الأربعاء ١٦ ديسمبر ٢٠٢٠
الأسبوع الأخير من العام الميلادي هو الأسبوع العالمي للسعادة والسرور. المسيحيون يحتفلون بذكرى ميلاد السيد المسيح، وغيرهم يحتفل بالعام الجديد. وبقية الناس يتفرجون على هذا الحراك البهيج، مسرورين بهذا المهرجان الكوني. أنا واحد من أقلية صغيرة على مستوى العالم، اختارت هذه المناسبة على وجه الخصوص، كي تشغل نفسها بتكرار الجدل القديم الذي عنوانه: هل يجوز تهنئة النصارى بيوم الميلاد وسائر الأيام التي يتخذونها مناسبات للسعادة العامة؟ إني واثق تماماً أنكم ستسمعون من يذكركم بهذه المسألة العتيقة في الأسبوع القادم. هذه عادة ابتدعناها ثم استأنسنا بتكرارها في نهاية كل عام. وقد زاد التأكيد عليها خلال نصف القرن الأخير، حتى بات الواحد منا يظن أن أسلافنا ما كان يشغلهم شيء في مثل هذه الأيام، سوى التأكيد مجدداً على الحدود الفاصلة بينهم وبين جيرانهم المسيحيين. أما الداعي لهذا الحديث، فهو رغبتي في دعوة القراء الأعزاء للتخلي عن هذه العادة التي رسختها نزاعات السياسة، حتى غدت ديناً أو شبه دين. والصحيح أن العلاقة بين…
الأربعاء ١٦ ديسمبر ٢٠٢٠
تبقى ذكريات أول سفرات العمر ماكثة في الرأس، ولا تبرح مكانها، وإن غابت بعض من تفاصيلها، غير أنها سر الدهشة الأولى، والتي ربما تحملها مع سنينك، رغم تعدد الأماكن والاكتشافات وتعدد آفاق المتعة والدهشة فيما بعد، رحلتي الأولى في النصف الثاني من الستينيات كانت إلى البحرين، وعمري ثماني سنوات، هي رحلة فرضتها الظروف حينها، نتيجة تعرضي لكسور شديدة ومعقدة في القدم اليمنى، لوقوعي في بئر مطوعتنا ومعلمتنا حياة «كنّه» الله يرحمها، استحال علاجي في العين أو أبوظبي، فأمر المرحوم الشيخ زايد بسفري إلى البحرين على وجه السرعة، وحمّل أبي ورقة إلى المرحوم الشيخ عيسى بن سلمان، هي مفتاح كل شيء، حينها لا سفارات ولا مكاتب صحية، لكن ما أن حللنا في المنامة، إلا ووجدنا الأبواب مشرعة، والتسهيلات تسبقنا، فأمر المرحوم الشيخ عيسى بن سلمان أن أدخل «مستشفى نعيم» على الفور، وتقديم كل الخدمات الممكنة والعمليات الجراحية، لقد أحيتني تلك الكلمة «ولدنا ناصر» التي تضمنتها «بروة الشيخ زايد» إلى المرحوم الشيخ…
حسين شبكشياعلاميّ ورجل اعمال سعوديّ وعضو مجلس ادارة شركة شبكشي للتّنميّة والتّجارة وعضو مجلس ادارة مؤسّسة عُكاظ للصّحافة والنّشر
الثلاثاء ١٥ ديسمبر ٢٠٢٠
قالوا قديماً إن حضارات مصر والشام والعراق، هي السجل التاريخي المدون لمهد الإنسانية. ومع الأسف تنشأ أجيال تلو الأجيال لن تعرف من الشام والعراق إلا الصورة السيئة لواقع مؤلم. والعراق صاحب التاريخ التليد والماضي المجيد، أرض بابل وسومر والعباسيين. مهد شريعة حمورابي البابلية، أول منظومة حقوقية منظمة عرفتها البشرية، مكونة من 282 مادة قانونية شكلها الملك حمورابي سادس ملوك بابل الذي حكم 42 عاماً بدءاً من عام 1792 قبل الميلاد، وهي أيضاً بلاد ملحمة غلغامش أحد أهم النصوص الأدبية التي عرفتها الإنسانية في التاريخ، وهي نتاج الحقبة السومرية المهمة. خرج من العراق العلماء، والحكام والفقهاء، وكان دوماً واحة التعايش والتسامح والتعددية، ومع الوقت تحول إلى أهم مصادر الأدب والفنون والفكر في العالم العربي بأكمله. ولكن منذ الانقلاب عام 1958 في العراق، وأحواله لم تعد تسر، وأصبح يدخل في دهاليز المجهول مع كل منظومة حكم. انقلب العراق على نفسه، وأصبح طارداً لعقوله الجبارة وقدراته الاستثنائية، وانقلب المجتمع على نفسه عبر الزمن،…
