الأربعاء ١٠ أغسطس ٢٠١٦
نعيش في عالم مملوء بالمتناقضات، يرى بعضهم فيه ألا ضير في إضافة متناقض آخر، وأصبح من الغريب أن نستنكر تلك الإضافة، مادام الكون من حولنا يعج بألوان وأشكال منها، بل فُرِضَ علينا أن نتعايش مع وجودها مثل بقية الناس، وكأنها أمر طبيعي. ومع ذلك يرفض العقل تجاهل أي حركة «استعباط»، لأنها بكل بساطة حين تأتي تصدمنا بكمية الاستخفاف الذي تحويه بعقولنا، وأسوأ ما نضطر إلى أن نفعله حيالها هو محاولة تمريرها وبلعها بأي وسيلة، وإن نجحنا في ذلك، فلا ننسى لحظة الصمت، وقبولنا فكرة ادعاء «العباطة»، بل سيؤلمنا وخز التأنيب كثيراً، وسنلوم أنفسنا، لأننا في اللحظة تلك التي اخترنا فيها الصمت لم تكن سوى إعلان منا بالموافقة على استغفالنا. كانت البداية في عام 2012 حين تجاهلت اللجنة الأولمبية السعودية تماماً حقيقة أن المرأة في بلدنا مازالت تخوض معارك من أجل السماح لها بدراسة الرياضة في المدارس الحكومية، ومازال قطاع التعليم والرياضة يعاني من «الاحتساب الإلكتروني»، والغزوات المضادة على الديوان في…
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦
بداية أعتذر أن أصف المواطن صادق إبراهيم العواد، الذي استشهد قبل أسبوع في الجبهة ودفاعاً عن حدود الوطن بنسبته إلى الطائفة الشيعية الكريمة في وطننا، لولا الأصوات والخطاب الطائفي الضارب في المنطقة العربية، ومنها للأسف بعض الأصوات في فضائنا المحلي، ولكن استشهاد صادق العواد هو الرد والدليل أن الوطن للجميع، والكل يتشرف ويقدم حياته فداء في الدفاع عن ترابه، بغض النظر عن منطقته أو مذهبه، فكلنا في قارب واحد في هذه الملحمة الوطنية. رحم الله الرقيب صادق العواد وألهم ذويه الصبر والسلوان، فقيدهم الذي أصر على العودة إلى زملائه في الجبهة الجنوبية بعد إصابته قبل أربعة أشهر، وكان له شرف الشهادة كأول جندي من قريته «الفضول» في منطقة الأحساء، إذ خدم في القوات البرية السعودية لمدة امتدت 22 عاماً، والغريب أن بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية لم تركز أو تفرح بهذا الخبر بسبب ترديدها أن هناك مظالم على الأقليات المذهبية في المملكة واستشهاد الرقيب صادق أتى رداً ملجماً لهم، وأنا…
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦
بالفعل الانتخابات الأميركية المقبلة تعتبر بكل المقاييس غير عادية، ليس فقط بسبب أن المتنافسين أحدهما شخصية صاخبة، رجل أعمال لا علاقة له أصلاً بالشأن السياسي، والثانية أول امرأة تكسر العرف وتجرب حظها كمرشحة للرئاسة، بل أيضًا لأن العالم يتغير كثيرًا، في ظل شبه غياب للقيادة الأميركية في عهد الرئيس الحالي باراك أوباما. منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منابع النفط وممراته، صارت براكين متفجرة، تعمها الحروب والفوضى. والإرهاب بلغ مبلغًا من الانتشار والخطر على العالم لا مثيل له في قرن كامل. كما أن أوروبا تعاني من أزمات خطيرة؛ من ارتفاع للمد القومي المتطرف، وغزو المهاجرين يهدد منظومتها الاجتماعية والسياسية، وبات مشروعها للاتحاد الأوروبي مهددًا بالتفكك، كما أن الجبهة الغربية القديمة المواجهة للنفوذ الروسي قد لا تصمد من دون عودة قوية لواشنطن. وهناك النزاعات في بحر الصين التي انفجرت أخيرًا وبلغت من التوتر مرحلة غير مسبوقة، وتحول حلم الرئيس أوباما بالتعاون الأطلسي إلى كابوس من النزاعات على الجزر والحدود والموارد. كلها قضايا…
