نعم: نتغير!

الثلاثاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٢

يظنها البعض نقيصة إن تغيّرالمرء. و يظنها البعض ميّزة إن لم يتغيّرالمرء. و من منا لا يتغيّر؟ والأهم، من قال إن التغيير في الفكر و التوجّه والموقف نقطة ضعف تحسب على المرء؟ في مجالسنا، تسمع من يصف شخصاً بأنه “رجل لم يتغيّر منذ عقود”! و كم مرة تأتيني رسالة يتساءل صاحبها: لماذا تغيّرت؟ و حينما يسافر بعضنا و يعيش تجارب مختلفة في الاغتراب لا بد أن يتغيّر. و من لا يتغيّر، في معارفه و تفكيره و علاقاته و نظرته لنفسه و للحياة، فإنما جسد يتحرك عبر السنوات بلا نمو و لا تطور. والحجر، وهو الحجر، لو نقلته من بيئة لبيئة مختلفة لتأثر بمناخات المكان الجديد ثم تغيّر. و الذين يظنون أن الناس لا تتغير، مع الوقت، أنصحهم بالبحث عن صورهم القديمة ثم يتأملون في المرآة! الثابت في القناعات يكون – غالباً – في المسائل المقدسة. لكن المفاهيم والآراء و العلاقات و المصالح هي متحولة وفقاً للتجارب والظروف. فما كنت تراه خطأً بالأمس ربما وجدته صحاً اليوم. وما رفضته في الماضي ربما صار عندك ضرورة في الراهن. والفكرة التي ظننت أنها غير قابلة للنقاش فيما مضى ربما بدأت اليوم تناقش أبعادها و أسبابها و لعلك تحمل تجاهها موقفاً يناقض مواقف الأمس. أفكارنا – مهما كان الجدال بين “الثابت” و “المتحول” – هي…

لماذا يستقيل؟

الإثنين ٢٧ أغسطس ٢٠١٢

فكرة الاستقالة من الوظيفة عند البعض منا مرتبطة غالباً بمشكلة. فما أن يستقيل مسؤول، صغيراً كان أو كبيراً، حتى يبدأ من حوله في السؤال: لماذا استقال؟ فالموظف -وفقاً لثقافتنا- لا يستقيل. فهو إما يُرفع لدرجة أعلى أو يقاعد (بناء على طلبة) أو يفصل. أما أن يبحث عن فرصة أخرى أو يكتشف أنه في المكان الخطأ أو يصيبه الملل ثم يستقيل فهذا أقرب للمستحيل. وما أن يستقيل أحدنا بحثاً عن فرصة أفضل أو لخوض تجربة جديدة حتى تدور حوله الأسئلة: كم سرق؟ هل طُرد من الوظيفة لأن «المعزب» غاضب منه؟ هل يُهيأ لمنصب أعلى؟ الوظيفة عند بعضنا -ناهيك عن المناصب الكبرى- مثل سجن لا تخرج منه إلا للمقبرة، بعد عمر طويل. وبعضهم تصل ثروته لعشرات الملايين، بالحق أو بالباطل، وهو متشبث بالوظيفة حتى آخر رمق! ولكن ماذا عن الإنسان الذي يتوق دوماً للتجديد والتغيير؟ أعرف صديقاً يحدد مدة وظيفته الجديدة بأربع سنوات على أكثر تقدير، لا يخاف المغامرة، مقتنع أن قدرته على العطاء والإبداع في المكان الواحد لن تتجاوز الأربع سنوات. متحرر من أسر الوظيفة. لكنه في نظر مجتمعه ليس سوى «لعوب»، «مقامر»، يتنقل من وظيفة لأخرى! لست هنا أشجع على الاستقالة عشوائياً أو تقليداً لتجربة صاحبنا. بل إن الاستقرار الوظيفي مهم جداً للأفراد والمؤسسات التي يعملون بها. غير أننا معنيون بإدراك…

مدينة «تويتر» الفاضلة!

الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢

كما يوجد مهرجون شتامون في تويتر، يوجد من يمكن تسميتهم بـ«فلاسفة» تويتر في الحكمة والأخلاق والإلهام. ولأنك تعرف بعضهم جيداً، وتعرف الفجوة المهولة بين واقعهم وبين ما ينصحون به الناس، تكاد تشك أن حساباتهم في تويتر مؤجرة لغيرهم. معقولة: من يحترف النميمة والكذب يكتب عن الأخلاق والصدق؟ معقولة: من يخرج من تجربة فاشلة لأخرى فاشلة يكتب عن أسرار النجاح وأسبابه؟ معقولة: من يحترف النفاق في مجالس علية القوم يطالب بالنقد والحقوق ومؤسسات المجتمع المدني؟ معقولة: من يُعرف الناس من حوله وفق مذاهبهم وتوجهاتهم الفكرية ينصح بنبذ الطائفية والبعد عن التصنيفات الفكرية؟ أعرف أننا نعيش في مجتمعات سادت فيها «الازدواجية» طويلاً، وما من أحد منا بريء منها، ولكنني أستغرب كثيراً كيف انقسمنا على «تويتر» كما لو أننا ننتمي لمدينتين: مدينة الشر ومدينة الخير. فإما تقرأ لغة شاتمة مكفرة محرضة تخّون الجميع وتتهم المختلف في الرأي بالعمالة والخيانة أو لغة على النقيض قوامها المحبة والتسامح ويقدم صاحبها خده الأيسر لمن يصفع خده الأيمن. لي صديق يقرأ عليّ من وقت لآخر بعض تغريدات من يعرفهم عن قرب ثم يعلق ساخراً: بلاش بكش! قال لي إن هؤلاء الأشبه بالملائكة في تغريداتهم الجميلة هم -في واقعهم- نقيض ما يكتبون. يكتبون ما لا يفعلون، وينصحون الناس بما لا يفعلون. لكنني -على الرغم من هذه السخرية- أفهم…

الإخوان والنزول إلى الواقع

السبت ٢٥ أغسطس ٢٠١٢

كل التناقضات في كلام – و وعود – «الإخوان» ما قبل الفوز بالرئاسة في مصر و ما بعده تصب في مصلحة فكرة «أنسنة السياسة» في الخطاب الديني. فلعبة السياسة لا يمكنها أن تتعايش مع الفكرة المثالية لمن يمارس السياسة باسم الدين. النظرية شيء و الواقع شيء آخر. و لو قرأ إخوان مصر تجربة إخوانهم في تركيا لربما أدركوا أن النجاح سياساً يأتي أولاً عبر احترام الأدوات التي مكنتهم للوصول للسلطة. فلا يمكنك أن تُحرّم على الآخرين طلب قروض من مؤسسة دولية و تحلله لنفسك. و من غير المقبول سياسيا وأخلاقياً أن تمارس ما كنت تعاني منه في الأمس القريب من تضييق على حرية التعبير و سجن الصحفيين ومعاقبة كل من ينتقد رموز السلطة. فوز الإخوان في مصر هو فرصة لهم لإثبات صدق وعودهم قبل الانتصار و هو أيضاً فرصة للشعوب العربية كي تختبر مقدرة الإخوان على الوفاء بالوعود السابقة. في الأخير، خاصة في عالمنا العربي، ينجح من يقدم مشاريع التنمية على «الأيديلوجيا» و على الكلام الكبير الذي لن يسهم في رصف شارع أو فتح مدرسة. و هنا نعود للجدل الإيجابي حول من يسبق من: التنمية أم الديموقراطية. المهم هنا أن تكتمل دائرة التجارب السياسية في العالم العربي و بعدها يقرر المواطن العربي – إن أمكنه – أي الطرق أسلم و…

لماذا دبي؟

الجمعة ٢٤ أغسطس ٢٠١٢

شهد منفذ البطحاء الحدودي – بين المملكة و دولة الإمارات – زحاماً شديداً خلال الأيام القليلة الماضية. عشرات الآلاف من السعوديين قضوا إجازة العيد في الإمارات. و في الطريق بين أبو ظبي و دبي تشاهد عشرات السيارات السعودية والبحرينية والقطرية والكويتية والعمانية. كيف نجحت الإمارات في استقطاب عشرات الآلاف من السواح الخليجيين في الوقت الذي لا يختلف فيه طقسها عن بقية دول الخليج؟ المسألة – في ظني – أبعد من توفر الخدمات الترفيهية المبهرة مثل المولات و دور السينما و ملاهي الأطفال. إنها منظومة متكاملة من الخدمات تشمل الأمن و الطرق و أريحية التعامل و ذلك الشعور المهم بالحرية من عيون الفضوليين التي تراقب حركتك. في أسواق دبي، مثلاً، تندمج الغترة أو العباءة الخليجية مع آلاف المتسوقين من أوروبا وآسيا و كل يعرف حدوده. لا توجد تجربة خليجية مثالية. ما من تجربة إلا ولها بعض السلبيات مثلما لها من إيجابيات. لكن قدرة دبي – كنموذج مختلف – في صناعة اقتصاد من مقوماته الأساسية السياحة هي تجربة مهمة جديرة بالدراسة. يخبرني أصدقائي من أهل دبي، و بعضهم من كبار تجارها، أن دبي تحررت مبكراً من فكرة الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لاقتصادها – لأنها لا تملك إلا قليله – مما ساعدها أن تستثمر في مقوماتها الاقتصادية الأساسية. هذه العقلية التجارية السائدة…

أوطان من ورق!

