الثلاثاء ١٦ يوليو ٢٠٢٤
الاغتيال الجسدي أو المعنوي، أبرزُ الأسلحةِ التي تشهر في وجهِ الشخصيات المؤثرة في أي حقل. من السياسيين إلى العلماءِ إلى رجال الدين وحتى الفنانين. ورغم أنَّه يستهدف الموت، مثله مثل القتل، لكن لفظة «اغتيال» ارتبطت بقتل الشخصياتِ البارزة والمعروفة بتأثيرها في مجتمعاتها. والتاريخ سجَّل قوائم من الرؤساء ذهبوا غدراً نظيرَ مواقفهم الفكرية أو السياسية، ومن التاريخ الحديث أسماء مثل الرئيس الأميركي جون كيندي، ورفيق الحريري، ومحمد أنور السادات. ارتكاب القتل لا يعني أن أسباب الاستهداف ذات قيمة أو معنى، مثل كل الجرائم الجنائية قد يكون خلف كل هذا العناء من التخطيط والتنفيذ، أسباب تافهة وحسابات شخصية لجذب الانتباه كما حصل مع المهووس بالممثلة الأميركية جودي فوستر، الذي حاول اغتيال الرئيس الأميركي رونالد ريغان لإثارة إعجابها، أو هذا الأخير توماس ماثيو كروكس الذي حاول اغتيال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الأقوى اليوم دونالد ترمب. كروكس شاب مراهق، أرعن، لا يملك رؤية سياسية أو هدفاً عميقاً، تائهٌ وبسيط، سجَّل نفسَه ضمن قوائم الجمهوريين،…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الإثنين ١٥ يوليو ٢٠٢٤
أفتح صفحات أصدقائي على الفيسبوك، أو على منصة إكس، فأجدهم إما غارقون في خلافات ومعارك عبثية، يسمونها خطأ خلافات ثقافية، أو أنهم يشتكون ويتذمرون من كل شيء تقريباً: ارتفاع الأسعار، انقطاع الكهرباء، الكلفة الباهظة لقضاء العطلة، الزحام، ضغوطات الحياة، يشتكي الرجال من طلبات النساء، والنساء يشتكين من سلبية الرجال وتحرشاتهم، الآباء والأمهات يشتكون من ضغوطات امتحانات الثانوية على أبنائهم، وتعقيدات التقدم للجامعات، الأبناء متمردون دائماً، و.. وهكذا كل يغني على ليلاه! أما أصحاب الخلافات الثقافية، التي تعكس صراعات شخصية في الأساس، فإنهم يُذكّرونني بعبارة تنسب للروائي «غارسيا ماركيز»، الذي يقول: «عندما لا تكون السياسة ممكنة، تحوَّل إلى الثقافة»، ما يعني أن كل خلاف أو معركة ثقافية، هي في أصلها محاولة للوصول إلى مطالب واحتياجات وانتقادات ومعارضات وأهداف سياسية، فشل أصحابها في الوصول إلى ما يريدون، فتحولوا بها إلى الثقافة، لتكون المعارك بذلك محاولة تنفيس لمآزق سياسية ليس إلا، وباختصار، كما قال ماركيز (ما لا تستطيعه في السياسة، حققه بالثقافة)! أما…
الإثنين ١٥ يوليو ٢٠٢٤
وما زال السؤال مطروحاً، أما الإجابة فهي في علم الغيب، بينما الاحتمالات والتوقعات كثيرة، وقد تصل إلى الحد الأقصى، وواقعة أول من أمس كانت قريبة جداً من ذلك الحد، ولولا التفاتة عفوية، وفارق زمني لا يتجاوز اللحظة، لكانت النتيجة أكثر مأساوية. وقبل الخوض في التفاصيل وتفاصيلها، وحتى لا نضيع بين مفرداتها وتضارب معلوماتها، نهنئ الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب على السلامة، فهو ورغم كل ما قلناه وسنقوله عنه يبقى الأفضل للموقع الأخطر في العالم، مقارنة بمنافسه جو بايدن، وأعيد تأكيد ما ذكرت من قبل بأن ترامب هو «أحلى الأمرّين». ونعود إلى سؤالنا، وهو مكرر، ذكرناه قبل عدة أسابيع، ونستعيده اليوم لأنه يفرض نفسه، ويقربنا من حقيقة كنا نحاول استبعادها، حتى لا نتهم بالترويج لنظرية المؤامرة، التي لا أعرف لماذا يكرهها الليبراليون، يومها قلنا إن كم القضايا التي رفعت ضد ترامب، ومحاولات إيصاله إلى مرحلة اليأس والإحباط، ليست عشوائية، بل هي منظمة من قبل جهات متنفذة، تملك السلطة،.…
