عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

ارفع رأسك عالياً.. أنت إماراتي

آراء

أعطني وطناً عظيماً أعطك مواطنين صالحين، تذكر الأوطان فيقترن ذكرها بأنبل سمات المواطنة وبأكثرها سمواً، الأوطان ليست جغرافيا مرسومة بخطوط حمراء على الخريطة، يدرسها معلمون في المدرسة بالصراخ وبالمسطرة والطبشور، يقولون للتلاميذ بصوت عال احفظوا أن هذا وطنكم وهذا رئيسكم، يحدكم شرقاً كذا وغرباً كذا وشمالاً وجنوباً كذا وكذا وفوقكم سماء زرقاء وتحتكم أرض معطاء، وقبل أن يغادروا يذكرونهم بالسلطة وبالشرطة وو، ثم يدق الجرس وينتهي درس الوطن، الأوطان كرامة وفخر وأمان وحقوق محفوظة وواجبات مقدسة.

في الإمارات تعلمنا درس الوطن بطريقة أجمل، ومن معلمين مختلفين تماماً، معلمين رسموا الإمارات في قلوبنا بأيديهم، بأصواتهم، بكلماتهم ووصاياهم، بعيونهم وتلويحة أياديهم، بخطوات أقدامهم إذ تنغرس في رمال الصحراء وشواطئ البحر، علمونا باسم الله وباسم الوطن من زمان عندما كنا صغاراً جداً قبل أن نذهب للمدرسة، عندما لاح وجه زايد وراشد وإخوانهما آتين ركضاً من خلف الأيام الصعبة التي كانت المنطقة تقطع شدتها، ليقدموا لنا أملاً جديداً سيغدو مع الأيام وطناً عظيماً، وسيعلو على الدنيا ليصير مطمحاً وحلماً يسعى إليه الجميع، فكانت الإمارات العربية المتحدة.

بالأمس تسلم 152 رجلاً وامرأة من الأخوة أبناء المواطنات جنسية الانتماء للدولة ممن شملهم المرسوم الاتحادي الصادر عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وفي احتفال يليق بالمناسبة، فليس هناك أهم في حياة الإنسان من قضية الانتماء لوطن، إنها واحدة من القضايا المحورية في فكر ووجدان ومسيرة حياة كل إنسان.

إن السلطات المعنية باتخاذ مثل هذا القرار السيادي في الإمارات لم تنس يوماً حق هؤلاء في الحصول على جنسية الدولة، ولن تتغاضى يوماً عما قدمه آباؤهم وأمهاتهم، لذلك فحين تم تسليمهم جنسية الدولة حدث هذا الأمر في احتفال يليق بالمناسبة، إن إعطاء المناسبة حقها من الاهتمام والتبجيل دليل على عظم الأمانة التي سيحملها هؤلاء المواطنون والمواطنات ودليل على احتفاء الدولة بصدق انتمائهم إليها، ودليل أكبر على إعطاء المرأة حقها الطبيعي في أن تهب أبناءها الجنسية كالرجل المواطن تماماً دون تمييز.

لقد بقي «أبناء المواطنات» اسماً ملازماً له دلالة سلبية أحياناً لدى البعض، لكن علينا أن نعرف أن الأمر يجب ألا يكون كذلك، علينا أن نكون فخورين بأمهاتنا، مقدرين ومحترمين قوانين البلاد التي ننتمي إليها، موقنين بحكمة قادتها وحرصهم على كل ما يقود لرفعة الإمارات واستقرارها، الإمارات وطن بني بالمحبة والحرص والعطاء، وطن بناه زايد، وطن يقوده خليفة بن زايد ومحمد بن راشد ومحمد بن زايد، يتشرف أي مواطن بالانتماء إليه، وحين يمنح أي إنسان شرف حمل هويته ما عليه إلا أن يرفع رأسه حتى حدود السماء، مفتخراً بأنه إماراتي.

المصدر: البيان