شباب القصيم

الأربعاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٢

قرأت أمس الأول خبراً في (الشرق) فرحت به. كتبت الزميلة شعاع الفريح عن شابين من القصيم أصرا على أن تقص والدتهما “أم حمد” شريط الافتتاح لمكتبة أسساها حديثاً. وتمنيت لو أن الخبر تضمن اسم عائلة الشابين محمد وعبدالله فبأمثالهما نفتخر. نُشرت صورة الأم الكريمة إلى جانب ولديها البارين وهي تقص شريط الافتتاح. وتلك مبادرة نبيلة من صاحبيْ المشروع. كم نحن بحاجة لنماذج -”قدوة”- تحفز شبابنا على التفكير خارج الصندوق وتحث على البر بالوالدين والفخر بالأم وتقدير دورها العظيم. وحُق لأم حمد التهنئة على نجاحها في تربية أبنائها الكرام على البر بالأم والافتخار علناً بها. هذا الوفاء بالأم -حتى بصورته الرمزية- يستحق الإشادة عسى أن يصبح عادة مألوفة في المجتمع. لا نريد أن تغلب أخبار القطيعة والعقوق على أخبار الوفاء والبر بالوالدين. فمجتمعنا اليوم يمر بمراحل انتقالية مختلفة من المهم ألا تتأثر معها قيمه الأساسية والبر بالوالدين على رأسها. ولو استمعنا لبعض قصص الأولين في مجتمعنا لربما ذُهل بعضنا ببعض قصص النبل والوفاء والبر في قصص حقيقية لعلاقات إنسانية عظيمة بين الأبناء والآباء على الرغم من شدة الفقر وقلة الحيلة أيامها. ولهذا نتمنى لو تدون تلك الحكايات والقصص الحقيقية وتتاح لأجيالنا المقبلة كيلا -لا قدر الله– تصبح قصص البر بالوالدين المبهرة مجرد “حكايات” من أزمنة غابرة. من هنا يأتي الاحتفال بمبادرة…

هل أنت «حاقد»؟!

الثلاثاء ٠٤ سبتمبر ٢٠١٢

من أطرف التعليقات التي أسمعها أو أقرأها بعد أي نقد موجه لشخصية أو مؤسسة عامة يأتي في التالي: قل موتوا بغيظكم! وفي فترة سابقة كان أي صاحب رأي ينتقد بعض الأوضاع السيئة أو يطالب بالإصلاح يواجه بتهمة من مثل «حاقد»! حاقد على من يا عزيزي؟ هل من يؤمن بأهمية النقد لتنمية مجتمعه يستحق أن يوصم بـ«حاقد»؟ وإن كان أي نقد يقود صاحبه لمثل هذه التهمة فأمرنا لله إذ يبدو أن نصف الشعب أو أكثره -يا لله العجب- حاقد! مهمة الناقد أن يمارس ما يستطيعه من نقد الأخطاء من حوله. وهو –الناقد– ليس منزهاً عن الخطأ. لكن النقد بذاته «مبدأ» حضاري مهم للمجتمعات.وهذا من أسباب نجاح الأمم وتفوقها. لا يحقد على الأوطان من يسعى لتبصير أهلها بالمخاطر ومواقع الخلل والقصور. والإنسان بطبيعته يحتاج –كثيراً– لمن يحثه على مراجعة نفسه. وكذلك الشعوب. فما أساء لوطن مثل غياب الرأي الناقد وندرة الأصوات التي تنبه الناس للمخاطر. ليس صحيحاً أن كل من ينتقد إنما يصفي حساباته، القديمة والجديدة، مع صناع القرار. وليس صحيحاً أن النقد الذي يباشر به مثقف مسؤول، يزن الكلمة ويعرف الموضوع الذي يخوض فيه، سيكون من معاول الهدم. بل هو عكس ذلك تماماً. فرحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي. وكم من مشكلة تنموية كان بالإمكان تلافيها لو أننا استمعنا للأصوات الناقدة…