الإثنين ١٤ ديسمبر ٢٠٢٠
يبدو أن السينما المصرية كانت تستشرف المستقبل عندما أنتجت فيلم «ابن للإيجار» بطولة محمد فوزي، الذي ينتحل فيه دور الابن لينعم بثروة نجاتي باشا. لكن في عصرنا الحالي سريع التغير، والذي يحمل لنا الكثير من المفاجآت كل يوم، أصبح شيئاً عادياً أن تطالع إعلانات لتأجير ابن أو ابنة في الكثير من الدول المتقدمة، خصوصاً في اليابان، التي توسعت في تطبيق هذا المفهوم ليشمل إمكانية تأجير أي فرد من أفراد الأسرة. - من المسؤول عن تفكّك المجتمعات والبعد عن إنسانيتنا شيئاً فشيئاً، حتى أصبح البرود الأسري والعاطفي والانكفاء على الذات هو سيد الموقف؟ إن مفهوم الأسرة أساس لكل مجتمع، ولكن قد تجعل المسافة الجغرافية أو العاطفية الأسرة غير متاحة عند الحاجة، فالغربة وسوء المعاملة قد تفكك الكثير من الروابط الأسرية، كما قد يترك الموت فراغاً لدى العائلات، لذلك فقد انتشرت في اليابان، أخيراً، صناعة تأجير فرد لينضم للعائلة، حيث يسهل ذلك على العائلات الشعور بالاكتمال، فيمكنك تعيين فرد بديل من العائلة…
الإثنين ١٤ ديسمبر ٢٠٢٠
يحاول البعض أن يضرب الودع للتنبؤ بشكل السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي القادم جو بايدن، لكنّ جوهر هذه السياسة واضح في رؤية كتبها الرجل الذي سيتسلم حقيبة الخارجية في عهده. في أول يوم من يناير (كانون الثاني) عام 2019، كتب وزير خارجية جو بايدن المرتقب، أنتوني بلينكن، مقالاً في «واشنطن بوست» عنوانه «أميركا أولاً جعلت العالم أسوأ: وهذه رؤية بديلة»، والذي يطرح فيه بلينكن رؤيته للسياسة الخارجية الأميركية. ورغم أن العنوان يلخص الحال وتتضح منه معارضة بلينكن لرؤية ترمب، فإن العنوان في الغرب هو من حق الصحيفة لا من حق الكاتب، لذا يجب ألا نحاكم بلينكن على العنوان. رؤية بلينكن ومعه رؤية جو بايدن تتلخص في متن المقال. يقول بلينكن في مطلع المقال إن سياسة دونالد ترمب التي تضع أميركا أولاً وتتبنى الانكفاء على الداخل قد تستمر فيما بعد ترمب، وإن الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة يتفقان على هذه السياسة خصوصاً سحب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان وسوريا، إذ لم…
الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠٢٠
قدر الدول الكبرى أن تحظى بمكانتها الاستراتيجية بقدر مساهمتها في تحقيق الأمن والرخاء لها ولمحيطها كذلك، وعدم الانغلاق والاهتمام بالذات فحسب، وهذا ما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهد على المستوى الأمني والاقتصادي في محيط العالم العربي، مما يمنحها تلك المكانة بلا جدال. فالسعودية لم تكتفِ بالمكانة التي وفرتها لها المقومات الطبيعية في أرضها، من موقع جغرافي وإمكانات مادية وحجم ديموغرافي ومركز ديني، كي تحظى بهذه المكانة، إنما تسعى من خلال ما تملك من تلك المقومات إلى تعزيز «الأمن العربي» وتقويته لا بالقوة العسكرية على ما جرت العادة؛ بل بالقوى الناعمة؛ حيث تكسب بها ما لا تكسبه بالعنف والفوضى والدمار. فلو عاد الأمر لدراسات الجدوى الاقتصادية الصرفة وحدها، وتقييم المخاطر الاستثمارية، لما جازفت المملكة العربية السعودية باستثمار ريال واحد في العراق، فكم الـ«لا» يفوق بكثير كم الـ«نعم». حين تعقد المقارنة بين الاثنين، بين «نعم» للاستثمار في بلد يبدو حافلاً بالمخاطر الأمنية، والنفوذ الإيراني فيه كبير جداً كالعراق، و«لا» التي…
الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠٢٠
