مع سلمان بن عبدالعزيز

الإثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٢

لم تمر أسابيع قليلة على مكالمة طويلة فاجأني بها الأمير سلمان بن عبدالعزيز، في حديث أبوي كريم، حول بعض الأحداث الراهنة. ومن منا في الوسط الإعلامي لا يحمل ذكرى خاصة، من مقابلة أو مكالمة، مع الأمير سلمان؟  قال لي الأمير، من ضمن ما جاء في مكالمته الكريمة، إنه يختلف معي أحياناً لكنه يحترمني. وهذه، وربي، غاية المبتغى عندي، فالاختلاف في الرأي عند الكبار لا يعني مصادرة للرأي الآخر أو اختلاق عداوة مع صاحب الرأي المختلف، كم مرة تمنيت أن أقول لبعض صغار المسؤولين عندنا: أرجوكم: لا تصنعوا مني عدواً لأنني لست كذلك ولا أود أن أكون كذلك، نحن نقول أو نكتب أحياناً ما يزعج أو يستفز البعض. لكن القصد غالباً المصلحة الأكبر، وتلك هي طبيعة الكتابة الناقدة.  والكاتب ليس من «الملائكة» أو منزها عن الخطأ والتقصير. ولهذا يزداد التقدير لرجل دولة كبير مثل سلمان بن عبدالعزيز. وإلا ما الذي يضطره، وهو المزحوم بأعباء مسؤولياته الجسام، أن يهاتف كاتباً ويحاور صاحب رأي لولا أنه يحترم أهل الفكر ويقدر مسؤولية الإعلام وأهميته؟  اليوم وقد تولى الأمير مسؤولية ولاية العهد، وهو الجدير بالمهام الكبرى، فمن المتوقع أن تستمر السياسة الخارجية السعودية في حيويتها خصوصاً في زمن التحديات والمخاطر الكبرى على مستوى المنطقة كلها. ما من مراقب لما يجري في العالم العربي اليوم إلا…

مجاعة اليمن

الجمعة ٢٢ يونيو ٢٠١٢

عشرة ملايين يمني مهددون بالمجاعة. ألا يستحي «جهابذة» السياسة في اليمن من هذه الكارثة؟ ألا يخجل أولئك المحسوبون على النظام السابق، من أقرباء «الزعيم» ومن كان في دائرته، وهم يُخرجون أموالهم -بمئات الملايين- إلى بنوك خارج اليمن وقد أفقروا وطنهم بأنانيتهم وجشعهم وطغيانهم؟ حينما تواصل معي الصديق علي الظفيري يخبرني أن شباباً من الخليج ينظمون حملة أطلق عليها «من أجل اليمن» تساءلت: ألم نحذر طويلاً من الانغماس في ألاعيب السياسة ودهاليزها على حساب التنمية؟ كم مرة كتبنا عن مخاطر الوضع اليمني المتردي -خاصة في جوانب التنمية- على الأمن القومي الخليجي؟ وفوق الواجب الإنسان والأخلاقي تجاه ما يعانيه أهلنا في اليمن، كيف لا نرى مصلحتنا في يمن مستقر آمن ذي اقتصاد متماسك وتنمية مستدامة؟ انشغل اليمنيون -وانشغلنا معهم- بألاعيب الرئيس السابق السياسية حتى ضربت المجاعة قرى اليمن ومدنها. وما يحدث اليوم في اليمن ليس وليد الأمس بل هو نتاج عقود من الإهمال والتجاهل لقضايا التنمية والاقتصاد في اليمن. ولو كنت سياسياً يمنياً لأعلنت فوراً اعتذاري عما يحدث من مجاعة وسوء حال في اليمن، وأعلنت انسحابي من المشهد كي أتفرغ للعمل مع المنظمات الإنسانية التي تحاول الآن إنقاذ ما يمكن إنقاذه في اليمن. لكن هيهات! فأغلب السياسيين في اليمن قد أدمنوا اللعبة وهي عندهم -فعلاً- لعبة تقود لمزيد من المكاسب الشخصية على…