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦
في «العالم الثالث»، انبثقت أنظمة الحزب الواحد، معظمها إن لم يكن كلّها، من «النضال ضدّ الاستعمار»، أو ما بات يُسمّى «وطنيّة» في الأدبيّات القوميّة والراديكاليّة التي طوّرت معنى سلبيّاً محضاً للمفهوم هذا. وفي العالم العربيّ تحديداً، ربّما كانت الجزائر النموذج الأنصع عن هذه المعادلة: ذاك أنّ «جبهة التحرير الوطنيّ» التي أنجبت الاستقلال في 1962 لا تزال عمليّاً، وعلى رغم مرور 54 سنة، تحكم البلد. ولأنّ حرب الاستقلال كانت شرسة، اصطبغ حكم آباء الاستقلال بالشراسة نفسها، حيث أنّ الحرب الأهليّة التي اندلعت في التسعينات لم تزدْهم إلاّ اقتناعاً بجدوى تمسّكهم بالسلطة! أمّا في المشرق العربيّ، خصوصاً مصر وسوريّة والعراق، حيث خرج الاستعمار قبل أن يكون الراديكاليّون العسكريّون قادرين على بلوغ السلطة، فاستحوذ الأخيرون على «المسألة الوطنيّة» عبر ديناميّات ثلاث متكاملة: - شكّكوا بالجيل المدنيّ الذي جاء بالاستقلال، إذ هو «رجعيّ» و «ربيب الاستعمار»، - وأكّدوا أنّ الاستقلال «الحقيقيّ» ليس إخراجاً للاستعمار فحسب، بل مطاردة دائبة لمصالحه «الامبرياليّة» ولمصالح «أعوانه» و «عملائه»…
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦
الإمارات الأبية، رجالها أشجار عملاقة، تظلل التراب بدماء طاهرة زكية.. جاسم البلوشي، رجل، بطل باسل من هذا الوطن، قدم روحه قرباناً للآخرين، وحزاماً لسلامتهم وسعادتهم.. هذه هي بلد السعادة، تنتج رجالاً أفذاذاً جهابذة بواسل، يضعون أرواحهم فداء للآخرين، ضاربين بذلك مثال الجود وثراء النفس ورخاء الروح في التفاني والإيثار..الشاب جاسم البلوشي وجد نفسه في قلب الحدث، فأبى إلا أن يسخى بالروح وأن يتفادى الأنانية الفردية، ليكون في المحيط الأوسط، يكون بين الناس ومن أجلهم، وأن يكون القدوة والنموذج في التضحية. هذه هي الإمارات تزدهر دوماً بأرواح الشباب الشفافة، تثمر بالقلوب اليانعة المترعة بسلسبيل العطاء اللامتناهي، المتسعة من بحر العرق حتى نهر الحدق، تقدم من أجل الوطن، ولا تلتفت إلى الوراء، لأن في الأفق يبدو نجماً واسعاً ساطعاً لامعاً، اسمه الإمارات، والواجب أن نصونه ولا نخونه، وأن نزنه بميزان الحب، وأن نضعه ما بين الرمش والرمش، رجالنا.. شبابنا في كل مواقع التحدي نجدهم ليوثاً، صناديد، يملؤون الفضاء برياحين، أرواحهم المعبقة بعطر…
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦
دخل الزوج إلى المنزل وهو مستعجل فأصدقاؤه ينتظرونه في المقهى الذي اعتاد أن يرتشف فيه قهوته المرة وينفث دخان سيجارته، فتجرُّ الزوجة خيبتها وتردد بعض الكلمات لتعبر عن مدى استيائها «ألا يتغير هذا السيناريو الذي ينضح بالأنانية؟ هذا هو برنامجك اليومي تنام ثم تقوم لتقضي الليل برمته خارج المنزل»، كلمات في الصميم، ولكنها لم تؤثر فيه أبداً كما يقول المثل الشعبي «أذن من طين وأخرى من عجين»، أسرع خارجاً حتى يعتلي سيارته ويطلق لها العنان. فتبدأ وساوس الزوجة بأن زوجها قد يكون لديه علاقة غير سوية بأخرى. الخيانة الزوجية مشكلة موجودة منذ زمن طويل، وليست أمراً جديداً في بعض العلاقات الزوجية، ولكن التفكير المزمن بشكل سلبي قد يولد هاجساً وظنوناً لا تمت للواقع بأية صلة، أو قد تكون حقيقة ونزوة عابرة قابلة للغفران. والتجارب التي تمر بها بعض الزوجات أو قصص البعض تظل عالقة في الأذهان، وقد تصاحبهن في سلوكهن ليس فقط مع الزوج ولكن مع الأبناء، فتستخدم بعض الزوجات…
الثلاثاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٦
خلال النصف الأول من العام الجاري، سجلت شرطة دبي 112 حالة وفاة في حوادث مرورية، و1037 إصابة تنوعت بين البسيطة والمتوسطة والبليغة، وتعاملت الشرطة مع 1472 حادثاً مرورياً، وهذه الحوادث، دون شك، معظمها ناجم عن مخالفات وتجاوزات السائقين لقوانين السير والمرور، مثل القيادة بتهور، وعدم ترك مسافة كافية، وقطع الإشارة المرورية، والانحراف المفاجئ، وغيرها من المخالفات الخطرة. هذه الأرقام خاصة بستة أشهر فقط، في حين أن الأعوام الماضية بشكل عام تسجل زيادات سنوية كبيرة في أعداد وفيات الحوادث، وصلت في العام الماضي إلى 166 حالة وفاة، وزيادات أيضاً في أعداد الحوادث، حيث تعاملت الشرطة مع 3092 حادثاً. تعاملت شرطة دبي أيضاً مع المخالفين، وتحاول جهدها السيطرة على التهور والمتهورين، للتقليل من الحوادث الخطرة، ومن أجل ذلك فقد ارتفع في المقابل إجمالي المركبات المحجوزة من جانب الشرطة إلى 50% خلال العام الماضي، بواقع 15 ألفاً و118 مركبة، مقابل 10 آلاف و200 مركبة عام 2014! هناك علاقة مباشرة بين كثرة الحوادث والمخالفات…
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة، كاد يكون على درب الشيخ حسين الذهبي، وزير الأوقاف المصري السابق، الذي خطفته وقتله عصابة شكري مصطفى، زعيم «التكفير والهجرة». نجا الشيخ علي من المخطط الشيطاني، وهو يوشك على إلقاء خطبة الجمعة بأحد مساجد السادس من أكتوبر بالقاهرة، وأصابت الرصاصات حرسه الشخصي، لكن المفتي السابق، خرج بعدها ليجدد عزمه على مواجهة الفكر الإرهابي، ويركز على نقد ونقض فكر وعمل جماعة الإخوان. في التفاصيل أعلنت حركة تابعة لجماعة الإخوان في مصر تطلق على نفسها اسم «حسم» - كما يعرفها بها الإعلام المصري - مسؤوليتها عن محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة، قرب منزله بمدينة السادس من أكتوبر في القاهرة. هذا الاستهداف للمشايخ المناهضين ليس جديدا على السلوك الإرهابي في مصر وغير مصر، وأبرز مثال يستحضر هنا هو جريمة مقتل الشيخ الذهبي، الذي كان كل ذنبه أنه ألف كتيبا في الرد على انحرافات فكر جماعة شكري مصطفى التكفيرية. كان مقتل الشيخ الذهبي حدثا داميا، خاصة…
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
من المبكر اعتبار الانقلاب الذي شهدته حلب تحولاً في مسار الحرب المفتوحة في سورية. ومن الخطأ التقليل من أهمية ما حصل في المدينة والرسائل التي أطلقتها عملية كسر الحصار في اتجاهات عدة. أول الرسائل أن إرادة القتال لدى المعارضة المسلحة لا تزال عالية جداً خصوصاً لدى فصائلها الإسلامية والجهادية. لكن من التسرع الاعتقاد بأن معركة حلب الأخيرة تعني أن المعارضة قادرة على حسم الحرب على امتداد الخريطة السورية. كان من التسرع أيضاً الاعتقاد بأن الجيش السوري بمساعدة الميليشيات الحليفة له قادر على توظيف التدخل الجوي الروسي لحسم المعركة على كامل الأرض السورية. وجهت معركة حلب رسالة قاسية إلى الجيش السوري الذي كان التدخل العسكري الروسي أعطاه قدراً من الأرجحية في المواجهات. الرسالة موجهة أيضاً إلى الميليشيات الحليفة لإيران التي تجد نفسها أمام خيار تعميق انخراطها في نزاع لم يعد ممكناً إنكار طابعه المذهبي. كشفت معركة حلب الأخيرة أن الفصائل الإسلامية هي العمود الفقري للمعارضة السورية المسلحة وهو ما يمكن أن…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
