السبت ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤
الإنسان بكل جبروته وعنجهيته وعبقريته أيضاً التي تفتقت من خوفه الفطري، هو من أجبن المخلوقات على الأرض، وتحت السماء. منذ فجر التاريخ والإنسان يخوض حروباً شعواء ضد بني جنسه، كما يخوضها ضد الطبيعة بشكل عام، لأنه خائف من عدوان وهمي يصوره له عقله، وهو العقل الذي قاد الإنسان لصناعة الأسلحة الفتاكة، بدءاً من المسدس بحجم كف اليد، وانتهاءً بالأسلحة النووية. خاف الإنسان في البدء من الزلازل والبراكين والسيول، ولجأ إلى الأشباح والجن والشياطين كي يحمي نفسه من بطش الطبيعة كما تصور وتوهم، ولكن بعد الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، وبعد أن بلغ الإنسان مبلغاً يجعله يعي أنه تجاوز الخوف من طوفان الطبيعة، بدأ يصطنع أعداءه من بني جنسه، وصار يتحزم بالسلاح الأعظم كي يتقي شر الآخر كما يدعي ويتخيل ويرسم من صور قاتمة ومحزنة ومؤلمة. فهذا الخيال البشري الذي انبثق من العقل الجبار، لم يحرر الإنسان من الخوف بعد أن انتصر على الكثير من محدثات الطبيعة، بل على العكس…
الجمعة ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤
يعد التعليم والإعلام من أهم العوامل التي أسهمت في بناء وتشييد دولة الاتحاد، فمن خلال التعليم تأسس جيل مثقف ومتعلم مستشرف للمستقبل ملتفّ حول وطنه، ومارس أدواراً محورية أسهمت في تعزيز سمعة دولة الإمارات وقوتها الناعمة، وتطوير عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة خلال العقود الخمسة الماضية. ومن خلال الإعلام تم بناء ثقافة إماراتية ترسخ الهوية الوطنية الواحدة ، وتعكس رؤية الحكومة الرشيدة، حيث بادر أبناء الوطن والمقيمون من المتعلمين والمختصين والمهتمين والموهوبين بدخول المجال الإعلامي، وأصبح الاهتمام ينصبّ على متابعة ورصد أخبار الوطن وإنجازاته، والتعلق بقيادات الوطن ورجاله المخلصين الذين أسهموا في نهضة الوطن والمواطن، والاحتفاء بأبناء الإمارات المتميزين والمبدعين، وتشجيع البقية للّحاق بركب التميز من خلال القراءة لصحفيين وكتّاب ورواد تركوا بصماتهم المضيئة في مجالات مختلفة، بهدف تغذية فكر أفراد المجتمع. هكذا كان دور التعليم والإعلام إيجابياً وأساسياً في تكوين وصقل الهوية الوطنية لدولة الإمارات، وتأسيس أسر واعية بمتطلبات المرحلة المقبلة، وهنا لابد من أن نستذكر مقولة الوالد المؤسس المغفور…
الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
تسنى لي زيارة الخيمة أو المركز الذي أقامته الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بدبي في منطقة العوير لتصحيح أوضاع المخالفين لقانون الإقامة بموجب المهلة الممنوحة لهم بقرار من مجلس الوزراء الموقر، والتي تقترب من شهرها الثاني وتمتد لنهاية شهر أكتوبر المقبل. عندما يسمع بعضهم كلمة خيمة يعتقد أنها -كما في الصور النمطية- تقليدية منصوبة في العراء، ولكن خيمة العوير قلبت المعنى بكل ما يعنيه الوصف. خيمة مكيفة بالكامل مقامة على مساحة كبيرة ومقسمة لأقسام عدة تتوافر فيها كافة الخدمات التي يحتاج إليها المراجع، وتنتشر بين جنباتها الثلاجات التي توفر المياه والعصائر والفواكه المبردة مجاناً. لست هنا بصدد الحديث عن أرقام من استقبلهم المركز، فذلك تتناوله الإحصائيات والبيانات الصحفية للإدارة بين فترة وأخرى، وإنما أتوقف أمام التعامل الإنساني لموظفيها بإشراف ومتابعة الفريق محمد أحمد المري، مدير عام الإدارة. فبين جنبات تلك الخيمة أو المركز قصص تحمل أحلاماً بغدٍ أفضل لم يحالفها الحظ. وجدوا هناك تعاملاً إنسانياً راقياً لتسهيل أمورهم، وهناك من…
الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
التقنية مثيرة. التآمر متقَن. والعملية برمّتها غير مسبوقة في هذا النوع من الحروب، لكن الأهم من كل ذلك هو الرجل (أو المجموعة) الذي اتخذ القرار باغتيال 5 آلاف شخص. فرداً فرداً. الحقيقة أن غير المسبوق هو القرار بمجزرة جماعية، ليست أقل حجماً من المجازر الجماعية، أو الكيماوية، لكنها أكثر لؤماً. لا يزال صاحب قرار المجازر واحداً: في مستشفيات غزة، أو في مخيماتها، وصولاً إلى فن الاغتيال الجماعي بـ«البيجر»، المصنوع في تايوان، والمفخخ على الطريق. بدأ نتنياهو عام الحرب هذا في أقصى درجات العنف. دمّر غزة، وشردها داخل حدودها الصغيرة، وأمر الغزيين بأن يدوروا حول أنفسهم محمَّلين بفقرهم وركامهم وأكفانهم. ومَن رفض من رجاله سلوك الفظاعة والعنف والقسوة، أقاله، أو أزاحه. بدأ حربه في جنوب لبنان في المواقع والمواضع، لكنه ما لبث أن مدَّها من الجنوب إلى البقاع، وتمدد بها يوم الثلاثاء إلى كل لبنان، وفي محاولة قتل جماعي أعمى، كما في غزة، ولكن أكثر تنكيلاً وتعميماً وتجاهلاً لما تُبقي عليه…
الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
عندما ُسئل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لماذا هُزم في حرب 1967، قال: «تفوُّق إسرائيل الجوي علينا»، ولهذا كانت تحاربنا، (مصر وسوريا والأردن)، في الوقت نفسه. وعندما رد عليه الصحافي، وكذلك مصر لديها أسطول كبير من الطائرات الحربية؟ حينها كان لديها 420 مقاتلة منها الميغ 21 المتفوقة. أجاب، لديهم طيارون أكثر من مصر، ثلاثة طيارين إسرائيليين لكل مقاتلة، أي يمكنهم القتال بالطائرة الواحدة مرات عدة في اليوم. تبريره صحيح لكن التفوق الإسرائيلي لم يكن قائماً على جلب طائرات متقدمة بل تطوير كل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والمؤسسات التي تساندها والتي تقوم على برامج متقدمة بمراحل. أكثر من أربعة آلاف قتلوا وجرحوا في عمليتي تقنية نوعية نفذتها إسرائيل ضد «حزب الله»، باستخدام أجهزة النداء للاستقبال، وأجهزة اللاسلكي للإرسال. نحن في حروب التقنية لا الشجاعة، ومفهوم الصراع «حضاري» وليس تاريخياً. الهواتف، وأجهزة الاتصالات الأخرى، والكومبيوترات، والتلفزيونات، والسيارات الكهربائية، والدرونز كلها أسلحة محتملة. سيارة مثل تيسلا مسلحة بثماني كاميرات يمكن لمخترقها أن يرصد…
الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤
تعبر سفينة الخليج العربي من عُمان مروراً بدولة الإمارات ثم قطر فالسعودية والبحرين حتى تحط رحالها في الكويت. وبحر الخليج يحرس شراعها، وأمواجه بيضاء من غير سوء، وفي الأعماق تكمن لؤلؤة الفيض الإلهي، هناك تسكن مهجة الغواص، وهناك تداعب أنامله محارة العمر، «والسيب» ينتظر شد الحبل حتى تصبح قفة النور على سطح سفينة الخير. عندما تشرق الشمس ويصحو الخليج على نهمة البحار، تصبح أمواج الخليج جبالاً شماً تحرس مشاعر المغادرين إلى هناك، حيث اللجة الزرقاء والأشواق ووله القابضين على نجمة الليل، تناجيهم بروح الكائنات العفوية، وترفع النشيد عالياً، هيا نسكن أجنحة الريح، هيا نسكب الأغنيات فرحاً بعودة ميمونة إلى أحضان اليافعات اليانعات الرابضات خلف الأفق في انتظار مجيء الغيث السماوي، وحضور الغيمة النبيلة، واستتباب الأفئدة بعد شغف ولهف، هنا في هذا الخليج الأنعم، هذا الأنعم الأعم، هذا الأعم الأدهم، سكنت مهج وارتاحت ركاب على صهوات الفكرة الأزلية، وسارت جياد تبحث عن أمل، عن نبقة في خضم السدرة العملاقة، هنا سواعد…
الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤
انشغلت خلال اليومين الماضيين بعالم مختلف تماماً، فوجدتني غارقة مستمتعة بمعارف عميقة لم أسبر أغوارها من قبل. فتحت عنوان «التراث البحري الخليجي المشترك»، عقد المؤتمر الخليجي الثاني عشر للتراث والتاريخ الشفهي في منارة السعديات في العاصمة أبوظبي، وبصراحة، وعلى غير ما عهدت من فعاليات المؤتمرات المختلفة، بلغ عمق أوراق العمل مبلغه، لدرجة توقعت فيها أن أمواج البحر القريبة من المنارة في مدينة السعديات تموج سعادة بهذه الفعالية المميزة، أما رائحته الحية فقد كانت حاضرة، بل أراهن أن كثيرين امتلأت رئاتهم بهجة بها. خلال يومين، وعبر أوراق بحثية حية -رغم ضربها في تاريخ المنطقة العميق- عُرضت من خبراء ومتخصصين من دول الخليج العربي قدموا بإرثهم يحملونه فخراً وشغفاً وعشقاً، وأيضاً بحثاً وتمحيصاً ونقداً وتحليلاً، وهذا ما جعل جلسات المؤتمر حقيقة تداعب حواسنا جميعها، فسمعنا مطارق النجارة والحرفيين على أخشاب البوم بمختلف أنواعه التي تناسب كل جزء من السفينة. سمعنا آهات البحارة بأهازيجهم التي كانوا ينشدونها تشجيعاً وترويحاً عن أنفسهم. تابعنا معهم…
الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤
في ميدان السياسة، حيث تتشابك المصالح وتتداخل الأفكار، يظهر القادة العظام من خلال قدرتهم على تحويل التحديات إلى فرص، وتحقيق التوازن بين الاستراتيجية والمرونة، وهذا ما يمكن أن نراه جلياً في نهج دولة الإمارات العربية المتحدة تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إذ إن سلاسة السياسة ليست مجرد قدرة على التعامل مع الظروف المتغيرة، بل هي فن يجمع بين الحكمة والمرونة والرؤية المستقبلية للتنمية والاستقرار والازدهار؛ فصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يجسد هذه الفكرة من خلال قيادته الحكيمة في تعزيز الاستقرار والنمو وترسيخ نجاحات الإمارات في ظل ظروف إقليمية ودولية معقدة، وهو نهج يعكس حكمة القيادة التي تتسم بالتوازن بين الحزم والمرونة، والحكمة في تحقيق التنمية المستدامة، ما جعل الإمارات نموذجاً فريداً إقليمياً وعالمياً في المجالات الإنسانية والتنموية وصناعة المستقبل. ولا شك في أن سياسة السلاسة التي يتبناها سموه ليست وليدة المصادفة، بل هي نتاج رؤية استراتيجية بعيدة المدى،…
الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠٢٤
تصور أنك في عام 2045 وطفلك البالغ من العمر 3 سنوات يبلغ عمره الآن 24 عاماً، ولقد تميز وتخرج من الجامعة ويبحث اليوم عن وظيفة تتناسب مع مهاراته الأساسية، فما هي المهارات التي سيحتاج إليها، والتي ستفتح له أبواباً شتى من الفرص التي ستمكّنه من الولوج في بيئة العمل والنجاح فيها؟ وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2016، فإن 65% من الوظائف قد لا تكون معروفة للكثيرين، ولكن من الممكن التعرف على المهارات المطلوبة وتمكين أطفالنا للتعامل مع التغيرات المستمرة في سوق العمل. بعض هذه المهارات هي مهارة حل المشكلات، ففي بيئة عمل مليئة بالتحديات سيحتاج الطفل إلى إتقان مهارة تحديد المشكلة التي تواجهه والتمكن من تحليلها وإيجاد الحلول المناسبة لها، ولابد من صقل هذه المهارة ابتداءً من المرحلة العمرية المبكرة وذلك من خلال حل الألغاز واستخدام الألعاب التفاعلية مثل LEGO وMinecraft التي بإمكانها مساعدة الأطفال على إتقان مهارة حل أية مشكلة بطريقة فعالة. إضافة إلى مهارة التعاون والعمل…
