الأربعاء ٠٨ يونيو ٢٠١٦
لا نظن أن غياب طلبة صفوف النقل عن الدوام المدرسي خلال اليومين الماضيين كان مفاجئاً، بل توقعه الجميع باستثناء وزارة التربية والتعليم التي يبدو أنها كانت متفائلة أكثر من اللازم، وقررت أن يستمر الدوام بالنسبة لطلبة صفوف النقل، تتبعه أيام الامتحانات التي ستنتهي في الأسبوع الثالث من الشهر الفضيل. أما طلبة الصف الثاني عشر فلولا الامتحانات لما تمكنت قوة على وجه الأرض من حملهم على الذهاب إلى المدرسة. واقع يفرض على الوزارة أن تعيد النظر في العديد من القرارات في وضع سيستمر لسنوات عدة، تأتي فيها نهاية السنة الدراسية في شهر رمضان إلى أن يقع في منتصفها. ما يحصل اليوم في مدارسنا هدر لوقت وضياع لجهد، في سعي الوزارة لأن تزيد من عدد ساعات الدراسة في السنة الدراسية، حتى لو كان ذلك باستمرار الدراسة وهم صيام، وبين طلبة آثروا الغياب بانتظار موعد الامتحانات ليس أكثر. ولعل من الأمور التي ينبغي أن تعيد »التربية« النظر فيها نظام الفصول الثلاثة الذي يرى…
الأربعاء ٠٨ يونيو ٢٠١٦
الكاتب مثل الخطيب، هناك بعض المناسبات التي لابد من المرور عليها.. فلا يمكن تجاوزها أو القفز عليها، وإذا فعل فقد يتلقى عشرات الرسائل التي تلومه على عدم طرح الموضوع على طريقته.. ولأن المناسبات تتكرر فيجب أن تختلف زاوية الالتقاط في كل عام عن الذي قبله، حتى لا يتحول الحديث إلى إرشادي وعظي.. كالحديث عن الإقلاع عن التدخين أو الاجتهاد في الامتحانات والنظافة من الإيمان.. الكل يعرف هذه الفضائل لكن من يطبّقها؟ مشكلتنا في كل عام أننا نعيش رمضان «الانطباع» وننسى رمضان «الاستمتاع».. حتى صرنا أول ما نسمع كلمة رمضان نتذكر: اختناق الأسواق، أزمات السير، العصبية المفرطة، النعاس الذي يغشى المباني الحكومية، الهروب من منتصف الدوام، الشمس القريبة التي تسهم في الانتقام، المزاج المتكدّر، صوت المكيف الذي لا يهدأ، رائحة تابلو السيارة المتفاعل مع حرارة الجو، النوم الطويل، الخدر الذي يصيب الأطراف، الوجوه الصفراء، العيون الغائرة، الشفاه المشققة، أصوات المقرئين من السيارات، الفتاوى المكررة، دعايات العصائر والأرز ذي الحبة الطويلة، الراتب…
الأربعاء ٠٨ يونيو ٢٠١٦
بأفئدة شغوفة لهوفة، لكوفة، عطوفة، تأتيك الحنايا ضارعة والنفس مشتاقة لذاك النسق، فأنت أنت الهوى وأنت الجوى وأنت الطارق المتألق، أنت الحدق، والرمق، أنت في أيام الناس، تشدو والقلوب، طروبة، بك تحيا الحياة وينشق الفجر عن مدد، وأنت المدى والمد، وأن الساهر على عصمة التائقين إلى الشهد. رمضان أنت في الأيام زائر وفي عيون العشاق سماء، نجمتها في الليل ضوء وفي النهار رجع إلى الأبد.. رمضان منك اليوم مزدهر، ما بين خافق بالحلم، ومزدهر، فأنت.. أنت الخافق والطارق والسابق واللاحق، والشاهق والسامق، أنت المتجلي في الروح وأنت السامي، رمضان تأتي ورفاق غابوا ورفاق سهروا في البعد بلا طلل.. رمضان هذا الشهر ترقبه نفوس ما غاب عنها النور ولا النجم، لأنك في الضوء ترنو إلى سرمد، وفي الليلة الدمساء يحلو لك، التهليل والنسك..رمضان لك الحلم، لك الشهامات والدفن، لك وعد الناس وعهدهم بأنك القامة الصهباء والشهباء.. وأنك القيم وشامة الدهر عالية على جبين من أحبوا وعشقوا وصار الدهر تواقاً إلى صبا…
الثلاثاء ٠٧ يونيو ٢٠١٦
