الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦
سيدخل مساء الجمعة الماضية كلحظة فارقة في تاريخ تركيا والمنطقة. في تلك الليلة حصلت محاولة إنقلاب عسكري على حكومة منتخبة ديموقراطياً، ثم فشلت بسرعة لافتة. الفارق في ذلك أن المحاولة كانت في حقيقتها مواجهة مع الشعب وليس الحكومة لا سابقة لها في تاريخ تركيا منذ زمن أتاتورك. جاءت المحاولة على يد مجموعة في الجيش التركي مهددة بعودة ظاهرة الانقلابات كوسيلة وحيدة للتغيير السياسي. هل ينجح الانقلاب أم يفشل؟ احتبست الأنفاس في الساعات الأولى. بدا المشهد التركي حينها مربكاً. الأخبار الأولى تقول إن الجيش استولى على سلطات الدولة، وعلى المحطة التلفزيونية الرسمية. رئيس الأركان تم وضعه تحت الإقامة الجبرية. مصير الرئيس رجب طيب أردوغان بدا غامضاً لأول وهلة. كان في منتجع بودروم السياحي، لكن لا أحد يعرف ماذا حصل له، ولا أين هو في تلك اللحظات الحرجة. كان بن علي يلدريم، رئيس الوزراء، هو الوحيد من بين أعضاء الحكومة الذي يتواصل مع الإعلام مؤكداً حصول محاولة الأنقلاب وتماسك الحكومة في وجهه.…
الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦
بكثير من التواضع لطالما كنت أروي لأصدقائي أنني أحد أفضل ثلاثة صائدي سمك منذ اكتشف الرجل الأول إمكانية صيده وطهيه، وبالطبع اثنان من الثلاثة ماتا بالحصبة الألمانية بدايات القرن الماضي. جربت الصيد في نهر كابول المتجمد، وجربت الصيد في بحيرات تشيلي، وفي نهر دجلة، وأنا أغنّي «في نهرنا سمكٌ.. يشوى على النار»، وفي البحيرات الأميركية الكبرى، وفي نهر الأمازون، وفي بحر قزوين، الذي قطع أرحامه مع بقية البحار، بعد أن آتاه الله مالاً وولداً، وفي خليج المكسيك، وفي النيل من شماله إلى جنوبه، أحياناً البعض يعتقد أنني أبالغ حين أخبره بأنني حدقت حتى في فوهات البراكين الخامدة في تايلاند، والبعض يدمدم بـ«استغفر الله» حين أقول له إنني أحببت ذلك السمك الذي اصطدته في خليج الخنازير! لكن حين تتراءى لك الأربعين قريبة كعابثة تخرج لسانها وتضحك مظهرة سنّاً ذهبية ماجنة، فإنك تتمنى عندها لو ذهبت إلى دير بعيد لا تعرفك جدرانه، واعترفت لأحدهم بكل ما اقترفت يداك! كم أتمنى أن أعترف…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦
ليلة طويلة وصعبة جثمت على منطقة الشرق الأوسط، ليلة أول من أمس، في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادها مجموعة من ضباط الجيش التركي ضد حكومة الرئيس أردوغان، والتي جاءت مباشرة بعد ليلة أشد وطأة عاشتها فرنسا إثر مجزرة «نيس»، التي تسبب فيها شاب من أصل عربي قام بقتل عشرات الفرنسيين بشاحنته أثناء احتفالهم بعيد استقلال بلادهم في تلك المدينة الساحلية الهادئة، الرابط بين العملين «انقلاب تركيا، ومجزرة نيس» أنهما قوبلا بإدانة دولية شديدة الصرامة، أما في الداخل فقد التف الشعب الفرنسي بكل فئاته، كما التفت جميع الأحزاب التركية من أقصى اليمين لأقصى اليسار لرفض العنف والجريمة والانقلاب على الشرعية وفتح أبواب البلاد هنا وهناك لعواصف الفوضى واللا استقرار! في الشرق الأوسط فإن الإقليم ليس بحاجة لأي شكل من أشكال التأزيم أو العنف السياسي حتى ولو بمقدار قشة، لأنها ستكون القشة التي تقصم ظهير البعير، والبعير ينوء بحمله الكبير والضخم والثقيل جداً، وهذا هو السبب في مسارعة دول المنطقة والدول…
الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦
نفسية العالم تغيرت، وفجأة اجتاحت الإنسان عقلية الغاب، والولع برؤية الدم، وفزع الطرائد، حيث لا يمكن تبرير «جريمة نيس» إلا بأنها خارج الوعي والإدراك ولذهاب العقل، ورجوع الإنسان بعد أن تخلى عن حذائه الجلدي الأنيق، وذهب باتجاه دغل الغابات حافي القدم، يجرح أديم الأرض بأظافره شبيهة المخلب والحافر. المجنون لا يقدم على جرف جثث طرية لأطفال عظامهم ما زالت هشّة، وما زالت أرجلهم تلبط ببراءة النظافة والطهر في عرباتهم التي تقود خطى أمهاتهم على ذلك الرصيف البحري، والجنون لا يعرف التوقيت، واختيار المناسبة، ومتى يمكن للضربة أن تؤلم إلى حد الوجع الإنساني، وغيبوبة الكآبة، والجنون لا يمكن إلا أن يعد الموت لعبة يتسلى بها، ويجد لذة غواية الشر، كانت «جريمة نيس» واحدة من بشاعة الإنسان حين يتحول بعقله نحو جنون الدم ومعانقة الشيطان. أحيانا يمكن أن نبرر للقاتل أنه تحت تأثير مخدر أو تأثير ضغط نص مقدس أو تحت تأثير غوايات الجنة واستعجالها، لكن يصعب علينا أن نبرر للمخطط الذي…
السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦
بخروج جماعة الإخوان المسلمين المصرية من تركيا تكون الحركة قد انتهت كقوة وحزب سياسي. الآن تعيش زمًنا يماثل زمنها في عهد جمال عبد الناصر كفكر وحركة محظورين. فقد أفرج عن قيادات جماعة الإخوان وسمح لهم بالعمل في عهد الرئيس أنور السادات٬ منهًيا حظر سلفه الرئيس جمال عبد الناصر الذي دام عشرين عاًما٬ منذ عام 1954 حتى وفاته. المفارقة أن الجماعة الإسلامية هي التي أردت السادات قتيلاً. جاء حسني مبارك رئيًسا ومنح الإخوان مساحة لا بأس بها من الحركة٬ فسمح لهم بالعمل السياسي٬ والنشاطات الاجتماعية والنقابية والاقتصادية٬ وهم في المقابل رضوا بالعمل في إطار سياسي متفق عليه٬ وبلغت مكاسبهم 88 مقعًدا في البرلمان. عند اندلاع ثورة الربيع المصري في 2011 لم يشاركوا في بداياتها٬ لكنهم دخلوا بعد أن تأكدوا أنها نهاية مبارك. وكان الربيع ربيعهم٬ فازوا في الانتخابات لكنهم فرطوا في الحكم بسبب تعجلهم السيطرة على مؤسسات الدولة٬ خاصة القضاء والإعلام وحاولوا كتابة الدستور وفق رؤيتهم. وخلال عام واحد في الحكم٬…
السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦
ما شهدته نيس أخطر مما شهدته باريس أو بروكسيل، وإن كان القتل هو القتل في النهاية. ثمة فارق بين انفجار انتحاري خلال لحظات أو إمطار رواد مطعم بالرصاص، وبين قائد شاحنة يناور لدهس أكبر عدد ممكن من العابرين. نجح المرتكب الفرنسي- التونسي في تسجيل رقم قياسي في عمليات القتل دهساً. لم يكن يَعرف جنسيات من يدهسهم، ولا ديانتهم، ولا مذاهبهم. تصرف بمهنية واحتراف. لم يميز بين ضحاياه. لم يشفق على امرأة أو على طفل أو كهل. جاء في مهمة لرشق العيد الوطني الفرنسي بأكبر عدد ممكن من الجثث. وتكللت المهمة بالنجاح. يا للهول. يغرق العالم في الدم والظلام. الذئاب الجدد أشد هولاً من المستبدين. تراودني أحياناً أسئلة ليست صحافية تماماً. كيف كانت ملامح المرتكب وهو يعبر الجادة الشهيرة فوق الجثث؟ أي حقد التمع في عينيه؟ ماذا كان يدور في أوردة رأسه؟ وهل صحيح انه كان يتحرق شوقاً إلى موعده القريب بعدما يرديه رصاص الشرطة؟ لنترك هذه الأسئلة لعلماء النفس والروائيين…
السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦
ما حدث في نيس لا يمكن أن نطلق عليه مجرد عملية إرهابية، فهذا ليس مجرد إرهاب، إنه التوحش في أوضح صوره، فما قام به ذلك المجرم تجاوز كل شيء له علاقة أو ارتباط بالإنسانية أو البشرية، بل وحتى الحيوانات لا يمكن أن تقبل بمثل هذه الأفعال، وسواء كان المجرم «داعشياً» أو منتمياً لجماعة أخرى، فإن ما قام به عمل وحشي مكتمل الأركان والعناصر، ولو بقي منفذ العملية حيّاً لكان يستحق أن يأخذ كل إنسان حقه منه، لأنه ببساطة آذى كل إنسان على وجه الأرض، فإنْ يقوم إنسان وبدم بارد بدهس أشخاص آمنين يحتفلون مع أصدقائهم وأسرهم ومواطنيهم في مكان عام، ويأتي عامداً متعمداً، فيصدمهم بشاحنته ليقتل 84، بينهم 10 أطفال وأكثر من 200 مصاب، بينهم 52 حالتهم حرجة، وحصيلة القتلى قابلة للارتفاع، فهذا عمل غير إنساني أبداً، ولا هو عمل إرهابي، إنه عمل وحشي جبان قام به شخص نُزعت من قلبه كل معاني الإنسانية والرحمة والخير، واستبدلت بمشاعر الشر والحقد…
السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦
بريطانيا من أكثر الديمقراطيات الحديثة عراقة بعد اليونان القديمة موطن أرسطو وأفلاطون، وصاحبة أول وأشهر وثيقة حقوقية «الماجناكارتا» في القرن الثالث عشر التي أسست للحريات المدنية.. وهي ذات التاريخ الإمبراطوري الحافل التي أخضعت العديد من الدول والشعوب لهيمنتها وسيطرتها لعقود طويلة من الزمن، فكانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، سجلت أعلى البطولات في الحرب العالمية الثانية التي هزمت نازية هتلر وأصبح ونستون تشرشل زعيمها ورئيس وزرائها آنذاك من ألمع أسماء القادة والسياسيين عبر التاريخ. وهي فوق ذلك بلد ويليام شكسبير بتأثيره الهائل في حركة المسرح والأدب العالمي حتى يومنا هذا، تعتز بثقافتها الأنجلوسكسونية التي تفرقها عن الـلاتينية السائدة في معظم أوروبا، بريطانيا الحاضر من أقوى الدول اقتصادياً ومالياً وتجارياً وأكثرها تقدماً، يُطلق عليها «المملكة المتحدة» بعد ضمها إلى جانب إنجلترا (الدولة المحورية مقر الحكومة والبرلمان والعاصمة لندن) كلاً من أقاليم ويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية، إنها نموذج خاص أو متفرد وبهذه الروح تتعامل مع ذاتها باعتبارها «قوة عظمى» يحتاج إليها…
السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦
يبدو أن الحقيبة المربّعة التي كانت تحضرها الزوجات على عجل كخطوة أولى «للزعل» في بيت الأهل وترك الزوج «حائصاً لائصاً» ستكون من نصيبنا قريباً يا رجّالة.. ولا أستبعد في أول مشاجرة حامية الوطيس أن أحضر حقيبتي وأضع ملابسي البيتية وبعض مقتنياتي وأقول لأم العيال والدموع على خدّي: «إذا بدّك اياني عن جد.. أنا موجود معزز مكرّم ببيت أهلي.. ما برجع إلا بجاهة تردّ لي كرامتي». كلما تخيّلت المشهد، استعيذ بالله من شر الوسواس الخنّاس.. وأفضل تقديم لجوء إنساني إلى المريخ، أو أقوم بتقديم طلب وظيفة كاتب «استدعاءات» على باب الفاتيكان أو أي مكان قد ينتصر للذكور من بطش النساء القادم. نستطيع أن نقول إن العام القادم 2017 هو عام النساء بامتياز، وهو عام «الكعب العالي» والضغط العالي وحكم القوي على الضعيف.. فبعد استلام المرأة الحديدية الجديدة «تيريزا ماي» منصب رئيسة وزراء بريطانيا، وكسبت ثقة المحافظين لتتولى المهمة الصعبة والشاقة، خصوصاً بعد خروج بريطانيا من تصفيات «أمم أوروبا الاقتصادية والاتحادية» باستفتاء…
الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦
في تسعين عاما٬ هي عمر تنظيم الإخوان المسلمين٬ لم يبلغ من مكانة ونفوذ وخطورة مثلما بلغه بعد «الربيع المصري» في عام ٬2011 لكنه الآن يخسر ما تبقى له من جولات٬ وها هي آخر قلاعه تسقط. تركيا بدأت فعليا التخلص منهم في طريقها للتصالح مع الحكومة المصرية٬ التي اشترطت على حكومة أنقرة أن تنهي دعمها وعلاقتها مع التنظيم الذي وضع إسقاط نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي هدًفا صريحا له. بوقف أنقرة دعمها للإخوان المسلمين المصريين٬ عملًيا انتهى مشروعهم للحكم٬ وقد لا يصلون إليه ربما إلى تسعين سنة أخرى٬ إلا في ظروف زمنية استثنائية. في لحظة نادرة تاريخيا جلس الإخوان على كرسي حكم أكبر دولة عربية من يونيو (حزيران) ٬2012 ودام حكمهم مصر عاًما كاملاً٬ لكنهم أساءوا التعامل مع الوضع الحساس والملتهب داخل مصر وفي المنطقة. وبدلاً من التعاون مع الفرقاء الذين شاركوا في الثورة٬ وبدلاً من طمأنة القوى المؤثرة٬ مثل الجيش وكذلك حكومات المنطقة التي تتوجس منهم٬ دخلوا في خصومات مع…
الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦
في كل مرة تجرى جولة جديدة من المفاوضات بين موسكو وواشنطن تحت عنوان البحث عن الحل السياسي المعلّق، تقوم قوات النظام السوري مع حلفائها الإيرانيين والميليشيات التابعة باندفاعة جديدة ضد مناطق المعارضة السورية، بغطاء روسي. هكذا تتجه بلدة داريا في ريف دمشق، والأحياء الشرقية لمدينة حلب إلى مرحلة جديدة من التدمير الممنهج والقتل العشوائي، والأخطر، إلى حرب الحصار والتجويع، لتضافا إلى عشرات المناطق التي يموت الأطفال والمدنيون فيها جوعاً وعطشاً، على مرأى من ناظري تنفيذ القرار الدولي الرقم 2254 الذي تنص بنوده على إدخال المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق بصرف النظر عن نجاح أو انطلاق مفاوضات الحل السياسي. وفي كل مرة تتصاعد تدابير وخطط الحلف الأطلسي بتوسيع تواجد قواته ضد «التهديد الروسي» في شرق أوروبا، كما حصل خلال قمة دول الحلف الأخيرة في وارسو، يكون الرد الروسي في بلاد الشام، ليتحول السوريون إلى حقل تجارب للسلاح الروسي، في تحدي الكرملين للعدائية الغربية لطموحاته باسترجاع النفوذ على بعض القارة العجوز. هكذا…
الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦
وفق مرصد «اقتصادية أبوظبي» فإن نسبة المقترضين من أرباب الأسر المواطنة بلغت نحو 14 %، وفقاً لنتائج استطلاع الرأي لشهر مارس الماضي، أي أن 86 % من الأسر لم تقترض في ذلك الشهر، تراجع مرده الأثر الإيجابي للجهود والمبادرات التي تستهدف تنمية الوعي الاستهلاكي لدى المواطنين وترشيد سلوكهم الاقتراضي. نتائج قد تبدو بارقة أمل في تصحيح الأوضاع والتصدي لواحد من أكبر التحديات المالية التي تواجه الأسر المواطنة، جعلت من أربابها أسرى القروض البنكية وتعثرهم في تأمين احتياجات ومتطلبات أسرهم، ولعل على رأس تلك الجهود مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، من خلال صندوق معالجة القروض المتعثرة للمواطنين. إلا أن مشكلة القروض ستبقى حالة خاصة وظاهرة تتوسع يوماً بعد يوم وتكبر لأسباب قد تبدو منطقية في جوانب منها وقد لا تبدو كذلك في جوانب أخرى، لكنها في كل الأحوال تقصم ميزانية الأسر وتجعلها تدور في فلك البحث عن حلول تمكنها من الإيفاء بالتزاماتها الشهرية الضرورية، أسهل…