آراء
الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢
استشعرُ الجدل مع نفسي في ظل محدودية معرفتي بعلم العقائد، فالسياقات التاريخية المُدوّنة قصة الإنسان على كوكب الأرض مُورّطة للكائن المُعقلن، ذلك أن من طبيعة العقل فرز الأشياء عن بعضها، ومقارنة سابقها بلاحقها، وفي مدارج القراءة والبحث يتولّد الشك، وتترجح نسبة الخطأ تلقائياً، فما لُقنّاهُ مبكراً من أن الحقيقة واحدة ومطلقة، ومتوفرة عند أبينا، وإمام مسجدنا، ومدرسنا، أو شيخنا، اتضح بطلانه بمزيد من الاستقصاء والاطلاع وفتح أبواب الحوار، وما سلمناه في السنين الأولى من التلقي على أنها حقائق انتقضت بأمر الله وبنور من العقل الباحث والموضوعي، فالحقيقة المطلقة كالعدل المطلق هي من شأن الخالق جل وعلا، وما نعيشه ونتعلمه هي حقائق نسبية أو جزئية، ما يدفع البعض للكفر بكل مَن وما يدعي الحقيقة، ويصادمه تعنتاً، فالذين يتوهمون امتلاك الحقيقة لا يعرفون شيئاً عن معايير الحكم على المشاهدات والمقروءات والمرويات، أو التمييز بين الدقيق منها والتقريبي، واليقيني والاحتمالي، والقطعي والترجيحي، والمادي والصوري، والديني والدنيوي، والرباني والإنساني، وكل ذلك مدعاة لمزيد من التوتر والدخول في صراعات ملل ونحل، والتعصب لمذهب أو شيخ أو راوية، بحكم أنه يمكن لكل شيخ طريقة أن يؤلف ويلفق من نسبية المعرفة والأوهام ما يظنّها حقائق مفيدة وأخطاء صغيرة لا خطايا تخدم توجهاته وأطروحاته وصحة مذهبه، خصوصاً حين يستظل بسلطة دولة في مواجهة معارضيه، والبحث عن الحقيقة ومناصرتها…
آراء
الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢
بعد مرور نحو عام على اندلاع الثورة السورية، وتزايد وحشية النظام والعنف ضد المدنيين، بعد أن طغى وتكبر بشار الأسد ونظامه، ودفع الشبيحة والجيش لمحاصرة المحافظات والبلدات السورية، التي رفضت الرضوخ له قبل تحقيق مطالبها المشروعة، كنت في زيارة عمل لإمارة دبي لحضور مناسبة هناك. جلست صبيحة ذلك اليوم في بهو أحد الفنادق لتناول قهوة الصباح، وكان بجواري خليجيان يتحدث إليهما سمسار عقاري، بدت لهجته سورية. في كامل أناقته، ومتحدثاً مقنعاً في مجاله. وخلال حديثه إلى هذين الشخصين عن أسعار العقارات في المدينة الفاحشة الغلاء، سأله أحدهما بطريقة عفوية عما يحدث في سورية، وفجأة سل لسانه، وتخلى عن أناقته «الكاذبة»، وبدأ يكيل التهم للثورة، ويسيء للمؤيدين لها، معتبراً من يسمون أنفسهم ثواراً ليسوا إلا جماعات إرهابية ومسلحين ومتآمرين، وربما قال: «مندسين». بدا لي أن الشخص المتحدث «شبيح» بامتياز. فجأة توقفت عن ارتشاف قهوتي، وبدأت في استراق السمع، بل وضعت أذني على طاولة جيراني، وركّزت في ما يقولون من باب الفضول الصحافي الذي يخنق الصحافيين أحياناً كثيرة. لم أتمالك نفسي من ثورة في داخلي تدعوني للرد عليه مهما كانت النتيجة، بعد أن لاحظت أن ردود ضيوفه ضعيفة واستفهامية، بل «بلهاء»، حتى إنهم لم يردوا عليه كما ينبغي. تدخلت في الحوار من دون استئذان، بفاصل من الحوار الهجومي، حتى إنني وصفت أقواله…
آراء
الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢
من حين إلى آخر، يكثر الجدل حول قضية العلاقة بين الدين والدولة، في ظل الخلافات المتعلقة بمكانة أو مرجعية الدين والشريعة في الدساتير التي تُصاغ في هوية دول «الربيع العربي»، ولن أتطرق الى العلاقة من الناحية الفلسفية وإنما سأتكلم عن الجانب التطبيقي في الدساتير، التي تتمثل مجملها في أربعة أنماط رئيسة: أولاً: دستور شمولي استبدادي وغير ديموقراطي، يقوم على صورة أو نمط من أنماط العلمانية المستبدة، وهو ما كان موجـــوداً في الاتحاد السوفياتي ســابقاً وتركيا في ظل العلمانية الكمالية، التي لا تعترف بدين معين، بل وتحارب التدين بصوره كافة، باعتــــبار أن الدين والتدين مؤشرا تخلفٍ، وهي صيغة متراجعة تاريخياً لأنها تتناقض مع حق الأفراد في أن يكون لهم مجالهم الخاص والعام الذي لا تتدخل فيه الدولة. ثانياً: دستور شمولي استبدادي وغير ديموقراطي، يميز دين الغالبية ويحظر أديان الأقليات الأخرى، ولا يعترف بحقوقهم في حرية الاعتقاد والدين، وقد كان دستور نيبال في 1990 يعترف بالهندوسية كديانة رسمية فقط مع الرفض الصريح للاعتراف بحق المواطنين النيباليين المسلمين والبوذيين والمسيحيين فى ممارسة شعائر دينهم، واستمر ذلك إلى أن تحولت إلى جمهورية عام 2008 وتم إلغاء المادة السابقة وأُعطيت الأقليات حق التدين. ثالثاً: دستور ديموقراطي قائم على الديموقراطية الليبرالية والعلمانية المحايدة، بأن تقف الدولة موقف الحياد من العقائد والأديان التي تدين بها مكونات شعبها،…
آراء
الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢
خلال شهر رمضان المبارك استمتعت بسيرة الفاروق عبر برنامج (عمر صانع حضارة) الرائع الذي قدمه الدكتور عمرو خالد، وقد تعمد أن يربط من خلاله بين الماضي والحاضر، فهدف البرنامج هو استنهاض همة الشباب لإحياء حضارة المسلمين في أوطانهم مستلهمين سيرة حياة مؤسس الحضارة الإسلامية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضوان الله عليه. وقد تمكن الدكتور عبر أسلوبه السهل الممتنع من توثيق سيرة عمر بشكل علمي منهجي يجعله قابلاً للتطبيق والاقتباس، كما نجح عبر انتقال الكاميرا ما بين مكة والمدينة ومصر والعراق والأردن إلى جعلنا نعيش أجواء ذلك العهد الزاهر، وهنا تبرز أهمية الحفاظ على الآثار الإسلامية. فقد قام عبر دراسة شخصية الفاروق من تحديد صفات الإنسان القيادي القادر على صناعة الحضارة وهي بشكل عام: الحركة والعمل، والإيمان العميق بالفكرة والانتماء إليها بالكلية، وتجميع صفات مختلفة تحقق توازناً في الشخصية مثل القوة والرحمة، والإخلاص، والمرونة، والتكامل مع الآخرين (مهارات العمل الجماعي)، ومعرفة الهدف من بناء أي حضارة وهو تحقيق السعادة للناس. كما لخص إنجازات عمر المبهرة التي لم يسبقه إليها أحد، والتي - لضيق المساحة - سأذكر بعضها فقط، ففي السياسات العامة كان أول من أنشأ الدواوين (الوزارات) في الإسلام، وأول من أنشأ سجلات إحصائية للمواليد. أما في مجال العبادة فقد كان أول…
آراء
الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢
عام 1978 نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا بعنوان (السعوديون يبدأون في إنشاء إم آي تي النسخة العربية في الرياض) ومن الخلف صورة لشبان من مسؤولي الجامعة مع المهندسين الأجانب في لقطة باسمة طموحة. إم آي تي هي ثاني أفضل جامعة أمريكية، كانت ومازلت رمزا لتفوقها العلمي، التقرير كان عن مشروع المباني الجديدة لجامعة الملك سعود الحالية، وأن المكتبة وحدها ستحتوي على ستة ملايين مادة معرفية فتعتبر آنذاك أكبر مكتبة جامعية في العالم متفوقة على جامعة «ستانفورد» العريقة، ابتعثت الجامعة حينها آلاف الطلاب والطالبات ليكونوا هيئة تدريس فيها، قاعات الدراسة والإسكان الطلابي ومباني الحرم الأخرى كانت من «الأبّهة» أن تلفت أنظار العالم، الآن بعد مرور 34 عاما ما الذي تغير؟ أولاً الجامعة بمعايير الزمن الطويل وحجم الأموال التي أنفقت عليها هي واقفة لم تتقدم خطوة، ثانياً أصبح لدينا 15 جامعة تشبه جامعة الملك سعود متناثرة في أنحاء السعودية تُكرّر من جديد خطة مشروعات التعمير الضخمة وابتعاث آلاف الطلاب، لن نصنع من هذه الجامعات ما يفيد الوطن ويعجل بالتقدم بل سيكون هناك 15 فرعا لجامعة الملك سعود، بعد 34 عاما سيكتب أحدهم هذا المقال مرة أخرى لكن في صحيفة إلكترونية. حسناً ما الذي أقترحه كحل؟ أقترح البتّ في استقلال الجامعات الكامل وبعدها يبدأ الإصلاح الحقيقي لنظامنا الجامعي. نشرت هذه المادة في صحيفة…
آراء
الأربعاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٢
أفهم أن يبحث الإنسان عمن يساعده لإنجاز مسالة معقدة في دائرة حكومية من دون الإضرار بمصالح الآخرين. لكن ما يزعجني أن أسمع الناس تسأل “عندك واسطة” من أجل تجديد جواز السفر أو رخصة القيادة أو دفتر العائلة.هذه إجراءات أساسية في حياتنا ما من مواطن – في الغالب – إلا و يمر بها. إذن لماذا يبحث بعضنا عن “واسطة” تساعده في إنجاز تلك المعاملات الضرورية؟ هل هي “عادة” أن نبحث عمن ينجز معاملاتنا نيابة عنا حتى وإن كانت المسألة لا تستغرق ساعات قصيرة؟ أم لأن الزحام – فعلاً – كثيف لا نملك معه إلا البحث عمن يسهل المسألة علينا فننجز معاملات “التجديد” بسرعة لن تتحقق من غير “واسطة”؟ ولكن السؤال المهم هنا: أين الخلل؟ هل هو في الناس التي لا تلتزم بالطوابير، أو في تلك التي تبحث عن “الواسطة” في كل صغيرة وكبيرة؟ أم هو في أداء الأجهزة الخدمية التي يحتاجها المواطن باستمرار؟ في ظني أن كثيرا من مشكلاتنا ناجمة عن قصور في أداء بعض مؤسساتنا خاصة الخدمية منها. فما الذي يمنع من توظيف أعداد أكبر من شبابنا في تلك الأجهزة حتى نخفف على الناس وطأة الزحام والانتظار الطويل؟ وأين مقاييس إنتاجية الأفراد في تلك الأجهزة؟ وكم “كاونتر” مغلق أوقات الذروة؟ في العالم العربي – عموماً – يشعر المواطن كما لو أنه…
آراء
الثلاثاء ٢١ أغسطس ٢٠١٢
الذي دوّنه المسلمون في كتب الحديث والسِّيَرِ وتفسير القرآن الكريم من مرويات ووقائع وقصص وقعت في عصر الرسالة، من لحظة جبريل في غار حراء، حتى اجتماع السقيفة، وما تلاه من تطورات ضخمة حددت مسار تاريخ الحضارة الإسلامية، هذه المدونات تؤكد أن الأمانة كانت هي الصفة التي وسمت الجهود الجبارة لكتابة السنة. يكاد كل شيء متعلق بالسيرة النبوية يكون قد رُصد ونُقل، ولحسن الحظ أن الغالبية الساحقة من كتب السنة، لا تزال حتى اليوم محفوظة، ومتداولة. صحيح أن هذا الركام الهائل وعشرات الألوف من المرويات كانت بحاجة إلى صيارفة قادرين على نخلها وفلترتها والتمييز بينها. وصحيح أن في هذه الدواوين الكثير من الصحيح المختلط بالضعيف والمشكوك فيه والموضوع، ولكن المثير للإعجاب أيضاً أنه حتى ما حكم المحدثون بكذبه أو اختلاقه لا يزال محفوظاً ويمكن الوصول إليه لمن شاء. منذ فترة مبكرة انشغلت الثقافة العالِمة عند المسلمين بصحة أحاديث السنة وضعفها سنداً، أو التحقق من سلامة المتون وبراءتها من الشذوذ والعلة، ووُلد علم الجرح والتعديل نتيجة للخلافات الكلامية التي كان لها حظ لا يستهان به في الانقسام المذهبي، ونشوء الفرق الإسلامية بمقالاتها وأفكار مؤسسيها على هامش الصراعات السياسية، منذ غيلان الدمشقي، حتى فتنة خلق القرآن. وكان لهذا الانقسام والخلاف انعكاسه المباشر على صحة المرويات أو بطلانها أو كذبها وضعفها، بناء على أحكام…