متى نحتاج للواسطة؟

الإثنين ٠٣ سبتمبر ٢٠١٢

حينما تراجع دائرة حكومية وتجد أن إجراءات المراجعة لا تستغرق سوى دقائق أو – في أسوأ الأحوال- ساعات قصيرة، فأنت لن تفكر أصلاً في البحث عن واسطة تسهل لك معاملتك. وحينما تعرف أن النظام يسري عليك مثلما يسري على الآخرين فأنت لن تفكر في البحث عمن يحميك من تعقيدات المراجعة. تنتشر “الواسطة” عندما يختل النظام وحينما يستهتر الموظف بأوقات الناس ومشاغلها لأنه “من أمن العقوبة أساء الأدب”. والمؤسسات التي تسعى لتنمية أفرادها لابد أن تشدد الرقابة على الأداء وتتيح برامج نوعية للتدريب والتطوير. ثمة فرق بين إدارة لا تذهب لها إلا وأنت “مسلح” بالواسطة وأخرى لا تحتاج أن تجري أي اتصال قبل الوصول إليها. حينما تذهب لإدارة حكومية تعرف أن موظفيها ملتزمون بأوقات الدوام ويبحثون عن أفضل الطرق لإنجاز معاملات الناس، وفقاً للنظام والعدالة المتاحة للجميع، فأنت لا تحتاج لشفيع أو صديق “يفزع” عند المدير. مشكلة أن نبحث عن واسطة في كل صغيرة وكبيرة. ثم تصبح “الواسطة” ثقافة سائدة في المجتمع. فمن توسط لك اليوم لإنجاز معاملة قد يطرق بابك غداً لمساعدته بواسطة تنجز له معاملة. والأهم أن نرسخ ثقافة الالتزام الوظيفي وحب خدمة الناس لدى موظفينا خصوصاً في الإدارات الخدمية. كم مرة رأيت مسناً يدعو لموظف شاب بالتوفيق لأنه أعانه على إنجاز معاملته. وفي ثقافتنا ما يحثنا على خدمة الناس…

أبواب المدارس وأسئلة المستقبل!

الأحد ٠٢ سبتمبر ٢٠١٢

ما زلت أتذكرها جيداً، تلك الأيام التي كنا نعود فيها إلى المدرسة بعد كل إجازة. ولأن إجازة أبناء القرى من المدرسة، على أيامنا، كانت تعني العمل في المزرعة أو في رعي الأغنام، ومساعدة أهل القرية في أعمال القرية، فلعل المدرسة وقتها كانت أرحم. كنا منذ الصفوف الأولى نتطلع لذلك اليوم الذي نغادر فيه القرية للالتحاق بكلية عسكرية أو بالجامعة أو – اختصاراً للطريق – بدء الوظيفة. الحق أن المدرسة أعطتنا مفاتيح أولية في الحياة كالقراءة والكتابة، لكن القرية صنعت داخلنا، منذ سن مبكرة، هاجس الاغتراب، وشعور المسؤولية. والقبيلة زرعت في داخلنا عيون الرقيب وسلطته، فأنت لا تمثل نفسك لأنك – في ثقافة القبيلة – تمثل القبيلة كلها. وبعيداً عن جدال المثقفين حول القبيلة ودورها، فإن الحق يقال إن القبيلة زرعت فينا – جيلي والأجيال التي سبقتنا – قيماً مهمة في العمل والمسؤولية والإنجاز. غير أن لكل مرحلة ظروفها. ولا يمكن القول إن جيلنا كان أكثر جدية من الأجيال اللاحقة. كانت أمامنا فُرصٌ متنوعة ربما ليست متاحة لمن جاء بعدنا. وهنا أسأل ذات السؤال الكبير الذي يسأله اليوم الآلاف من السعوديين: أي سوق عمل ستستوعب الملايين من شبابنا؟ عاد للمدارس السعودية ما يقارب الخمسة ملايين طالب وطالبة. أي مستقبل وظيفي ينتظرهم؟ وفي هذا السؤال تبرز التحديات بكل أشكالها. لم يعد من…

