن في لون الأخضر، هو ما تسفر عنه النفس المطمئنة، من حنان، وتبيان لعلاقة سليمة تجمع بين جميع المخلوقات، على أرض هي بيتنا جميعاً، وسماؤها سقفنا، وغيمتها سقفنا، وأشجارها حراس وجودنا، وأصل الكلمة الأولى، عندما زرع الإنسان القمحة، وظل يرعاها، ويهتم بسقياها، حتى أصبح العالم مزرعة كبرى، الناس أنهارها، والأشجار…

كيف نحمي وجداننا من الأدب الرخيص؟

الأربعاء ١١ أكتوبر ٢٠٢٣

الآن وبعد ثورة التكنولوجيا العارمة، طفت على السطح الإبداعي فقاعات ما يطلق عليه الأدب الرقمي، هذا الغث صار حرفة من لا حرفة له، وأصبح كل مدع يلهج باسم الأدب، وانتشرت مواقع إلكترونية تخوض الغبار، وتقفز على السطح وكأنها الطفح الجلدي، ويمارس أربابها لعبة الفن الهابط بخيلاء وتمرد على الحقيقة، وتمريغ وجه الأدب في غبار أشبه برفسات الجياد الجامحة وغير المروضة، كل ذلك يحدث تحت ذرائع وحجج واهية، تبدو في الحياة كأنها الفراس المهزومة، وخرفان تنطع الغيمة. اليوم أصبح الأدب في مأزق المتزحلقين على رمال متحركة، أصبح الأدب في أزمة مشوبة بهواجس من جعلوا الأدب مطايا عمياء تذهب بملكات الإبداع إلى مزالق خطرة، ومفعمة بسموم الذين لا يعبأون بمصير الإرث الأدبي الذي أسس بنيانه عمالقة الأدب، وجهابذة اللغة الأم. اليوم أصبحت مسؤولية الجهات الثقافية جسيمة، والالتزام الأخلاقي يفرض على هذه الدور النهوض بأدوار وطنية حماية للغة، ودرءاً لخطر الاقتحامات العشوائية، والتي لا تحرم المحرم، ولا تبريء الجسد الأدبي من خفقات ربما لا يعي أصحابها ماذا تجني عقولهم، وماذا ستؤدي إليه قفزاتهم الحمقى. عندما نقرأ نصاً يقال إنه نص أدبي، تتجلى أمامنا خطة مدروسة لهدم البيت الأدبي، وتهشيم عظام اللغة، وتحويلها إلى ركام تنبعث منه رائحة نتنة، وكأنها تصدر عن جثث متعفنة، انسلخ فيها الجلد عن الجسد. عندما نقرأ مثل هذه -…

يحملن الوطن بين الرموش

السبت ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٣

شكراً لهن، شكراً لكفوفهن التي ترسم السعادة على صرح الوطن، شكراً لهن على الصمود على مدى الزمن، يخطبن ود الحياة، ويحطبن في صحراء معشوشبة بالحب، وأحلى الشجن. اليوم والوطن يرفع راية البيض الصقال القواطع، ويحمي منجزاته، بصون الإنسان، وصيت البيان، اليوم نرى المرأة تتقدم الصفوف بثبات وثقة، لا هوينا بالسير نحو غايات الوطن، بل للخطوات رنين ساعة الفرح، للخطوات رائحة الحناء لحظة الفوز بحب أغلى ما نملك. اليوم المرأة في الوطن، بوصلة الانتماء، وفاصلة التحدي، ونصل التواصل مع الحقيقة، حقيقة أننا لا نذهب للمستقبل فرادى، بل نحن نمضي والأيدي متشابكة، والعيون تعانق السماء، والأعناق ساريات تلامس الغيمة، والأفئدة صفحات مضاءة بمصابيح الأمل، والأرواح أجنحة منازلها الآفاق، ومناراتها الشمس الطالعة في كبد التاريخ. نعم للعباءة السوداء رونق الكحل في العيون السود، وللعطر رائحة النخلة السامقة، ولطيات الشعر، رفرفات العلم الأنيق. شكراً لهن وهن يكتبن للتاريخ رسالة مجللة بالمعنى، فحواها بأن الوطن يكمن بين طلع وشارب، وفي خضم كحل، وعقال، الوطن هو ذاك الذي تحبه المرأة، كروح، وريحان، ورائحة، إنه السكنة. الخفقة، أنه الرفرفة، والتحليق، أنه الحب الكبير والشوق، والتوق، والحدق الأنيق. شكراً لهن لأنهن لا يتأخرن عن واجب، ولا يترددن في تحقيق طموح، لأنهن من نسل جيل، خب في الصحراء بحثاً عن نبع أمل، وامتطى الصهوات كفاحاً من أجل لقمة منقاة…