الخميس ٢٣ أغسطس ٢٠١٢

لو نتأمل في قصة ليبيا على مدى الأربعين سنة الماضية لرأينا الخسارة في أجلّ صورها. أربعة عقود من عمر دولة نفطية مهمة ضاعت سدى. عشرات الآلاف من المؤهلين شُردوا من ليبيا. عشرات المليارات أهدرت على مغامرات سياسية حمقى لرجل يمارس الجنون أكثر من السياسة. ومن زار ليبيا يأسف لغياب شبه كامل لمقومات التنمية. بل إن مستوصفاً في قرية تونسية يفوق أكبر مستشفى في ليبيا في الإمكانات والخدمات. تلك قصة واحدة في العالم العربي. ماذا عن القصص الأخرى؟ هل يُعقل أن تكون التنمية في بلد فقير مثل الأردن أفضل كثيراً من بلدان نفطية مثل العراق وليبيا؟ كيف تهدر موارد الأوطان في حماقات سياسية أو بفعل الفساد المستشري وتعيين الفاشلين في مواقع قيادية تدمر ولا تبني؟ لا فرق بين «مسؤول» فاسد وآخر غير مؤهل! النتيجة غالباً واحدة: كلاهما يهدم ولا يبني! انظر في خارطة البؤس العربي وتأمل حال التنمية في عالمنا. والتنمية التي أعنيها هنا لا تقتصر فقط على بناء الطرقات والمطارات وتأهيل المستشفيات بالخبرات وتطوير الإمكانات، ولكنها تشمل أيضاً بناء المؤسسات الرقابية والقانونية، ما يسهم في بناء الدولة العصرية ذات الاقتصاد المتين والقوة العسكرية الضرورية. مع الأسف الشديد، تنفق ميزانيات ضخمة في غير وجهها الصحيح، هذا فوق الأرقام الفلكية التي تختفي من الميزانيات أو لا تدخل أصلاً في بنود ميزانيات الدولة!…

عندك واسطة؟

الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢

أفهم أن يبحث الإنسان عمن يساعده لإنجاز مسالة معقدة في دائرة حكومية من دون الإضرار بمصالح الآخرين. لكن ما يزعجني أن أسمع الناس تسأل “عندك واسطة” من أجل تجديد جواز السفر أو رخصة القيادة أو دفتر العائلة.هذه إجراءات أساسية في حياتنا ما من مواطن – في الغالب – إلا و يمر بها. إذن لماذا يبحث بعضنا عن “واسطة” تساعده في إنجاز تلك المعاملات الضرورية؟ هل هي “عادة” أن نبحث عمن ينجز معاملاتنا نيابة عنا حتى وإن كانت المسألة لا تستغرق ساعات قصيرة؟ أم لأن الزحام – فعلاً – كثيف لا نملك معه إلا البحث عمن يسهل المسألة علينا فننجز معاملات “التجديد” بسرعة لن تتحقق من غير “واسطة”؟ ولكن السؤال المهم هنا: أين الخلل؟ هل هو في الناس التي لا تلتزم بالطوابير، أو في تلك التي تبحث عن “الواسطة” في كل صغيرة وكبيرة؟ أم هو في أداء الأجهزة الخدمية التي يحتاجها المواطن باستمرار؟ في ظني أن كثيرا من مشكلاتنا ناجمة عن قصور في أداء بعض مؤسساتنا خاصة الخدمية منها. فما الذي يمنع من توظيف أعداد أكبر من شبابنا في تلك الأجهزة حتى نخفف على الناس وطأة الزحام والانتظار الطويل؟ وأين مقاييس إنتاجية الأفراد في تلك الأجهزة؟ وكم “كاونتر” مغلق أوقات الذروة؟ في العالم العربي – عموماً – يشعر المواطن كما لو أنه…