لمن ننحاز في عدم الانحياز؟

الجمعة ٣١ أغسطس ٢٠١٢

قمة دول عدم الانحياز جدير بها أن تطرح سؤالاً أساسياً: الإنحياز بين من؟ ألم ينتهِ الغرض الذي من أجله تأسست الفكرة؟ إن كانت البلدان المتمسكة بها تبحث فقط عن فرصة «علاقات عامة» بعنوان «قمة» فإن هذا قد يكون العذر الخفي والوحيد لاستمرارها. الإيرانيون وجدوها فرصة للاستعراض السياسي والدعائي عبر قمة أمس. لكن عملياً لم يعد لهذه الفكرة أي وجود على الأرض. الحقيقة أن تجمع قيادات دول ما يسمى بعدم الانحياز في طهران إنما يدعم دولياً شرعية مؤسسة الحكم في إيران –كما أشار لذلك توماس فريدمان في مقالته الأخيرة في النيويورك تايمز- وهي من يقمع أي صوت ينشد التغيير في إيران مثلما تسهم في ذبح آلاف الأبرياء في سوريا. إنها صانعة الفتنة في أكثر من بلد عربي. وهي اليوم تصنع فتنة جديدة في جنوب اليمن مثلما صنعتها في شماله. كانت قمة أمس فرصة ذهبية لطهران للاستعراض الإعلامي. وأكدت انحياز القيادة الإيرانية للبطش الأسدي ضد الشعب السوري الثائر على الظلم والاستبداد. وإلا كيف يتجاهل علي خامنئي وأحمدي نجاد، في كلمتيهما أمس، الحدث الأبرز في المنطقة وهو ثورة السوريين؟ ليت القيادة الإيرانية على الأقل التزمت بآداب «عدم الانحياز» للظلم في سوريا إن كانت غير قادرة على الانحياز للحق في ثورة السوريين ضد حكم آل الأسد. لم تكتفِ طهران بالدعم السياسي لنظام بات قاب…

مرسي ورحيل بشار

الخميس ٣٠ أغسطس ٢٠١٢

وأخيراً قالها الرئيس المصري محمد مرسي: على بشار أن يرحل! وأهمية الإعلان صراحة عن الموقف الرسمي لمصر من بشار الأسد ليست فقط في أهمية الدور المصري المنتظر تجاه قضايا المنطقة، ولكن أيضاً لأن ثمة شيئاً من الغموض في موقف إخوان مصر تجاه ما يحدث في سوريا. كنا توقعناهم أقوى من يناصر ثورة السوريين لأسباب كثيرة، ما بين الإنساني والسياسي. فالتوقعات تشير إلى احتمال أن يكون لإخوان سوريا دور مؤثر في المشهد السياسي السوري المقبل. المهم أن تتوقف المذابح المخيفة في سوريا، وأن يرحل الطاغية. وأغلب المؤشرات تشير إلى قرب رحيله. فما يحققه الجيش الحر على الأرض يعدّ انتصارات ستكون أكبر العوامل المؤثرة في المشهد. فالأمريكان، كعادتهم، ينتظرون «وضوح الرؤية» على الأرض قبل الاصطفاف مع من غلب. والروس حينما يدركون أن الجيش الحر قد صار قاب قوسين أو أدنى من النصر سيبيعون بشار بأبخس الأثمان، وكذلك الصينيون. أما إيران وأتباعها في المنطقة فسيبدأون في «مناحة» جديدة ومشروعات جديدة للعبث من داخل سوريا وفي محيطها. الموقف المصري الرسمي مهم جداً –ولو معنوياً– لثوار سوريا. لكن عسى أن تتبعه خطوات سياسية قوية للضغط على القوى الإقليمية لدعم الثوار. فما القتل والدمار اليومي في قرى ومدن سوريا إلا «فضيحة عالمية» على رؤوس الأشهاد. كيف يتواطأ العالم بسكوته إزاء جرائم حرب علنية لم يعد نظام الأسد يكترث…