الإثنين ١٥ يوليو ٢٠٢٤
بمحاولة الاغتيال الفاشلة، دخل دونالد ترمب التاريخَ الأميركيَّ، بل العالمي للأبد، بصرف النظر عن فوزه من عدمه بالانتخابات الرئاسية المقبلة. لا شيء مثل الدَّم المُهراق على مذبح السياسة ومَنحر الجماهير يجلب ذئابَ الإعلام وقروش المؤرخين. ستظلُّ صورةُ وجهِ ترمب وقطراتُ الدماء تنساب على صدغه، وهو يرفع قبضةَ النصر وفوقه يحلّق العلَم الأميركي، ستظل خالدة تالدة فاعلة في الناس الأفاعيل. إن نجح ترمب في الوصول للبيت الأبيض من جديد، هذه المرة، فسيكون أشبهَ بالقدّيس الجمهوري، حالة تشبه حالة مارتن لوثر كينغ بالنسبة لحركة الحقوق المدنية السوداء، بل إن زادت أسطورته الجماهيرية الأميركية، فقد يراه البعض مؤسساً جديداً، أو مصححاً في أقل الأحوال، للانحراف والانجراف اليساري الأوبامي في أميركا. على فكرة، لو رجعنا لسيرة الرئيس الأميركي التاريخي الرمز، إبراهام لنكولن، في وقته، وبمنظار خصومه، حتى بعض أنصاره حينها، فلن نرى القداسة نفسها التي حَظِيَ بها المحامي النحيل صاحبُ الوجه المنحوت، لنكولن. الرمزية تُصنع مع تعاقب الأجيال، وفي معامل الزمن المتوالي، ومن يدري،…
الإثنين ١٥ يوليو ٢٠٢٤
أول سؤال يطرحه الكاتب على نفسه كل صباح: ماذا نكتب اليوم؟ ماذا يستحب القارئ؟ أن نبقى في الأحداث والآلام والخوف، أو أن نبتعد قليلاً، ونوفّر عليه المزيد من الأحزان والقلق والتوتر؟ ولكن إذا ابتعدنا ألا يبدو هارباً من عالمه، وهو عالم حافل باللؤم والجريمة وهزائم القيم جميعها؟ أم أن كل ما عليك، كل صباح، أن تستعرض صورة العالم، ثم تنقلها كما هي: أطلال رفح ورمادها، أخطار أوكرانيا واحتمالات الحرب العالمية؟ أنا الذي عشت عمري بين الورق، تمنيت اليوم لو أن العصر الورقي انقضى. الصفحة الأولى من «الفيغارو» مثل ورقة نعي معلقة على جدار فرنسا: أسود، كل شيء أسود. مجلة «لوبوان» تندب الآمال في صوت عالٍ ونوح شديد: السياسة محنة، والانتخابات مصائب، والرئيس ماكرون «طفل مدلل» أساء إدارة البلاد. كأن ما رأيناه حتى الآن من صور غزة وأطفالها لا يعطي فكرة كافية عن الحالة البشرية برمّتها، وتدخل الصحافة إلى رفح بعد السماح لها: لم يعد هناك شيء اسمه رفح. هناك مشهد…
السبت ١٣ يوليو ٢٠٢٤
لا يعني عدم متابعتك لأخبار الطقس والمناخ أن التغيّرات الطبيعية كفّت عن الحدوث... أبداً، كل ما هنالك أن شخصك الكريم لم يعلم بالأمر، أو لم يحفل به حتى لو علم! هل انتهى نشاط الإرهابيين في دول الخليج العربي؟ هل انتهت «داعش» و«القاعدة» ومجاميع «الإخوان» التي تفقس علينا من بيضها كل عام فقسة أو فقستين؟ أو هل انتهى نشاط العصابات والشبكات التابعة لـ«الحرس الثوري» وتوابعه في العراق ولبنان واليمن، في دول الخليج!؟ على العكس، فالتسخين الطائفي والسياسي والشحن الحربي يغذّي ماكينات التجنيد للجماعات الإرهابية، تارة من أجل حماية المراقد المقدّسة والشعائر الحسينية، وتارة من أجل نصرة الخلافة وإقامة الجهاد «الفريضة الغائبة». لا يعني أن جلّ الميديا ومحتوى السوشيال ميديا لا تتابع الأمور كما السابق، وأن الخطر اختفى، فنظرة على منصات وحسابات معروفة، مثل «تيك توك» و«تلغرام»، وغيرهما من المنافذ، تطلعك على «فوران» القوم ونشاطهم في التجنيد. رغم أن السلطات المعنية في منطقة الخليج لا تخفي الأخبار، لكن ثمّة، بعض «المجوّدين» في…