الشعوب الغاضبة

الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢

في قمة (ريو + 20) المنعقدة حالياً في البرازيل، تكررت على مسامعنا مصطلحات من مثل «الاقتصاد الأخضر» و«التنمية المستدامة.»  ولكثرة ما كررها أهل السياسة، من رؤساء دول ووزراء اقتصاد وبيئة، تكاد الفكرة تفقد معناها. فالتنمية المستدامة مشروع حياة أو موت لكثير من شعوب دول الجنوب. والاقتصاد الأخضر مفهوم حيوي في ظل المخاطر البيئية التي تهدد عالمنا اليوم. والتنمية المستدامة تعني أن نفكر في اليوم وفي الغد وما بعد الغد.  ونحن، في العالم العربي، في قلب القلق. أعداد الناس في عالمنا تتزايد بشكل مخيف. والتطاحن على السلطة احتل هموم النخب. واستشراء الفساد والاستبداد قاد إلى فشل في التخطيط لمشروعات التنمية وفشل في أداء الأجهزة التنفيذية. وهكذا يتراكم الغضب الشعبي حتى يصل لمرحلة الانفجار كما شهدنا في دول الربيع العربي.  ليس كل من خرج في ميادين التغيير والتحرير طالب سلطة. الناس هناك فقدت كل أمل وبمجرد أن كسرت حاجز الخوف حدث الانفجار. المخيف الآن أن تتحول الشعوب الغاضبة إلى شعوب جائعة. وهذا حتمال وارد كما نشهد في اليمن اليوم. ا  الانشغال بألاعيب السياسة على حساب التنمية الشاملة يقود إلى كوارث خطيرة. والتنمية إن لم تعنِ، من ضمن معانيها الكبيرة، نظرة علمية وعملية للمستقبل، نبقى ندور في مناطق الخطر. من يفكر فقط في اليوم يخسر المستقبل. ومن يخطط فقط ليومه ويعيش وفق المثل…

سيارة الرئيس

الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢

قبل أمس، خلال فعاليات قمة (ريو + 20) المنعقدة حالياً في البرازيل، رأيت رئيس كوريا الجنوبية يستقل سيارة كورية الصنع من نوع هيونداي. وكانت وسائل الإعلام الحاضرة في المكان تلتقط صوره وهو يغادر الفندق إلى مقر القمة. وفي كل لقطة للرئيس، وهو يستقل سيارة من صنع بلاده، رسالة مهمة، يعنيها الرئيس، عن بلاده. فمثلما أبهرت كوريا العالم كله بنموها الاقتصادي المتسارع -التي أطلق عليها بسببه المعجزة الشرق آسيوية- ستبهر صناعة السيارات الكورية العالم وهي تسحب البساط من تحت أقدام نجوم الصناعة العالميين ممن سبقوا كوريا بعشرات السنين. بل إنها اليوم منافس عالمي قوي حيث تنتج سنوياً أربعة ملايين سيارة. الكوريون -بدءاً برئيسهم- يفاخرون اليوم بصناعتهم التي تحتل موقع المنافس العالمي وإلا لما نجحت كوريا الجنوبية أن تصبح في قائمة الأقوى اقتصادياً وفي وقت وجيز. إلى عهد قريب، كانت السيارة الكورية كثيرة المشكلات، رخيصة السعر، وكأنها سيارة من لا يقوى على شراء سيارة. تعلم صناع السيارات الكورية من أخطائهم وصاروا -في السوق العالمية- رقماً مهماً ينافس بجدارة في صناعة السيارات العالمية. الإيمان العميق والعمل الجاد كفيلان بالوصول للمراكز المتقدمة. وذلك مبدأ ينطلق من الفرد إلى الأمة. ونمو كوريا الجنوبية الاقتصادي كان من ثمار انفتاحها الذكي على العالم عكس جارتها الشمالية التي تخزن الأسلحة وتخطط لبناء السلاح المدمر فيما المجاعة تهدد شعبها.…