التطور الإيجابي الأخير أن روسيا صارت تسوق الحل السلمي٬ الداعي لإشراك المعارضة السورية٬ وذلك لأول مرة منذ دخولها عسكرًيا الحرب إلى جانب النظامين السوري والإيراني. الجانب السلبي تريد أن تبقي بشار الأسد مع معظم الصلاحيات الرئيسية وتنازل عن جزء للمعارضة٬ وهذا حل سّيئ وبالتأكيد مرفوض للمعارضة ولن ينجح. هل يمكن أن يطور الروس أفكارهم بما يمكن المتفاوضين من التوصل إلى حل أخيًرا؟ الروس أكملوا نصف عام٬ وبعد دخولهم بآخر تقنية السلاح المتطور في مختبراتهم٬ لم يحققوا كثيًرا من وعدهم بدحر أعداء نظام الأسد٬ حتى مدينة حلب التي تعهد الروس بتحريرها لا تزال معظمها في يد المعارضة. وهذا لا ينفي أن قوات الأسد وحليفه حزب الله حققوا تقدًما على الأرض بالسيطرة على بعض المواقع والبلدات٬ لكنها ليست انتصارات حاسمة٬ ولا يوجد في الأفق القريب حدوث مثل هذا الاحتمال. والانتصارات المحدودة للنظام ليست نتيجة لجهود الروس والإيرانيين العسكرية٬ بل في معظمها هي نتائج للضغوط على تركيا التي اضطرت لإغلاق ممرات عبور المسلحين…
الثلاثاء ٠٧ يونيو ٢٠١٦
يعيق كتابةَ المأساة العربية أن النحيب والعويل لا يزالان يملآن الأفق. ومن شروط كتابة المأساة أن يتوقف النحيب والعويل اللذان يصعب أن يتوقّفا فيما آلات القتل تعمل بأقصى السرعة والفعاليّة. فالستارة أُسدلت على السياسة، وما قد تولده من معنى، لكنها لم تُسدل على عنف يمعن في إحباط السياسة والمعنى بقدر إمعانه في إطلاق الألم. لكنّ أمراً آخر يعطل كتابة المأساة هو طريقة سائدة في قراءتها لا يزال يحبذها الكتاب والمعنيون بالقراءة. وتفضي الطريقة هذه، إما عن حسن نية يشد أصحابه إلى تحليلات الزمن «الوطني» «الجميل»، وإما عن سوء نية يذهب بأصحابه إلى تقنيع الواقع بالإيديولوجيا حرصاً على هذا الواقع نفسه، إلى المضي في حجب الطائفية، علماً أن أمرها المستفحل غدا العنصر الذي يقرر أين تقيم الجماعات وكيف تُهجّر وماذا تفعل، وأي دول تذوي في المنطقة وأي دول تنشأ، وأي حدود ترسم وأي علاقات إقليمية أو دولية تنعقد؟ وكره الطائفية ليس إلا عند المغفلين سبباً كافياً لعدم رؤيتها وعدم الإقرار بها…
الثلاثاء ٠٧ يونيو ٢٠١٦
مختلفة أيام رمضان لا تشبهها أي من أيام العام أو لياليه، فالحمد لله الذي بلغنا رمضان، ونسأل الله أن يتقبل منكم ومنا الصيام وصالح الأعمال. ونحن نبدأ أيام هذا الشهر ونستشعر الجوع والعطش، وارتفاع درجات الحرارة في هذا الصيف، ونرى كيف يتعب أطفالنا في صيامهم، وكيف يقضون يومهم بسبب جوعهم وعطشهم، يجب أن نتذكر آلافاً بل ملايين من الجوعى المشردين واللاجئين، من السوريين واليمنيين، ومن كل الشعوب الأخرى في العالم، ممن لا يجدون قوت يومهم، ليس لنهار واحد، وإنما لأيام يبقون بلا طعام، ولا يعيشون إلا على قليل من الفتات الذي يساعدهم في البقاء على قيد الحياة، ومواجهة يوم جديد من الجوع والعطش والخوف، فهذه الأيام مناسبة طيبة لتذكر الفقراء والمحتاجين، وخصوصاً المتعففين منهم، ممن يجعلهم حياؤهم وعزة نفسهم يحجمون عن طلب المساعدة أو الصدقة، وأن نخصص لهم جزءاً من أموالنا لمساعدتهم، ومن المهم أن تذهب هذه المساعدات عن طريق الجهات والهيئات والجمعيات المعتمدة والمعروف جهات صرفها للأموال. في مقابل…
الثلاثاء ٠٧ يونيو ٢٠١٦