الثلاثاء ١٧ سبتمبر ٢٠٢٤
أتساءل: لماذا زاد الحس الفكاهي عند الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث أصبح الجميع يتمتع بتلك الخاصية التي كانت في السابق ميزة ينفرد بها بعض الأفراد؟ اليوم كثير من الناس يفضلون أن يشاهدوا التعليقات أكثر من الحدث نفسه، لأنها تفتح لهم آفاقاً مستترة أقلها استدعاء الضحكة أو البسمة، طبعاً هناك بعض المشاركين من ثقلاء الدم الرقمي، لأن الحياة لا تخلو أيضاً، فتجده يريد لكل نكتة «كتالوجاً» خاصاً بها، ليستوعبها، وقد لا يضحك لها، لأن الأمور المتأخرة لا تجلب إلا الضجر عادة، وهناك أيضاً أشخاص، مهنتهم في الحياة تحويل الضحكة إلى مأتم، لأن لديه قضية كبرى، وهو بالتأكيد كبير المزايدين، فلو كانت حادثة لطفل في مكان ما، وهزت هذه الحادثة وجدان الناس، وتعاطفوا معها، وساندوا الطفل، فسيظهر لك واحد من أولئك الذين يغرفون من القدر الخطأ أو يظهرون من الظلام أو يكون لابداً وحده في حقل الذرة، ليقول: لا تنسوا أطفال فلسطين، فمعاناتهم أكثر من هذا الطفل! ليتحول الموضوع إلى مفترق…
الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤
هل فشلت الولايات المتحدة الأميركية في القضاء على الإرهاب المموَّل إيرانياً؟ هل فشلت في حماية حلفائها؟ وهل فشلت أوروبا في مساعدة حلفائها على إنهاء صراعاتهم، خصوصاً الإيراني الخليجي؟ هل استطاعت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا القضاء على الأنشطة الإيرانية الإرهابية والمهدِّدة التي تُرتكَب خارج حدود الإقليم كالتي تقوم بها في أوروبا؟ ما الذي ترجوه أوروبا من النظام الإيراني؟ ما الذي ترجوه الولايات المتحدة الأميركية من النظام الإيراني؟ ما قيمة إيران للاثنين؛ أميركا وأوروبا حتى تظل العلاقة محتفظة بروابط وثيقة برغم كل الخلافات الظاهرة بينهم، وبرغم العقوبات التي فرضتها على إيران؟ بل برغم ارتكاب إيران كل ما هو ممنوع ومحرَّم في عُرف القانون الدولي؟ وعلى عكس إسرائيل التي أُعطِيت حق الدفاع عن نفسها وهي الدولة المحتلة، إيران لم تتعرّض لهجوم، أو كانت في موقع الخطر في يوم من الأيام بشكل مباشر حتى تجد لجرائمها التي ترتكبها خارج حدودها مبرِّراً أو غطاءً يُضفي عليها الشرعية كما هو حال إسرائيل، إلا أن العلاقات مع…
محمد الرميحيمحمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت
الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤
مع الثورة التي تحيط بنا، وهي غير مسبوقة في تاريخ البشرية، وأقصد ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كانت المفتوحة أو المغلقة، يزداد التضليل المعلوماتي، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، وكثير منا مشتركون في نطاق التواصل المغفل مع أكثر من مجموعة، يلاحظ أن المعلومة تدور بين تلك المجاميع ويضاف عليها، حتى تصبح من ناحية حقيقة ثابتة، ومن ناحية أخرى، لا يستطيع أحد تحديها أو تكذيبها. وسائل التواصل الحديثة أسلمت الناس إلى الكسل اللذيذ والمريح، فأنت لا تحتاج أن تبحث في كتب أو تسأل خبراء، تستطيع الحصول على المعلومة بضغطة زر في جهازك المحمول، وفي معظم الأوقات، تلك المعلومة إما ناقصة أو مضللة من الأساس، بل هناك من يزعجك بسخافاته الشخصية التافهة، ومن هم من مروجي الشعوذة أو شتم الآخرين! نتج عن ذلك ما يمكن أن يسمى (ثقافة المواءمة)، فأي معلومة تناسب قناعاتي وتؤكد اعتقادي، سواء السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي، أقوم بتعميمها على الآخرين، لأنها متوائمة مع ما أرغب. النتيجة…