التنمية والثورة

الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢

التنمية المستدامة هي صمام أمان لاستقرار الدول. والتنمية، بمفهومها الشامل، منظومة متكاملة من القيم والمفاهيم يتداخل فيها السياسي بالاجتماعي بالاقتصادي. فلا تنمية حقيقية مع الفساد. ولا إبداع في الاقتصاد تحت مظلة الاستبداد. ولهذا، وعبر حوارات طويلة شهدتها فعاليات قمة (ريو + 20) التي اختتمت أعمالها قبل أمس في ريود وجانيرو، كانت «التنمية المستدامة» محوراً أساسياً في النقاش والمداولات. لا يمكننا اختزال المصطلح في جانب بيئي أو اقتصادي وإغفال الجوانب الأخرى مثل مكافحة الفساد ورعاية حقوق الإنسان وحق التعبير. وما قصة دول «الربيع العربي» إلا نتيجة -من ضمن مشكلات أخرى- لغلبة الإنفاق على الجهاز الأمني على الإنفاق في قطاعات التعليم والثقافة والصحة والبنى التحتية. فهل أحرق البوعزيزي نفسه احتجاجاً على استمرار بن علي في حكم تونس لأكثر من عقدين؟ وهل فعلاً قامت الثورات في العالم العربي لأن العرب استيقظوا فجأة واكتشفوا توقهم للديموقراطية وصناديق الاقتراع؟ صحيح أن حق الناس في اختيار من يمثلها واختيار طريقة الحكم في وطنها ضمن مبادئ التنمية المستدامة التي نتحدث عنها في هذه القمة. لكن ما فائدة الديموقراطية إن لم تأت بتنمية حقيقية؟ وبالمقابل: أي تنمية ستتحقق إن لم تكن الناس راضية عن آلية الحكم وأساليب اختيارها؟ دعك الآن من هكذا حوار. إنه حوار نخب لا تقوى على شيء خارج دائرة التنظير. الشباب، وهم الغالبية، أدركوا سرَّ…

أسئلة «طائرة»!

الإثنين ١٨ يونيو ٢٠١٢

 تستغرق الرحلة الجوية من دبي إلى محطتنا المقصودة في البرازيل 16 ساعة. قرأت فصلاً في الكتاب المرافق وشاهدت فيلماً ونمت لساعات. عدت لأوراق عمل أحملها في رحلتي، قرأتها من جديد، كتبت مزيداً من الملاحظات ودونت بعض الأفكار لمقالاتي اليومية. ومازلت أفكر -معلق بين السماء والأرض- فيما يحدث في عالمنا العربي.   لو أتأمل فقط في الطائرة العملاقة التي أكتب فيها هذه الزاوية لوجدت مائة سبب تشرح كيف تقدم صناع الحضارة المعاصرة وكيف تأخرنا. إننا نهدر الوقت وهم يستثمرونه بالثانية الواحدة. لماذا نهدر أوقاتنا في صراخنا السياسي وحروبنا الفكرية ومؤامراتنا بعضنا ضد بعضنا؟ صناع الطائرة التي تطير بي الآن إلى البرازيل منشغلون أيضاً بالسياسة. لكن حياتهم ليست كلها مُسخّرة لصراعات السياسة وألاعيبها. ما بالنا نحن منهمكون في منافسات السياسة وألاعايبها، منشغلون بصراعات الماضي ومآسيه؟ أعرف أنه سؤال ممل ومكرر لكنني هنا، بين السماء والأرض، ألحّ عليه: متى تصبح العلوم والإبداع والابتكار جزءاً أساساً من همنا وتفكيرنا اليومي؟   ماذا لو أعطينا الصناعة والإبداع قليلاً من الوقت الطويل الذي نقضيه في جدالات وصراعات تزيد من حالة التخلف والبؤس التي يعيشها عالمنا العربي؟ صناعة طائرة واحدة تؤمن آلاف الفرص الوظيفية لشباب متعطش للعمل والإنتاج. أبسط تقنية في هذه الطائرة تسهم في بناء الاقتصاد وازدهاره. ولابد من تكرار الأسئلة: أي إسهام لنا اليوم في الحضارة الإنسانية…