القطاع الخاص.. شريك في الأزمة والحلول

الأربعاء ٢٩ أغسطس ٢٠١٢

أخبرني أحدهم أن مساعده، من سيريلانكا، لا يتجاوز راتبه خمسة آلاف ريال. قال إن مساعده استطاع بناء بيت العمر من تحويلاته لبلاده. راتب صاحبنا خمسة أضعاف راتب مساعده. ومع ذلك مازال يقيم في منزل بالإيجار. يولد المرء منا ويموت وعيناه معلقة على الحلم الكبير: البيت! كم أغتاظ من شركة سعودية أرباحها السنوية، وربع السنوية، بمئات الملايين. ثم لا تراعي الفوارق في أنماط الحياة بين موظفها السعودي والآخر الأجنبي. فما تشتريه بألف في بعض البلدان الآسيوية قد تشتريه بعشرة آلاف في المملكة. لكنه خطأ أن ننتظر القطاع الخاص أن يبادر بنفسه بزيادة رواتب موظفيه السعوديين. فما لم تكن ثمة قوانين تنظم عملية الأجور في شركات القطاع الخاص فسيبقى هذا القطاع يبحث عن العمالة الرخيصة. وسيتمادى في رفع رواتب أهل “العيون الزرق”. وبين هذا وذاك ضاع الشاب السعودي الذي يحمل همّ امتلاك البيت منذ الولادة حتى الممات! فكرة “المسؤولية الاجتماعية” لدى القطاع الخاص ليست فكرة نبيلة تتبناها الشركات الخاصة من طوع ذاتها، لا، إنها مشروع وطني لابد أن تكون له أنظمته وضوابطه حتى تدرك شركات القطاع الخاص أنها شريك في الأزمة وشريك في الحل. من حق المجتمع أن يطالب بالشفافية في أرباح شركات القطاع الخاص وفي أوجه إنفاقها. ومن المصلحة الوطنية الكبرى أن يشارك هذا القطاع الحيوي-وهو ملزم بذلك وليس تكرماً أو…

نعم: نتغير!

الثلاثاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٢

يظنها البعض نقيصة إن تغيّرالمرء. و يظنها البعض ميّزة إن لم يتغيّرالمرء. و من منا لا يتغيّر؟ والأهم، من قال إن التغيير في الفكر و التوجّه والموقف نقطة ضعف تحسب على المرء؟ في مجالسنا، تسمع من يصف شخصاً بأنه “رجل لم يتغيّر منذ عقود”! و كم مرة تأتيني رسالة يتساءل صاحبها: لماذا تغيّرت؟ و حينما يسافر بعضنا و يعيش تجارب مختلفة في الاغتراب لا بد أن يتغيّر. و من لا يتغيّر، في معارفه و تفكيره و علاقاته و نظرته لنفسه و للحياة، فإنما جسد يتحرك عبر السنوات بلا نمو و لا تطور. والحجر، وهو الحجر، لو نقلته من بيئة لبيئة مختلفة لتأثر بمناخات المكان الجديد ثم تغيّر. و الذين يظنون أن الناس لا تتغير، مع الوقت، أنصحهم بالبحث عن صورهم القديمة ثم يتأملون في المرآة! الثابت في القناعات يكون – غالباً – في المسائل المقدسة. لكن المفاهيم والآراء و العلاقات و المصالح هي متحولة وفقاً للتجارب والظروف. فما كنت تراه خطأً بالأمس ربما وجدته صحاً اليوم. وما رفضته في الماضي ربما صار عندك ضرورة في الراهن. والفكرة التي ظننت أنها غير قابلة للنقاش فيما مضى ربما بدأت اليوم تناقش أبعادها و أسبابها و لعلك تحمل تجاهها موقفاً يناقض مواقف الأمس. أفكارنا – مهما كان الجدال بين “الثابت” و “المتحول” – هي…

