التغيير وسنن الحياة

آراء

لا أفهم كيف يستغرب بعضنا من مجريات الأحداث في منطقتنا. كانت أغلب الدلائل تشير الى أن تغييرا كبيرا سيحدث في المنطقة. جاء العسكر إلى السلطة (وجيء ببعضهم) على ظهر الدبابة. ولم يبنوا دولة مؤسسات أو تنمية حقيقية. تراكمت الأخطاء -وما صاحبها من ظلم- مثل كرة الثلج. زاد الاستبداد حتى أكل أصحابه. وفي ظل التحولات الكبرى في تقنيات الاتصال والتواصل مع العالم كان لابد للإنسان -في بلدان الربيع العربي- من أن يتفاعل مع معطيات عصره فينتصر لنفسه. ولذلك يكون التغيير المقنن، المتماشي مع إيقاع عصره، أسلم للأوطان وأرحم للشعوب. والأمثلة كثيرة.

فهل احتاجت تركيا إلى «ربيع تركي» حتى تتحرر من قبضة العسكر؟ ثمة دوماً قوى تقاوم التغيير وربما تحاربه. وكثيرون حولنا ينطلقون في رفضهم للتغيير من منطلقات طيبة وبريئة. فالخوف من المجهول يشكل أحياناً عقبة في وجه أي جديد. في المقابل، يخطئ من ينسى أن التغيير من سنن الحياة. فلكل عصر ظروفه ولكل جيل طريقة تفكيره. لكن المجتمعات التي تؤسس مؤسسات حقيقية توازن بين قيمها الأساسية وبين متغيرات عصرها تكون صاحبة اليد العليا في مسيرة التغيير. إنها تساير التغيير، وربما تسابقه، بدلاً من أن تصادمه أو تعاديه. ولديها أدواتها وآلياتها التي تساير الجديد في الأفكار والمعطيات دون التضحية بالسلم المجتمعي أو الاستقرار السياسي.

وتلك أدوات ناجحة لأن المواطن شريك حقيقي في إدارتها. وأقرب الأمثلة كان في باريس قبل أسابيع قليلة. فهل دخلت فرنسا في دوامة من الفوضى لأنها استبدلت رئيساً برئيس جديد؟

إننا -في العالم العربي- معنيون بقراءة تجارب الآخرين في التغيير الكبير الذي تمر به المجتمعات. ومن تلك التجارب يمكننا أن نتعلم كيف نجاري التغيير ونساير سننه.

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (٢٨-٠٦-٢٠١٢)