السعوديون والمستقبل

السبت ١٦ يونيو ٢٠١٢

جاء خبر وفاة الأمير نايف بن عبد العزيز، وأنا في طريقي إلى البرازيل مشاركاً في قمة الأرض. كان السؤال اللافت الذي أسمعه من كثيرين قابلتهم في رحلتي يسأل عن المستقبل في السعودية. وهو سؤال يسأله السعوديون أنفسهم. ليس جديداً تأكيد أهمية استقرار السعودية للمنطقة والعالم ليس فقط لأهميتها لاقتصاديات العالم وهي اللاعب الأول في سوق النفط ولكن لدورها الأساس في توازن القوى الإقليمية. السعوديون يسألون أسئلتهم لأنهم يرون أن بلادهم قادرة على العبور نحو نقاط الضوء إن أجبرتهم الظروف أحياناً على السير في نفق التحولات الإقليمية والدولية المربكة. ويسألون أحياناً أسئلة ملحة لأنهم يشاهدون حجم الدمار المخيف من حولهم ولابد لهم من الحرص على النأي ببلادهم من فوضى الخراب الشامل على حدودهم. إنهم يريدون أن يكون وطنهم قوياً متماسكاً بوحدة أهله وبمواجهة ما يمكن أن يضعفه ويضعفهم. وهكذا التحم الصف السعودي، قبل سنوات، مع قيادته في معركته الصارمة ضد الإرهاب. ولكي تكون السعودية قوية في الخارج فهي لابد أن تبقى قوية في الداخل. من هنا يسأل السعوديون أنفسهم أسئلة تبحث في المستقبل وينتقدون بعض الأخطاء في الإدارة والتنمية. من يحب وطنه يسأل أحياناً الأسئلة المزعجة. ومن يريد الخير لمجتمعه يشير بإصبعه لما يرى فيه بوادر خلل أو خطر. هناك تحديات حقيقية لعل من أبرزها مشكلة البطالة المتفاقمة؛ لا بد من…

شهرزاد الجعفري وأمثالها!

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

ما أكبر الشبه بين شهرزاد الجعفري وأبناء المقربين من السلطة في العالم العربي. لا هم يمتلكون تواضع الكبار، أبناء الكبار، ولا هم يحافظون على شيء من “الوقار” في حضرة الكبار! إنهم باختصار صغار أمام الكبار، “طواويس” أمام مواطني بلدانهم من المكافحين والمجتهدين والمغلوبين على أمرهم! مصلحتهم فوق أي اعتبار. وولاءاتهم لمن يحقق لهم مصالحهم. لكن ذلك الولاء زائف، يزول سريعاً بمجرد انتهاء المصالح. في أمريكا، عرفت طلاباً من تونس كانوا يتباهون بزين العابدين بن علي كما لو كانوا أبناء عمومته. وبمجرد أن سقط، انقلبوا فجأة وصاروا كما الثوار، يحملون صور محمد البوعزيزي ويلعنون أيام بن علي! شهرزاد الجعفري لم تتعلم من تجربة الدراسة والإقامة في أمريكا كيف ولماذا تفوقت أمريكا وتأخرت بلادها. ولم تشرح لبشار، وهي تراسله بانتظام، أن ما يفعله جيشه ضد شعبه سيجرجره إلى نهايته سريعاً. أعرف هذه النوعية جيداً. فهم ينافسون الأمريكان في الحديث عن آخر الصرعات الثقافية والفنية ويقرأون أحياناً أرقى الإصدارات الأمريكية. يجيدون اللغات الأجنبية وكثيرهم تعلموا -منذ الطفولة- في مدارس أجنبية. يدرسون في أرقى الجامعات الغربية ويجيدون الحديث عن الديمقراطية والحرية ويفهمون في السياسة والاقتصاد والإعلام. ومع ذلك يدافعون عن أنظمة الاستبداد والجهل في بلدانهم بطريقة تكاد بسببها أن تشك أنهم يتحدثون عن سويسرا أو السويد! ابنة السفير السوري لدى الأمم المتحدة استغلت معرفتها…

العقل هو الحل!