خبراء المستقبل

الثلاثاء ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٣

العناية بالمستقبل تبدأ من الشباب، والاهتمام بتدريب وتأهيل وتهيئة القدرات المواطنة لمواجهة متطلبات الغد، لهو الأمر الذي يجعل الأوطان تستند إلى أرائك الطمأنينة، والأمان وضمان المستقبل، ومنع تسرب القدرات في ثقوب وتشققات اللامبالاة. اليوم الإمارات تضرب مثالاً حياً ونموذجاً ساطعاً ناصعاً، في توجيه الإمكانيات الشبابية المواطنة نحو الأهداف الوطنية، ويعطينا برنامج دبي لخبراء المستقبل، إضاءة جلية على وعي القيادة الرشيدة بأهمية الاستعداد، وتوفير الإمكانيات البشرية والمادية كافة، لأجل تمكين القدرات الوطنية على اقتحام مجالات العمل العلمي والإبداعي بثقة وجدارة، ما يؤسس لدولة الريادة، ويضع حجر الأساس لإنجازات مستقبلية في مختلف الميادين والصعد، فالحضارات لا تشرق مصابيح تفوقها، ولا تضيء قناديل تميزها، إلا بتوفير القواعد والنظم وتسخير الإمكانيات الفنية والمادية، لأنه لا يمكنك مواكبة المراحل المتقدمة من التطور التكنولوجي والفني إذا لم تعد العدة، وتربط حزام الامان كي لا تسقط في الطريق، لأن القطار سريع. الرغبة في نيل المعالي يشغل الكثير من الدول، والسباق يسير على قدم وساق، ومن يتخلف عن الركب فسوف تلفظه العناية البشرية، ويصبح في ذيل القائمة الأممية. هذا ما تصبو إليه القيادة، وهذا ما يدور في حسبان حكومة دبي عندما أنشأت (برنامج دبي لخبراء المستقبل)، وهو المولود البكر الذي أنجبته مؤسسة دبي للمستقبل، والمجلس التنفيذي لإمارة دبي. وهذا فعلاً يجعلنا نقول إننا نعيش عصر الأنوار، ونعيد مراحلة…

أيام الفرح الوطني

السبت ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٣

7-6-5-4 أكتوبر في تاريخ الوطن، أيام بارقة تشرق على الربوع بمنجز جماله في تضامن أهل الوطن من أجل ترسيخ الروح الزكية، وغرس أشجار المحبة على صدور العشاق. في هذه المناسبة لن يخسر أحد، بل النجاح هو في هذه الباقة الزاهية من وجوه تتوجه ببراءة الفراشات إلى صناديق الاقتراع، وعبر خطوط (الأونلاين) لاختيار الأنسب، وكل صوت، كل بحة، كل همسة، كل ابتسامة هي ترشيح للوطن بأن يكون الأهم من كل ذات، وكل (أنا). خلال هذه الأيام، سنكون في تظاهرة الفرح، سنكون في محراب الوطن نصلي لتبقى رايته خفاقة واسمُه ناراً على علم وتاريخه أغنية يرددها الطير، ويعزف لحنها الشجر، والقيثارة هي هذه الجموع العاشقة، هي هذه القلوب المحبة، هي هذه الأرواح المرفرفة، وكأنها الأعلام الملونة بالجمال، وحسن الخصال. لا نتمنى أن يغضن أحد المرشحين جبينه، لأن نجاح البعض هو فلاح للوطن، ومنه انتصار للحقيقة، وإليها تصبو وتهتف الضمائر حياكم في دار زايد، وأهلاً بكم على أرض لقيادتها الرشيدة إكسير التفوق دوماً، والانتصار على الذات. في هذه المناسبة، تسقط الأنا، وتتهاوى الأنانية، ويعلو صوت الوطن فوق كل صوت، لأنه الحضن، والحصن، والبوح الأمين، والحصن الحصين، والجذر المكين، هو بيتنا، وسقفنا، هو كلنا، وبعضنا، هو أصلنا، وجذرنا، وغصننا، هو أمنياتنا التي تسير على الأرض جداول لعروقنا، وأنهاراً لأحلام محبتنا، وتوقنا، وشغفنا، وعطر تاريخ…

الإعلام الصورة وطبقها

الخميس ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٣

في كثيرٍ من بلدان العالم، وبخاصة الدول التي تسلقت سلم الإعلام بواقع الصورة التي لا تتطابق مع أصلها، ولكن لقوة الإعلام وصرامته وجبروته، استطاعت هذه الدول أن تحتل مكانة عالية ومميزة، ولو على سبيل الصورة البلاستيكية التي تغري ولا تفيد. بينما في الإمارات، نجد الإعلام هو العجلة التي تبذل الجهد لكي تتوافق مع الخطوات الواسعة التي قطعتها الإمارات، في المجالات المحورية «السياسة - الاقتصاد - الحياة الاجتماعية» هذه محاور ترتكز عليها نهضة الإمارات، وتقدم حركتها في العالم، وهذه نماذج حية تعبر عن دور الإنسان في تحريك المياه الآسنة، وقدرته على تحويل المياه المالحة، إلى ماء عذب زلال. اليوم في الإمارات، القيادة تقود المرحلة إلى صناعة إنسان قوي، مبدع، مبتكر، مهتم بإعادة صياغة حياته، لتتلاءم مع الظروف العالمية الذاهبة سريعاً إلى المستقبل، الممتطية حيال التطور بفكرة أكون أو لا أكون، فلا مكان اليوم للمتخلفين عن الركب، ولا صوت اليوم للذين يندسون تحت اللحاف ويريدون الوصول. الإمارات تعتمد على الإعلام، كوعاء يحمل ما تنتجه، وينصره في العالم صوت مجلجل يحترمه القاصي والداني. الإمارات والإعلام صنوان لهدف واحد ولا غيره، ألا وهو التواصل مع الآخر بصورة تحقق التطابق ما بين الواقع والخيال. الإمارات تسير مع الإعلام جنباً إلى جنب، كعمودين يرفعان السقف، كنجمتين تضيئان السماء. هذه هي سمة القيادة الرشيدة، وهذه هي الصورة…