صلاة بشار الأسد

الثلاثاء ٢١ أغسطس ٢٠١٢

تداول كثيرون فيديو صلاة بشار الأسد قبل أمس و هو يسابق الإمام، صباح العيد، في التسليمتين، كما لو كان يعد الثواني للعودة عاجلاً إلى مخبئه. و هو فعلاً يعد الدقائق و الثواني خوفاً من الآتي: نهايته. أي شرعية لــ «حاكم» لا يقوى أن يختلط بشعبه و يشارك علنياً في احتفالاته.؟ من أَمِنَهُ شعبُه أَمِن شعبَه. تلك هي الحكمة الذهبية لأي قيادة تبحث عن شرعيتها. و تلك هي مقياس الرضا الشعبي عن القيادة و أدائها. فكلما ازداد قرب القيادة من شعبها كلما تعمقت شرعيتها و زاد رضا الناس عليها. أما من يحتمي من شعبه بالمدرعات و أجهزة الأمن و عناصر من حزب الله والحرس الثوري فليس أمامه سوى انتظار نهايته و هي قريبة. بشار الأسد يقتل يومياً ما يقارب المائتي سوري، ناهيك عن الموت الجماعي لآلاف السجناء و المعتقلين الذين لا يدخلون في إحصائية الموت اليومي، و مع ذلك ما زال الرجل يبحث عن تسوية سياسية؟ والتسوية عنده هي أن يبقى رئيساً للسوريين. أي حماقة هذه؟ المؤسف أنه كلما اشتد الخناق على بشار جاءه «فرج» – و لو مؤقتاً – من المجتمع الدولي. فما مهمة الأخضر الإبراهيمي الجديدة في سوريا سوى نافذة للتسويف و المماطلة يموت عبرها المزيد من السوريين و يعيد من خلالها بشار ترتيب أوراقه السياسية وصفوف جيشه و شبيحته.…

من غازي إلى ابن حاضر

الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٢

كتبت أمس عن غازي القصيبي، ذلك النجم الذي ما نزال نذكره في كل حديث حول الإدارة و الأدب و الشعر أو جدالات المجتمع. واليوم أكتب عن نجم آخر غادرنا قبل عام على غرة. وكم هو حزين عيدنا في دبي الذي يمر من دون محمد خليفة بن حاضر. كان لنا هذا الشاعر والوطني الأصيل بمثابة روح المدينة و وهجها. دخل التجارة بالخطأ. و مارس العمل الدبلوماسي بالصدفة. و نجح في التجربتين. لكن عشقه الأصيل كان للأدب. شاعر من خارج زمانه. و كيف لا وهو تلميذ نجيب لأستاذه العملاق أبي الطيب المتنبي. في ركن خاص بمنتجعه السياحي الجميل على شاطئ الجميرا، كنت أزوره بصورة شبه يومية. وهناك عرفت كثيرا من نجوم المدينة و رموزها. و حينما فاجأنا غيابه الأليم قبل عام و أشهر، سكن الحزن مدينتنا الجميلة مثلما سكن قلوب محبي شاعرها و نجمها. وأنا من أكثر المفجوعين بغيابه. كيف لا و قد كان لنا «أبو خالد» الأخ و الصديق و النديم و صاحب «الفزعات» عند كل ضيق. اليتم للمثقف و المنشغل بقضايا الفكر و السياسة ألا يجد رفقة يتبادل معها الرأي والفكر و الجدل. و قليلون هم من اجتمعت فيهم صفات محمد بن حاضر في كرمه و ثقافته و أصالته و هوسه بقضايا أمته. جلسته الرمضانية كانت أشبه بصالون أدبي ثقافي…

عودة غازي القصيبي

الأحد ١٩ أغسطس ٢٠١٢

رحم الله غازي القصيبي. لا يزال شاغل الدنيا حتى في غيابه. وهل مات من خلّف ثروة معرفية هائلة كتلك التي تركها لنا غازي في مؤلفاته وأشعاره و حكايات الناس معه؟ للتو أفرغ من قراءة كتابه «العودة سائحاً إلى كاليفورنيا». و بقدر ما ضحكت من روح السخرية العالية في الكتاب تعرفت أكثر على جوانب أخرى في الثقافة الأمريكية. و هي فكرة بارعة أن تكتب عن التجربة لاحقاً إن لم تسعفك الظروف للكتابة عنها في حينها. ابتعثت السعودية و دول الخليج عشرات الآلاف من أبنائها للدراسة في أمريكا. كم منهم وثّق تجربة الحياة و الدراسة في أمريكا؟ أنا ممن ظل يؤجل مشروع الكتابة عن تجربة الدراسة في أمريكا كثيراً ، مرة بأعذار زحمة الأشغال و مرات بحسابات و مخاوف الرقابة التي تبدأ من داخل المرء ولا تنتهي عند مكتب الرقيب الرسمي. وهي كلها أعذار. لكن غازي القصيبي، في كتابه عن عودته سائحاً لكاليفورنيا، يعلمنا درساً جديداً: ما زالت الفرصة سانحة للكتابة عن التجربة حتى وإن بعد حين. فماذا لو كرر بعضنا تجربة غازي القصيبي و عاد للأماكن القديمة، التي درس فيها أو زارها، و استعاد بعض ما يستحق التدوين من الذكريات و التجارب؟ ما يميز غازي القصيبي أنه يكتب عن التجربة بمعرفة و علم وسعة أفق. فهل كل من درس و عاش…