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

التجربة العملية كفيلة بإسقاط الشعارات أو تأكيدها، دعونا نخوض التجربة كي نختبرها. أصحاب «الإسلام السياسي» يزعمون أنهم يملكون المفتاح السحري لحل مشكلات الأمة، ومنافسوهم بدلاً من أن يشرحوا لنا ما هي الأجندات التنموية والأولويات الإدارية في برامجهم، انشغل كثيرهم في التشكيك في قدرة الإسلاميين على القيادة. لكن المحك الحقيقي سيكون التجربة على الأرض، وتلك فرصة ذهبية للشعوب العربية كي تختبر قدرة الأطراف المتنافسة على السلطة، سينجح من ينظر للسلطة على أنها «إدارة» مشروعات تنموية وبناء دولة المؤسسات وفتح الأبواب لمؤسسات المجتمع المدني. أما من يختزل السلطة في المفهوم العربي المعتاد فيجعل منها أداة امتلاك وتسلط فمصيره الفشل الذريع. لم تعد المرحلة تحتمل اللعب بالسياسة على حساب التنمية. فغالبية سكان العالم العربي من فئة الشباب. وهؤلاء لا تعنيهم ألاعيب السياسة قدر ما تعنيهم همومهم اليومية في التنمية الشاملة بما يرافقها من حريات وعدالة وشفافية. هموم الداخل ستكون اللاعب الأكبر في تشكيل وعي وقناعات الناس تجاه أنظمة الحكم القادمة في بلدانها. وقد خبر الشباب العربي كسر حواجز الخوف مع أنظمة القمع في بلدانها مما يعني أنه سيكون أقرب للمستحيل أن تعود الديكتاتوريات للبلدان التي خبرت الربيع! كل الشعارات التي تزعم أنها تختصر حلول التنمية والحكم لن تنجح -بعد التجربة الأولى- في إقناع الناس بجديتها وصدقها. التجربة هي المحك. وهي التي ستؤكد أو…

مسجد الفاروق

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

أمس، أثناء صلاة الجمعة في جامع الفاروق بدبي، أعجبت بطاقم العمل في المسجد كيف يتأكدون من التزام المصلين بآداب المسجد في ملابسهم وعند دخولهم وخروجهم. هناك لوحات كبيرة عند مداخل المسجد توضح، بالصورة والرسم التوضيحي، ما يجوز وما لا يجوز عند دخول المسجد. وهناك حراس عند الأبواب ينظمون دخول المصلين وخروجهم. في مسجد الفاروق، لا أظنك بحاجة أن تقلق من أن يُسرق حذاؤك! هذا الجامع الذي أعاد بناءه حديثاً رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور يعد تحفة من تحف العمارة الإسلامية. لكن أجمل ما فيه نظافته التي تراقبها إدارة منظمة تعطي للمسجد وقاره ومحبته. أختلف مع أولئك الذين يبالغون في خشيتهم من أن تكون العمارة الأنيقة للمسجد من عوامل تشتيت انتباه المصلين. العكس هو الصحيح. فالمسجد النظيف بإضاءاته ومكيفاته الجيدة يغري الناشئة بالزيارة ويعطي الصورة المفترضة عن مساجدنا كبيوت للعلم والعبادة. في جامع الفاروق توجد مكتبة وقاعات درس بالإضافة لمواقف السيارات المرتبة والمداخل السهلة. أعرف أصدقاء يأتون من أماكن متباعدة، من دبي ومن خارجها، للصلاة في جامع الفاروق. ما الذي يمنع أن يكون في كل حي في مدننا مساجد مرتبة ومنظمة؟ ولماذا لا تجهز المساجد بقاعات وخدمات قد يستفيد منها سكان الأحياء المجاورة في تعلم المهارات أو إقامة الندوات؟ أثق أن القائمين على المساجد في منطقتنا يتلقون العشرات، ربما المئات، من…

