آراء

«الذباب الإلكتروني»

الإثنين ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٤

يسرُّنا التفاعل اللافت والتجاوب الكبير من مجتمعنا العربي والخليجي مع الحملة التي انطلقت مؤخراً لمحاربة «الذباب الإلكتروني»، الذي نعتبره واحداً من أخطر آفات العصر. فرغم إدراكنا كدول وشعوب خطر «الحسابات الوهمية» في وسائل التواصل الاجتماعي؛ إلا أن الأمر كان بحاجة لمبادرة جريئة، يلتفّ حولها الجميع من الخليج إلى المحيط، وتكون بمثابة دعوة مفتوحة لزيادة الوعي، الذي يعد السلاح الأقوى والأهم في مواجهة هذه الظاهرة الخبيثة. «طاحونة يومية» تعجّ بشائعات خبيثة، طالما يتم تسويقها في قوالب مكرّرة ومعتادة، قد تجعل من «مباراة كرة قدم»، أو مناسبة فنية، مادة دسمة تحتوي على الكثير من الفبركة والتزييف والتحريف والتزوير، وتنطوي على الإساءة للرموز، والنيل من الثوابت. «حسابات وهمية» تتحدث تارة عن توترات هنا، وخلافات هناك، وتارة عن أزمات صامتة هنا، أو مشكلات مشتعلة هناك، بينما الهدف منها واحد، وهو إحداث الوقيعة بين دولنا وشعوبنا، بل وأحياناً أبناء الوطن الواحد. كإعلاميين، ربما ندرك مرامي هذه الحسابات وأهدافها، وأحياناً، التوقيت الذي أنشئت في سياقه، غير…

مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

العبودي… الشاهد والشهادة والسوشيال ميديا

الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤

بالأمس كان الحديثُ عن الشيخ محمد الناصر العبودي، العلَّامة السعودي الموسوعي، والرحَّالة الشهير... ومناسبة الحديث الآنية هي الكتاب الذي صنّفه طارق بن محمد العبودي، عن والده، ونشرته دار جداول؛ كتابٌ لطيفُ العبارة، عميقُ الإشارة، جديرُ بالقراءة. توقفنا عند لحظة مبكرة من حياة الشاب النبيه، طالب العلم محمد العبودي، في مطلع الخمسينات الميلادية، ببلدته الكبيرة والوادعة، بريدة، قلب إقليم القصيم، أحد أقاليم نجد في السعودية. بهذه اللحظة كان الجُلُّ شديد الحذر من أي جديد، متشبثاً بالتقاليد الدينية والاجتماعية، والتشبُّث بالهوية أمرٌ حسن، لكن ليس كل ما نراه ثابتاً هو بالفعل من الثوابت، بيد أن الزمن، غالباً، كفيلٌ بتمييز الثابت من المتحوّل. كما جرى في تعليم البنات، والتلفزيون، وقبل ذلك الراديو، وكانت قصتنا مع اقتناء الشاب الطُّلعة، محمد العبودي، بقلب بريدة المحافظة قبل 7 عقود، جهاز الراديو، وأطلق عليه الاسم السرّي (حَمَد)، وكانت تلك «مغامرة كبرى». هذه لحظات اجتماعية يجب رصدها وتأملها، توثيقياً وإبداعياً، وتلك حكاية مختلفة، اليوم ألفت نظركم الكريم، لحكاية…

عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

قوة الطعام..

الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤

في رواية «كالماء للشيكولاته» تجعل الكاتبة لاورا اسكيفيل من الطعام موضوعاً محورياً في البنية السردية، وفي الفكرة النسوية، التي تقوم عليها فكرة العمل، فتبدأ كل فصل بوصفة لطبق تعده «تيتا» الشخصية المحورية، مرفقة سردها بتعليمات لطريقة طهي وصفات طعام، تعود للفترة التي تدور فيها الأحدث بداية القرن العشرين. تلتزم الكاتبة بأمرين ثابتين، شكلا أساس الرواية: الأول هو الواقعية السحرية على طريقة كتاب أمريكا اللاتينية، حيث الجنوح نحو الخيال المبالغ فيه، والثاني يتعلق بتيار النسوية، وذلك من خلال تبني قضية إشكالية في حياة المجتمع المكسيكي في تلك الفترة، والمتمثلة في حرمان الابنة الصغرى في الأسرة من الزواج بحجة خدمة الأم لحين وفاتها، وقد استخدم المطبخ في الرواية لتعزيز الجانب النسوي في حياة البطلة باعتباره المكان الوحيد الذي يخصها ويعبر عنها، وفيه تشعر بأنها الأكثر قوة وحرية في الوجود دون تهديد قسوة والدتها إيلينا. يساعد الطعام الناس على تكوين جميع أشكال العلاقات والحفاظ عليها «كما نرى من خلال علاقة البطلة بمن حولها»،…