لفترة من الزمن، تمكن المتزمتون من التوغل، في أعماق البحيرة العقلية، وشوهوا الوعي وأطاحوا بعزيمة الإنسانية، وهدموا أعشاش الطير، ورموا في الطريق أحجاراً تعثرت بها أقدام الذين ينوون السفر إلى الأحلام الزاهية. من يقرأ التاريخ يعرف جيداً ما للدين من أهمية في حياة الناس وفي تدبير شؤونهم، الأمر الذي وجد فيه المتزمتون الفرصة في الاحتيال، واحتلال مساحة واسعة من وجدان الناس، وبسط نفوذهم على الإرادة الشعبية، بعدوانية بغيضة، مغلفة بقشرة سميكة من النفاق، والدجل، والجدل العقيم، والصور الهلامية التي كانوا يشيعونها عمن يختلف معهم، أو يقف مسنوداً بعلامة استفهام ضخمة حول ما يسوقه هؤلاء المرابون، والساعون إلى اختطاف الأوطان، والذهاب بها إلى المجهول. نحن نفهم أن الأديان السماوية جلها جاءت نقية طاهرة مثل ماء المطر، ولكن عند نزولها الأرض، وعندما أمسك بها الضمير البشري، أحط بها وأسف، وتعسف، وسفسف، وخسف، وأرجف، لأن الأرض البشرية مليئة بطين (الأنا) مزدحمة بالحثالة، الأمر الذي حول الدين إلى عبد للدنيا، وصار المهاترون سادة يجوبون…
رضوان السيدعميد الدراسات العليا بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية - أبوظبي
الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠٢٠
العلاّمة ابن بيه يمضي بالقوة الاقتراحية التي امتلكها بالتوصيف والتشخيص إلى مقاربةٍ أخلاقيةٍ كبرى هي: حلف الفضول أو الفضائل ---------------------------- يُقْدم الجميع على التفكير في الفعل والترك بعد أن تُزيل اللقاحات وباء كورونا أو تخفّف من فتكاته. ويتجه التفكير المتبصر باتجاهين: إعادة تنشيط الاقتصاد وقطاعات الأعمال وبخاصةٍ في المؤسسات الخاصة والجهات الحرة لاستعادة فُرَص العمل، واستعادة الإنتاجية والنمو.. والاتجاه الآخر: الاهتمام بالقطاعات الصحية والتعليمية، وقد كانت (خاصة القطاع الصحي) الأكثر تأثراً وخسائر. وهذان التوجهان بالذات يستدعيان إنفاقاً كثيفاً وإدارات رشيقة وعالية الكفاءة. وفي معظم دول آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، فإنّ الأمرين غير متوافرين. ومن هنا تأتي ضرورات الإصلاح الداخلي للتأهل للقيام بهذه المهمات المصيرية لكل دولة، ومن جهةٍ أُخرى: التعاوُن الدولي الضروري بحيث يساعد القادرون غير القادرين لجهات إعادة بناء أو تقوية قطاعات الصحة والتعليم ومجالات الإصلاح. إنها قطاعاتٌ منتجة، لكنْ في الأمدين المتوسط والبعيد، وهي تتطلب استثمارات كثيفة الآن وليس غداً، ولا تتوافر هذه الاستثمارات إلاّ بالتعاون الدولي، وبعمل…
السبت ١٢ ديسمبر ٢٠٢٠
ثمة عشر سمات رئيسية سيمتاز بها عصر ما بعد «كورونا»، ويمكن قراءتها بوضوح من خلال الإلمام بتجربة ما قبل عصر «كورونا»، ومنذ بدايات عصر المعرفة، وما سبقه أيضاً، ومن خلال معرفة الحاضر، ويمكن تحديدها على النحو التالي: السمة الأولى: سمة النظام السائد، وحيث إن الأنظمة نوعان: أنظمة قائمة بذاتها، وأنظمة تتكامل مع غيرها، والنظام الذي سيغلب على طبيعة الأشياء عموماً في عصر ما بعد «كورونا» ينتمي إلى النوع الثاني تبعاً لما تفرضه طبيعة النظام الذي ستعمل به جميع الصناعات، وقبل ذلك فإن النظام الكوني ينتمي إلى النوع الثاني، وقد خاضت البشرية في تجربتها الابتكارية منذ ظهور الكهرباء تجربة الاختراعات القائمة على التماثلية ولها نظام قائم بذاته، ثم في الوقت الراهن، ومنذ بدايات عصر المعرفة، بدأت المنتجات الصناعية والاختراعات تأخذ منحى الأنظمة التي تتكامل مع غيرها، وهو ما سيتجسد بوضوح في عصر ما بعد «كورونا»، كأنظمة البيوت الذكية المرتبطة بشبكات إنترنت الأشياء وغيرها كثير من الصناعات، أي أن العصر بدأ يفهم…