نهاية القاعدة في اليمن؟

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

السلاح يمكنه أن يقلّم أظافر القاعدة في اليمن لكنه لن ينهيها أبداً. والحرب على القاعدة في اليمن ليست فقط بالدبابات والطائرات والعسكر. ما يمكن أن يلغي وجود القاعدة في اليمن هي مشروعات التنمية الحقيقية. الناس تلجأ لجماعات التطرّف الديني -من ضمن أسباب أخرى- حينما تضيق بها الأحوال وتختفي معها بوادر الأمل. يسهل استقطاب عناصر القاعدة من البيئة المهيأة أصلاً للانتقام من سوء الأحوال وغياب القانون وضعف التنمية. إن التنمية الجادة هي أقوى الأسلحة التي يمكن أن يواجه بها اليمنيون أخطار العنف والتشدد والإرهاب. ولهذا فإن من مصلحة دول الخليج أن تستثمر في اليمن كي يسهل الخلاص من مخاطر القاعدة. فحينما تنشغل الناس باهتماماتها اليومية، في المزرعة وفي المصنع وفي أي عمل مجز، لا يعد عند الناس وقتا لسماع خطابات الظواهري ولا وعود القاعدة. ولهذا أتمنّى لو أن المعنيين بمقاتلة القاعدة في اليمن يعيدون استراتيجيتهم ويقرأون جيداً -وقبل أي شيء- أوضاع التنمية في اليمن. التنمية هي مفتاح الحل لكثير من أزمات اليمن وعلى رأسها وجود القاعدة. لكن التنمية ليست كلمة عابرة أو جملة تقال في مناسبة عامة. إنها منظومة ضخمة ومتكاملة من المشروعات الحقيقية تبدأ بمشروعات البنى التحتية وتشمل تطوير التعليم والطرق والصحة. في اليمن اليوم عشرات الآلاف من الأيدي العاملة مع التأهيل والتدريب يمكنها أن تكون من عوامل البناء والنهضة…

طائفية آل الأسد

الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢

سمعت كثيراً عن ضباط سوريين كبار من العلويين يرددون على مسامع الضباط الأصغر، من طائفتهم، أن سُنَّة سوريا إن سقط نظام الأسد سيذلون -من جديد- العلويين كما فعل أجدادهم. يقولون إن السُّنَّة سيجعلون ممن ينجو من العلويين خدماً في بيوت السُّنَّة وحمَّالين في الأسواق ومنظفي سيارات في الشوارع. وفي شحنهم الطائفي، يخترعون قصصاً لمجازر ارتكبها السُّنَّة ضد العلويين في غابر الزمن ويكررون إن بشارا بمجرد أن يسقط سوف تسيل أودية من دماء العلويين. باسم العروبة و«البعث» تمسكن حافظ الأسد حتى تمكَّن. ثم قلبها طائفية حينما أمسك بنو طائفته بمفاصل الأجهزة الأمنية وحينما تمكَّنوا تماماً فتحوا كتب التاريخ المملوءة بالخرافة والأكاذيب وأضافوا لها قصصاً من خيالهم للانتقام من الغالبية وإذلالها. ولكي لا نقع في فخ التعميم وجب القول إن ظلم آل الأسد قد شمل بعض الأصوات الحرّة من العلويين. عرفت شخصياً سوريين من الطائفة العلوية هربوا من ظلم الأسد واستقروا في أمريكا ولم يروا أهاليهم منذ عقود. لكن من مصلحة الأسد أن يحتمي بطائفته وبقية الأقليات مع جماعات أخرى سُنيّة تأسست مصالحها على ظلم نظام الأسد وطغيانه. المأساة أن شهوة السلطة والتسلّط تدفع الطغاة لاستخدام أية وسيلة من أجل الهيمنة حتى لو قاد ذلك إلى حروب أهلية ومجازر طائفية. وإلا ما الذي يبرر للأسد أن تصل سوريا إلى هذه الحالة البائسة…