السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٨
انعقاد المجلس التنسيقي السعودي الإماراتي يمكن وصفه بأحد منجزات هذا التحالف العظيم والقوي بين البلدين، هذا التحالف الذي يمكن اعتباره الأصدق والأوثق في التاريخ العربي المعاصر، وهو يحمل في تركيبته كل عناصر التطور والبقاء والاستمرار. كل التحالفات التي شهدتها المنطقة العربية باءت بالفشل بل تحولت إلى أزمات امتدت آثارها السلبية طويلا، مشروع الجمهورية العربية الذي تم الإعلان عنه العام ١٩٥٨ بين مصر وسوريا لم يلبث أن انفرط بعد ذلك التاريخ بثلاثة أعوام فقط، ومنذ ذلك التاريخ وإلى العام ١٩٧٨ توالت الإعلانات عن مشاريع وحدوية تهيمن النظرة العروبية والحماس غير الواقعي ولكنها لم تحقق شيئا على الأرض ومنيت بفشل مريع. كانت الأيديولوجيات تهيمن على مختلف تلك الأنظمة ذات التطلعات الوحدوية الحالمة، بل إن كثيرا من تلك المشروعات كانت جزءا من معركة صراع الأيديولوجيات وتسيطر عليها فكرة بناء نموذج موازٍ للخلافة إنما بمعطيات وشعارات جديدة تتسم بالشمولية وغياب الرؤية الواقعية، ولم تستطع أن توجد أي نموذج يوازي بين الدولة القُطرية الحديثة وبين…
محمد الرميحيمحمد غانم الرميحي، أستاذ في علم الاجتماع في جامعة الكويت
السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٨
قد يوصف القرن الواحد والعشرون بكونه مختلفاً جذرياً في العلاقات الدولية عما سبقه طويلاً من قواعد معمول بها، من خلال ظاهرة سقوط الآيديولوجيا في التعامل بين الأمم، بعد أن اتصف القرن العشرون بصراع آيديولوجي محتدم، كان وقتها بين المعسكر الرأسمالي، والمعسكر الاشتراكي، الذي كانت تسعى قياداته في المكانين، لأن تفرض على العالم رؤيتها في العيش والحياة، مستخدمة كل الحيل المشروعة، وغير المشروعة. المعسكر الرأسمالي أعلى من أفكار مثل الحرية وحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية واقتصاديات السوق، ولم يبخل في استخدام الدين أيضاً كرافعة من روافعه الكثيرة، وحتى الدخول في معترك الحروب والانقلابات، كما تبنى المعسكر الاشتراكي المساواة وحقوق العمال والاستقلال الوطني والسوق الاشتراكية كرافعة مضادة، مع الإشارة إلى مثالب استخدام الدين في السياسة لتمرير الاضطهاد. واستخدم هذا المعسكر أيضاً عدداً من الأدوات تشابه تلك الأدوات التي استخدمها المعسكر الآخر، ولكن لأغراض أخرى. تلك المعركة وصلت إلى نهايتها مع نهاية القرن العشرين، ثم بدأت مرحلة جديدة، هي مرحلة الخروج من الدوائر المغلقة،…
السبت ٠٩ يونيو ٢٠١٨
تتقاطع الثقافات والعادات مع بعضها دون مقدمات وتحتل هذه مساحتها في حياتنا بشكل يعلن نفسه بشيء من النرجسية، فتجمعنا أخبار وتخيفنا الأخرى، يفرقنا خبر، ويسعدنا الآخر، هذه الثقافة العالمية الكونية التي تنقل لنا كل شيء دون تنقيح وتجعلنا نرغب بالتوقف عن اللهاث خلف هذه الجغرافية الهائلة والتي اتسعت مع التطور التكنولوجي المرعب، وفي عصر المعلومة السريعة السهلة، أصبح التداخل الثقافي وتضخم وتضارب المعلومات والأفكار وانتشارها بسرعة هائلة بحاجة إلى إعادة بناء مجتمعاتنا وعقول أبنائنا وحمايتها، ولكن كيف نحمي ثقافتنا؟ وكيف يكون لدينا أمن ثقافي بمعنى حماية النشاط الفكري والفني والعادات والآثار؟ وما دور المثقف؟ هذه الأسئلة تحيلنا إلى إعادة تعريف الثقافة؛ فهي حلقة الوصل بن أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم وطبقاتهم، لذلك هي مسؤولية كبيرة وعظيمة، فالأمن الثقافي هو الحلقة المكملة للأمن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وبالتالي الأمن الوطني. والمثقفون كما يعرفهم روبرت ميشيل: «هم أولئك الأشخاص الذين يمتلكون المعرفة، وعلى أساس هذه المعرفة الموضوعية وتأملاتهم الذاتية يصوغون أحكامهم على الواقع دون…