وثبة البراكة.. بركة

السبت ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٤

بينما يعج العالم بغبار الطاقة التقليدية، ودخان النفايات التاريخية، يثب جواد الإمارات ببركة براكة النظيفة، بقدرة قيادة حكيمة آمنت بحب الأرض التي نمشي عليها، فسارت العجلة مندمجة مع الحياة بأفكار أنقى من عيون الطير، ورؤى أرق من الوردة، ونهج أدق من حد الرمش، وسياسة أرقى من شغاف الغيمة، وأحلام أوسع من المحيط، وطموحات أرفع من الجبال الشم، وأهداف أوضح من النهار. هكذا هي الإمارات تعمل جاهدة بفضل السياسة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لجعل الإمارات دوماً في استدامة تاريخية، محملة على أكتاف طاقة إيجابية، أنعم من النسيم، طاقة أنظف من الشهد. الإمارات اليوم أصبحت في العالم أيقونة الاستدامة، وفعل الخير للناس أجمعين، تنعم بسياسة لها في الوجود كل ما يبشر بالخير، وكل ما يسطع بنور الأفكار النيرة، الإمارات اليوم تذهب للمستقبل بعقول منقاة من الدنس، وتنهض بإرادة أشف من عيون الماء. الإمارات ببركة براكة، تقوم بدور الريادة في صناعة الطاقة الأنيقة، وتتجلى…

محمد الرميحي
محمد الرميحي
محمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت

الظهور المبللة

السبت ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٤

الهجرة من بلد إلى آخر أكانت قانونية أم غير قانونية لها مسار طويل في العلاقات الإنسانية، ومصطلح «الظهور المبللة»، وهو مصطلح مهين، ظهر لأول مرة لوصف المهاجرين غير القانونيين من المكسيك إلى الولايات المتحدة عبر النهر الجديد على الحدود، ثم أصبح شعبياً عندما قرَّرت إدارة دوايت أيزنهاور في خمسينات القرن الماضي أن تُهجّر قسراً من وصل من جنوب القارة من المهاجرين بالقوة. في السنوات الأخيرة تفاقمت قضية الهجرة والهجرة غير القانونية، وانشغل بها العالم، تأييداً أو نقداً، في الغالب الدول الصناعية والغنية التي هي هدف الهجرة، وظهر فيها في السنوات الأخيرة توجه عنصري، وأصبحت صناديق الانتخاب تفرز يميناً متطرفاً يضع اللوم عن كل مشكلات مجتمعه على الهجرة، وبدا اليمين المتطرف يصل إلى سدة اتخاذ القرار بسبب ما يحمله من عداء للأغراب، كما أصبح غرق القوارب المطاطية في بحر المانش أو الأبيض خبراً يومياً، العنصرية تغري العامة باتباع من ينادي بها. في الحملة الانتخابية الأميركية، نائب الرئيس ترمب المرشح جيه دي…

الإعلام للتواصل الإنساني

السبت ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٤

حمّلت كلمة معالي الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد رئيس المكتب الوطني للإعلام في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي اختتم فعالياته يوم الخميس الماضي الإعلاميين مسؤولية توظيف الإعلام في خدمة الإنسانية والأوطان، حيث وصف معاليه هذه الوسيلة بأنها «شريان الحضارات.. وأنها عصب التواصل وبناء الجسور بين الشعوب». أهمية كلمة معالي الشيخ عبدالله بن محمد آل حامد تتضاعف كونها جاءت في لحظة مهمة من تاريخ إعادة توجيه الإعلام الخليجي بعد تلك المبادرة التي أطلقها لأبناء دول الخليج العربي بشأن إيقاف الإساءات ضد الدول الخليجية، والتي تفاعلت معها كل الدول الخليجية، ولاقت اهتماماً من العديد من المسؤولين والإعلاميين العرب بعدما أصبحت هذه الوسيلة للأسف الشديد إحدى أدوات خلق الخصومات بين الشعوب، وكذلك أداة للإساءة ضد الرموز الدينية والسياسية والوطنية. علة الإعلام في وقتنا الحالي أنه أصبح مشاعاً، فالكل يعمل بهذه المهنة ذات الأهمية الكبرى في بناء المجتمعات وخلق التواصل بين الحضارات، والسبب يعود إلى حالة الانفجار والفوضى في وسائل التواصل الاجتماعي والتي…