السبت ١٣ يوليو ٢٠٢٤
يحتل أدب السيرة والمذكرات المراتب الأولى من الكتب الأكثر مبيعاً في جميع الثقافات. الناس تحب أن تعرف عن حياة الروائي قدر ما تحب أن تعرف عن أبطاله. وتحب أن تعرف عن حياة النجوم بقدر ما يمثلون من أدوار. وكلما قرأت في تراجم الأدباء ترى أن أعظمهم جاء من الصحافة. أعظم شعراء فرنسا بدأ صحافياً في ثلاث صحف، ومجلات عادية. وخلال عمله هذا تعرف إلى حكايات البؤس والظلم. وتشارلز ديكنز بدأ صحافياً في أزقة لندن قبل أن يصبح أعظم كتّاب بريطانيا. وغابرييل غارسيا ماركيز بدأ حياته في صحف كولومبيا الصغيرة قبل أن يصبح أعظم روائيي أميركا اللاتينية. لم يكن المراسل أرنست همنغواي أعظم كتّاب أميركا، بل إنه أحدهم على أقل تقدير. بدأ العمل في صحيفة «تورنتو ستار» الكندية، وأصبح أشهر مراسلي الحرب العالمية الثانية، ثم انتقل من الصحافة إلى الرواية، وفي جعبته فصول كثيرة يكتبها خارج أعمدة الصحافة. جورج أورويل جاء من الصحافة البسيطة إلى الأدب الكبير. ألبير كامو في فرنسا،…
الأربعاء ١٠ يوليو ٢٠٢٤
تداعيات ما يحدث في أوكرانيا وغزة بدأت تنعكس على أوروبا، فمن خلال صناديق الاقتراع تسقط أنظمة سياسية مستقرة منذ عقود، وكأن الناخب بدأ يستخدم حقه في ممارسة الديمقراطية لمعاقبة الأحزاب والأشخاص الذين كانوا إلى وقت قريب يستحوذون على السلطة. أوروبا لعبت دوراً في إشعال حرب أوكرانيا، هي من لوحت بعضوية «الناتو» والاتحاد الأوروبي لحكومة زيلينسكي، وهي من لم تسمع تهديدات بوتين من الاقتراب عند أبواب بلاده، وهي التي جهزت الجيش الأوكراني بالسلاح والكلام المعسول، وهي التي فتحت حدودها لستة ملايين أوكراني فروا من مناطق النزاع العسكري، وهي التي لا تزال تضخ المليارات لتزيد النار حطباً، وهي من سعت إلى استحداث عداوة مع صديق تعاون معها لثلاثة عقود، وهو من يجلس فوق رأس أوروبا كلها في الشمال، وهي من أحدثت أزمات اقتصادية ومعيشية لسكانها عندما تبعت التوجيهات الأمريكية بمقاطعة روسيا وحصارها اقتصادياً. وأوروبا تنصلت من مسؤوليتها التاريخية عندما صمتت تجاه ما يحدث في غزة الفلسطينية، وكأن ما يحدث لا يعنيها، رغم…
الثلاثاء ٠٩ يوليو ٢٠٢٤
خاص لـ هات بوست: يحكى أن هرة كانت تقف قرب المصلين عند إقامة الصلاة في كل وقت داخل مسجد ما، حتى ظن أحدهم أن من أحكام إقامة الصلاة هو وجود الهرة. تذكرت القصة وأنا أمشي في شوارع دمشق وأرى زياً جديداً منتشراً بقوة في أرجائها، فكثير من النساء اعتمدن قبعة "كاسكيت" توضع فوق الحجاب بشكل تمتد حافتها لتحمي الوجه من أشعة الشمس المتقدة في هذا الفصل من السنة، ويمكن للمراقب ملاحظة تزايد انتشار هذا الزي عاماً بعد عام، حيث تتزايد درجات الحرارة بالارتفاع، ومن الطبيعي أن يسعى الناس لإيجاد الحلول الأفضل لاتقاء العوامل الطبيعية. تخيلوا معي لو أن هذا الزي بقي رائجاً في بلادنا، ربما سيصبح مع الزمن هو الشكل المعتمد للباس المرأة المسلمة، ومن ستخالفه سترتكب معصية، وسيغدو معياراً للتقييم الاجتماعي والأخلاقي. لا يخلو هذا الكلام من المبالغة، لكن ما جرى عبر التاريخ هو أمر مشابه، ليس في نطاق لباس المرأة فقط، وإنما في عموم الشأن الديني، فأغلب…
الأحد ٠٧ يوليو ٢٠٢٤