آراء
الثلاثاء ٢١ أغسطس ٢٠١٢
تداول كثيرون فيديو صلاة بشار الأسد قبل أمس و هو يسابق الإمام، صباح العيد، في التسليمتين، كما لو كان يعد الثواني للعودة عاجلاً إلى مخبئه. و هو فعلاً يعد الدقائق و الثواني خوفاً من الآتي: نهايته. أي شرعية لــ «حاكم» لا يقوى أن يختلط بشعبه و يشارك علنياً في احتفالاته.؟ من أَمِنَهُ شعبُه أَمِن شعبَه. تلك هي الحكمة الذهبية لأي قيادة تبحث عن شرعيتها. و تلك هي مقياس الرضا الشعبي عن القيادة و أدائها. فكلما ازداد قرب القيادة من شعبها كلما تعمقت شرعيتها و زاد رضا الناس عليها. أما من يحتمي من شعبه بالمدرعات و أجهزة الأمن و عناصر من حزب الله والحرس الثوري فليس أمامه سوى انتظار نهايته و هي قريبة. بشار الأسد يقتل يومياً ما يقارب المائتي سوري، ناهيك عن الموت الجماعي لآلاف السجناء و المعتقلين الذين لا يدخلون في إحصائية الموت اليومي، و مع ذلك ما زال الرجل يبحث عن تسوية سياسية؟ والتسوية عنده هي أن يبقى رئيساً للسوريين. أي حماقة هذه؟ المؤسف أنه كلما اشتد الخناق على بشار جاءه «فرج» – و لو مؤقتاً – من المجتمع الدولي. فما مهمة الأخضر الإبراهيمي الجديدة في سوريا سوى نافذة للتسويف و المماطلة يموت عبرها المزيد من السوريين و يعيد من خلالها بشار ترتيب أوراقه السياسية وصفوف جيشه و شبيحته.…
آراء
الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٢
في معادلة الصراع الدائر في سورية، يعطي الإعلام مؤشرا واضحا على مسألة الحق والباطل، ففي الوقت الذي لم يسمح فيه النظام السوري لوسائل الإعلام الدولية بتغطية الأحداث إلا لقنواته بالإضافة لإعلام إيران وحزب الله، ها نحن نرى خلال الفترة الماضية وسائل الإعلام الأخرى ترافق كتائب الجيش الحر في المدن السورية. ومن ذلك نلاحظ الحضور القوي لمراسل قناة "الجزيرة" أحمد زيدان ومراسلة قناة "الآن" جنان موسى ومراسل سي إن إن العربية في حلب.. بالإضافة لتشكيل كل من "العربية" و"الجزيرة" فريق مراسلين يتكون من عدد كبير من المواطنين في المدن والقرى صاروا يعملون لهما من المواقع التي يقيمون فيها، فاكتسب الإعلام العربي خبرات جديدة سوف يستفاد منها بعد سقوط النظام وانتهاء الأحداث وبداية إعادة إعمار سورية. قيام النظام السوري بمنع وسائل الإعلام من التغطية في المناطق التي يسيطر عليها يؤكد أنه على باطل، ويريد إخفاء الحقائق كي لا يعرف العالم باطله. وسماح الجيش السوري الحر للإعلام بالتغطية بكل حرية في المواقع التي خرجت عن سيطرة النظام يؤكد أنه على حق، ويريد لقضيته ولمعاناة الشعب من النظام أن تصل إلى العالم. قبل تصاعد الأحداث ووصولها إلى مرحلة حمل السلاح، كان النظام يسمح لبعض المراسلين الموجودين على قلتهم بالتغطية في الوقت والمكان اللذين يحددهما بمرافقة رجال الأمن من العناصر المنتمية إليه، كما حدث في…
آراء
الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٢