لماذا يستقيل؟

الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢

فكرة الاستقالة من الوظيفة عند البعض منا مرتبطة غالباً بمشكلة. فما أن يستقيل مسؤول، صغيراً كان أو كبيراً، حتى يبدأ من حوله في السؤال: لماذا استقال؟ فالموظف -وفقاً لثقافتنا- لا يستقيل. فهو إما يُرفع لدرجة أعلى أو يقاعد (بناء على طلبة) أو يفصل. أما أن يبحث عن فرصة أخرى أو يكتشف أنه في المكان الخطأ أو يصيبه الملل ثم يستقيل فهذا أقرب للمستحيل. وما أن يستقيل أحدنا بحثاً عن فرصة أفضل أو لخوض تجربة جديدة حتى تدور حوله الأسئلة: كم سرق؟ هل طُرد من الوظيفة لأن «المعزب» غاضب منه؟ هل يُهيأ لمنصب أعلى؟ الوظيفة عند بعضنا -ناهيك عن المناصب الكبرى- مثل سجن لا تخرج منه إلا للمقبرة، بعد عمر طويل. وبعضهم تصل ثروته لعشرات الملايين، بالحق أو بالباطل، وهو متشبث بالوظيفة حتى آخر رمق! ولكن ماذا عن الإنسان الذي يتوق دوماً للتجديد والتغيير؟ أعرف صديقاً يحدد مدة وظيفته الجديدة بأربع سنوات على أكثر تقدير، لا يخاف المغامرة، مقتنع أن قدرته على العطاء والإبداع في المكان الواحد لن تتجاوز الأربع سنوات. متحرر من أسر الوظيفة. لكنه في نظر مجتمعه ليس سوى «لعوب»، «مقامر»، يتنقل من وظيفة لأخرى! لست هنا أشجع على الاستقالة عشوائياً أو تقليداً لتجربة صاحبنا. بل إن الاستقرار الوظيفي مهم جداً للأفراد والمؤسسات التي يعملون بها. غير أننا معنيون بإدراك…

مدينة «تويتر» الفاضلة!

الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢

كما يوجد مهرجون شتامون في تويتر، يوجد من يمكن تسميتهم بـ«فلاسفة» تويتر في الحكمة والأخلاق والإلهام. ولأنك تعرف بعضهم جيداً، وتعرف الفجوة المهولة بين واقعهم وبين ما ينصحون به الناس، تكاد تشك أن حساباتهم في تويتر مؤجرة لغيرهم. معقولة: من يحترف النميمة والكذب يكتب عن الأخلاق والصدق؟ معقولة: من يخرج من تجربة فاشلة لأخرى فاشلة يكتب عن أسرار النجاح وأسبابه؟ معقولة: من يحترف النفاق في مجالس علية القوم يطالب بالنقد والحقوق ومؤسسات المجتمع المدني؟ معقولة: من يُعرف الناس من حوله وفق مذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية ينصح بنبذ الطائفية والبعد عن التصنيفات الفكرية؟ أعرف أننا نعيش في مجتمعات سادت فيها «الازدواجية» طويلاً، وما من أحد منا بريء منها، ولكنني أستغرب كثيراً كيف انقسمنا على «تويتر» كما لو أننا ننتمي لمدينتين: مدينة الشر ومدينة الخير. فإما تقرأ لغة شاتمة مكفرة محرضة تخّون الجميع وتتهم المختلف في الرأي بالعمالة والخيانة أو لغة على النقيض قوامها المحبة والتسامح ويقدم صاحبها خده الأيسر لمن يصفع خده الأيمن. لي صديق يقرأ عليّ من وقت لآخر بعض تغريدات من يعرفهم عن قرب ثم يعلق ساخراً: بلاش بكش! قال لي إن هؤلاء الأشبه بالملائكة في تغريداتهم الجميلة هم -في واقعهم- نقيض ما يكتبون. يكتبون ما لا يفعلون، وينصحون الناس بما لا يفعلون. لكنني -على الرغم من هذه السخرية- أفهم…