مشاري الذايدي
مشاري الذايدي
صحفي وكاتب سعودي

أمسِك ماسك… إن استطعت

الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٤

الثري الأميركي العالمي، إيلون ماسك، في نظري، هو أكبر نكبة حلّت بالتيارات اليسارية الأميركية، أو الليبرالية المتأيسرة، أو الليبرالية الأوبامية، صِفها بما شئت! يمكن تقسيم عالم السوشيال ميديا، وقطاع الثراء والتأثير الجديد، أعني تجارة البيانات ومواقع التواصل، ثم الإعلانات، وصولاً لموقع «كل شيء»... أقول يمكن تقسيم هذا العالم، إلى ما قبل ماسك وما بعد ماسك. قبل ماسك، كان المهيمنون على هذه القطاعات، هم من المناصرين سياسياً وفكرياً لكل أطروحات اليسار الجديد أو الليبرالية الجديدة، في مسائل مثل: الهجرة، المناخ، التحوّل الجنسي، تأييد الثورات، معاداة المؤسسات، ومنها مؤسسة الشرطة. أكبر برهان على ذلك، في أميركا، هو حظر حساب الرئيس الأميركي الجمهوري السابق، والمرشّح الحالي، من منصة تويتر، التي صارت بعد امتلاك ماسك لها منصة «إكس». لك أن تتخيّل القوة والتفرّد الذي وصلت له هذه الشركات العملاقة في عالم السوشيال ميديا، بحيث تضرب «أكبر راس» في البلد، فما بالك بالآخرين؟! كان الميزان مختّلاً، والاستبداد بالرأي ساطعاً، وتجهيل أو تخوين أو تتفيه كل…

عبد الرحمن الراشد
عبد الرحمن الراشد
إعلامي سعودي

الحرب التالية… إسرائيل وإيران

الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٤

معركةُ غزةَ في أيامِها الأخيرة، على الأرجحِ، مع تباشيرِ التفاهمات، وتقليصِ المسافةِ بين «حماس» وإسرائيل، وخطابِ حسن نصر الله معلناً أنه لن يخوضَ حرباً انتقاميةً لمقتل نحو خمسمائة من قياداتِ «حزب الله»، ومع بدءِ تسليمِ جثامين الرهائنِ الإسرائيليينَ القتلى. في رأيي الاتفاقُ الوشيكُ لن يمنعَ نشوبَ مواجهةٍ مستقبليةٍ بين إيرانَ وإسرائيل. هذه المرة كانتِ الحربُ وشيكةً، وما لمْ يسعَ البلدانِ للعمل على منعِ الصّدام مستقبلاً - وهو أمرٌ يتطلَّبُ تنازلاتٍ كبيرةً - فستؤدّي سياسةُ التطويقِ الإيرانيةُ إلى حربٍ بين القوتين الإقليميتين. حالةُ المواجهةِ عبر الوكلاءِ مستمرةٌ لأربعةِ عقودٍ تتخلَّلُها هُدنٌ طويلةٌ، محدودةُ الضَّرر. كيفَ نعرفُ أنَّ الحربَ بين طهرانَ وتل أبيب لم تعدْ مستبعدةً كما كنَّا نظنُّ في السَّابق؟ غارةُ «حماس» في السَّابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مختلفة. هي تطوُّرٌ نوعيٌّ في مواجهاتِ المعسكرين، أيقظتْ مخاوفَ إسرائيلَ العميقة، عدّتها تهديداً لوجودِها. كذلك جاءَ هجومُ إسرائيلَ المضادُّ مختلفاً، قرَّرتِ القضاءَ على نظامِ «حماس» في غزة. تريدُ استعادةَ سياسةِ الرَّدع، أي…

يوسف الديني
يوسف الديني
كاتب سعودي

الجيوتكنولوجي في عالم مضطرب

الثلاثاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٤

عادت منصة «تلغرام» إلى الواجهة في الأيام السابقة بعد القبض مؤسس المنصة والمدير التنفيذي لها، بافيل دوروف، في فرنسا «التنوير والحريات» بقناع جنائي يُخفي كثيراً من التحولات السياسية، في التعامل مع واقع جديد يتنامى منذ عقود صعود سلطة الخوارزميات والتواصل الرقمي لاعباً أساسياً في ميادين السياسة منذ الترويج للأفكار والمعلومات المضللة إلى صناعة الحشود ثم نقلها إلى الواقع. التهمة الأساسية ابتكار منصة سهَّلت تدويل ورقمنة الجريمة، وترفض الكشف عن البيانات، وتستطيع اليوم أن تجمع بين ضفتي الحرب وتلغي الحدود وحتى خطوط النار والتماس بنفس التفاعل والثقل كما هو الحال في الحرب الأوكرانية - الروسية. في الجهة المقابلة من العالم في بلد نامٍ وصاعد اقتصادياً كالبرازيل، ودَّع سكانه منصة «إكس»، («تويتر» سابقاً) بدءاً بالرئيس دا سيلفا وعدد كبير من المشاهير والأحزاب والشخصيات العامة الذين تقاطروا على نشر روابط لحساباتهم في المنصات الأخرى، بعد أمر المحكمة العليا في البرازيل قبل أيام، تعليق عمل المنصة بسبب رفض إيلون ماسك، تعيين ممثل قانوني في…

