أنواع الأمية

آراء

احتفل العالم يوم الثامن من سبتمبر على استحياء باليوم الدولي لمحو الأمية، الذي أعلنته منظمة الأمم المتحدة عام 1966، وقبلها قامت منظمة «اليونسكو» بجهود عام 1946، ولم يتضح أثرها حتى الآن، وبحسب المنظمة فإن محو الأمية عامل أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يعمل على تعزيز المشاركة في سوق العمل، وتحسين الأحوال الصحية والنفسية للأطفال والأسر، والحد من الفقر، وتوفير مزيد من فرص الحياة.

على الصعيد العالمي؛ لايزال هناك 750 مليون نسمة على الأقل من الشباب والكبار يعجزون عن القراءة والكتابة، في حين أن 250 مليون طفل يفشلون في اكتساب مهارات القراءة والكتابة الأساسية، ويؤدي هذا الوضع إلى استبعاد ذوي المستوى العلمي المتدني وذوي المهارات المحدودة من المشاركة والتعلم واكتساب الرزق وتوفير حياة كريمة.

في رأيي أن عدد من لا يجيدون القراءة والكتابة أكبر من تلك الإحصاءات الرسمية بكثير، والمتابع لمستوى اللغة على قنوات الـ«سوشيال ميديا» سيدرك أن شريحة كبيرة ممن لديهم شهادات هم بالفعل أميون.

وعموماً فالمفهوم التقليدي للأمية، باعتباره مهارات القراءة والكتابة والحساب، ليس النوع الوحيد من الأمية، حيث إن الشخص المتعلم يجب أن يتمتع أيضاً بالقدرة على فهم الأمور وتفسيرها، وعلى الإبداع والتواصل، وذلك في عالم يزداد فيه الاعتماد على المحتوى، وثراء المعلومات.

ومن هذا المنطلق ندرك أن هناك على الأقل أربعة أنواع أخرى من الأمية، هي: أولاً أمية التكنولوجيا واستخدام البرمجيات والأنظمة التي تساعد في تحسين الأداء الوظيفي والحصول على فرص عمل أفضل، فلقد دعت الحاجة إلى استخدام بعض البرامج في ظل وباء «كوفيد-19»، مثل «زووم» و«مايكروسوفت تيمز»، التي أظهرت بعض الصعوبات التي واجهها الكثيرون في تعلم أساسيات استخدام هذه البرامج البسيطة، ناهيك عن تعلم استخدام لغات البرمجة وقراءة قواعد البيانات وتعلم حماية أجهزة الكمبيوتر ومحتوياتها.

النوع الثاني هو أمية التعلم، أي أن الأغلبية العظمى من البشر لا تدرك جيداً أفضل طرق للتعلم الشخصي، حيث إن البعض قد يتعلم عن طريق القراءة، والبعض عن طريق السمع، والبعض عن طريق المشاهدة، كما أن هناك أساليب مختلفة للتعلم واسترجاع الدروس المستفادة، فيمكن للإنسان أن يتعلم من خلال تأمّل وتدبّر المواقف والخبرات التي يمرّ بها شخصياً، أو من تجارب الآخرين، ويمكن أن يتعلم من موجّه أو مرشد، أو من خلال السفر.

أما النوع الثالث من الأمية فهو الجهل بالذات، أي أن البعض لا يعرف نفسه جيداً، ولا يدرك نقاط القوة الحقيقية ونقاط الضعف أو فرص التحسين، وبالتالي يعمل الكثيرون في وظائف لا تمت لطبيعة شخصياتهم أو طموحاتهم بصلة، ولا يدرك الشخص ما الذي يصلح له وما الذي لا يصلح له.

النوع الرابع هو أمية حلّ المشكلات، حيث لا يجيد الكثيرون ولم يتدربوا على الأساليب المختلفة لحل المشكلات، بحيث إن طريقة تعاملهم مع المشكلة قد يزيدها تعقيداً، لذلك من المهم جداً أن نتعلم تلك المهارة.

أتصور أن هناك المزيد لنتعلمه من مهارات الحياة الأساسية التي تسهّل علينا عملنا وحياتنا.

يمكن للإنسان أن يتعلم من خلال تأمّل وتدبّر المواقف والخبرات التي يمرّ بها شخصياً، أو من تجارب الآخرين، ويمكن أن يتعلم من موجّه أو مرشد، أو من خلال السفر.

المصدر: الامارات اليوم