الإخوان والنزول إلى الواقع

السبت ٢٥ أغسطس ٢٠١٢

كل التناقضات في كلام – و وعود – «الإخوان» ما قبل الفوز بالرئاسة في مصر و ما بعده تصب في مصلحة فكرة «أنسنة السياسة» في الخطاب الديني. فلعبة السياسة لا يمكنها أن تتعايش مع الفكرة المثالية لمن يمارس السياسة باسم الدين. النظرية شيء و الواقع شيء آخر. و لو قرأ إخوان مصر تجربة إخوانهم في تركيا لربما أدركوا أن النجاح سياساً يأتي أولاً عبر احترام الأدوات التي مكنتهم للوصول للسلطة. فلا يمكنك أن تُحرّم على الآخرين طلب قروض من مؤسسة دولية و تحلله لنفسك. و من غير المقبول سياسيا وأخلاقياً أن تمارس ما كنت تعاني منه في الأمس القريب من تضييق على حرية التعبير و سجن الصحفيين ومعاقبة كل من ينتقد رموز السلطة. فوز الإخوان في مصر هو فرصة لهم لإثبات صدق وعودهم قبل الانتصار و هو أيضاً فرصة للشعوب العربية كي تختبر مقدرة الإخوان على الوفاء بالوعود السابقة. في الأخير، خاصة في عالمنا العربي، ينجح من يقدم مشاريع التنمية على «الأيديلوجيا» و على الكلام الكبير الذي لن يسهم في رصف شارع أو فتح مدرسة. و هنا نعود للجدل الإيجابي حول من يسبق من: التنمية أم الديموقراطية. المهم هنا أن تكتمل دائرة التجارب السياسية في العالم العربي و بعدها يقرر المواطن العربي – إن أمكنه – أي الطرق أسلم و…

لماذا دبي؟

الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٢

شهد منفذ البطحاء الحدودي – بين المملكة و دولة الإمارات – زحاماً شديداً خلال الأيام القليلة الماضية. عشرات الآلاف من السعوديين قضوا إجازة العيد في الإمارات. و في الطريق بين أبو ظبي و دبي تشاهد عشرات السيارات السعودية والبحرينية والقطرية والكويتية والعمانية. كيف نجحت الإمارات في استقطاب عشرات الآلاف من السواح الخليجيين في الوقت الذي لا يختلف فيه طقسها عن بقية دول الخليج؟ المسألة – في ظني – أبعد من توفر الخدمات الترفيهية المبهرة مثل المولات و دور السينما و ملاهي الأطفال. إنها منظومة متكاملة من الخدمات تشمل الأمن و الطرق و أريحية التعامل و ذلك الشعور المهم بالحرية من عيون الفضوليين التي تراقب حركتك. في أسواق دبي، مثلاً، تندمج الغترة أو العباءة الخليجية مع آلاف المتسوقين من أوروبا وآسيا و كل يعرف حدوده. لا توجد تجربة خليجية مثالية. ما من تجربة إلا ولها بعض السلبيات مثلما لها من إيجابيات. لكن قدرة دبي – كنموذج مختلف – في صناعة اقتصاد من مقوماته الأساسية السياحة هي تجربة مهمة جديرة بالدراسة. يخبرني أصدقائي من أهل دبي، و بعضهم من كبار تجارها، أن دبي تحررت مبكراً من فكرة الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لاقتصادها – لأنها لا تملك إلا قليله – مما ساعدها أن تستثمر في مقوماتها الاقتصادية الأساسية. هذه العقلية التجارية السائدة…