الأربعاء ٠٦ يونيو ٢٠١٨
مجموعة الدول المصدرة للنفط الـ٢٤ التي تعاونت لتخفيض الإنتاج بـ 1.8 مليون برميل في اليوم حتى نهاية هذه السنة، تعقد اجتماعاً على هامش مؤتمر الأوبك في فيينا في ٢٢ حزيران (يونيو) الجاري، وذلك في ظل خلافات حول اتجاه السعودية وروسيا للعودة إلى زيادة الإنتاج من اجل استقرار السوق وتعويض أي نقص يحدث بسبب العقوبات على إيران وفنزويلا. ويظهر أن الوضع النفطي الفنزويلي يتدهور يوماً بعد يوم، إضافة إلى مشاكل الحقول التي تهالكت فيما العقوبات الأميركية ستؤثر في قدرة فنزويلا على تمويل مشاريع جديدة. وقد توقّعت مصادر الصناعة النفطية المزيد من الانخفاض الإنتاجي الفنزويلي شهرياً قد يبلغ ٧٠ إلى ٨٠ ألف برميل في اليوم. وعودة العقوبات الأميركية على إيران وتنفيذها ابتداء من تشرين الأول (نوفمبر) ستؤدي أيضاً إلى تخفيض في إمدادات أوروبا من النفط الإيراني، وقد كثر كلام الأوروبيين أنهم يرفضون الضغط الأميركي عليهم وأنهم يبحثون عن طرق لتفادي تنفيذ العقوبات الأميركية على طهران. ولكن، في نهاية المطاف، سيكون من الصعب…
الأربعاء ٠٦ يونيو ٢٠١٨
كانت محطات التلفزيون تعرض عملاً فنياً أو عملين على الأكثر طوال شهر رمضان، فتصبح حديث الناس، فالمحطات كانت تحترم المشاهد، وتبذل جهداً من أجل جذبه، عكس ما يحدث هذه الأيام، وعندما تتفق على عمل لمنتج من خارجها لا تذهب إلى أشخاص لا يملكون خبرة، بل تبحث عن منتج محترم، ومؤلف محترم، ومخرج محترم، وفريق تمثيل محترم، وتوفر للجميع إمكانات تساعد على النجاح، وقد شهدنا أعمالاً ما زالت راسخة في الأذهان، منذ أن فكر القائمون على الإعلام والمحطات التلفزيونية أن يوفروا ترفيهاً في شهر رمضان. كانت البداية مع برامج «الفوازير» والمسابقات، ثم أضيف مسلسل تجتمع فيه نخبة من النجوم، وقد يكون المسلسل تاريخياً، وقد يكون اجتماعياً، وقد يكون وطنياً، وما بين الجوائز والتعرف إلى حقب زمنية وأسماء أعلام عبرت أرض هذه الأمة، كان الناس يوقتون برامجهم الحياتية مع مواعيد تلك البرامج، ولن أذهب بعيداً جداً، ولكنني سأقف عند أعتاب الثمانينيات، وأذكر بقصة «رأفت الهجان» وحكاية «جمال الدين الأفغاني»، حيث لم يختلف…
الأربعاء ٠٦ يونيو ٢٠١٨
مضى أكثر من نصف رمضان. كل شيء كان رائعا وممتعا. فجأة انقلب الجو. ارتفعت درجة الحرارة فألقت بعبئها على المكيفات. لم اكن اخشى الحر ولم أكن اخشى الظمأ فالصيام إيمان. الناس مشكلتي في رمضان. تمثيلية المعاناة التي نراها عند بعضهم يعطيك الإحساس أن ما يجري لهم من جوع او ظمأ سببه الآخرون. ينتهز أي مناسبة ليعبر عن توتره وقلقه ونزقه. على الآخرين الانتباه له وايلاءه عناية خاصة. يمن على الناس بصيامه، تتحول المناسبة الكريمة من عبادة إلى حفلة تعبير، تنضم إلى مظاهر التدين. وكلنا عانى من رمي السيارة بنزق طفولي سافر في عرض الطريق لأداء فريضة. لاحظت أن الوضع تحسن هذا العام بشكل كبير، بدأ الصيام يعود إلى أصله الذي فرض من اجله، كل إنسان يصوم لنفسه فقط، لا يمنحك المجتمع نقاطا وحسنات اجتماعية ترفع قيمتك وتضعك في صدر المجلس أو تمنحك سلطة. بحثت في أكثر من مكان عن بقايا الرجال المزدهين بأنفسهم أيام الصحوة. شباب الصحوة والملتزمون كما كانت…
الأربعاء ٠٦ يونيو ٢٠١٨