أخرجوا «الخليجيين» من لبنان!

السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٢

أتفهم إصرار بعض أهل الخليج على قضاء إجازاتهم في لبنان على الرغم من التحذيرات المتتالية من بلدانهم. كثير منهم يملك بيوتاً أو شققاً في لبنان. و غالبيتهم ما يزال يؤمن بلبنان و بمستقبله، على الرغم من أن لبنان يعيش على «صفيح سياسي ساخن» منذ القدم. أن تشتري عقاراً في بلاد خارج بلادك دلالة على ثقتك في تلك البلاد. ومع صدق الأمنية أن يزدهر لبنان إلا أنني كثيراً ما أسأل: ومتى استقر لبنان؟ أنت كخليجي في لبنان، مهما كنت، لن تخرج من دوائر التصنيف و التقسيم في لبنان. لابد أن تحسب على فريق ما. فإما أن تكون من محبي و أصدقاء أهل الجبل، حتى وأنت لست على دينهم، أو أن تكون من فريق الضاحية والجنوب لأنك – هكذا ينظر لك – على مذهبهم! لا يمكنك أن تتمتع باستقلاليتك في لبنان. متناقضات شديدة التعقيد في لبنان. و مخاطر ما أن تهدأ حتى تبدأ من جديد. وأيدي اللاعبين هناك كثيرة. وليس فينا بريء من ذنوب لبنان. نحن – كدول – شركاء في إبقاء لبنان يعيش فوق صفيحه الساخن. و مع ذلك يصر بعضنا على قضاء الإجازات و الإقامة في لبنان. أعرف أصدقاء من الخليج يعشقون لبنان أكثر من أهلها. لماذا؟ من حق الناس أن تختار أين تقضي إجازاتها. و من واجب الحكومات تحذير…

تأملات في عيدنا!

الجمعة ١٧ أغسطس ٢٠١٢

يأتي عيدنا غداً أو بعد غد وفي الأفق ألف سؤال عن مستقبل منطقتنا و مآسيها. يا إلهي: هل مر علينا عيد دون حزن أو مأساة في منطقتنا؟ كم سيقتل من الأبرياء صبيحة العيد في سوريا؟ وكم من نفس بريئة أزهقت وتسأل: بأي ذنب قُتلت؟ يستمر مسلسل الانتقام والقهر والإذلال الذي أسست له ورعته أنظمة جائرة احترفت الإجرام كنظام الأسد. ومن أجل ماذا؟ يا له من عالم منافق وشريك في الظلم. كيف بقي القرار الدولي رهيناً لجدال الكبار وصراعات المصالح فيما دم الأبرياء في سوريا يسفك، بيد باردة وضمير ميت، بالساعة الواحدة؟ كيف لنا أن نشعر بفرحة العيد وسط هذا الحزن العميق بفعل همجية من لا يخاف ربه ولا يحسب لإنسانية الإنسان أي حساب؟ إن جريمة واحدة من جرائم الأسد و شبيحته كفيلة بتدخل دولي صارم لإيقاف المجازر. ولو كان في العالم «المتحضر» صانع قرار حازم لما تمادى الظالم في ظلمه. لكنها لعبة المصالح وحسابات المستقبل التي أبقت هذا العالم «المتحضر» يتفرج على هذه المأساة الإنسانية مما أعطى الأسد وشبيحته رسالة مفادها أن بإمكان المجرم أن يتمادى في ظلمه وهمجيته ووحشيته فيما العالم «القوي» مشغول مع بعضه البعض في جدال سياسي وحسابات مصالح على حساب الضمير الإنساني الذي ينحر يومياً على مرأى ومسمع العالم كله. أي قادم ينتظر منطقتنا وهي المقبلة…