ليس هنا تعريف محدد لحق الخصوصية بشكل متفق عليه في كل القوانين، كما أن هناك من لا يعتبره حقاً قانونياً منفصلاً كالحق في الحياة والتعبير والتنقل و.. إلخ، ما جعل خصوصية الأفراد عرضة للاختراق دائماً، وخاصة حين يكون هؤلاء من المسؤولين أو المشاهير، لقد قامت على ظاهرة اختراق خصوصية حياة هؤلاء صحافة عُرفت بالصحافة الصفراء أو صحافة الفضائح، بدأت في الولايات المتحدة وازدهرت فيها قبل أن تنتقل إلى كل العالم، وقد كانت الأميرة البريطانية ديانا واحدة من أشهر ضحايا هذه الصحافة، ما جعل بريطانيا تصدر قوانين خاصة فيما يخص الصحافة بشكل عام. المفارقة هي أنه كلما تطورت الحياة وتقنيات الاتصالات وزادت المطالبات لتأكيد حق الخصوصية، أصبح انتهاك هذه الخصوصية أكثر شيوعاً وسهولة، لقد كان الهاتف المنزلي مشتركاً، وكان بإمكان الأب أو الأم أن يرفعا سماعة الهاتف من غرفتهما ليعرفا مع من يتحدث ابنهما أو ابنتهما، اليوم اختفت هذه الهواتف وأصبح لكل فرد هاتفه الشخصي، لكن مراقبة هذا الهاتف والتنصت عليه…
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
رجال تصنعهم الأوطان ويكبرون بحجم الأوطان، ورجال يصنعون الأوطان، تكبر بهم وتتفتح زهراتها وتبيض موجاتها وتشمخ جبالها وتخضر أشجارها وتنمو طموحات أبنائها وتزدهر صحراؤها وتزخر نجومها بالبريق الأنيق، وتستدير أقمارها مثل أقراص الذهب، مثل وجوه الناس الطيبين. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، الزعيم المقيم دوماً في الوجدان والأشجان والألحان والأفنان، وفي خلايا الروح ما بين الوريد والشريان، زايد النهر الذي أروى أشجار الوطن ولوّن العشب بالحب وأعطى التضاريس نخوة الانسجام والالتئام والالتحام والسير على خطى الخالدين الذين أسسوا أحلام الناس من ماء القلوب وأسقوا الحياة من عذوبة السخاء والتفاني والإيثار. زايد الفجر الذي شع وشاع بهاء وصفاء وسواء وسخاء وعطاء، هو الشعر الذي منح للوطن عنوان قصيدة الخلود والوجود والجود وسؤدد الخطوات.. زايد، الكتاب المفتوح تقرأه الأجيال وتسير على المنوال تبغي العناق مع الأفق ومشافهة النجوم وبث النشيد للغيوم. زايد في الوعي رواية، وفي الحلم حكاية، وفي الطموح غاية، وفي صناعة الإنسان خبرة…
الإثنين ٠٨ أغسطس ٢٠١٦
لفت انتباهي منذ أيام انعقاد مؤتمر عن السرقات العلمية، وهي منتشرة في مجال البحث العلمي والنشر والترجمة، وتكثر بين بعض الأكاديميين الذين لا يستحقون أن تطأ أقدامهم حرم أي مؤسسة تعليمية، وتختلف صور تلك السرقات، فالبعض يسرق مجهود طلابه وينسبه لنفسه، والبعض يسرق مجهود زملائه، ومن ناحية أخرى فبعض الطلاب يسرق من مصادر مختلفة، أهمها الإنترنت، ولغياب الوعي يعتبرون أن هذا ملك مشاع، وطالما أن المحتوى مفتوح ووقع في أيديهم فلهم الحق في التصرف فيه. لحسن الحظ هناك الآن برامج كثيرة ومواقع إلكترونية متخصصة لكشف تلك السرقات، وأتذكر أنه أثناء الإعداد لمؤتمر علمي كانت هناك ورقة بحث فائقة الجودة، ومن الصعب جداً أن يكون باحث بمفرده قد أعدّ هذه الورقة، فتم إدراجها في موقع لكشف الاقتباس، فتبين على الفور أنها عبارة عن بحث تم إعداده من قبل فريق عمل بمؤسسة دولية كبيرة. هناك الكثير من الطرق لكشف تلك السرقات العلمية المنشورة، لكن المشكلة الأكبر والتحدي هو سرقة الأفكار، حيث يصعب…