تحتاج موسكو إلى معجزة دبلوماسية، لكي تجتاز أصعب اختبار استراتيجي تواجهه منذ دخولها المباشر في الصراع على سوريا إلى جانب نظام الأسد وطهران في سبتمبر (أيلول) 2015. فموسكو التي نجحت خلال سنتين في المواءمة بين المصالح الإيرانية في سوريا وبين متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي، تبذل جهداً سياسياً مكثفاً، لكي تتمكن من تجاوز امتحان الجنوب السوري، وتحصل على نتيجة ميدانية مقبولة نسبياً من طهران وتل أبيب تُجنب سوريا والمنطقة حرباً إيرانية إسرائيلية على الأراضي السورية، يتخوف الجميع من أن تنتقل نيرانها إلى دول أخرى، وذلك بعد أن وضعهما التقدم العسكري لقوات الأسد - بفضل الدعم الروسي - بعد احتلال الغوطة في تماسٍ مباشر على طول خط وقف إطلاق النار الموقع بين إسرائيل وسوريا سنة 1974. فمنذ سقوط الغوطة تصاعدت الضغوط الإسرائيلية على موسكو التي تطالبها بمنع اقتراب الميليشيات الإيرانية من حدود الجولان المحتل ومحافظة درعا، وارتفعت حدة التوتر الإسرائيلي بعدما أعلنت موسكو ودمشق عن استعدادهما لشن عملية عسكرية في تلك المناطق…
الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٨
تدخل أزمة قطر مع جيرانها العرب عامها الثاني بعد أن أنهت عاماً من المقاطعة والقطيعة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، لقد حاولت الدول الأربع المقاطعة لقطر، وهي المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات، وجمهورية مصر العربية، ومملكة البحرين، أن تعيد النظام القطري إلى صوابه وأن تجعله جزءاً مسؤولاً من هذه المنطقة ويشارك الآخرين هموم المنطقة وتحدياتها، ولكن قطر رفضت ذلك قبل المقاطعة وأصرت على الرفض بعد المقاطعة، الأمر الذي وضعها في موقف صعب جداً. وقد أصبح النظام القطري وحيداً في منطقة يفترض أنه جزء منها، وبدلاً من أن يفعل هذا النظام أي شيء يعيده إلى محيطه العربي أصر على الابتعاد أكثر، واختار الذهاب إلى الغريب والارتماء في أحضان طهران وأنقرة. ثلاثمئة وخمسة وستون يوماً من العناد والمكابرة ونشر الأكاذيب ورفض الاستماع إلى صوت العقل، اثنا عشر شهراً من الجري وراء الوهم والبحث عن حلول غير واقعية عند دول وأشخاص لا يملكون الحل ولا يعرفون كيف يضعون نهاية للمشكلة، فقد ذهب النظام القطري إلى…
الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٨
الكل مستبشر باستحداث وزارة للثقافة، وعندما أقول الكل فأنا أعني التعميم. أعمم وقتما أتحدث عن الأسوياء، ولا تعنيني الأصوات المتشددة، التي تحاول أن تعبث من خلال التشكيك بالأولويات. شخصياً، أعتقد أن الثقافة - بكل ما تحوي من تصنيفات وتقاطعات وتخصصات - هي العنصر الرئيس في أنسنة الأفراد والمدن والمجتمعات، وبوجودها يمكن اختصار الزمن والعمل والتغيير، وبها ومعها نصنع الأرضية الصلبة التي يمكن عليها البناء الثقيل. أول ما يجب أن تتنبه له الوزارة هو «تعريف المثقف»، وتحديد المسارات الثقافية، حتى لا تصبح (كما الصحافة والإعلام) جداراً قصيراً، يقفز عبره الكثيرون، ليصلوا لأراضٍ أخرى باسمه.. وهذه الخطوة كفيلة بتسهيل أعمال الوزارة، بعدما نمّط المثقف والثقافة بأشكال أريد لها أن تخدم مشروعات محددة، وبسياقات ضيقة، ضيقة جداً. في الوقت نفسه، يجب أن يدرك المثقفون والعاملون في المجال الثقافي أن الصور الثقافية الكلاسيكية القديمة ليست المستهدفة، أو لكي أكون محدداً؛ ليست الأولى في قوائم الاهتمام، وإنما العمل على تأسيس فضاء ثقافي عصري، قادر على…
الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٨