كتبت أمس عن غازي القصيبي، ذلك النجم الذي ما نزال نذكره في كل حديث حول الإدارة و الأدب و الشعر أو جدالات المجتمع. واليوم أكتب عن نجم آخر غادرنا قبل عام على غرة. وكم هو حزين عيدنا في دبي الذي يمر من دون محمد خليفة بن حاضر. كان لنا هذا الشاعر والوطني الأصيل بمثابة روح المدينة و وهجها. دخل التجارة بالخطأ. و مارس العمل الدبلوماسي بالصدفة. و نجح في التجربتين. لكن عشقه الأصيل كان للأدب. شاعر من خارج زمانه. و كيف لا وهو تلميذ نجيب لأستاذه العملاق أبي الطيب المتنبي. في ركن خاص بمنتجعه السياحي الجميل على شاطئ الجميرا، كنت أزوره بصورة شبه يومية. وهناك عرفت كثيرا من نجوم المدينة و رموزها. و حينما فاجأنا غيابه الأليم قبل عام و أشهر، سكن الحزن مدينتنا الجميلة مثلما سكن قلوب محبي شاعرها و نجمها. وأنا من أكثر المفجوعين بغيابه. كيف لا و قد كان لنا «أبو خالد» الأخ و الصديق و النديم و صاحب «الفزعات» عند كل ضيق. اليتم للمثقف و المنشغل بقضايا الفكر و السياسة ألا يجد رفقة يتبادل معها الرأي والفكر و الجدل. و قليلون هم من اجتمعت فيهم صفات محمد بن حاضر في كرمه و ثقافته و أصالته و هوسه بقضايا أمته. جلسته الرمضانية كانت أشبه بصالون أدبي ثقافي…
آراء
الأحد ١٩ أغسطس ٢٠١٢
رحم الله غازي القصيبي. لا يزال شاغل الدنيا حتى في غيابه. وهل مات من خلّف ثروة معرفية هائلة كتلك التي تركها لنا غازي في مؤلفاته وأشعاره و حكايات الناس معه؟ للتو أفرغ من قراءة كتابه «العودة سائحاً إلى كاليفورنيا». و بقدر ما ضحكت من روح السخرية العالية في الكتاب تعرفت أكثر على جوانب أخرى في الثقافة الأمريكية. و هي فكرة بارعة أن تكتب عن التجربة لاحقاً إن لم تسعفك الظروف للكتابة عنها في حينها. ابتعثت السعودية و دول الخليج عشرات الآلاف من أبنائها للدراسة في أمريكا. كم منهم وثّق تجربة الحياة و الدراسة في أمريكا؟ أنا ممن ظل يؤجل مشروع الكتابة عن تجربة الدراسة في أمريكا كثيراً ، مرة بأعذار زحمة الأشغال و مرات بحسابات و مخاوف الرقابة التي تبدأ من داخل المرء ولا تنتهي عند مكتب الرقيب الرسمي. وهي كلها أعذار. لكن غازي القصيبي، في كتابه عن عودته سائحاً لكاليفورنيا، يعلمنا درساً جديداً: ما زالت الفرصة سانحة للكتابة عن التجربة حتى وإن بعد حين. فماذا لو كرر بعضنا تجربة غازي القصيبي و عاد للأماكن القديمة، التي درس فيها أو زارها، و استعاد بعض ما يستحق التدوين من الذكريات و التجارب؟ ما يميز غازي القصيبي أنه يكتب عن التجربة بمعرفة و علم وسعة أفق. فهل كل من درس و عاش…
آراء
السبت ١٨ أغسطس ٢٠١٢
بودي أن يؤكد لنا جميعاً، معالي وزير العمل، ذلك الرقم المجلجل الذي قاله قبل يومين، وفيه أشار إلى أن برنامج ـ نطاقات ـ للتوظيف والسعودة قد أضاف في العام وحده 250 ألف وظيفة (سعودية) لشبان سعوديين، وهو رقم مثلما قال معاليه: يفوق ما استطاعته خمس سنوات من قبل. أشعر أن الذي نقل المعلومة من فم معالي وزير العمل قد أضاف صفراً كاملاً إلى يمين الرقم، ولكنني قرأت الخبر من مصادر مختلفة وشاهدته مطبوعاً على العنوان الأول في أكثر من صحيفة. صاحب المعالي: أنا ومعي الآلاف نريد تأكيد الأرقام أو نفيها حتى لا أكون وأمثالي أداة لتضليل الجمهور لأنني وبكل صدق ما زلت مندهشاً لضخامة الرقم الخرافي عن ربع مليون وظيفة في عام واحد. ولمعاليه سأقول صادقاً إننا وإن تشبعنا من لغة الأرقام وضخامتها إلا أنه ما زال لبعضها فروق. سنبلع يا معالي الوزير نفي إدارة البلدية في مدينتي أنها بنت دورة مياه بتكلفة ربع مليون مثلما سنقبل أيضاً، وبالمشعاب، ترسية إنارة نفق بقيمة 300 ألف ريال للشريحة الشمسية الواحدة، وسنسكت عن إعلاء سور مدرسة في المدينة نفسها بقيمة مليون ونصف المليون ريال، وسنغض الطرف أيضاً عن الأسرة الصحية المضروبة التي اشترتها الوزارة بنصف مليون للسرير، ولكن سنقف طويلاً أمام هذه المعلومة عن ربع مليون وظيفة في عام واحد. وعلى مسؤوليتي،…