السبت ١٢ ديسمبر ٢٠٢٠
اليوم ونحن نتابع البشارات الطيبة بإعلان وزارة الصحة وقاية المجتمع عن تسجيل اللقاح للفيروس غير النشط ضد «كوفيد -19» رسمياً في الدولة، والخاص بمعهد بكين للمنتجات البيولوجية، وكذلك إعلان لجنة إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث الناجمة عن جائحة كورونا في أبوظبي أنها بدأت العمل مع الجهات المحلية لاستئناف كافة الأنشطة خلال أسبوعين. نستذكر بكل تقدير وإجلال تلك العبارة التاريخية التي كان لها مفعول السحر والبلسم لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع بداية جائحة كورونا عندما قال «لا تشلون هم» وبأن هذا الوقت سيمضي، فقط بشيء من الصبر، وكثير من العمل والالتزام والحرص. قرار تسجيل اللقاح يعبّر عن ثقة السلطات الصحية في الدولة في سلامة وفعالية اللقاح. وهي الثقة القائمة على مراجعة الوزارة، بالتعاون والتنسيق مع دائرة الصحة في أبوظبي للنتائج الأولية لتجارب المرحلة الثالثة التي أجرتها الشركة المنتجة، حيث أظهرت فعالية بنسبة 86% ضد الإصابة بفيروس «كوفيد- 19»، كما سجل…
السبت ١٢ ديسمبر ٢٠٢٠
على بعد بضعة أسابيع من رئاسة أميركية جديدة، يبدو العالم في طريقه إلى اصطفاف قطبي جديد، ربما أكثر خطورة مما جرت به المقادير في زمن الحرب الباردة. القطبية الجديدة تخرج هذه المرة روسيا الاتحادية من سياقاتها، وتظهر جلياً أنها قائمة وقادمة بين واشنطن وبكين، وفي حين تتعرض الأولى لأكلاف فرط الامتداد الإمبراطوري، تتمدد الثانية ككل القوى العظمى في مرحلة النشأة والولادة. أدركت الصين الدرس الذي دفع الاتحاد السوفياتي ثمنه غالياً، فقد بدا في عيون العالم كأنه عملاق، وقد كان ذلك صحيحاً مظهراً، في حين أنه، مخبراً، ارتكز على قدمين من فخار، ولهذا حين هبت الرياح سقط، وكان سقوطه مدوياً. يمضي الاصطفاف القطبي في مساقين؛ اقتصادي من جهة، وعسكري استخباري من جهة تالية، وبينهما درجات متعددة من أطر المنافسة على ملء مربعات النفوذ عالمياً. في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفيما كانت الولايات المتحدة منقسمة روحها في داخلها، وكان نسيجها المجتمي متشظيّاً من جراء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي تركت جروحاً غائرة…
الخميس ١٠ ديسمبر ٢٠٢٠
استنبط خبير الفيروسات النيوزيلندي من الجبنة السويسرية ذات الثقوب المفرغة نموذجاً ذكياً للحد من انتشار فيروس «كورونا». فهو يرى أنه لو وضعنا شرائح متراصة بعضها فوق بعض، من الجبنة السويسرية، سيمكننا حماية أنفسنا من الإصابة بمرض «كوفيد - 19». فقد شبه إيان ماكاي الجبنة بحوائط صد عديدة ما أن ينفذ الفيروس من ثقب تلو آخر حتى تصده كتلة الجبنة التالية فيتوقف. وهو في هذا النموذج يفترض أنه «لا يوجد تدبير احترازي يمكنه بمفرده تحقيق وقاية من الإصابة بمرض (كوفيد - 19) بنسبة مائة في المائة، لكن الاستعانة بتدابير (طبقات وشرائح) متنوعة كفيلة بإقامة حائط صدّ أمام العدوى» وفق تقرير لـ«بي بي سي». ومفهوم حائط الصد هو الذي يكشف هشاشة أي نظام. وما الطابور الخامس سوى محاولة لاختراق جدار استقرار البلدان والمؤسسات. وكذلك نظام بطاريات صواريخ الباتريوت الدفاعي هو في الواقع حائط صد ينطلق نحو الأهداف الهجومية ما أن تخترق مجالاً جوياً محدداً. وفي المطارات الأميركية كان هناك ثغرة أمنية، ربما…