قاده الخيال إلى ذكرياته القديمة مع صاحبه الذي كان معه منذ طفولته فلقد كان معه طوال مرحلته الدراسية في المدرسة ومن ثم في سنتي الجامعة الأوليين، بدايات النشاط الممزوج بالطموح والتفاؤل. كان هو الصديق والأخ الذي لم تلده أمه، فلقد كان الأذن المصغية والقلب الكبير والعقل المشارك الذي يحاول دائماً أن يهدئ من روعه في الأزمات ليطمئن قلبه. إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان فلقد ابتعد صديقه عن عالمه بدون أي سابق إنذار، فيأتي أحد الزملاء المزيفين ليواسيه بعبارة مؤلمة فيقول »ليش اتكدر خاطرك، من باعنا بعناه ولو كان غالي«. هل تعلم من يفرح بهذا الخصام وهذا الهجر؟ وهل تعلم من الذي يتقطع قلبه حزناً منه؟ يفرح الشيطان ويكون في أسعد حال حين يتم هجر الأهل أوالقريب أو الصديق، وقد يفرح به أكثر أعدائك من الناس الذين يستمدون قوتهم من حطامك. ولكن الذي يحزن ويتجرع الألم بسببه هم الآباء والأمهات والمحب، فهجر الأخوة يحرق قلوب الوالدين وهجر الرفيق…
الثلاثاء ٠٧ يونيو ٢٠١٦
شهر التسامح والغفران، لكنه بالتأكيد لن يوقف الحقد الطائفي البغيض، ولن يوقف العنف والقتل والتصفيات والتعذيب، شهر المحبة، لكنه لن ينهي الكراهية الشديدة، التي يحملها أولئك المتشددون والمتطرفون في قلوبهم للعالم، وللآخر، لن يوقف رمضان مآسي الأمة الإسلامية في العراق وسورية واليمن، لسبب واحد هو أنه رمز لتسامح الإسلام ورحمته، وهؤلاء جميعاً هم أبعد ما يكونون عن الإسلام ورحمته! أبسط نتيجة يمكن أن يصل إليها العقل، هي بعدُ الفكر التكفيري المتشدد عن سماحة الدين الإسلامي، ففي الوقت الذي تطمئن فيه نفوس المسلمين بمجرد بلوغهم رمضان، وتتغير فيه سلوكياتهم نحو الأفضل، ويتقربون من ربهم أكثر وأكثر، تجد هؤلاء التكفيريين والمتشددين يعيثون في الأرض فساداً، ويمعنون في القتل، وينشرون العنف ضد إخوانهم المسلمين أولاً، وضد العالم أجمع ثانياً، فبأي إسلام يدينون؟! وأي رمضان ذلك الذي لم يثنِ عزيمتهم عن إزهاق أرواح المسلمين بدم بارد؟! المتطرفون هم أبعد ما يكونون عن الدين الإسلامي، هم إرهابيون لا دين لهم، مهما كانت توجهاتهم وطائفتهم، هم…
الإثنين ٠٦ يونيو ٢٠١٦
المفروض أن الحديث كان عن وفاة أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي، ولكن حديث الغذاء مع أسرة يابانية أخذنا لبطل الجودو المصري محمد رشوان. ذكر الزوج والزوجة أن ما يعرفانه عن مصر هما أبو الهول ومحمد رشوان. القصة كما روتها السيدة روميكو باختصار هي أنه وفي أولمبياد لوس أنجليس 1984 خسر بطل الجودو المصري محمد المباراة النهائية ضد منافسه بطل الجودو الياباني المتوج في ذلك الوقت ياسوهيرو ياماشيتا، وكان ياماشيتا مصابا في إحدى قدميه، وبما أن لعبة الجودو تستخدم فيها ضربات الإقدام، إلا أن اللاعب المصري رفض توجيه أي ضربة لقدم ياماشيتا المصابة، وأصر على نبل اللعبة وشرفها، ورغم أنه، حسب ما روى صديقي الياباني وزوجته لو ضربه في قدمه المصابة لكسب المباراة بسهولة، ولكن البطل المصري فضل خسارة اللقب على الإخلال بنبل الرياضة وقيمها، واكتفى بالميدالية الفضية، بدلا من ميدالية ذهبية يحصدها من بطل جريح. وكانت تلك الميدالية الفضية الوحيدة لمصر في لعبة الجودو عبر تاريخها، ورغم إمكانية الذهبية، فضل…
الإثنين ٠٦ يونيو ٢٠١٦