سمير عطا الله
سمير عطا الله
كاتب لبناني

ضحّاك الصحافة

الثلاثاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٤

لم تُصنّف الصحافة فناً من الفنون، وبقيت إلى زمن طويل حرفة يحترفها من يشاء، أو من استطاع. وغلب عليها في البدايات أنَّها مهنة «الصيّاع»، والذين بلا عمل أو مستقبل. وندر الناجحون فيها قبل تحولها إلى صناعة تعمل بقوانين الربح والخسارة. حتى بعد نشوء المعاهد والكليات، ظل مفهوم الصحافة بلا قواعد ثابتة. وامتلأت المهنة بحملة أقلام موسميين، أو عابرين يتركونها أمام أي فرصة أخرى، كما يتركون مقعدهم في المقهى، إلى مقهى آخر، وشلة أخرى. برغم هذه الفوضى، ظل لها نجومها وكتّابها. وثمة فارق جوهري بين كاتب الصحافة، والفئات الأخرى من المؤلفين. عمله معرّض بطبيعته لفترة حياتية لا تدوم طويلاً. روايات نجيب محفوظ لن تشيخ، لكن العشرات من صحافيي زمانه زالوا مع الحبر اليومي. هم وأحداثهم وقضاياهم. أكتب هذا الكلام في ذكرى محمود السعدني، الذي كان يملأ مصر ضحكاً وصخباً وسخرية. وكانت لذعاته تُتداول في الشارع والمجالس. وقد أدخلته نكاته «التاريخية» السجن، وأرسلته إلى المنفى. وتفترض الناس في بلادنا أن تكون شخصية…

عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

لم تعد مواقع تواصل!

الثلاثاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٤

في عصر البدايات (البريئة إذا جاز استخدام هذا الوصف) كانت مواقع التواصل في نهاية سنوات التسعينيات عبارة عن منصات للتعارف وتكوين صداقات تحتفظ بهم المنصات على أنهم جزء من شبكة شخصية، وتدريجياً تمكن هؤلاء من أن يتشاركوا معاً مقاطع الفيديو والصور والرسائل مع مستخدمين آخرين، كما أمكنهم ترك تعليقات على الملفات الشخصية لأشخاص آخرين، ما داموا ينتمون للمنصة نفسها. اتضح الأمر أكثر حين تأسست مواقع «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام» وأخيراً «تيليغرام» الذي يحظى هذه الأيام بجدل كبير بعد أن قامت السلطات الفرنسية بالقبض على مؤسسه وتوجيه عدة تهم له. عندما أعلن عن تطبيق «فيسبوك» كان مجرد فكرة لجمع زملاء ورفقاء الدراسة والربط بينهم عبر الإنترنت، وتبادل مناسباتهم وصورهم، لكن الأمر خرج عن نطاق السيطرة فيما بعد لأسباب عديدة. بمجرد أن بدأ الناس يتواجدون على هذه المواقع، ومع شيوع مصطلحات مواقع التواصل، وصحافة المواطن، مترافقة مع نطاق لامحدود من حريات التعبير وتبادل المعلومات وسهولة الاتصال، وتطور تقنيات الهواتف الذكية، تزايد ظهور مواقع…

محمد النغيمش
محمد النغيمش
كاتب متخصص في الإدارة

سيكولوجية التقليل من الذات

الثلاثاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٤

حينما ينسى الممثل على خشبة المسرح نصه، يلجأ للتندر على نفسه كحيلة للخروج من مأزق النسيان. يسمونه الإنجليز انتقاص الذات أو التندر عليها. لجأ إلى ذلك عادل إمام في «مدرسة المشاغبين»، واحترفه شارلي شابلن في أفلامه الصامتة. وفي ثنايا التقليل من شأن أنفسنا عوامل نفسية دفينة. فكم من تندر أنقذنا من موقف محرج، وبدد القلق، والتوتر، وأكسبنا شيئاً من القبول الاجتماعي. وذلك على طريقة تواضع سقراط بقوله: «كل ما أعرف أنني لا أعرف شيئاً». والإمام الشافعي ببيته الشهير: «أحب الصالحين ولست منهم / لعلي أن أنال بهم شفاعة». ويُروى أن تشرشل قال في مجلس العموم: «لقد كنت أكثر تواضعاً مما ينبغي، لكنني لن أسمح لذلك أن يحدث مرة أخرى». حينما يقول من أعد أطباقاً لضيوفه: علاقتي بالطبخ مثل علاقة راعي الغنم بالمركبات الفضائية، هو يقلل من شأنه بدعابة اجتماعية. غير أن التقليل من الذات لا يحبذ في لحظات الجد، وأروقة العمل، وعند التعامل مع المسؤول المباشر. والأخطر اللجوء إليه في…