«يوم زايد للعمل الإنساني» أصبح علامة مضيئة وبارزة في مسيرة دولة الإمارات الوطنية، وتحول إلى واحدة من أهم المناسبات السنوية التي تُشحذ فيها همم العطاء والخير، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بزايد الخير والعطاء.. زايد الإنسانية.. يستذكر فيها شعب الإمارات إرث العطاء المستدام، الذي تركه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه. الإمارات استطاعت أن تحول ذلك اليوم العصيب الحزين، الذي فقدنا فيه قائدنا ووالدنا ومعلمنا ومؤسس دولتنا، إلى يوم عمل وخير وعطاء يتناسب مع سيرة ومآثر وكرم وأخلاق المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، ليتواصل فكره، ويستمر خيره، وتنتشر مآثره، وتخلد أفعاله وكلماته، فهي نبراس ومنهاج للسعادة والمحبة والسلام. «يوم زايد للعمل الإنساني» يأتي هذا العام مختلفاً، فهو يواكب «مئوية زايد»، هذه السنوات المائة منذ ولادته إلى عامنا هذا، قدم فيها المغفور له الشيخ زايد، وأبناؤه، من الأفعال الطيبة والصادقة، والأعمال الإنسانية ما يعجز المؤرخون عن حصره، وما يتعب الكتاب عن كتابته، والرواة عن روايته. فإنجازاته كانت في…
الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٨
أكملت قطر أمس عامها الأول منذ قطع 4 دول عربية علاقاتها الدبلوماسية معها في الخامس من شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، إثر تقديم الدوحة دعماً للتنظيمات الإرهابية، وتقارب علاقاتها مع إيران بشكل مضر لجيرانها، والتدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية بشكل يمس أمنها القومي. عام كامل من القطيعة بينما المحاولات والمساعي القطرية لم تتوقف طوال 365 يوماً لإعادة شيء من المياه لمجاريها. جربت خلالها الدوحة كل شيء، فوق الطاولة وتحت الطاولة، بطرق مشروعة وغير مشروعة. سعت لاختراق دبلوماسي بين الدول الأربع. حاولت استخدام المال لإيجاد ضغط غربي. باعت واشترت في ذمم كثيرين داخل حدودها وخارجها لاختلاق الأكاذيب والإشاعات. واليوم ونحن في الخامس من يونيو 2018 لم يتغير شيء ولا تزال قطر في المربع الأول نفسه، كل ما حدث أنها غزلت بيديها عاماً من العزلة، ولا أحد يمكنه أن يتنبأ متى تنتهي أزمتها، فقد يأتي العام القادم أو الذي بعده والعزلة باقية وقطر في المربع ذاته. هل هناك بوادر للحل؟!…
الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٨
نظام خامنئي ونظام الأسد يسعيان إلى تحقيق هدفين معاً؛ بقاء نظام دمشق كما هو، والإبقاء على وجود إيران العسكري والاستخباراتي وميليشياتها في سوريا، والتفاوض على ما عداه. في حين أن الطرح الأميركي الأخير هو العكس؛ بقاء نظام الأسد مشروط بإنهاء الوجود الإيراني في سوريا وما تبقى قابل للتفاوض. لكن الرحلات والتصريحات تقلص التوقعات إلى أن «تتنازل» إيران وميليشياتها بالامتناع عن الدخول في معارك درعا، حيث المثلث السوري الأردني الإسرائيلي، مقابل أن تخرج الوحدات الكردية «قسد» الموالية لأميركا من منبج، وهو مطلب دمشق وتركيا. وسبق لوزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أن قال إن الخروج الأميركي من منبج هو الأساس قبل الالتزام بمنع إيران قواتها من الوجود في درعا. ولا يستبعد لاحقاً أن تفاوض دمشق، وهي لسان حال إيران، بأنها سترضى بالوجود الأميركي شرق نهر الفرات مقابل بقاء قوات الجنرال الإيراني قاسم سليماني خارج درعا، وعلى بعد عشرين كيلومتراً من «حدود» إسرائيل. أي أن سوريا بهذا الأسلوب «تشرعن» للوجود الإيراني برضا دولي،…