في اللحظات التي كانت تشهد الاستعداد لتحرير مدينة الفلوجة العراقية من قبضة تنظيم «داعش» ظهر قاسم سليماني ظهوراً سريعاً على أطراف المدينة العراقية المبتلاة بالنكبات منذ عقد ونصف العقد تقريباً، تاركاً وراءه سحباً من التوتر والتوجس والغضب الذي حوّل جزءاً من المناقشة الدائرة حول تحرير الفلوجة نحو الحديث عن هذا الظهور المنذر بالشرور. لا نتحدث هنا عن أذرع «الحرس الثوري» الإيراني التي تعبث بالعراق، على رغم التأثير الكارثي لها، ولا نتحدث هنا عن القوى العراقية التي تجعل إرضاء طهران وتنفيذ أوامرها هدفاً لها وليس العراق ومصلحة العراقيين، ولا نتحدث هنا عن الزعماء السياسيين والدينيين الذين ارتضوا بأن يجعلوا العراق العربي بكل ثقله وإمكاناته وقدراته مجرد ورقة لعب تستخدمها إيران في اللحظة التي تراها ملائمة. لا نتحدث عن «دور» قاسم سليماني، بل عن «إطلالة» قاسم سليماني في ذلك الوقت تحديداً. ولنا أن نسأل: هل كان هناك ما يمنع أن يمارس قاسم سليماني مهماته تحت غطاء السرية الذي يتقنه؟ لقد اعتادت إيران…
الإثنين ٠٦ يونيو ٢٠١٦
بعض الأشهر، الأماكن، الناس، تفرض جوّها عليك، فتصبح تصرفاتك أسيرة لها، تتملكك بحسن المعشر، وبالخصوصية التي تميزها، كالزائر للمدينة المنورة، لا يمكن إلا أن يكون طيباً مثل ناسها الذين يشبهون أعواد الريحان، كذلك رمضان له نفس الصّفة والخصوصية، لقد مر عليّ رمضان في بلدان كثيرة، طقوسه تختلف من بلد إلى آخر بدءاً من إندونيسيا، وانتهاءً بالمدينة التي لا أحب لندن، حتى المدن الرمادية التي تتنفس رائحة العوادم والمصانع، يستطيع رمضان أن يغلف ليلها بنسائمه، لكن ليس مثل مدن الشرق، والبحر المتوسط تلك التي تعطيك شيئاً منها، وشيئاً من رمضان فيها ومنها، أشياء قد لا تعرفها ولا تميزها، لكنها تنفذ في الداخل، فتمتلئ سكينة وراحة لا تعرف من أين تهب، تذكرت الآن قول أحد المجاهدين أو الفاتحين حين دنت منيّته قال «أكاد أشم ريح الجنة»، رمضان هكذا، له رائحة الجنة، وظل الماء. لقد ارتأيت شأن كل عام منذ ست عشرة سنة خلت، أن يكون عمود كل يوم من أيام رمضان، مختلفاً…
عائشة سلطانمؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
الإثنين ٠٦ يونيو ٢٠١٦
أحب إيمان العجائز كثيراً وهم يتعاملون مع التفصيلات ومع الأفكار الكبيرة، لا يغيرون مواقفهم ولا يتغيرون، لديهم حالة من الثبات على الموقف تلفت النظر، وإضافة للثبات فهم شديدو الاقتناع بما يؤمنون به وشديدو الوضوح في التعبير عن هذا الإيمان، وحين يعبرون فإنهم يبدون بسطاء جداً لكنها تلك البساطة التي لا يمكنك تقليدها أو الاستهانة بها، لا يمكنك سوى احترامها وإظهار التعجب والكثير من الإعجاب، هل رأيت رجلاً عجوزاً يبدل قناعاته كل يوم كما يبدل ثيابه؟ هل لاحظت اختلافاً في الانتماء للفكرة، إنها نفس الدرجة من الثبات سواء تعلقت الفكرة بالإيمان بالله أو الرفق بالأطفال والحيوان، الأمثال، السبب أنهم ينطلقون من الإيمان للتعامل مع كل التفاصيل. نحن لا نتأمل درجة التسامح التي يتمتعون بها، لا ننتبه لمنسوب الحكمة العالي الذي يتحدثون به، لا نفكر في صفاء الأفكار وسلامتها من التلوثات، لأننا معتدّون بآرائنا فقط ولأننا نسيء الظن بقدرات العجائز وما لديهم من ذخيرة فكرية، إننا نخطئ حين نظن أن قناعات اليوم…