نستقبل عام 1446 الهجري الجديد، جعله الله عام خير وبركة يحمل المزيد من التقدم والرخاء والازدهار لهذا الوطن الغالي وأبنائه في ظل قائد المسيرة المباركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه الميامين، سائلين المولى عز وجل أن يحفظ إماراتنا الحبيبة وينعم بالأمن والأمان والسلام والاستقرار على سائر الشعوب والبلدان. عام هجري جديد يطل علينا ولم يكن ليعرف الكثيرون منا بقدومه لولا العطلة الرسمية للمناسبة المباركة التي تتطلب منا جميعاً التوقف أمام العبر والدروس العظيمة التي تحملها هجرة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى يثرب، وقد مثلت نقطة تاريخيّة فاصلة في تاريخ الدعوة ونشر العقيدة السمحاء وبناء مجتمع المدينة، ومن ثم الأمة الإسلامية والفتوحات المباركة التي امتدّت نحو مشارق الأرض ومغاربها. كانت درساً في حب الأوطان وترسيخ قيم المواطنة، ودرساً في حسن الإعداد والتخطيط، ودرساً في تأليف القلوب، ودرساً في المساواة وحسن التعايش، ودرساً في الإيثار والتضحية والتآخي والترابط الاجتماعي. كانت…
الأحد ٠٧ يوليو ٢٠٢٤
- مرة.. في أواخر الخمسين.. أول الستين كنا لا نعرف بلداً قاب قوسين أو أبعد من «العين» أو جفن العين لا نعرف بحراً، ولا سفراً، ولا ركوب السفين جاءنا من الساحل البعيد رجل مسكين قال لنا: إن لديهم زرعاً ونخلاً وعنباً وطلع تين وإنهم هناك يعرفون البحر، ويعشقون السفر، ويركبون السفين لكنه هنا.. هارب بكفنه، ساعياً لرزقه، آتياً كالزبين قلنا له: إننا هنا أهل، أبوابنا مشرّعة، وقلوبنا بيضاء، واللقمة نقسمها على اثنين اشتغل بتحدير النخل، وصنع السعف، وجلب الماء، وبناء بيوت الطين ثم باع واشترى، سافر ورجع، واعتزل ببيت جديد، أمين اتخذ غرفاً فوقها غرف، وصادق أفراداً من جيش الإنجليز، وما عاد ذاك المسكين كانت جيوبه عامرة، ودكاكينه فيها أوراق وأحمال وأرزاق كان يبيع القهوة والسكر والرز وأكياس الطحين ومرة.. في الليل، والوجوه أشباح زرقاء، عاجله نصل سكين مات «المسكين»... بين النخل.. وبيوت الطين! - لما كانت تلك البيوت الطينية على بساطة بنائها تختزن الدفء والعافية ورائحة الناس، واليوم صارت…
الأحد ٠٧ يوليو ٢٠٢٤
في علم النباتات والأحياء عموماً، فإنَّ التطور منوط دوماً بحدوثِ تجديد واستقطابٍ متكرر، يعرف ذلك أهلُ الاختصاص، بل وأهل الخبرة الحياتية التلقائية. اكتساب الخبرات والكفاءات هو من مؤشرات النمو والتطور في المجتمعات، بل إنَّ دولة عظمى مثل أميركا تعد أكثرَ الدول منحاً للجنسية في العالم، وبعض الدول مثل أستراليا وكندا تمنح الجنسية حسبَ نقاط معينة. بعيداً عن هذه التفاصيل ومناهج الدول في هذا الميدان، يظل إدخالُ عناصرَ ومواهبَ وكفاءاتٍ جديدة، عاملاً مهمّاً من عوامل الارتقاء وتقوية القوة البشريةِ النوعية. في السعودية، ومنذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز، كانت السعودية مقصداً للمواهب العربية، وكانت هناك جملة من المستشارين وكبارِ الموظفين في الدولة الناشئة من منابعَ عربية مختلفة تنوَّعت بين العراق وسوريا وفلسطين ولبنانَ ومصر وليبيا، صاروا بعد ذلك من رجال الدولةِ المخلصين، أمثال الدملوجي وياسين وحمزة وحافظ والقرقني... وغيرهم. قبل أيامٍ صدرت موافقةُ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بمنحِ الجنسية عدداً من العلماء والأطباء والباحثين والمبتكرين ورواد الأعمال…